انفجار بندر عباس: هل اهتزت إيران بفعل فاعل أم خلل عابر؟
تاريخ النشر: 27th, April 2025 GMT
في توقيت بالغ الدقة والحساسية، بالتزامن مع انعقاد الجولة الثالثة من المفاوضات الإيرانية الأمريكية في سلطنة عمان، دوى انفجار ضخم في ميناء “الشهيد رجائي” بمدينة بندر عباس جنوبي إيران. يُعد هذا المرفأ الحيوي الشريان التجاري الأكبر والأكثر أهمية لإيران، وبوابتها الرئيسية المطلة على الخليج العربي ومركزًا استراتيجيًا للتجارة بين الشرق والغرب.
حتى اللحظة، يسود تضارب شديد في الأنباء حول الأسباب الحقيقية للانفجار، استنادًا إلى ما نقلته وكالات الأنباء الإيرانية عن مسؤولين لم يتم الكشف عن هويتهم. يثير هذا التضارب علامات استفهام كبيرة حول طبيعة هذا الحادث وتداعياته المحتملة على استقرار المنطقة ومستقبل المفاوضات الجارية.
جدير بالذكر أن هذا ليس الاعتداء الأول على ميناء بندر عباس؛ ففي مايو 2020، ووفقًا لتقارير إعلامية استندت إلى مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين، استهدف الميناء بهجوم إلكتروني إسرائيلي، مما أحدث شللًا مؤقتًا في حركة السفن والشاحنات، وذلك ردًا على هجمات إيرانية استهدفت سفنًا إسرائيلية آنذاك. لكن اللافت في انفجار اليوم هو وقوعه على مرمى حجر من مقر البحرية التابعة لـ “الحرس الثوري الإيراني”، الأمر الذي يضاعف من التكهنات حول طبيعة الاستهداف ودوافعه المحتملة.
اللافت في تفاصيل انفجار ميناء بندر عباس هو الإشارة إلى وقوعه على دفعتين منفصلتين، وهو ما يثير شكوكًا جوهرية حول مصداقية الروايات الإيرانية التي تحدثت عن اقتصار الحادث على انفجار في “مخازن”. فالمعطى الجديد المتمثل في سماع دوي انفجارين قويين، يتناقض بشكل صارخ مع الرواية التي قدمها التلفزيون الإيراني عن انفجار في حاوية قرب خزان وقود. بل إن ترجيح إدارة الجمارك الإيرانية لوقوع الانفجار في مستودع للمواد الخطرة والكيميائية في الميناء رقم 336، يضيف طبقة أخرى من التعقيد والغموض، ويزرع بذور الشك العميق حول الرواية الرسمية، دافعًا للتساؤل عن الحقائق الكاملة التي تكتنف هذا الحدث الغامض في الشريان التجاري الحيوي لإيران.
ستتشكل تداعيات الانفجار في ميناء بندر عباس بشكل حاسم بناءً على الأسباب الحقيقية التي أدت إليه، سواء كانت خللًا داخليًا عرضيًا في المنشأة أم عملًا استهدافيًا مدبرًا. بيد أن المؤشرات الأولية، المستقاة من المشاهد المتداولة، ترجح وجود مواد خطرة، خاصة مع الإشارة إلى دوي انفجارين منفصلين أعقبتهما انفجارات ثانوية متتالية. وقد تحول موقع الانفجار لاحقًا إلى كتلة ضخمة من الدخان الأسود الكثيف، وهو ما قد يبدو طبيعيًا بالنظر إلى احتواء المرفأ على مخزون كبير من المواد النفطية، إلا أن طبيعة الانفجارات المتعددة تثير تساؤلات مقلقة. لاسيما وان الحكومة الايرانية اشارت الى ان عدد الحاويات كانت مكدسة الميناء وقد تحتوي على مواد كيميائية.
