روسيا تحتفل بعيد النصر وتتوعد بمحو أوكرانيا إذا نفذت تهديداتها
تاريخ النشر: 8th, May 2025 GMT
موسكو– تحيي روسيا غدا الجمعة الذكرى الـ80 لانتصار الاتحاد السوفياتي السابق على ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية، وسط تساؤل الكثيرين عن سبب الاحتفال بيوم النصر في روسيا في التاسع من مايو/أيار، بينما تحتفي به بلدان أخرى، شاركت في الحرب، في الثامن من الشهر نفسه.
وما يعلمه الكثيرون أنه قبل استسلام ألمانيا، تم التوقيع على بروتوكول أولي ليلة الثامن من مايو/أيار عام 1945، بين الاتحاد السوفياتي وألمانيا، ينص على وقف الجيش الألماني عملياته العسكرية على كافة الجبهات اعتبارا من ذلك التاريخ.
وبعد ذلك مباشرة، سارعت الصحف الأميركية والبريطانية إلى إعلان استسلام الجيش الألماني للحلفاء في التاريخ المحدد. وتم بمشاركة مندوبي وسائل الإعلام وقوات الحلفاء والقوات السوفياتية، التوقيع على وثيقة الاستسلام غير المشروط لألمانيا في برلين ليلة الثامن-التاسع من مايو/أيار.
الاستعدادات والتوقيت
وبدأت المراسم عند منتصف ليل التاسع من مايو/أيار وانتهت الساعة 00:43 بعد منتصف الليل، وكانت المفارقة أن وقت الاستسلام المشار إليه في الوثيقة كان الثامن من مايو/أيار، الساعة 23:01 بتوقيت برلين، ولكن بما أن موسكو تتقدم ساعة واحدة عنه، فإن إعلان النصر النهائي على ألمانيا جرى اعتباره من وجهة النظر السوفياتية في التاسع من مايو/أيار.
إعلانومنذ الاحتفال بالنصر لأول مرة في الساحة الحمراء في موسكو عام 1945 وحتى الآن، لا يعتبر الاحتفال مكتملا من دون العرض العسكري المركزي في المكان ذاته، والذي غالبا ما يكون فرصة لاستعراض القوى العسكرية ورفع الروح المعنوية وتوجيه الرسائل السياسية.
ومنذ مطلع أبريل/نيسان الماضي تجري معظم التدريبات استعدادا للعرض في قرية ألابينو بمقاطعة موسكو، ومن هناك تنطلق المعدات العسكرية على طول الطريق المخطط لها إلى الساحة الحمراء في وسط العاصمة.
ويبدأ العرض العسكري رسميا عند 10:00 بالتوقيت المحلي ويستمر لساعتين، ولا يُسمح بدخول المدرَّجات المحيطة بالمنصة الرسمية إلا لحاملي الدعوات الخاصة، أما سكان العاصمة والسياح فسيشاهدون المعدات العسكرية وهي في طريقها إلى الساحة الرئيسية.
برا وجواويتضمن برنامج العرض عدة أجزاء رئيسية؛ أولها تشكيل احتفالي لمختلف فروع القوات المسلحة والقوات الجوية، وتحية من الرئيس الروسي والقائد الأعلى للقوات المسلحة فلاديمير بوتين.
يلي ذلك عرض للمعدات العسكرية، بما فيها تلك التي شاركت في الحرب العالمية الثانية، إضافة لأحدث أنواع الأسلحة الجديدة، بينها مركبات مدرعة وطائرات هجومية مسيّرة وأنظمة صواريخ "إسكندر-إم"، وأنظمة الدفاع الجوي "إس-400″، وأنظمة الصواريخ الإستراتيجية "يارس".
ولم يُكشف بعد، ما إذا كان سيتم عرض قاذفة الصواريخ الباليستية متوسطة المدى "أوريشنيك" المتنقلة في الساحة الحمراء، كما سيشمل العرض العسكري الأسلحة والتقنيات المستخدمة في الحرب مع أوكرانيا، وتلك التي تم الاستيلاء عليها من قواتها.
إضافة إلى ذلك سيكشف -لأول مرة خلال العرض- عن الأسلحة والمعدات الغربية التي تم الاستيلاء عليها وجلبت خصيصا إلى موسكو من مناطق القتال في أوكرانيا، بينها دبابات أبرامز الأميركية ودبابة ليوبارد 2 الألمانية، وناقلات الجند المدرعة من طراز إنترناشونال ماكس برو بلس، وغيرها.
وحسب التوقعات، ستسمح الظروف الجوية في موسكو بإقامة العرض الجوي من موكب النصر في التاسع من مايو/أيار، حيث نُظِّمت أوائل الشهر الحالي "بروفات" للعرض، شوهدت خلالها طائرات مقاتلة ومروحيات مختلفة وهي تحلق فوق العاصمة.
