تونس- تتوالى الانتقادات الدولية تجاه الأوضاع الحقوقية والسياسية في تونس، وخاصة عقب الأحكام القضائية "القاسية" الصادرة مؤخرا بحق عشرات المعارضين فيما بات يعرف بـ"قضية التآمر على أمن الدولة".

وأثارت هذه التطورات موجة ردود أفعال غاضبة من قبل الرئيس التونسي قيس سعيد، الذي ندد بما اعتبره "تدخلا سافرا في الشأن الداخلي"، في وقت ترى فيه المعارضة أن تلك التصريحات تعبّر عن ضيق الرئيس من الضغط الخارجي وتؤكد العزلة المتزايدة التي تواجهها السلطة.

وفي بيان صادر عن الرئاسة التونسية، الاثنين الماضي، اعتبر سعيد أن "التصريحات والبيانات الصادرة عن جهات أجنبية مرفوضة شكلا وتفصيلا"، مؤكدا أنها تمثل "تدخلا سافرا في الشأن الداخلي التونسي".

عزلة دولية

جاء ذلك في سياق رده على بيانات انتقادية شديدة اللهجة صدرت عن المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة فولكر تورك وعدة عواصم أوروبية، أعربوا عن قلقهم من الأحكام الصادرة بحق 37 معارضا وعدوها مسيئة للعدالة وانتهاكا لضمانات المحاكمة العادلة.

وتعقيبا على موقف سعيد، يرى رياض الشعيبي، القيادي في حركة النهضة، أن "السلطة في تونس ترفض أي صوت نقدي سواء من الداخل أو الخارج"، مشددا على أن حقوق الإنسان ليست شأنا داخليا بحتا بل قضية كونية لكون تونس عضوا في الأمم المتحدة وموقعة على اتفاقيات ومعاهدات دولية تُلزمها باحترام الحقوق والحريات.

إعلان

ويضيف الشعيبي للجزيرة نت، أن تونس في عهد قيس سعيد باتت تعاني من عزلة إقليمية ودولية غير مسبوقة، بعد أن كانت تحظى بعلاقات تعاون واسعة قبل 25 يوليو/تموز 2021، تاريخ إعلان الإجراءات الاستثنائية. واعتبر أن النظام الحاكم اليوم "لم يعد يملك أصدقاء أو شركاء يُبنى معهم تعاون أو ثقة".

أما بشأن الانتقادات الدولية الأخيرة، فيؤكد الشعيبي، وهو أحد المعارضين الذين حوكموا بالسجن في الطور الابتدائي وهو بحالة إطلاق سراح في قضية "التآمر على أمن الدولة"، أن المعارضة لم تسعَ إلى تدويل هذه القضية بل تمسكت بمقارعة السلطة داخليا عبر الاحتجاج السلمي، معتبرا أن الضغط الدولي ليس نتيجة تحركاتها بل بسبب السلوك الاستبدادي للسلطة والانتهاكات الحقوقية الفادحة.

ويشير إلى أن البيانات الدولية، مثل تلك الصادرة عن المفوض السامي لحقوق الإنسان، لم تلامس عمق حجم الخروقات، إذ اقتصرت على انتهاكات إجرائية ومواطنين مزدوجي الجنسية، بينما "الواقع أسوأ بكثير، فالقضية مفبركة بالكامل، والمحاكمات تفتقر للعدالة، وتستهدف إسكات كل معارض".

خطاب شعبوي

في السياق نفسه، يرى هشام العجبوني، القيادي في حزب التيار الديمقراطي، أن تصريحات الرئيس سعيد تشي بـ"ضيق صدره من انتقادات المفوض السامي"، وتؤكد "تدخله غير المباشر في سير القضاء، ومنع حضور الملاحظين الدوليين جلسة المحاكمة الثالثة في قضية التآمر في 18 أبريل/نيسان الجاري".

ووفقا له، فإن سعيد يحاول مغازلة جمهوره من خلال خطابات شعبوية تروج لفكرة السيادة الوطنية، متسائلا "لو كان الرئيس جادا في اعتراضه على التدخلات، لماذا لم يتبع الإجراءات الدبلوماسية المعروفة مثل استدعاء السفراء؟ ولماذا لم يقم بتسمية الأطراف الخارجية التي قال إنها تتدخل في الشأن الداخلي؟".

ويؤكد للجزيرة نت أن تصريح سعيد عن وجود تدخل خارجي دون تسميات واضحة، يعكس ارتباكه ومحاولة للهروب إلى الأمام، واصفا إياه بأنه تصريح موجه للداخل أكثر من كونه ردا سياديا حقيقيا.

إعلان

ويذهب العجبوني إلى أن ما جاء في بيان المفوض السامي "ليس سوى نقطة من محيط الانتهاكات الحاصلة في تونس"، قائلا إن الرئيس سعيد سيطر على القضاء منذ 25 يوليو/تموز 2021، واستعمله لتصفية المعارضين بتهم ملفقة، وإن جلسات المحاكمة افتقرت لأدنى شروط العدالة بمنع حضور المتهمين والصحفيين والمراقبين الدوليين.

انتقادات خارجية

وكان بيان المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، قد وصف الأحكام بالسجن على 37 معارضا تونسيا بأنها "نكسة للعدالة وسيادة القانون"، مشيرا إلى "انتهاكات خطيرة شابت سير المحاكمات"، أبرزها "تجاوز مدة الإيقاف التحفظي القانونية، ومنع المحامين من الزيارات، ومحاكمة المتهمين عن بُعد، وغياب الشفافية، وحرمان المتهمين من الدفاع عن أنفسهم".