ختامًا، أي تعطيل أو ضرر يلحق بهذا الميناء الحيوي ستكون له تداعيات اقتصادية ولوجستية كبيرة على إيران والمنطقة، فضلًا عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية، والإشارة إلى تجاوز عدد الإصابات الـ 500، والتي قد تشمل خبراء ومهندسين ذوي خبرة في إدارة هذا المرفأ الاستراتيجي، مما يزيد من خطورة الموقف وتأثيره على المدى الطويل
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: بندر عباس انفجار فی
إقرأ أيضاً:
ما الأسلحة التي استخدمتها إسرائيل في قصف الأعماق الإيرانية؟
في الساعات الأولى من فجر اليوم الجمعة، كانت طائرات "إف-15" الإسرائيلية تعبر حدود الجغرافيا وتتجاوز كل الخطوط الحمراء، وتلقي بقنابلها على الأرض الإيرانية.
من نطنز إلى الملاجئ تحت الجبال وصولا للحرب الرقمية التي تُدار عن بعد خلف الشاشات، يتشكّل مسرح جديد للمواجهة أكثر شراسة وعدوانية. مسرح لا تهيمن عليه الطائرات فقط، بل كذلك المسيرات، والعملاء، وحرب المعلومات والعمليات المباغتة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ماذا نعرف عن سلاح إيران الذي ستستخدمه في هجومها المرتقب على إسرائيل؟list 2 of 2المسيّرة الأميركية الأقوى تحتضر وهذه هي الأسبابend of listقالت إسرائيل إن ضرباتها استهدفت على دفعات منشآت نووية ومصانع صواريخ باليستية وقادة عسكريين وعلماء نوويين، وإن هذه بداية عملية مطولة لمنع طهران من صنع سلاح نووي.
وفي المقابل أفادت وسائل إعلام إيرانية وشهود عيان بوقوع انفجارات في مواقع عدة، من بينها منشأة نطنز الرئيسية لتخصيب اليورانيوم، بينما أعلنت إسرائيل حالة الطوارئ تحسبا لرد إيراني بضربات صاروخية وطائرات مسيرة.
أولى الملاحظات على الصورة الأولية للتصعيد العسكري كان بيان وكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي جاء فيه أن مفتشي الوكالة يواصلون تقديم تقارير عن الوضع الميداني على الأرض، ووفق آخر التحديثات فإنه لم يُرصد أي تسرب للمواد الإشعاعية. وذكرت الوكالة أنه "لم تحدث زيادة في مستويات الإشعاع" في موقع نطنز عقب الضربات.
يضعنا ذلك أمام احتمالين أساسيين لاستهداف المنشآت النووية، الأول أن إسرائيل حاولت بالفعل تدمير المنشأة النووية بالكامل لكنها لم تتمكن من ذلك، والثاني أنها أرادت إخراج المنشأة عن العمل لكن بشكل لا يسمح بتسريب نووي قد يصل أثره إلى دول مجاورة، ما يعني أن الضربة كانت محدودة.
إعلانتقع منشأة نطنز على بُعد حوالي 250 كيلومترًا جنوب طهران، وقد بُنيت عند سفوح سلسلة جبال كركس، مما يوفر غلافًا طبيعيًا جبليًا يعزز الحماية.
تضم المنشأة قسمًا رئيسيًا لتخصيب اليورانيوم يحتوي على آلاف من أجهزة الطرد المركزي، وقد بنيت المنشأة على عمق يُقدّر بين 8 إلى 23 مترًا، ضمن مصفوفات خرسانية مسلّحة بسمك عدة أمتار، كما تحوي المنشأة على سقف إسمنتي مقوّى فوق القاعات، وهو سقف يُعتقد أنه قادر على امتصاص أو تحمّل القصف التقليدي.
المنشأة كذلك محمية بأنظمة دفاع جوي مثل صواريخ "تور-إم1" الروسية، ومنظومات محلية، وقد أضيفت لها طبقات من التمويه والخداع الإلكتروني.
