الجزائر وعُمان تعيدان رسم خريطة التعاون العربي
تاريخ النشر: 5th, May 2025 GMT
نسيبة شيتور **
احتفلت الجزائر باستقبال ضيف استثنائي هو جلالة السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان، في أول زيارة دولة له إلى الجزائر منذ اعتلائه عرش سلطنة عُمان مطلع عام 2020، في محطة يُنتظر أن تُعيد ضبط بوصلة العلاقات الثنائية بين البلدين، سياسيًا واقتصاديًا، وتدفع بها نحو آفاق أرحب في ظل متغيرات إقليمية ودولية بالغة التعقيد.
الزيارة تأتي بعد ستة أشهر فقط من الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس عبد المجيد تبون إلى سلطنة عُمان في أكتوبر 2024، وهي الزيارة الأولى من نوعها لرئيس جزائري منذ أكثر من ثلاثة عقود. لم تكن زيارة بروتوكولية عابرة؛ بل أسَّست لمرحلة جديدة من التعاون؛ حيث تُوّجت بتوقيع 8 اتفاقيات تعاون، وتدشين مبادرة طموحة لإنشاء صندوق استثماري مشترك، يُراهَن عليه لإطلاق مشاريع واعدة في مجالات الطاقة المتجددة، والزراعة الصحراوية، والبتروكيماويات، والتكنولوجيا.
الزيارة فتحت أبوابًا سياسية ودبلوماسية مع شريك عربي يوصف بـ"الهادئ" لكنه "مؤثر" في ملفات المنطقة.
زيارة السلطان هيثم إلى الجزائر تحمل أبعادًا مُتعددة؛ أولها وأبرزها: أنها أول زيارة من نوعها منذ توليه الحكم، وهو ما يُعطيها ثقلًا بروتوكوليًا ورمزيًا خاصًا، كما إنها تأتي في سياق عربي ودولي متوتر.
ووسط هذا المشهد، تلتقي الجزائر ومسقط في موقع مشتركٍ، كلاهما يتبنَّى مواقف معتدلة، وسيادية، ومستقلة عن الاستقطابات الإقليمية والدولية، ويُراهِن على الحوار والوساطات بدلاً من الاصطفاف، وهو ما أبرزه البيان المشترك الذي أعقب زيارة تبون إلى مسقط، والذي نوّه بالدور العُماني المحوري في "خفض التوترات" و"دفع التفاهمات بين الدول"، وهو الخطاب ذاته الذي ترفعه الجزائر في كل المحافل.
ورغم أن الطابع السياسي للزيارة، إلّا أن الشق الاقتصادي حاضرٌ بقوة، من خلال حضور وفد عُماني رفيع يضم كبار المسؤولين في قطاعات: الاستثمار، والزراعة، والصحة والتكنولوجيا.
وهُنا تَبرُز أهمية الصندوق الاستثماري المُشترك، الذي لم يُولَد كفكرة وحسب؛ بل كآليةٍ عمليةٍ يمكن أن تُحوِّل العلاقة من تنسيقٍ سياسيٍ إلى شراكةٍ اقتصاديةٍ استراتيجيةٍ.
في زيارة تبون إلى مسقط، مَنَحَ السلطان هيثم الرئيس الجزائري وسام آل سعيد، وهو أرفع وسام في سلطنة عُمان، لا يُمنح إلّا للملوك والرؤساء، فيما ردَّ الرئيس تبون بمنح السلطان هيثم وسام أثير من مصف الاستحقاق الوطني، وقدم له سيفَ (بني يني) "الفليسة" الجزائري؛ وهو ما يعكس بُعدًا رمزيًا في تبادل الاحترام بين القيادتين.
وفي الزيارة الحالية، من غير المُستبعد أن تشهد الجزائر تكريمًا مُماثلًا يعكس رمزية الاستقبال، ويُعزِّز الشعور المتبادل بالأُخوَّة والاحترام بين البلدين.
ورغم البُعد الجغرافي بين البلدين، إلّا أن تقارُب الرؤية السياسية، وتكامل الإمكانيات الاقتصادية، والموقف المشترك من القضايا العربية والدولية، يجعل من هذه العلاقة نموذجًا نادرًا على الساحة العربية.
ولعلَّ هذه الزيارة تفتحُ الباب لتوسيع هذا النموذج، من خلال التنسيق داخل المحافل الدولية، وتعزيز التوجه نحو عمل عربي مشترك قائم على الاستقلالية، والحوار، والتنمية المُتوازِنة.
** إعلامية جزائرية
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزير الطاقة يؤكد على تعزيز التعاون مع السعودية
استقبل وزير الدولة، وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة، محمد عرقاب، اليوم الثلاثاء، بمقر الوزارة، سعادة سفير المملكة العربية السعودية لدى الجزائر، عبد الله بن ناصر البصيري.
وحسب بيان لوزارة الطاقة، شكل هذا اللقاء الذي تم بحضور كاتب الدولة لدى وزير الطاقة المكلف بالطاقات المتجددة، نورالدين ياسع. إلى جانب إطارات من الوزارة، فرصة لتجديد التأكيد على عمق ومتانة العلاقات التاريخية بين الجزائر والمملكة العربية السعودية. وعلى الإرادة السياسية المشتركة للدفع بالتعاون الثنائي نحو شراكة استراتيجية في مجالات الطاقة. المناجم، الطاقات المتجددة وتحلية مياه البحر.
وقد استعرض الجانبان، بهذه المناسبة، فرص التعاون والاستثمار بين المؤسسات الجزائرية والسعودية. لا سيما في مجالات استكشاف وتطوير المحروقات، الصناعة البتروكيميائية. إنتاج وتحويل الكهرباء، استغلال وتحويل الموارد المنجمية، إلى جانب الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر.
كما تم التأكيد على أهمية ترقية المحتوى المحلي وتوطين الصناعة، وتكثيف تبادل الخبرات ونقل التكنولوجيا وتنمية الكفاءات، حسب البيان نفسه.
وفي هذا السياق، تطرق وزير الدولة إلى الشراكات القائمة بين مجمع سوناطراك والشركات السعودية.على غرار العلاقات مع “سابك” و”أرامكو”، والتعاون مع شركة “ميداد إنرجي” التي وقعت مع سوناطراك مذكرة تفاهم في مارس 2024 لتطوير حقول غازية.
كما تم التذكير-يضيف البيان- باللقاءات الثنائية الرفيعة المستوى التي جمعت مسؤولي الشركتين. في إطار بحث فرص تطوير مشاريع استكشاف وإنتاج مشتركة. كما عبر عرقاب عن استعداد قطاع الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة. لتعزيز التعاون مع الشركاء السعوديين، ومرافقة المبادرات والمشاريع الاستثمارية ذات القيمة المضافة.
من جهته، جدد السفير السعودي التأكيد على اهتمام المملكة بدعم الشراكات الاستثمارية في السوق الجزائرية. لاسيما في ظل المناخ القانوني والتنظيمي الجديد المشجع، وما توفره الجزائر من إمكانات طبيعية وموقع جغرافي استراتيجي، وفق البيان نفسه.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور