في ذكراه.. كارل شبيتلر شاعر التمرد الهادئ وفيلسوف الروح الأوروبية
تاريخ النشر: 24th, April 2025 GMT
يعتبر الشاعر السويسري كارل شبيتلر، الذي تحل اليوم ذكرى رحيله، أحد أكثر الأصوات الشعرية تعقيدًا وتفردًا في الأدب السويسري الحديث، لم يكن شبيتلر مجرد شاعرٍ رمزي، بل كان مفكرًا وجوديًا مبكرًا، ينحت في اللغة مفاهيمه الخاصة عن الإنسان، القدر، والهوية.
ولد في بازل عام 1845، في زمنٍ كانت فيه أوروبا تموج بالتحولات الفكرية والسياسية، وكانت سويسرا في مفترق طرق بين هويتها الثقافية المتعددة وصراعاتها الداخلية الهادئة، في هذا السياق، نشأ شبيتلر كشاعر يبحث عن المعنى، لا في الأحداث السياسية، بل في أعماق النفس البشرية.
فلسفة شبيتلر في عصر الصخب الجماهيري
بينما كان معاصروه من الكتاب يتجهون نحو الواقعية والانخراط في القضايا الاجتماعية والسياسية، كان شبيتلر يبتعد عن كل ذلك بخطى ثابتة، آمن بأن وظيفة الشعر ليست في الانخراط اللحظي، بل في كشف جوهر الإنسان عبر الرمز والأسطورة.
في رائعته "ربيع أوليمبي" (Olympischer Frühling)، التي استغرق في كتابتها ما يقارب عشرين عامًا، استخدم الأساطير اليونانية ليتحدث عن قضايا إنسانية معاصرة، مثل الصراع بين الإبداع والتقاليد، وبين الحرية الفردية والإرادة الجمعية.
ليس من قبيل الصدفة أن يُلقّب بـ"شاعر الفردية"، إذ رأى أن الإنسان الحقيقي لا يُقاس بحضوره الجماهيري بل بقدرته على مقاومة الانصهار في المجموع، وعلى بناء نفسه ككائن مستقل.
ملحمة ضد التيار
في زمن كانت أوروبا فيه تتأرجح بين الحروب العالمية والصراعات الفكرية، وقف شبيتلر موقفًا معقدًا، لم يكن عدائيًا تجاه التغيير، لكنه رفض أن يُجرّ وراء العواطف الجماعية.
أعماله، خاصةً "كونراد الراعي" (Conrad the Shepherd)، عبّرت عن تشكيكه العميق في مفاهيم الانتماء الوطني عندما تتحول إلى عبادة جماهيرية، هذا الموقف وضعه أحيانًا في خانة "المنعزل"، لكنه هو نفسه كان يرى في ذلك نوعًا من الوفاء للصدق الإبداعي.
نوبل 1919.. تكريم لصوت داخلي
في عام 1919، حصل شبيتلر على جائزة نوبل في الأدب، بعد الحرب العالمية الأولى مباشرة، في وقت كان فيه العالم يلهث خلف أصوات تصالحية وروح نقدية، كانت لجنة نوبل قد أدركت أن في صوته المنعزل حكمة تحتاجها الإنسانية المدمّرة بالحرب: صوت الإنسان العاقل، المتأمل، الذي لا تذوب روحه في الجماهيرية.