وفي السنوات الأخيرة، بدأت إيران بتوسيع منشأة نطنز إلى أعماق أكبر (عشرات الأمتار إضافية تحت الجبل) لتصبح شبه منيعة ضد الهجمات الجوية الأميركية التي تستخدم القنابل الخارقة للتحصينات. وحسب المعلومات المتاحة، فلا توجد سوى قنبلة واحدة يحتمل أن تصل إلى هذا العمق قد تستخدمها إسرائيل لضرب منشآت فوردو ونطنز النووية مثلا، وهي القنبلة الأميركية "جي بي يو 57 إيه بي" (GBU-57A/B)
تُعرف هذه القنبلة أيضا باسم القنبلة الخارقة للدروع الضخمة (MOP)، وهي قنبلة تقليدية موجهة بدقة لتدمير الأهداف المدفونة والمحصنة على عمق كبير، مثل المنشآت والمخابئ تحت الأرض، وهي تزن نحو 13-14 طنا، ويبلغ طولها 6 أمتار.
هذه القنبلة قادرة على اختراق ما يصل إلى 61 مترا من الخرسانة المسلحة أو ما يصل إلى 12 مترا من الصخور الصلبة، ولا يمكن حملها بواسطة الطائرات المقاتلة الأميركية العادية، بل تحتاج لقاذفة الشبح الأميركية "بي 2 سبيريت" (B-2 Spirit) التي تُشغَّل بواسطة القوات الجوية الأميركية.
يظل من غير المعروف إلى الآن ان كانت إسرائيل قد استخدمت هذه القنابل أم لا، لكن بشكل عام هناك عدة قنابل تستخدمها في سياق هذا النوع من الضربات الجوية وقد استخدمت من قبل، وأولها هو "ذخيرة الهجوم المباشر المشترك" (JDAM) ، وهي ليست قنبلة بحد ذاتها، بل هي أشبه بعقل إلكتروني يُضاف إلى جسد قنبلة تقليدية ليحوِّلها إلى أداة قتل ذكية ومدمرة.
إعلانفمثلا إن وضعت تلك الأجهزة على "مارك 84" التي تزن حوالي 1000 كيلوجرام، تتحول إلى قنبلة سُميت "بي إل يو 109" قادرة على إصابة أهدافها بدقة عالية. وتقوم الفكرة على تزويد القنبلة بجهاز ملاحة متطور يعتمد على نظام تحديد المواقع العالمي إلى جانب زعانف توجيهية تُركّب على ذيل القنبلة لتُصحح وتوجّه مسارها أثناء سقوطها، بالإضافة لتقنيات أخرى.
وتستخدم إسرائيل مجموعة إضافية من أطقم القنابل دقيقة التوجيه التي طورتها شركة "رافائيل" الإسرائيلية لأنظمة الدفاع المتقدمة، تسمى "سبايس". وبصيغة تشبه ذخيرة الهجوم المباشر المشترك، فهي طقم توجيه إضافي يمكن ربطه بالقنابل "البسيطة" العادية مثل فئة "مارك" (84 و83 و82)، مما يحولها إلى قنابل ذكية عالية الدقة.
في مقدمة القنبلة، تُثبَّت كاميرا كهروضوئية تُغذَّى سلفا بصور مفصلة للهدف، أشبه ما تكون بذاكرة قاتلة. وبفضل دمجها مع نظام تحديد الموقع العالمي "جي بي إس" ونظام الملاحة بالقصور الذاتي "آي إن إس"، تستطيع هذه القنابل أن تُصيب أهدافها حتى مع غياب إشارات الأقمار الصناعية، أو في أجواء مشوشة.
ويُقاس نجاح القنابل الموجَّهة بما يُعرف بـ"احتمال الخطأ الدائري"، أي المسافة بين النقطة المقصودة ونقطة السقوط، وهنا، تتفاخر "سبايس" بدقة تُقاس بأقل من 3 أمتار.
تستخدم إسرائيل كذلك قنابل خارقة للتحصينات، لكن ليس بمستوى جي بي يو 57 إيه بي، مثل قنابل "جي بي يو 28″، الموجَّهة بالليزر، مع وزن أكثر من 2000 كيلوجرام.
