صنعاء- في تطور مفاجئ لمسار الصراع، أعلنت الولايات المتحدة، مساء أمس الثلاثاء، عن وقف ضرباتها ضد الحوثيين في اليمن، مقابل توقف الجماعة عن استهداف سفنها في المنطقة.

وفي مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الكندي، أعلن الرئيس دونالد ترامب عن التوصل لاتفاق مع الحوثيين يقضي بتوقفهم عن استهداف السفن في البحر الأحمر مقابل توقف سلاح الجو الأميركي عن مهاجمتهم.

وادعت وزارة الخارجية الأميركية "استسلام الحوثيين وعدم رغبتهم في مواصلة القتال".

بدورها، أعلنت وزارة الخارجية العُمانية أن اتصالات أجرتها السلطنة مع واشنطن وجماعة الحوثي أسفرت عن "اتفاق على وقف إطلاق النار بين الجانبين".

إسناد غزة

تعليقا على ذلك، قال المتحدث الرسمي باسم الجماعة ورئيس فريقها المفاوض محمد عبد السلام إن "الاتفاق مع الولايات المتحدة من حيث التوقيت له أسابيع وليس جديدا، وإنما وصل إلى ما وصل إليه في اللحظات الأخيرة بوساطة عُمانية".

وأضاف، في تصريحات لقناة المسيرة الفضائية التابعة للحوثيين، أن "اليمن لم يتقدم بطلب للأميركي (الرئيس دونالد ترامب) على الإطلاق، وإنما تلقينا الطلبات والرسائل عبر الأشقاء في سلطنة عُمان". ولفت إلى أن "ما صرح عنه الأميركي من مزاعم الاستسلام هو تعبير عن العجز والفشل، وهو لم يتمكن من حماية السفن الإسرائيلية".

إعلان

وبشأن مسار هذا الاتفاق، أوضح عبد السلام "لا نزال نقيّم الموقف الأميركي حتى لا تكون الوقائع على الأرض تخالف التصريحات. إذا لم يلتزم الأميركي بما تم الاتفاق عليه بأي شكل من الأشكال، فإن الرد حاصل، وإذا عاد العدوان علينا من أي طرف كان بأي شكل من الأشكال، فإن من حق اليمن الطبيعي، وفقا للمبدأ الديني والأخلاقي والإنساني، الرد على أي جهة من كانت".

عقب هذا الاتفاق اللافت، يثار تساؤل بشأن مدى تأثير ذلك على مستقبل عمليات الجماعة اليمنية ضد إسرائيل إسنادا لقطاع غزة.

في هذا السياق، قال رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط "لا تراجع عن إسناد غزة مهما كان الثمن، وما حصل يثبت أن ضرباتنا مؤلمة وستستمر".

وأضاف في تصريح نشرته وكالة الأنباء (سبأ) التابعة للحوثيين "سيُدرك المعتدي أن الثمن الذي سيدفعه باهظا، ولن يثنينا أي عدوان عن قرارنا المحق في مساندة إخواننا في فلسطين، حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة".

إعلان مفاجئ

في الشأن ذاته، قال الناطق باسم الجماعة محمد عبد السلام إن "الموقف اليمني المساند لغزة لم ولن يتغير أبدا، بل سيتطور بشكل أفضل بعد التخلي الأميركي عن إسناد كيان العدو الإسرائيلي في البحر الأحمر"، دون إشارات واضحة إلى استمرار استهداف السفن الإسرائيلية.

من جانبه، دعا المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمس الثلاثاء، إسرائيل وجماعة الحوثي إلى "التحلي بأقصى درجات ضبط النفس وتجنب أي أعمال تصعيدية قد تفاقم معاناة المدنيين". وشدد في بيان على أنه "من الضروري أن يلتزم جميع الفاعلين بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية".

ويرى الباحث السياسي اليمني عبد الله صبري أن الإعلان عن وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة وحكومة صنعاء كان مفاجئا في توقيته وفي مضمونه، لكن الأسباب والدوافع ليست مفاجئة تماما.

إعلان

وفي تصريح للجزيرة نت، أضاف صبري "بالنسبة للجانب الأميركي، فهذا الاتفاق غير منفصل عن زيارة ترامب المرتقبة إلى المنطقة، وحاجته للأموال العربية التي لا شك أنها لن تكون بدون ثمن، ولو في الحدود الدنيا".

وتابع "من جانب صنعاء، فلا شك أنها وجدت في العرض الأميركي فرصة لتحييد واشنطن من المواجهة مع الكيان الصهيوني، وتجنيب اليمن والمدنيين من تبعات العدوان والحصار جراء الضربات الأميركية، إضافة إلى أن الملاحة الدولية في البحر الأحمر تثير حفيظة دول يمكن أن تكون صديقة لصنعاء مستقبلا".

استدارة أميركية

وبرأي الباحث صبري، فإن الأهم من كل ذلك هو أن مضمون الاتفاق لا يشمل إسرائيل، وهذا يعني أن صنعاء مستمرة في معركة إسناد غزة، والعمل على فرض حصار جوي على إسرائيل بعد نجاح صواريخها في الوصول إلى عمق مطار بن غوريون وتجاوز منظومة الدفاع الجوي الأكثر تطورا في العالم.

ومن ناحية توقيت الاتفاق، وفقا له، كان لا يزال أمام الإدارة الأميركية بعض الوقت قبل الإعلان عنه، وكان من مصلحتها البدء بالإعلان عن اتفاق في غزة، لكن يبدو أن التفاهم بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وترامب ليس في أفضل حالاته، مما جعل الإدارة الأميركية تتجه إلى التفاهم مع صنعاء وأنصار الله بمعزل عن إسرائيل.