مؤلفات شبيتلر
كان أول عمل شعري لشبيتلر هو الملحمة الأسطورية "بروميثيوس وإبيميثيوس 1881" أما ثاني أعماله هو الملحمة الشعرية "الربيع الأولمبي 1900-1905" وهو العمل الذي نال عنه جائزة نوبل في الأداب عام 1919، تم مراجعته مرة أخرى عام 1910، حيث وجد مجالاً كاملاً للاختراع الجريء والقوة التعبيرية الواضحة، وقد كرس السنوات الأخيرة من حياته لإعادة كتابة عمله الأول، وكان أكثر إحكامًا في التكوين من النسخة المبكرة، ومثل الربيع الأولمبي، في أبيات مقفاة، ظهر في عام 1924 تحت عنوان “بروميثيوس طويل المعاناة”
تنتمي الأعمال الهامشية المتنوعة على نطاق واسع إلى الفترة الوسطى من حياة شبيتلر، فقد أنتج في الشعر: "إكستراموندانا 1883" (سبع أساطير كونية من اختراعه)، 1896، الأمثال الأدبية 1892، ودورتين من كلمات الأغاني، و"الفراشات 1889"، أغاني العشب والجرس 1906، كما كتب قصتين "اثنان من كارهي النساء الصغار 1907"، وهي قصيدة طفولة مستوحاة من تجربته الخاصة؛ و"كونراد دير ليوتنانت 1898"، رواية قصيرة مكتملة درامية تناول فيها المذهب الطبيعي الذي كان يكرهه في السابق، وقد عكست رواية "إماجو 1906" الصراع الداخلي بين موهبته الإبداعية الرؤيوية وقيم الطبقة المتوسطة بشكل حاد لدرجة أنها أثرت على تطور التحليل النفسي، فقد نشر مجلداً من المقالات المحفزة بعنوان "أجراس الإنذار 1898 - 1909" بالإضافة إلى عمل آخر بعنوان "الحقائق الضاحكة"، والأعمال السيرية الساحرة، بما في ذلك "تجاربي الأولى 1914"، وفي عام 1914 نشر مقالاً مؤثراً سياسياً بعنوان: "موقفنا السويسري"، وهو كتاب موجه ضد وجهة نظر أحادية الجانب مؤيدة لألمانيا بشأن الحرب العالمية الأولى، ظهرت ترجمة إنجليزية لقصائده المختارة في عام 1928.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: فی عام
إقرأ أيضاً:
رئيس أساقفة الإسكندرية يترأس قداس تثبيت أعضاء جدد بكاتدرائية القديس مرقس
ترأس المطران الدكتور سامي فوزي رئيس أساقفة إقليم الإسكندرية للكنيسة الأسقفية الأنجليكانية، صلوات القداس الإلهي في كاتدرائية القديس مرقس الأسقفية بالإسكندرية، حيث قام بخدمة تثبيت أعضاء جُدد بالكنيسة، بحضور العميد"رتبة كنسية" ديفيد عزيز راعي الكاتدرائية.
تحدث رئيس الأساقفة في عظته قائلاً: "في ليلة خميس العهد، بينما كان الرب يسوع يقترب من بستان جثسيماني ليبدأ صراعه الأخير قبل الصليب، كان يجلس مع تلاميذه ليعلّمهم أمورًا عميقة عن الحياة الأبدية، وعن الثمر الحقيقي، وعن التحديات التي تنتظرهم بعد رحيله. كان يعلم أن الخوف قد ملأ قلوبهم، والحيرة تملكتهم، فسألوه: كيف سنعيش بدونك؟ كيف نذهب إلى السماء؟ كيف نؤثر في العالم ونحن لا نمتلك سلامًا أو فرحًا؟"
واستكمل: وسط هذه الأسئلة والاضطرابات، قدّم لهم وعدًا سماويًا: "سأمضي، ولكن سأرسل لكم المعزي، روح الحق، الذي يرشدكم إلى جميع الحق". فالروح القدس ليس مجرد فكرة روحية، بل هو شخص الله العامل فينا، الحاضر معنا، المعزي في وقت الألم، والمرشد في وقت الحيرة.
وأضاف: الروح القدس، كما علّم الرب يسوع، لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمعه يخبرنا به، ويأخذ مما للمسيح ويعلنه لنا. هو الذي يكشف أعماق قلب الله، ويقودنا إلى الحق الكامل. فالإنسان الطبيعي قد يخلط بين الحق والباطل، ويظن أنه يسير في الطريق المستقيم، لكنه دون إرشاد الروح القدس يتوه ويضل الطريق.
وأكد: إرشاد الروح القدس لا يأتي بصوت مسموع دائمًا، بل كثيرًا ما يكون في صورة فكرة يضعها الله في العقل، أو فهم عميق لكلمة الله، أو سلام عجيب يملأ القلب وسط القرارات الصعبة. هو الذي يمجد المسيح دائمًا، ويجعلنا نرى جمال محبته وغفرانه، ويُلهب فينا الشوق لنحكي للآخرين عما فعله من أجلنا.
وأختتم مصليًا: يا روح الله، فيض فينا، افتح أعيننا لنرى الحق، واشعل فينا نار محبتك، لنعيش لمجد المسيح، ونشهد له بقوة وفرح. آمين.