عادة ما تُعرف القنابل الخارقة للتحصينات بأنها تلك القنابل المُصمَّمة لاختراق الهياكل المحصنة والمخابئ تحت الأرض. قنبلة "جي بي يو 28" التي يمكنها اختراق ما يصل إلى أكثر قليلا من 30 مترا تحت الأرض أو 6 أمتار من الخرسانة.
إعلانصُمِّمت هذه القنابل لتكون ثقيلة نسبيا مع قدرتها على التحرك بسرعات عالية، وتستخدم بعض القنابل الخارقة للتحصينات خاصة تلك المُصمَّمة للاختراق العميق، معززات صاروخية تُنشَّط أثناء مرحلة الهبوط النهائية إلى الهدف.
إلى جانب ذلك، تُصمَّم القنابل بغلاف خارجي طويل نسبيا ونحيف ومقوَّى، يمتلك من الكثافة والشدة ما يركز الطاقة الحركية في مساحة سطح صغيرة، وهو ما يرفع من قدرتها على الاختراق.
أضف لهذه المجموعة صاروخ آخر تم تصميمه خصيصًا لاختراق وتدمير الهياكل المحصنة، لكن بالطبع ليس مثل حالة جي بي يو 57 إيه بي، وهو "رامبيج".
وهذا الصاروخ أسرع من الصوت، يُطلق من مسافة بعيدة من الجو، ويعمل بنظام ملاحة بالقصور الذاتي مع نظام تحديد المواقع العالمي، وأنظمة مضادة للتشويش، وتصوير طرفي بالأشعة تحت الحمراء، ووصلة بيانات ثنائية الاتجاه، ما يعني إمكانية تعديل مساره أثناء الضربة، بناء على معلومات استخباراتية.
وقد ذُكر هذا الصاروخ في الهجوم الإسرائيلي على إيران في عملية أبريل/نيسان 2024، ويتراوح مداه بين 150 و250 كيلومترا تقريبا، المدى الأقصر عند إطلاقه من ارتفاعات منخفضة أو من مسافة فاصلة أقصر، ويصل إلى ٢٥٠ كيلومترا عند إطلاقه من ارتفاعات عالية بواسطة طائرات نفاثة سريعة الحركة.
ما سبق من قنابل، تنطلق غالبا من نوعين أساسيين من الطائرات الأميركية الصنع التي تستخدمها إسرائيل بكثافة، وهما "إف-15″ و"إف-16".
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن عشرات المقاتلات نفذت عملية أطلق عليها اسم "الأسد الصاعد"، ووصفها "بالضربة الافتتاحية" في قلب إيران، تلتها هجمات وضربات أخرى.
وأضاف -في بيان صباح الجمعة– أن 200 مقاتلة شاركت في الهجوم على إيران وضربت نحو 100 هدف في مناطق إيرانية مختلفة، كذلك استُخدمت 300 قنبلة، في إطار تنفيذ تلك الهجمات. وأشار إلى أن الطائرات الحربية "تواصل مهاجمة" منشآت نووية في إيران.
إعلانتهتم إسرائيل عاما بعد عام بالطائرة المقاتلة من طراز "إف-15 آي إيه"، والتي يبلغ مدى طيرانها نحو 22 ألف كيلومتر، ولديها القدرة على حمل أكثر من 13 ألف كيلوغرام من الصواريخ والقنابل.
إلى جانب ما سبق، يمكن زيادة مدى هذه الطائرة عبر إضافة خزانات وقود خارجية مصممة لتتناسب بشكل وثيق مع محيط جسم الطائرة، مما يحسّن الديناميكية الهوائية مع توفير سعة وقود إضافية، على عكس الخزانات التقليدية التي تحل محل نقاط تثبيت الأسلحة، التي تشغل تلك المساحة في جسم الطائرة.
