في أحد أركان حي مدمر، ووسط حجارة سوداء وحوائط مفتوحة على السماء، وقف أطفال من قطاع غزة، الثلاثاء، يرتجفون من الجوع، يصرخون مطالبين بغذاء ودواء قطعته إسرائيل عنهم منذ شهرين، ضمن حرب الإبادة المستمرة للشهر 19 على التوالي.

 

عيونهم غائرة في الضعف، ووجوههم شاحبة من الجوع، وبعضهم بالكاد يستطيع الوقوف، علامات سوء التغذية واضحة على سيماهم، لكنهم وقفوا لتذكير العالم بجوعهم وعطشهم.

 

أصابع مرتعشة

 

ورفع الأطفال خلال الفعالية التي نظمها فريق "الأصدقاء الأربعة"، بأصابع مرتعشة لافتات كتب عليها "بيكفي موت"، "افتحوا المعابر"، "نحن جوعى"، "أنقذونا"...

 

كانت هذه الفعالية رقم 25 التي ينظمها الفريق في مدينة خان يونس، لكنها لم تكن تشبه غيرها من الفعاليات، بل صرخة جماعية لأطفال يعانون من جوع قاتل.

 

وفريق "الأصدقاء الأربعة" هو مجموعة من المتطوعين في قطاع غزة، ونظم عدة فعاليات مناهضة للإبادة الجماعية الإسرائيلية في القطاع.

 

والاثنين، قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إن الحصار والإغلاق المستمر للمعابر منذ نحو شهرين أدى لتدهور كارثي في الأوضاع الصحية وتفشي حالات سوء التغذية خاصة بين الأطفال الرضع.

 

وأشار إلى أن "أكثر مليون طفل في القطاع يعانون من الجوع اليومي، فيما جرى نقل 65 ألف طفل منهم إلى ما تبقى من مستشفيات يعانون من سوء تغذية حاد".

 

نموت جوعاً

 

الطفلة راما أبو العينين (11 عاماً)، قالت بصوتٍ يخنقه الجوع والخوف: "نناشد بفتح المعابر. نحن نموت جوعاً وقصفاً. نريد المعابر أن تفتح وتدخل المساعدات".

 

وأضافت للأناضول: "أغلب الذين يموتون من القصف أطفال... خلاص يكفي. لنا شهرين نموت من الجوع، ولم يعد هناك لا أمان ولا تعليم."

 

ومنذ 2 مارس/ آذار تغلق إسرائيل معابر القطاع أمام دخول المساعدات الغذائية والإغاثية والطبية والبضائع، ما تسبب بتدهور كبير في الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين وفق ما أكدت تقارير حكومية وحقوقية ودولية.

 

والجمعة، أكد المفوض العام لوكالة "أونروا"، فيليب لازاريني، أن الأطفال في قطاع غزة باتوا يتضورون جوعاً، بفعل سياسة تجويع متعمدة تمارسها إسرائيل عبر منع إدخال الغذاء والاحتياجات الأساسية، منذ بدء إغلاقها الكامل للمعابر في 2 مارس/ آذار الماضي.

 

وأضاف: "تواصل حكومة إسرائيل منع دخول الغذاء والأساسيات الأخرى، إنه تجويع من صنع الإنسان وبدوافع سياسية".

 

يموتون أمام أعيننا

 

في مشهد يمزج الألم بالحزن، قال رسمي أبو العينين ممثل الفريق: "هذه الفعالية رقم 25، لكنها الأصعب... أطفالنا لا يجدون طعاماً، لا دواء، لا مأوى آمناً".

 

وأشار إلى أن "الاحتلال يمنع دخول المساعدات، والأسواق خالية. الجوع يفتك بهم كما القنابل، وهذا استخدام إجرامي للتجويع كسلاح ضد شعبنا."

 

وأضاف: "نشعر بالجوع والخوف والمرض والخذلان. من 2 مارس لم تدخل غزة أي مساعدات غذائية أو طبية. أطفالنا يموتون أمام أعيننا، أين ضمير الإنسانية؟ أين أمتنا؟"

 

والجمعة، أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، نفاد مخزونه الغذائي بالكامل في غزة جراء الحصار الإسرائيلي.

 

وفي وقت سابق الثلاثاء، اتهم مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور، في كلمة له أمام مجلس الأمن، إسرائيل باستخدام التجويع كسلاح حرب ضد المدنيين في قطاع غزة، داعيًا إلى وقف فوري لإطلاق النار.

 

فيما اعتبرت حركة حماس، استمرار إسرائيل في استخدام التجويع سلاحا ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة "جريمة حرب واستخفاف بالمجتمع الدولي".

