نشر موقع "فلسطين كرونيكل"، تقريرًا، تناول فيه ما وصفه بـ"خرافة الغزو"، مشيرًا إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي لم تنجح قط في إخضاع غزة بالكامل، رغم عقود من الاحتلال والحصار والحروب المتكررة.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنّ: "غزو مكان ما يعني إخضاع سكانه بشكل أساسي"، مشددا على: "ضرورة التمييز بين هذا المفهوم و"الاحتلال"، الذي يعد مصطلحًا قانونيًا دقيقًا ينظم العلاقة بين "القوة المحتلة" والدولة المحتلة وفقًا للقانون الدولي، خاصة اتفاقية جنيف الرابعة".



وأوضح الموقع أنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي عندما اضطرت في النهاية لإعادة انتشارها من قطاع غزة في 2005، كنتيجة مباشرة للمقاومة المستمرة من قبل السكان الفلسطينيين هناك، كانت الأمم المتحدة قد أصرّت بشكل قاطع على أنّ: "قطاع غزة لا يزال منطقة محتلة بموجب القانون الدولي".

وأضاف: "هذا الموقف كان يتناقض بشكل حاد مع موقف إسرائيل، التي قامت بشكل ملائم بإصدار نصوص قانونية خاصة بها تصنف غزة كـ"كيان معادٍ"، وبالتالي ليست منطقة محتلة". 

"هذا الوضع المربك يعود إلى أن إسرائيل فشلت في الحفاظ على احتلال غزة الذي بدأ في 1967، بسبب المقاومة الفلسطينية المستمرة التي جعلت من المستحيل تطبيع الاحتلال العسكري أو جعله مربحًا، خلافًا للمستوطنات غير القانونية في القدس الشرقية والضفة الغربية" وفقا للتقرير نفسه.

وأشار  إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي، بقيادة أرييل شارون، عمل بين عام 1967 وأوائل السبعينيات على قمع الفلسطينيين في قطاع غزة، وذلك عبر استخدام العنف المفرط والتدمير الواسع وعمليات التطهير العرقي، تزامنًا مع بدء دولة الاحتلال الإسرائيلي في إنشاء مستوطنات غير قانونية في المنطقة.


إلى ذلك، أكّد أنه لم يتمكن في أي مرحلة من تحقيق أهدافه النهائية والشاملة المتمثلة في إخضاع الفلسطينيين بالكامل. بعد ذلك، استثمر شارون في خطته الفاشلة المعروفة باسم "الأصابع الخمسة"، إذ كان يرى، بصفته قائد القيادة الجنوبية لجيش الاحتلال الإسرائيلي آنذاك، أن قطع الترابط الجغرافي لقطاع غزة هو السبيل لإحباط المقاومة؛ وهو ما لم بنجح فيه.

وذكر الموقع أنّ: "شارون سعى لتحقيق هذا الهدف عبر تقسيم غزة إلى ما سماه "مناطق أمنية"، تُقام فيها المستوطنات الرئيسية وتُحصن بتعزيزات عسكرية ضخمة، إضافة إلى فرض السيطرة العسكرية على الطرق الرئيسية وإغلاق معظم المنافذ الساحلية".

وأردف: "لكن هذا المخطط لم يتحقق بالكامل، إذ كان يتطلب إخضاع الفلسطينيين على جانبي "المناطق الأمنية" إلى حد ما، وهو ما لم يتحقق على أرض الواقع"، فيما أفاد الموقع بأن: "ما تحقق فعليًا هو إنشاء الكتل الاستيطانية المعزولة، والتي كان أكبرها في جنوب غرب قطاع غزة قرب الحدود مع مصر، وعُرف باسم غوش قطيف، تليه المستوطنات الشمالية، وأخيرًا مستوطنة نتساريم في الوسط".

وأضاف بأنّ: "هذه المستوطنات كانت تضم بضع آلاف من المستوطنين وتتطلب وجود أعداد أكبر من الجنود لحمايتها، مما جعلها أشبه بمدن عسكرية محصّنة. وبسبب مساحة غزة المحدودة، التي تبلغ 181 ميلاً مربعًا، والمقاومة الشديدة، لم تتمكن هذه المستوطنات من التوسع بشكل كبير، مما جعلها مشروعًا استعماريًا مكلفًا".

وعندما قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بإخلاء آخر مستوطنة غير قانونية في غزة سنة 2005، انسحب الجنود من القطاع في منتصف الليل بشكل سري. وكان في أعقابهم الآلاف من سكان غزة الذين طاردوا الجنود حتى فرّ آخرهم من المشهد الدرامي. تلك اللحظة الفريدة والقوية وحدها تكفي تمامًا للقول بثقة لا تتزعزع إن غزة لم تكن محتلة من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي في أي وقت.

ومضى التقرير بالقول: "على الرغم من انسحاب إسرائيل من المراكز السكانية الرئيسية في القطاع، إلا أنها استمرت في العمل ضمن ما يسمى بالمناطق العازلة، والتي كانت تشمل توغلات واسعة في الأراضي الفلسطينية، تتجاوز خط الهدنة. كما فرضت حصارًا محكمًا على القطاع لم يتمكن غالبية سكان غزة من الخروج منه".


