يعترف الإسرائيليون أن سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، وسيطرة الإسلاميين على زمام الحكم في سوريا، بمساعدة تركيا، شكل نقطة تحول في توازن القوى والنفوذ الإقليمي.

كما أن حالة عدم الاستقرار في سوريا يفتح الباب أمام تدخل أعمق من جانب الجهات الفاعلة، بل يزيد من تنافس تركيا والاحتلال لأخذ النصيب الأكبر في الأهمية والتأثير، مع أن الضربة التي وجهها الأخير لحزب الله هي أحد أسباب سقوط النظام، بعد أن فقد دعم الحزب وإيران، عقب تخلي روسيا عنها، بسبب تركيز جهودها على أوكرانيا.

  

البروفيسور الإسرائيلي كوبي مايكل الباحث بمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، أكد أن "انهيار النظام السوري أثار قلقا كبيرا لدى الاحتلال بسبب تواجد عناصر جهادية في جنوب سوريا، وقرب حدوده، وسارع للسيطرة على المنطقة العازلة حتى يستقر النظام، بزعم منع أي محاولة لتكرار هجوم السابع من أكتوبر من جنوب سوريا هذه المرة، ولكن لأن الاحتلال لا يستطيع أن يحدد بثقة إلى أين تتجه القيادة السورية الجديدة، وفي ضوء دروس السابع من أكتوبر، وانعدام الثقة الأساسي في العناصر الجهادية الإسلامية أينما كانت، عمل الاحتلال على تدمير البنية التحتية للجيش السوري لمنع وقوعها في أيديهم، واستخدامها ضده". 


وأضاف في مقال نشره موقع "ويللا"، وترجمته "عربي21"، أن "المخاوف الإسرائيلية لا تقتصر على العناصر الجهادية التي باتت تحكم سوريا، بل تمتد أيضا إلى تركيا ونواياها بترسيخ وجودها فيها، لأن تواجدها العسكري التركي هناك يعني تضييق مساحة العمليات الإسرائيلية، وتهديد حرية العمل الجوي في المنطقة بشكل عام، وفيما يتعلق بالتحضيرات لهجوم أو عمل ضد إيران ردا على هجوميها الصاروخيين في أبريل وأكتوبر 2024، ومن أجل منع التواجد العسكري التركي في سوريا من خلال الاستيلاء على المطارات والبنية التحتية العسكرية السورية، يعمل الاحتلال بقوة على تدمير كل هذه البنية التحتية".  

وأوضح أنه "لم يكن بوسع التنظيمات الجهادية أن تستكمل عملية السيطرة على سوريا لولا المساعدة النشطة من تركيا، التي أدركت الفرصة التاريخية لتعزيز قبضتها على سوريا كنوع من حجر الزاوية في توسيع نفوذها في الشرق الأوسط الأوسع، وتعتبره تاريخيا واستراتيجيا مجال نفوذ ضروري لترسيخ مكانتها كقوة إقليمية، في انسجام واضح مع شخصية الرئيس رجب طيب أردوغان الساعي لإحياء الإمبراطورية العثمانية، وبرزت سوريا كفرصة لمساعدته على تحقيق رؤيته". 

وأشار إلى أن "تركيا ترى نفسها زعيمة للعالم السني، وتقود المحور المعاكس للمحاور التي تقودها إيران السعودية كمنافسين لها على اللقب والمكانة، أما قطر، حليفتها الوثيقة فتساعد جهودها كجزء من رؤية الإسلام السياسي، فيما تقف السعودية والإمارات على الجانب الآخر من السياج، تعارضان الجهود قطر وتركيا الرامية لترسيخ هيمنة الأخيرة في المنطقة، وتحاولان الوصول للقيادة السورية الجديدة، وسحبها إلى صفهم". 

وأكد أن "للأمريكيين والروس والصينيين مصالح مهمة في سوريا، ليست بالضرورة متوافقة، وقد تؤدي لزيادة توتراتهم، وبذلك تتحول سوريا ساحة صراع بين اللاعبين الإقليميين والدوليين في واقع لا يزال من غير الواضح أين يتجه نظامها الجديد الذي يحاول ترسيخ نفسه، والحصول على دعم العالم، وتعاطفه من خلال الوعود والإيماءات غير المقنعة بما فيه الكفاية في الوقت الراهن، رغم أنه لم ينجح حتى الآن بترسيخ قبضته على السلطة والسيادة الفعلية على كامل الدولة، مما يعني أن عدم استقرارها يفتح الباب أمام تدخل أعمق من جانب الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية، حيث تلعب تركيا وإسرائيل الدور الأكثر أهمية وتأثيرا".  


ولفت إلى أن "إيران فقدت قبضتها على سوريا، وهي أهم أصولها في المنطقة، لكنها تحاول الحفاظ على بعض قبضتها بدعم الجهات الفاعلة السورية مثل العلويين، رغم أنه نفوذ ضئيل محدود، وفي هذه الحالة إذا نجحت تركيا بترسيخ نفوذها وهيمنتها في سوريا، فستتمكن من توسيعه خارجها، وقد تجد نفسها في صراع، حتى لو لم يكن عسكريا بشكل مباشر، مع لاعبين إقليميين آخرين، مع التركيز على إسرائيل والسعودية والإمارات، لكن التهديد الأبرز سيكون على استقرار الأردن".