 

كما اتهمت مصر، الاثنين، إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية باستخدام سياسية التجويع كسلاح ضد المدنيين في قطاع غزة، مطالبة برفع الحصار المفروض على القطاع بشكل فوري وغير مشروط.

 

والاثنين، بدأت محكمة العدل الدولية في لاهاي جلسات استماع تستمر أسبوعًا لمناقشة الالتزامات الإنسانية لإسرائيل تجاه الفلسطينيين، بعد مرور نحو شهرين فرضها حصارا شاملا يمنع دخول المساعدات إلى قطاع غزة الذي دمرته حرب الإبادة الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

 

ويعتمد قطاع غزة، البالغ عدد سكانه نحو 2.4 مليون نسمة، بشكل شبه كلي على المساعدات الإنسانية، التي توقفت تمامًا منذ 2 مارس/ آذار الماضي، حين أغلقت إسرائيل معابر كرم أبو سالم وزيكيم وبيت حانون.

 

ومنذ 7 أكتوبر 2023، وبدعم أمريكي مطلق، ترتكب إسرائيل حرب إبادة ممنهجة ضد سكان قطاع غزة، أودت بحياة أكثر من 170 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، كما أُعلن فقدان أكثر من 11 ألف شخص.

 

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: فی قطاع غزة من الجوع

إقرأ أيضاً:

حقوقية من "حنظلة": الدول الداعمة لإسرائيل تساهم بقتل أطفال غزة جوعا

اعتبرت هويدا عراف، محامية حقوقية فلسطينية، الأحد، أن رحلتها على متن سفينة "حنظلة" كانت مواجهة مباشرة ضد سياسة التجويع والحصار الإسرائيلي القاتل لفلسطينيي غزة، ما يجعل الدول الداعمة لهذا النهج شريكة في قتل أطفال القطاع جوعا.

 

جاء ذلك في مقابلة أجرتها الأناضول مع عراف، العضوة بتحالف أسطول الحرية، والتي أطلق سراحها الأحد.

 

وفي وقت سابق من مساء السبت، اقتادت إسرائيل نشطاء احتجزتهم بعد اقتحامها سفينة "حنظلة" المتضامنة مع قطاع غزة في المياه الدولية إلى ميناء أسدود.

 

وفي معرض وصفها لساعات الليلة الماضية الحاسمة عندما اقتحمت القوات الإسرائيلية السفينة في المياه الدولية، قالت الناشطة: "كانت معنوياتنا عالية، لأننا كنا مصرين للوصول لغزة".

 

وأضافت: "لم نكن خائفين لأننا كنا نشعر أننا على حق، خاصة أن سفيننا الصغيرة تحمل الحليب لأطفال غزة".

 

وشددت أن ما حدث ليلة السبت يؤكد أن سياسة لتجويع وقتل الشعب الفلسطيني فاشلة، لاسيما أن عشرات القوات الإسرائيلية المسلحة والسفن تهاجم سفينتنا الصغيرة التي تحمل حليب أطفال وليس أسلحة".

 

وعن لحظات احتجاز الجيش الإسرائيلي للناشطين، قالت كانوا مدججين بالسلاح ومسلحين أيضا بكميرات كثيرة جدا، يحاولون من خلالها نشر بروبوغندا تظهر أنهم يتعاملون معنا بلطف ويقدمون لنا الماء والطعام، إلا أننا رفضنا ذلك تضامنا من الشعب الفلسطيني المجوع بالقطاع.

 

وتابعت: إنه لأمر محزن أن الدول الكبرى، ومنها الولايات المتحدة التي ولدت فيها وكذلك أوروبا، تمنح إسرائيل المساحة الكاملة للقيام بما يحلو لها من قتل وتجويع لفلسطينيي غزة".

 

وقالت لقد "قمنا بمواجهة مباشرة ضد سياسة التجويع والحصار الإسرائيلي القاتل لغزة، ونحن مدنيين غير مسلحين، ولا نشكل خطورة على القوات التي هاجمتنا".

 

وطالبت دول العالم بالتوقف عن دعم إسرائيل التي ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بغزة.

 

وركزت أن الدول الكبرى الداعمة لإسرائيل تعتبر شريكا بقتل أطفال غزة جوعا.

 

وردا على سؤال إن كانت هناك نية لدى المتضامنين على متن السفينة، التوجه إلى العريش بمصر، قالت "عندما وجدنا السفن الإسرائيلية متجهة نحونا غيرنا مسار سفينتنا للتوجه نحو العريش، وبدأنا التواصل مع السلطات المصرية بهذا الخصوص، وطلبنا منهم التوجه إلى غزة عبر المياه الإقليمية المصرية".