واعتبر أن ما سماها "الاستدارة الأميركية" كانت ناجمة عن فشل عسكري ذريع لدولة هي الأقوى عسكريا في العالم وجدت نفسها في مأزق حقيقي وهي ترى حاملات طائراتها ترومان في مرمى النيران يوميا، وقد سقطت من على متنها طائرتان نوع "إف 18" نتيجة العمليات اليمنية، بالموازاة مع سقوط 7 طائرات استطلاع أميركية من نوع "إم كيو 9" خلال أقل من شهرين.

ونبه صبري إلى فشل استهدافات قيادات عسكرية يمنية برغم أن القوات الأميركية نفذت ما يقارب من ألف غارة جوية على عدة محافظات، استهدف عدد منها الأعيان المدنية وذهب ضحيتها عشرات القتلى من المدنيين، معتبرا أن "هذا الفشل العسكري يعني انكشافا أميركيا أمام القوى الكبرى مثل الصين".

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

الضربات في إيران والصراخ في صنعاء.. تضليل حوثي عابر للقارات

على وقع الضربات الأمريكية التي استهدفت 3 مواقع نووية في أيران فجر الأحد 22 يونيو 2025 تعالت أصوات وصرخات مليشيا الحوثي الإرهابية تنديداً واستجداءً تارة، وتدليساً وتضليلاً تارة أخرى.

وعقب ساعات من إعلان الرئيس الامريكي دونالد ترامب، تنفيذ هجوم "ناجح للغاية" استهدف 3 مواقع نووية الأبرز في إيران، هي منشآت فوردو ونطنز وأصفهان، سارعت مليشيا الحوثي لاصدار عدد من البيانات بأسماء مؤسسات رسمية تسيطر عليها الجماعة منذ انقلابها على السلطة الشرعية في سبتمبر/ ايلول 2014.

وخلافا لما تعلنه إيران ذاتها من أسباب للتصعيد الجاري بينها وبين إسرائيل وأمريكا إثر فشل مفاوضات الملف النووي، زعمت مليشيا الحوثي في صنعاء أن ما وصفته بـ(العدوان الأمريكي ضد إيران) إنما يأتي "على خلفية مواقف إيران الداعمة للقضية الفلسطينية"، فيما يعد تضليلا متعمدا يعتقد أنه يستهدف أتباع الجماعة في الداخل.

وحشدت مليشيا الحوثي العشرات من رجال الدين الموالين لها في مااسمته ( لقاء موسع لعلماء اليمن) عقد يوم  الأحد، وحض على تأييد إيران في مواجهة من تصفهم بـ" أعداء الأمة أمريكا واسرائيل".

وزعم القيادي في صفوف الجماعة شمس الدين شرف الدين بـ" وجوب الجهاد في سبيل الله في حال المواجهة مع الأعداء"، وأضاف "سيموت الجميع، سواء من جاهد في سبيل الله وواجه الطغاة والظالمين، أو من اكتفى بالدعاء للمسلمين بالنصر، ولكن هناك فرق بين المجاهدين والمتخاذلين والقاعدين والصامتين عن الحق في وجه الباطل".

وفيما يعد تحريضاً على العنف وإشاعة الفوضى في عدد من الدول العربية أعتبر أن "كثيرًا من علماء الأمة في مصر وتونس والأردن وبلاد الحرمين وغيرها غير جديرين بتحمل المسؤولية، في التحريض والحديث عن الجهاد في سبيل الله لمواجهة أعداء الأمة".

وفي تعريض بحكومتي المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية حث شرف الدين "علماء الحرمين والأزهر الشريف على الخروج عن دائرة الصمت وعدم القبول بالمداهنة والمجاملة والمحاباة".

من جهته أعتبر الشيخ حسن الهدار، المعين من قبل الجماعة مفتياً لمحافظة البيضاء، أن "المعركة بين الإسلام والكفر ستستمر وهي سنة الله"، متوافقاً بذلك مع القيادي في صفوف الجماعة، محمد أنعم، والذي زعم هو الآخر "أن الأمة في معركة موحدة وكبرى مع الأعداء حتى تقوم الساعة".

وشدد أنعم على وجوب مشاركة العلماء والمثقفين والسياسيين في ما وصفها بـ"معركة الحق مع الباطل، والإسلام مع الكفر"، في إشارة إلى تبادل الضربات الجوية بين إيران وإسرائيل.


مقالات مشابهة

  • أمريكا ترفض اتفاق نفطي بين حكومة عدن وصنعاء لبدء صرف المرتبات
  • ‏إسرائيل هيوم عن مصدر إسرائيلي: ننتظر تراجع حماس عن "موقفها المتشدد" بشأن مفاوضات تبادل الرهائن
  • واشنطن.. تهديد «الحوثيين» مستمر والجماعة تتوعّد بتوسيع الهجمات ضد إسرائيل
  • بين الحشد والتعبئة والانقياد: مدخل إلى سيكولوجيا الجماهير في اليمن
  • الحوثيون يعلنون استمرارهم في مهمة استهداف إسرائيل ويتجاهلون خضوع طهران
  • كيف تعاملت جماعة الحوثي في اليمن مع قصف إسرائيل وأمريكا لإيران؟ وما الدلالات؟ (تحليل)
  • سباق محموم على عقارات.. الحوثيون يسطون أراضي القضاء في صنعاء
  • الضربات في إيران والصراخ في صنعاء.. تضليل حوثي عابر للقارات
  • وصول 86 مهاجراً إفريقياً غير شرعي إلى سواحل شبوة شرقي اليمن
  • وزير خارجية اليمن: أي تصعيد يشارك فيه الحوثيون “يهدد مصالح الشعوب ويزيد توتر المنطقة”