كذلك يقلل تصميم هذه الخزانات من المقطع العرضي للرادار، وهو أمر مهم بشكل خاص للمهام الخفية، وفي هذا السياق تظل الطائرة محافظة على أداء عالي الكفاءة لمعايير مثل السرعة والقدرة على المناورة.
بالإضافة إلى ذلك، صُممت طائرة إف-15 لتكون متوافقة مع أنظمة التزود بالوقود جوا، مما يوسّع نطاقها التشغيلي بشكل أكبر، وهو أمر بالغ الأهمية للمهام في العمق الجغرافي بعيدًا عن القواعد الرئيسية.
ويمكن لطائرة إف-15 حمل حمولة متنوعة وثقيلة، بما في ذلك الصواريخ جو-جو والذخائر جو-أرض والقنابل الموجهة، وبذلك يمكنها المشاركة في كل من أدوار التفوق الجوي والهجوم الأرضي أثناء مهمة واحدة، مما يقلل من الحاجة إلى طلعات جوية متعددة، وبشكل خاص يمكن لهذه الطائرة إطلاق صاروخ رامبيج، سالف الذكر.
وغالبا ما تستخدم مقاتلات إف-16 مع مقاتلات إف-15 في نفس الضربة (مع طائرات متعددة الأدوار مثل إف-35 كذلك)، حيث تمتلك الأولى قدرة عالية على المناورة، مما يسمح لها بالأداء بشكل فعال في مجموعة مهام متنوعة، من الدعم الجوي القريب إلى الضربات الدقيقة عالية السرعة.
ومقارنة بالطائرات النفاثة الأكبر حجمًا، فإن طائرة إف-16 أكثر فاعلية من حيث التكلفة، مما يسمح بمعدلات طلعات عالية كما أن نشرها وصيانتها أسهل، خاصة عند التشغيل في تضاريس متنوعة.
في هذا السياق فإن الطائرة "إف-15 آي إيه" مزودة بمحركين قويين، يحققان نسب دفع إلى وزن عالية، مما يمكنها من الحفاظ على سرعات تفوق سرعة الصوت حتى عندما تكون محملة بشكل كبير.
ولا يقلل ذلك من قدرتها على الوصول إلى الأهداف بسرعة على مسافات طويلة، ويمكنها كذلك من المناورة وتغيير الارتفاعات بدرجة من المرونة، تحسبا لأي رصد من الدفاع الجوي.
إعلانولمزيد من التأمين فإن الطائرة مزودة بأنظمة رادار متقدمة توفر قدرات الكشف والتتبع بعيدة المدى لكل من الأهداف الجوية والبرية، كما تسمح تقنياتها الإلكترونية بالتنقل والاشتباك مع الأهداف بدقة على مسافات كبيرة.
وبذلك، تتكامل الطائرتان في مهمة واحدة، فتوفر إف-15 القدرة على حمل سلاح ثقيل للضربات والاشتباكات بعيدة المدى، بينما توفر إف-16 المرونة التشغيلية والقدرة على التكيف للهجمات الدقيقة، كما تؤدي أدوارا داعمة.
حرب المسيراتلكن الأمر كما يبدو تخطى حاجز الطائرات المقاتلة، حيث نقل تقرير صادر عن موقع "إن 12" الإسرائيلي أن الموساد أعد للهجوم على مدى أشهر عديدة، بما في ذلك وضع عملاء في إيران، كما أوضحت منصة "ذا وار زون العسكرية"، وهو أمر لم تؤكده أو تنفيه الجهات الإيرانية الرسمية.
وبحسب المنصة "ذا وار زون العسكرية"، وعبر هذا العمل الاستخباري، قام أولئك بتشغيل طائرات مسيرة هجومية أحادية الاتجاه وصواريخ مضادة للدروع، بالإضافة إلى إنشاء قاعدة سرية للطائرات المسيرة "في قلب إيران"، لتحييد الدفاعات الجوية الإيرانية، بحسب المنصة.