 

وأوضحت أنها بعد محاولات كثيرة للتواصل مع القوات الإسرائيلية السبت، ردوا مرة واحدة، وقدموا مبررا يقول إن "سفينة حنظلة كانت تتجه نحو منطقة مغلقة عسكريا، وهي تحت حصار قانوني، وأنهم سيتخذون الإجراءات اللازمة للحفاظ على هذا الحصار".

 

وردا على المبررات الإسرائيلية، قالت المحامية الفلسطينية: "دعوني أمنحكم درسا بالقانون الدولي يقول إن حصارا يجوع المدنيين غير قانوني".

 

وأشارت إلى أن السفن الأخرى التي كانت تمر بالمياه الإقليمية كانت تطلق هتافات متضامنة مع سفينة "حنظلة"، وتردد "فلسطين حرة".

 

وقالت إن "الناشطين أكدوا أثناء التحقيق أنه تم اختطافهم من قبل القوات الإسرائيلية من المياه الدولية، وأن ذلك ضد إرادتهم".

 

وبينت أن "التهمة التي وجهت للناشطين، الذي كانوا على متن السفينة، هي دخول إسرائيل بطريقة غير قانونية".

 

وأضافت: "نحن بدورنا رفضنا هذه التهمة وأكدنا أننا كنا في طريقنا إلى غزة".

 

وأكدت أنها لم تقبل التوقيع على الأوراق التي قدمتها لها إسرائيل لإثبات التهمة عليها، وبالتالي تم تحريرها"، دون تفاصيل عن كيفية الإفراج عنها.

 

وقالت: إننا نبحر منذ 2008 لكسر الحصار البحري على غزة، وخلال هذه المحاولات، استخدمت إسرائيل جميع الطرق لمنعنا من تحقيق هدفنا، بما في ذلك الضرب وإطلاق الصواريخ وكسر السفن والاعتقال وحتى القتل عندما اغتالت 10 من زملائنا الأتراك في 2010.

 

واختتمت حديثها بالقول إنهم "لن يتوقفون عن الإبحار باتجاه غزة حتى يتم كسر الحصار عنها وتصبح فلسطين حرة".

 

وليست هذه الحادثة الأولى من نوعها، حيث استولى الجيش الإسرائيلي في 9 يونيو/ حزيران الماضي، على سفينة "مادلين" ضمن "أسطول الحرية" من المياه الدولية، بينما كانت في طريقها إلى قطاع غزة المحاصر لنقل مساعدات إنسانية، واعتقل 12 ناشطا دوليا كانوا على متنها، ولاحقا رحلت إسرائيل الناشطين شرط التعهد بعدم العودة إليها.

 

وقبلها تعرضت سفينة "الضمير" لكسر الحصار عن غزة، لهجوم بطائرة مسيرة إسرائيلية في 2 مايو/ أيار الماضي، أثناء محاولتها الإبحار نحو غزة، ما تسبب في ثقب بهيكلها واندلاع حريق في مقدمتها.

 

ويعيش قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، حيث تتداخل المجاعة القاسية مع حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

 

ومع الإغلاق الكامل للمعابر ومنع دخول الغذاء والدواء منذ 2 مارس/ آذار الماضي، تفشت المجاعة في أنحاء القطاع، وظهرت أعراض سوء التغذية الحاد على الأطفال والمرضى.

 

يأتي ذلك في وقت تشن فيه إسرائيل بدعم أمريكي حرب إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

 

وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 204 آلاف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.


مقالات مشابهة

  • ترامب يكشف عن انطباعه وزوجته ميلانيا بشأن صورالمجاعة والموت في غزة
  • الخارجية الفلسطينية: إسرائيل تقوم بـ حملة إبادة جماعية ممنهجة في غزة
  • أطفال غزة يتضورون جوعا وسط عجز الأهالي
  • منظمة “بتسيلم” الإسرائيلية: إسرائيل تنفذ إبادة جماعية في قطاع غزة
  • غذاء مفقود ودواء منقطع.. صرخة أطفال غزة في وجه الجوع والسكري
  • منظمتان حقوقيتان في إسرائيل تؤكدان ارتكاب إبادة جماعية بغزة
  • واشنطن بوست: أهل غزة يتضورون جوعا فما أثر الجوع على جسم الإنسان؟
  • حقوقية من "حنظلة": الدول الداعمة لإسرائيل تساهم بقتل أطفال غزة جوعا
  • اليونيسف: أطفال غزة يموتون جوعا والحاجة ملحة لإغاثة عاجلة
  • ترامب: سكان غزة يعانون من الجوع ولو كنا مكانهم لمتنا جوعا