وزعم أن "مفتاح استقرار سوريا يقع في أيدي تل أبيب وأنقرة، اللتين تدهورت علاقاتهما منذ السابع من أكتوبر لأسوأ مستوى عرفتاه منذ إقامة علاقاتهما قبل سبعة عقود، فتركيا أول دولة إسلامية تعترف بالاحتلال، وشهدت علاقاتهما في السنوات الأخيرة تقلّبات سلبية، بعد عصرها الذهبي في العقود الأخيرة من القرن الماضي وبداية القرن الحالي، وفي واقعها الحالي، يصعب افتراض قدرتهما على التوصل لاتفاقيات ثنائية دون مساعدة خارجية، وهنا يأتي دور الولايات المتحدة، ذات العلاقات الوثيقة للغاية معهما، بحيث تجد لهما طريقة لتقسيم نفوذهما على سوريا بطريقة تضمن مصالحهما الحيوية، وتساعد في استقرار وتشكيل الواقع المستقبلي في سوريا".  

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية سوريا تركيا الاحتلال سوريا تركيا الاحتلال صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على سوریا فی سوریا

إقرأ أيضاً:

وزير الدفاع التركي: لا خطط لدينا لسحب قواتنا من سوريا.. نقدم التدريب لدمشق

قال وزير الدفاع التركي يشار غولر إن تركيا ليس لديها خطط لسحب قواتها المتمركزة في سوريا أو نقلها على الفور، لكنها تقدم التدريب والمشورة للقوات المسلحة السورية وتعزز دفاعاتها.

وقال غولر إن تركيا والاحتلال تواصلان محادثات فض النزاع، للحيلولة دون وقوع أي صدام عسكري بينهما في سوريا.

وأكد وزير الدفاع التركي أن الأولوية العامة لتركيا في سوريا، هي الحفاظ على سلامة أراضيها ووحدتها والقضاء على الإرهاب، مشيرا إلى أن أنقرة تدعم دمشق في هذه الجهود.

وقال غولر "بدأنا في تقديم خدمات التدريب والمشورة للقوات المسلحة السورية مع اتخاذ خطوات لتعزيز قدرة سوريا الدفاعية"، دون الخوض في تفاصيل تلك الخطوات.

وأضاف غولر، إنه من السابق لأوانه مناقشة إمكان انسحاب أو نقل أكثر من 20 ألف جندي تركي من سوريا.

وتسيطر أنقرة على مساحات شاسعة من شمال سوريا وأقامت عشرات القواعد هناك بعد عدة عمليات عبر الحدود في السنوات القليلة الماضية ضد المسلحين من الوحدات الكردية التابعة لحزب العمال الكردستاني المصنف لدى أنقرة تنظيما إرهابيا.



وقال غولر "لا يمكن إعادة تقييم هذا الوضع إلا عندما يتحقق السلام والاستقرار في سوريا ويزول خطر الإرهاب في المنطقة تماما وعندما تصبح حدودنا آمنة بالكامل ويعود النازحون بسلام".

وتتهم تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، الاحتلال بتقويض السلام وإعادة الإعمار في سوريا بعملياتها العسكرية هناك في الأشهر القليلة الماضية، وتوجه أيضا نقدا شديدا، منذ أواخر 2023، للعدوان على قطاع غزة.

وصف غولر المحادثات بأنها "اجتماعات على المستوى الفني لإنشاء آلية لفض النزاع لمنع وقوع أحداث غير مرغوب فيها" أو صراع مباشر، بالإضافة إلى "هيكل للتواصل والتنسيق".

وشدد على أن "جهودنا لتشكيل هذه الآلية وتطبيقها بالكامل مستمرة. ومع ذلك، يجب ألا ننسى أن آلية فض النزاع ليست تطبيعا".

مقالات مشابهة

  • تحذير إسرائيلي: مشاهد الجوع غير الأخلاقية في غزة أفقدتنا الشرعية الدولية التي نحتاجها
  • باحث سياسي فلسطيني: إسرائيل تسعى للسيطرة الكاملة على الضفة الغربية وقطاع غزة منذ 2017
  • محاولة لطمس الهوية.. إصرار إسرائيلي على تدمير معالم جنوب لبنان الأثرية
  • تعرّف على عدد الأضاحي التي تُذبح في تركيا.. وقيمة جلودها قد تفاجئك!
  • تعزيز النفوذ.. كيف توظف تركيا التحولات الجيوسياسية بعد سقوط الأسد؟
  • الوزير الشيباني: الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية انتهاك لسيادة سوريا وتفتح المجال أمام الجماعات التي تهدد أمنها لزعزعة الاستقرار.
  • وزير الدفاع التركي: لا خطط لدينا لسحب قواتنا من سوريا.. نقدم التدريب لدمشق
  • وزير الكهرباء: وقعنا عقداً مع تركيا لزيادة طاقة الخط العراقي - التركي إلى 600 ميغاواط
  • وزير الدفاع التركي: ندعم جهود سوريا في الحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها
  • طوباس: اقتحام واعتقالات وتدمير للبنية التحتية في طمون ومخيم الفارعة