ومن بين الأهداف التي ورد أن عملاء إسرائيليين استهدفوها داخل إيران موقع دفاعٍ جويٍّ قرب طهران، وقبل بدء العملية بوقتٍ قصير، ضربت طائراتٌ إسرائيليةٌ مُسيّرةٌ انطلقت من داخل إيران منصات إطلاق صواريخ أرض-جو هناك، ممهّدةً الطريقَ لشنّ هجومٍ أوسع، والذي شارك فيه أيضًا مقاتلاتٌ تابعةٌ لسلاح الجو الإسرائيلي.
في الوقت نفسه، نفّذ سلاح الجو الإسرائيلي أيضًا عملياتٍ جوية لقمع وتدمير الدفاعات الجوية للإيرانيين، بما في ذلك "عشرات الرادارات ومنصات إطلاق الصواريخ أرض-جو".
في هذا السياق، تم تداول لقطات فيديو تُظهر قوات على الأرض في إيران وهم يُشغّلون صواريخ رافائيل دقيقة التوجيه.
وأكدت صحيفة هآرتس أن مصادر أمنية إسرائيلية كشفت عن أن جهاز الموساد الإسرائيلي كان قد أنشأ قاعدة عسكرية داخل إيران قبل الضربات الجوية التي نُفذت فجر الجمعة، حيث تم تخزين مسيّرات مفخخة هُربت إلى الداخل الإيراني منذ وقت طويل، وقد استُخدمت هذه الطائرات في الهجوم على منشآت عسكرية ونووية إيرانية.
إعلانونقلت هآرتس عن المصادر تأكيدها تجهيز مركبات داخل إيران بأنظمة هجومية وتقنيات متطورة، استخدمت لتفكيك قدرات الدفاع الجوي الإيرانية، ما مكّن الطائرات الإسرائيلية من تنفيذ مهمتها دون مقاومة فعالة.
وأشار التقرير إلى أن هذه العملية لم تكن وليدة اللحظة، بل جاءت نتيجة جمع معلومات استمر لسنوات، شمل ملفات دقيقة عن شخصيات بارزة في المؤسسة الدفاعية الإيرانية وعلماء نوويين، إضافة إلى البنية التحتية الصاروخية الإستراتيجية لطهران.
ورغم ضراوة الضربات الإسرائيلية، وعمق التخطيط الاستخباراتي، وتنوع أدوات الهجوم من مقاتلات إلى طائرات مسيرة وصواريخ ذكية، فإن ما تكشفه هذه العملية -في جوهرها- ليس قوة إسرائيل بقدر ما يكشف مأزقها.
فالهجوم ليس تعبيرًا عن ثقة إستراتيجية أو تفوق كاسح، بل عن قلق وجودي يتزايد مع كل يوم تقترب فيه إيران من عتبة النووي العسكري، ومع كل جبهة مقاومة جديدة تُفتح ضد إسرائيل.
ثمّة جيوش تتراجع، لكن لا تختفي. وهناك دول تُستهدف في العمق، لكنها لا تسقط. فإيران -بخبرتها الطويلة في إدارة الحصار والصراع- لم تعد خصمًا يمكن تحييده بضربة جوية أو عمليات استخباراتية نوعية، بل تحوّلت إلى خصم شبكي، مرن. مقابل ذلك، تظهر إسرائيل كطرف قوي يهاجم من موقع الارتباك، ويتحرك دون إستراتيجية خروج واضحة.
وقد أشارت معظم التقديرات إلى أن الضربات الإسرائيلية، بمفردها، قد تُؤخر البرنامج النووي الإيراني عدة أشهر.
في المقابل، تُشير التقارير العامة إلى أن الضربات الأمريكية قد تُؤخر البرنامج النووي الإيراني لمدة تصل إلى عام.
ووفق التصعيد العسكري المتسارع، وطبيعة الهجوم الإسرائيلي المدعوم أميركيا، يبدو مُرجحا أن تُسارع إيران الآن جاهدةً نحو امتلاك سلاح نووي لا بديل عن امتلاكه إذا ما استطاعت أن تخرج من هذا التصعيد الذي يهدد وجودها.
إعلان