وأوضح أنّ: "سيطرة إسرائيل على المجال الجوي والمياه الإقليمية والموارد الطبيعية، وأهمها حقول الغاز في البحر الأبيض المتوسط، دفعت الأمم المتحدة إلى اعتبار غزة من الأراضي المحتلة. ومن غير المفاجئ أن إسرائيل عارضت بشدة هذا الواقع".

"تسعى تل أبيب للسيطرة على غزة مع تصنيفها كمنطقة معادية دائمًا، وهو التصنيف الذي يوفر للجيش الإسرائيلي ذريعة مستمرة لبدء حروب مدمرة ضد القطاع المحاصر والمفقر كلما كان ذلك مناسبًا" استرسل التقرير.

وأورد أنّ: "هذه الممارسة القاسية تُعرف في المصطلحات العسكرية الإسرائيلية بـ "جز العشب"، وهو تعبير يرمز إلى تدمير القدرات العسكرية للمقاومة الفلسطينية بشكل دوري لضمان عدم قدرة غزة على تحدي إسرائيل أو التحرر من سجنها المفتوح".

وأكد: "لكن ما حدث يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 قد أنهى تلك الأسطورة؛ حيث تحدت عملية "طوفان الأقصى" العقيدة العسكرية الإسرائيلية، وتمكّن شباب غزة من الاستيلاء على منطقة "غلاف غزة" وتوجيه ضربة مفاجئة لهزيمة إسرائيل".

إلى ذلك، ذكر الموقع أنّ: "الفلسطينيين يعترفون بتصنيف الأمم المتحدة لغزة كأرض محتلة، لكنهم يعتبرون "تحريرها" في 2005 نتيجة مباشرة لمقاومتهم التي أدت لإعادة انتشار الجيش الإسرائيلي في المنطقة الحدودية. وفشل محاولات إسرائيل الحالية لهزيمة الفلسطينيين في غزة سببه تاريخي بالأساس". 

وختم التقرير بالقول: "عند انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع قبل عقدين، كان مقاتلو المقاومة يمتلكون أسلحة بدائية، لكن مشهد المقاومة قد تغير جذريًا منذ ذلك الحين"، مبيّنا أنّ: "هذا الوقع انقلب في الأشهر الأخيرة. فيما تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن عشرات الآلاف من الجنود قد قُتلوا أو أصيبوا منذ بداية الحرب على غزة". 


واستطرد: "بعد فشل إسرائيل في إخضاع سكان غزة على مدار عقدين، يصبح من العبث توقّع نجاحها في ذلك الآن. إسرائيل نفسها تدرك هذا التناقض، فاختارت ارتكاب إبادة جماعية لتسهيل التطهير العرقي لمن تبقى من الناجين. وقد تم تنفيذ الإبادة بكفاءة مدمرة، بينما يظل التطهير العرقي خيالًا غير قابل للتحقيق، يعتمد على فكرة واهمة بأن سكان غزة سيتركون وطنهم طواعية".

وأكّد الموقع أنّ: "غزة لم تُغزَ أبدًا، ولن تُغزَى أبدًا. فوفقًا للقانون الدولي، تظل غزة أراضي محتلة، بغض النظر عن أي انسحاب للقوات الإسرائيلية إلى الحدود، وهو أمر لا يمكن لحرب نتنياهو تأجيله لفترة طويلة. وعند حدوث هذا الانسحاب، ستتغير العلاقة بين غزة وإسرائيل بشكل جذري، لتكون شهادة على صمود الشعب الفلسطيني".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية الاحتلال غزة قطاع غزة غلاف غزة غزة قطاع غزة الاحتلال غلاف غزة طوفان الاقصي المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی الموقع أن سکان غزة قطاع غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

الإرادَة فوق التكنولوجيا.. اليمن يهز أسطورة الأمن الإسرائيلي

يمانيون/ كتابات/ فهد شاكر أبو رأس

في خضمِّ العاصفة الجيوسياسية التي تضرب المنطقة، يقدِّم اليمن، بقوةٍ لا تُجارى نموذجًا فريدًا لـ”حرب الإرادات” التي تعيد صياغة قواعد المواجهة مع الكيان الصهيوني وحلفائه في المنطقة.

فبعد أن نجحت القوات المسلحة اليمنية في إيصال صواريخها الباليستية إلى قلب الكيان، مُعلنةً عن عجز أنظمة الدفاعات الجوية لكيان العدوّ المتطورة مثل “القبة الحديدية، ومقلاع داوود، وحيتس الإسرائيلية، وثاد الأمريكية” عن صدِّها، تتحوَّل كُـلّ ضربةٍ يمنية إلى رسالةٍ مُدمِّغة: “التفوق التكنولوجي لا يُغني عن الإرادَة”.

فتعليق رحلات مطار اللُّــد لأسابيع، وفرار المستوطنين إلى الملاجئ، ليس مُجَـرّد حدثٍ عابر، بل هو مؤشرٌ على نجاح استراتيجية اليمن في تحويل الأمن القومي الصهيوني إلى ورقةٍ مهترئة، حتى تحت سقف السماء التي ادَّعى الكيان سيطرته عليها.

