في جلسة وُصفت بالتاريخية، وافق مجلس النواب المصري نهائيًا على مشروع قانون الإجراءات الجنائية، في خطوة تشريعية وُصفت بأنها "نقلة نوعية" في سبيل تحقيق العدالة الجنائية العصرية التي تواكب متغيرات العصر وتؤسس لضمانات غير مسبوقة للمجتمع والدولة والمواطن في آنٍ واحد.
الحدث لم يكن مجرد تصويت داخل قاعة البرلمان، بل انعكاس لعقود من الترقب والتعديل والتأجيل، انتهت بإقرار قانون يُعد من أضخم وأخطر التشريعات المرتبطة بحقوق الأفراد وحرياتهم وسير العدالة.

وزير العدل: لحظة مفصلية في تاريخ التشريع المصري


خلال الجلسة العامة، وصف المستشار عدنان فنجري، وزير العدل، القانون الجديد بأنه "حدث عظيم"، مؤكدًا أن خروج القانون بهذا الشكل المتقن بعد سنوات من الدراسة والتأني يمثل إنجازًا تشريعيًا فريدًا.
وأكد الوزير أن القانون الجديد يُعد "نقلة حضارية" على طريق العدالة الجنائية المتقدمة، حيث تم فيه مراعاة التوازن بين حماية المجتمع وصون الحقوق الفردية، ليخرج كتشريع يُعبر عن وجه مصر القانوني الحديث.


ماذا يتغير؟.. جوهر القانون بين المحاكمة العادلة وسرعة العدالة

من أبرز ملامح القانون الجديد تعزيز مبادئ المحاكمة العادلة وضمان حقوق المتهم في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة. وتم النص بوضوح على ضرورة حضور محامٍ مع المتهم منذ اللحظة الأولى، إلى جانب توسيع نطاق الاستئناف والطعن، خاصة في قضايا الجنح.
كما شدد القانون على سرعة الفصل في القضايا دون الإخلال بالضمانات القانونية، ما من شأنه تقليل فترات الحبس الاحتياطي، وتحقيق عدالة ناجزة تقضي على التكدس القضائي وتكافح البطء الذي كان يعرقل سير العدالة في السنوات السابقة.

حماية حقوق المتهم والمجني عليه.. لأول مرة بهذا الاتساع

القانون الجديد أرسى منظومة حماية مزدوجة لكل من المتهم والمجني عليه، حيث تم توسيع دور المجني عليه في الدعوى، والسماح له بمزيد من الحقوق خلال سير القضية، بما في ذلك الإخطار بالإجراءات والطعن في بعض القرارات.
كما حظي المتهم بمجموعة من الضمانات، على رأسها الحق في المعرفة، والاطلاع على التحقيقات، والحماية من أي ممارسة تعسفية أثناء التوقيف أو الاحتجاز، وهو ما يعكس حرص الدولة على تطوير منظومة العدالة دون الإضرار بمبدأ الأمان الشخصي. 

رقابة أوسع على السلطة القضائية وتحقيق الشفافية

ضمن أبرز التعديلات، تضمّن القانون آليات رقابية أكثر شمولًا على أداء أجهزة العدالة، بما يضمن الشفافية والمساءلة، ومنع أي تجاوز للسلطة في مراحل التحقيق أو التنفيذ.
كما تم النص على أدوات جديدة في إدارة الدعوى الجنائية، منها توثيق الجلسات بالصوت والصورة، وتحديث طرق الإخطار والاستدعاء إلكترونيًا، مما يعكس تحولًا رقميًا طال انتظاره في آليات عمل القضاء.

تشريع وطني بمعايير دولية.. وصدى إقليمي متوقع

يرى خبراء القانون أن ما تحقق يمثل انتصارًا للدستور المصري، الذي نص في أكثر من مادة على ضرورة تحديث التشريعات لتتماشى مع الاتفاقيات الدولية التي وقّعتها الدولة في مجالات العدالة وحقوق الإنسان.
ويتوقع مراقبون أن يحظى القانون باهتمام إقليمي ودولي، باعتباره نموذجًا يُحتذى به في العالم العربي، لا سيما أنه جمع بين أحكام القانون المصري العريق وتوصيات المواثيق العالمية الحديثة للعدالة الجنائية.
 

خطوة نحو دولة القانون والمؤسسات


بإقرار هذا القانون، تثبت مصر أنها تسير بخطى واثقة نحو تحديث شامل للمنظومة القضائية، تحترم الحقوق وتكرّس لدولة القانون، وهو ما يمثل استجابة مباشرة لتطلعات الشعب ومطالب المجتمع القانوني على مدار سنوات طويلة.

قانون الإجراءات الجنائية الجديد في نقاط 


(1) حماية حرمة المنازل:
لا يجوز دخول المنازل أو تفتيشها أو التنصت عليها إلا بأمر قضائي مسبب.
الأمر يجب أن يحدد المكان والزمان والغرض بوضوح.
(2) تقييد صلاحيات الضبط القضائي:
فرض قيود على صلاحيات مأموري الضبط في القبض والتفتيش ودخول المنازل.
إلزامهم بإثبات رقم قومي للمتهم فور تحديد هويته.
(3) تأكيد اختصاص النيابة العامة:
النص على اختصاص النيابة الأصيل بتحريك ومباشرة التحقيقات.
التزام تام بالمادة (189) من الدستور المصري.
(4) تقنين الحبس الاحتياطي:
تخفيض مدد الحبس الاحتياطي ووضع حد أقصى له.
إلزام وجود أسباب واضحة ومُعلنة لكل أمر بالحبس.
(4) تعويض المتهمين عن الحبس الاحتياطي الخاطئ:
نشر حكم البراءة في جريدتين على نفقة الدولة.
تنظيم متكامل لتعويض المتضررين ماديًا وأدبيًا.
(5)  إصلاح نظام الإعلانات القضائية:
التحول إلى الإعلان الرقمي والهاتفي بجانب التقليدي.
إنشاء مراكز إعلانات إلكترونية ترتبط بقطاع الأحوال المدنية.
(6) تقييد أوامر المنع من السفر:
اقتصار سلطة إصدارها على النائب العام أو قاضي التحقيق.
اشتراط أن تكون مبررة ومحددة المدة، مع آلية تظلم لا تتجاوز 15 يومًا.
(7) التحقيق والمحاكمة عن بُعد:
إقرار تقنيات التحقيق والمحاكمة الإلكترونية.
ضمان عدالة ناجزة وتبسيط إجراءات التقاضي.
تعزيز حق الدفاع:
لا يجوز محاكمة أي متهم دون وجود محامٍ معه.
في حال غيابه، تلتزم جهة التحقيق أو المحكمة بانتداب محامٍ للدفاع.
(8) حماية الفئات الضعيفة:
نصوص خاصة بحماية المرأة والطفل وذوي الإعاقة وكبار السن.
إلغاء الإكراه البدني واستبداله بعمل للمنفعة العامة.
(9) تعاون قضائي دولي:
تنظيم إجراءات التعاون الجنائي مع الدول الأخرى.
تسهيل تبادل المعلومات والطلبات القضائية.
(10) تحديث نظام المعارضة في الأحكام الغيابية:
إعادة تنظيم النظام بما يخفف العبء على المحاكم.
تحقيق توازن بين سرعة التقاضي وضمانات حق الدفاع.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: قانون الإجراءات الجنائية البرلمان المصرى مجلس النواب 2025 التعديلات القانونية الجديدة وزير العدل عدنان فنجري حقوق المتهم محاكمة عادلة العدالة الجنائية الدولة القانونية الحبس الاحتیاطی القانون الجدید

إقرأ أيضاً:

العدالة والتنمية ترفض المشاركة في المهمة الاستطلاعية حول استيراد الأغنام والأبقار

أعلنت المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، أنها غير معنية بالمشاركة في المهمة الاستطلاعية المؤقتة الخاصة بـ”البرامج والإجراءات المتخذة لدعم استيراد الأبقار والأغنام واللحوم بهدف حماية القدرة الشرائية للمواطنين”.

وجاء القرار في رسالة وجهها رئيس المجموعة، عبد الله بووانو، إلى رئيس لجنة القطاعات الإنتاجية، ردا على مراسلته المتعلقة بانتداب ممثل عن الحزب ضمن هذه المهمة.

وبررت المجموعة موقفها باعتبار تشكيل المهمة الاستطلاعية “مخالفا لمقتضيات النظام الداخلي لمجلس النواب”.

مقالات مشابهة

  • هل تعاد الإجراءات إذا فقدت أوراق التحقيق في القضايا؟ القانون يجيب
  • بعد حبس راقصة الساحل الشمالي.. الحبس عامين وغرامة 5 آلاف جنيه عقوبة نشر فيديوهات خادشة للحياء
  • الحبس 5 سنوات وغرامة 250 ألف جنيه عقوبة تهريب البضائع بقصد الإتجار
  • ما الإجراءات حال فقد النسخة الأصلية للأحكام؟.. الإجراءات الجنائية يجيب
  • بالقانون.. حالات استحقاق التعويض عن الحبس الاحتياطي
  • العدالة والتنمية ترفض المشاركة في المهمة الاستطلاعية حول استيراد الأغنام والأبقار
  • كيف نظم القانون الجديد ضوابط العمل عن بُعد؟
  • انتخابات الشيوخ 2025 .. الحبس عامين لمستخدمي وسائل الترويع لتهديد عملية الاقتراع
  • المحكمة الجنائية تدين قياديين في أنتي بالاكا بجرائم حرب بأفريقيا الوسطى
  • النيابة العامة تُوفد 20 عضواً إلى مصر لتعزيز التعاون في مجال «العدالة الجنائية»