وحذر المفوض السامي من استمرار نمط القمع السياسي في تونس، مطالبا بإطلاق سراح جميع المعتقلين تعسفيا، ومراجعة القوانين المتعلقة بالأمن القومي ومكافحة الإرهاب لضمان انسجامها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

وتشغل قضية "التآمر على أمن الدولة" الرأي العام التونسي والدولي، وسط اتهامات للسلطة بتوظيف القضاء ودفعه في الطور الابتدائي لإصدار أحكام قاسية ضد المعارضين الموقوفين منذ أكثر من عامين. ولا تأمل المعارضة أن تنفرج الأمور في طور الاستئناف القادم والذي لم يتحدد بعد.

وتأتي المحاكمة بعد تحولات سياسية كبرى منذ إعلان قيس سعيد التدابير الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021، والتي شملت حل البرلمان وتعويض دستور 2014 بآخر يوسع صلاحياته، في خطوة وصفتها المعارضة بـ"الانقلاب".

ومنذ فبراير/شباط 2023، شنت قوات الأمن حملة اعتقالات واسعة طالت شخصيات معارضة بارزة، من بينهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي والسياسي عصام الشابي، بتهم تتعلق بالإرهاب، ما يثير تساؤلات حول توظيف القوانين الاستثنائية لتصفية الخصوم السياسيين.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المفوض السامی لحقوق الإنسان قیس سعید فی تونس

إقرأ أيضاً:

إعلامي: دعم محمد صلاح لا يعني تبرير خطأ توقيت تصريحاته الإعلامية ضد «سلوت»|فيديو

 أكد الإعلامي محمد طارق أضا أن النجم المصري محمد صلاح، لاعب ليفربول، لم يُعرف عنه الدخول في صدامات طوال مسيرته الاحترافية، مشددًا على أن الأزمة الأخيرة جاءت نتيجة سوء تعامل من الطرفين، وليس رغبة من اللاعب في افتعال الخلاف.

وأوضح أضا، خلال برنامج «الماتش» على قناة «صدى البلد»، أن المدير الفني لليفربول، آرني سلوت، لم يسبق له التعامل مع نجوم بحجم محمد صلاح، وهو ما انعكس على طريقة إدارته للموقف، مؤكدًا أن اللاعب شعر بالضيق من أسلوب المعاملة وعدم المشاركة، لكن ذلك لا يبرر ما صدر عنه في حديثه الإعلامي.

وأشار أضا إلى أن صلاح أخطأ عندما تحدث عن إدارة النادي وعدم مشاركته، موضحًا أن تصريحاته لم تكن محسوبة بالشكل الكافي، وكان من الأفضل أن يمنح نفسه بعض الوقت للتفكير قبل إجراء المقابلة وإطلاق تلك التصريحات.

وأضاف أضا: «لو حدث هذا الموقف من لاعب في الكرة المصرية، لكان حجم الهجوم عليه أكبر بكثير»، معتبرًا أن التعاطف الجماهيري مع صلاح أمر طبيعي بحكم الشعبية والعاطفة، لكنه لا يُلغي حقيقة الخطأ.

واختتم حديثه بالتأكيد على أن دعم صلاح لا يعني تبرير الخطأ، مشددًا على أن الواقعية تفرض الاعتراف بأن اللاعب كان عليه التعامل بهدوء أكبر مع الموقف، خاصة في ظل خبرته الطويلة ومكانته الكبيرة داخل ناديه.

«لن تسير وحدك أبداً يا ملك» .. الدوري الإنجليزي يوجّه رسالة دعم لـ محمد صلاحبعد فيديو محمد صلاح .. أحمد السقا: صعبت عليّ نفسي.. وهذا سبب حديثي بالإنجليزية |شاهدهبطل تمثيل | انفعال أحمد السقا بسبب فيديو محمد صلاح طباعة شارك الإعلامي محمد طارق أضا النجم المصري محمد صلاح لاعب ليفربول آرني سلوت لليفربول الماتش أضا

مقالات مشابهة

  • هو فعلًا ميجا ستار..محمد أنور يدعم أحمد السقا بعد الانتقادات الأخيرة له
  • أوربان يشكك في بقاء روتّه بمنصبه بعد تصريحاته عن روسيا
  • إعلامي: دعم محمد صلاح لا يعني تبرير خطأ توقيت تصريحاته الإعلامية ضد «سلوت»|فيديو
  • 25 صورة من مؤتمر إعلان تولي مصر رئاسة اللجنة الحكومية الدولية للرياضة البدنية
  • تونس: السجن 12 سنة بحق السياسية المعارضة عبير موسي بعد طعنها في أوامر الرئيس قيس سعيّد
  • منذر رياحنه يقود لجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة في مهرجان كرامة
  • غاري نيفيل: لولا هذه الأسباب لطرد ليفربول محمد صلاح في نفس يوم تصريحاته
  • تونس.. الحكم على عبير موسى بالسجن 12 عامل في قضية ملف الضبط
  • الرئيس العراقي السابق يتولى منصب المفوض السامي لشئون اللاجئين
  • الأمم المتحدة تختار الرئيس العراقي السابق برهم صالح مفوضاً سامياً لشؤون اللاجئين