عسكريًّا، يعيد اليمن تعريف “حرب الفقراء” ببراعة. فبينما تُنفق (إسرائيل) مليارات الدولارات على الترسانة الأمريكية، وتشتري أحدث أنظمة الدفاع، تثبت الصواريخ الباليستية اليمنية والفرط صوتية أن التكنولوجيا العالية ليست حكرًا على القوى العظمى. فبحسب تقارير استخباراتية غربية، نفَّذ اليمنيون أكثر من 50 هجومًا باليستيًّا وبالطائرات المسيرة على أهداف إسرائيلية خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مستغلين جغرافية اليمن الجبلية وشبكة الأنفاق كحاضنةٍ استراتيجية للتصنيع العسكري المحلي، مما حوّل اليمن إلى “قلعة مُعلِّبة” للعدو.

هذه الاستراتيجية لا تعتمد على القوة النارية فحسب، بل على “حرب الاستنزاف النفسي” التي تُكبّد العدوّ خسائرَ اقتصادية تفوق القصف الميداني.

فتعليق شركات الطيران العالمية رحلاتها إلى الكيان، يخسَّر الاقتصاد الإسرائيلي ما يُقارب 3 مليارات دولار شهريًّا، وفق تقديرات بنك الكيان الصهيوني، وهذه ضربة موجعة لأُسطورة “الجيش الذي لا يُهزم”.

سياسيًّا، تفضح الضربات اليمنية زيف التحالفات الغربية العربية.

فبينما تُعلن السعوديّة والإمارات وقطر عن شراكاتٍ مع الكيان الصهيوني، وتستضيف الرئيس الأمريكي؛ مِن أجلِ توفير الحماية لـ”عروشها الهشة” وإعطاءه مليارات الدولارات مقابل ذلك، يخرج اليمنيون من تحت الأنقاض ليرسموا درسًا في السيادة: “الجهاد لا يُشترى بالدولار”.

فصفقة التريليونات من الدولار التي وُصفت بـ”القرابين” التي تقدِّمها السعوديّة والإمارات وقطر لواشنطن لن تُجدِ نفعًا أمام صواريخ اليمن في المستقبل.

استراتيجيًّا، يُعيد اليمن إحياء ثقافة “الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى” كسلاحٍ وجودي.

فالمشهد اليوم ليس مُجَـرّد معركة عسكرية فحسب، بل صراعٌ بين مشروعين: مشروع التحرير القائم على “ثقافة الجهاد والاستشهاد”، ومشروع التطبيع القائم على “ثقافة الذل والخضوع “. ففي الوقت الذي تُجبر فيه أمريكا حلفاءها العرب على تمويل خزينتها، يرفع اليمنيون شعار “المعركة معركة عقيدة، لا معركة حدود”.

وهذه الروح الجهادية تفسِّر لماذا يقدم اليمن رغم حصاره منذ أكثر من 10 سنوات نموذجًا فريدا للصمود تفوق على جيوش مدججة بأحدث الأسلحة.

ختامًا، الضربات اليمنية ليست مُجَـرّد ردود فعل عسكرية، بل هي “بوصلة أخلاقية” تُذكِّر العالم بأن معادلة القوى لم تعد تُحسَب بالحديد والنار، بل بالإيمان الذي يحوِّل الصواريخ البدائية إلى رؤوس نووية معنوية.

فـ”شهادة” مقاتلٍ في البحرية اليمنية أَو مواطن يمني تُعادل بل تفوق صفقات التريليونات التي تُبادلها الأنظمة العميلة مع واشنطن.

وهنا يكسر اليمن القاعدة الاستعمارية القديمة: “مَن يملك القوة يفرض السلام”، ليكتب بدلًا منها: “مَن يملك الحقَّ يصنع النصر”.

مقالات مشابهة

  • خامنئي يعترض التطبيع السعودي ـ الإسرائيلي على طريق الهند التجاري
  • أخبار التوك شو| مصطفى بكري يكشف تفاصيل صرف علاوات وزيادة المرتبات.. مصر تدين استمرار انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين
  • مصطفى بكري يكشف تفاصيل صرف علاوات وزيادة المرتبات.. ومصر تدين استمرار انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين| أخبار التوك شو
  • مصر تدين استمرار انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين
  • فعالية خطابية وتكريم خريجي دورات طوفان الأقصى بمديرية الصافية في أمانة العاصمة
  • فعالية وتكريم خريجي دورات طوفان الأقصى في الصافية
  • الإرادَة فوق التكنولوجيا.. اليمن يهز أسطورة الأمن الإسرائيلي
  • مسيرعسكري لخريجي “طوفان الأقصى” في المراوعة تأكيدًا للجاهزية الكاملة لنصرة فلسطين
  • الحديدة…مسير عسكري لخريجي دورات طوفان الأقصى بالمنصورية دعما لغزة
  • صور| مسير شعبي لخريجي الدورات العسكرية المفتوحة “طوفان الأقصى” من أبناء عزلة فوط بمديرية حيدان في صعدة