إعلانومن المتوقع أيضا، تحليق طائرات حاملة الصواريخ الإستراتيجية من طراز "تو-160" و"تو -95 إم إس"، إضافة لطائرات التزود بالوقود والنقل العسكري والهليكوبتر الهجومية، فضلا عن نماذج الطائرات الحديثة الأخرى.
وستحلق الطائرات والمروحيات على ارتفاع يتراوح بين 180 إلى 550 مترا بسرعة تصل إلى 550 كيلومترا في الساعة، حيث ستصطف في تشكيلات استعراضية ليتاح مشاهدتها من نقاط مختلفة في موسكو.
تشديدات أمنيةوتأتي إقامة فعاليات "يوم النصر" هذا العام، وسط أجواء سياسية وأمنية متوترة بسبب الحرب مع أوكرانيا، ورفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اقتراح بوتين وقف إطلاق النار لـ3 أيام تزامنا مع حلول التاسع من مايو/أيار، وإصراره -بدلا من ذلك- على وقف إطلاق النار لمدة 30 يوما.
وقال نائب رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي يوري شفيتكين، إن "كييف تبذل كل ما في وسعها لتقليل وصول القادة الأجانب للمشاركة في الاحتفالات".
وكان زيلينسكي صرَّح أن بلاده لا تستطيع ضمان سلامة الزعماء الأجانب الذين سيأتون إلى موسكو لحضور عرض النصر، كما ألمح رئيس مكتبه أندريه يرماك، إلى توجيه ضربات ضد موسكو في التاسع من مايو/أيار.
ويتوقع أن تشدد الإجراءات الأمنية المحيطة بفعاليات هذا العام، وربما غير مسبوقة، بفعل تهديدات بـ"تعكير" أجواء الاحتفالات.
وعلى أساس ذلك، أعلنت مصادر رسمية روسية الجهوزية الكاملة لأجهزة الأمن والشرطة ووزارة الدفاع، وتفعيل منظومات الدفاع الجوي ووسائل أخرى، كإجراءات وقائية عملياتية عشية الاحتفالات بعيد النصر، ونشر قوات الدفاع الجوي في الاتجاهات المحتملة للهجوم على العاصمة.
ومن المحتمل كذلك، فرض قيود على الوصول إلى الإنترنت في موسكو لضمان سلامة الفعاليات الاحتفالية، وفق ما أعلنت الهيئة الموحدة للوقاية من حالات الطوارئ والقضاء عليها.
إعلانالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
قمة موسكو في عيد النصر.. تحالفات تتشكل وسط نيران أوكرانيا وتحولات النظام العالمي
في مشهد يعكس تغيرًا في موازين القوى العالمية وإعادة تشكيل التحالفات الاستراتيجية، تستعد العاصمة الروسية موسكو لاستضافة احتفال عيد النصر في 9 مايو، بحضور رفيع المستوى من قادة دوليين يمثلون قارات مختلفة، يتقدمهم الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ويأتي هذا الحدث في ظل اشتداد الحرب في أوكرانيا، وتصاعد التوتر بين موسكو وواشنطن، وسط سعي روسي لتعزيز العلاقات مع حلفاء قدامى وجدد في مواجهة السياسات الغربية.
عيد النصر في روسياأعلن الكرملين، الثلاثاء، أن 29 زعيمًا أجنبيًا سيشاركون في العرض العسكري الذي ستقيمه روسيا في التاسع من مايو بمناسبة الذكرى الـ80 للانتصار في الحرب العالمية الثانية، والمعروف بـ"عيد النصر"، في الساحة الحمراء بموسكو.
ومن أبرز الحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ، والرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وقال يوري أوشاكوف، مستشار الرئاسة الروسية، إن قوات من 13 دولة، من بينها الصين ومصر وميانمار، ستشارك في العرض العسكري، في خطوة تُظهر توجّه موسكو نحو تعزيز التحالفات مع شركاء خارج المعسكر الغربي، في ظل استمرار العزلة الغربية التي فُرضت على روسيا منذ بداية الحرب في أوكرانيا.
وأوضح أوشاكوف أن القادة المشاركين في الاحتفال ينتمون إلى دول تشمل أذربيجان، أرمينيا، بيلاروسيا، كازاخستان، قيرغيزستان، طاجيكستان، تركمانستان، أوزبكستان، أبخازيا، البوسنة والهرسك، البرازيل، بوركينا فاسو، فنزويلا، فيتنام، غينيا بيساو، مصر، زيمبابوي، الصين، الكونغو، كوبا، لاوس، منغوليا، ميانمار، فلسطين، صربيا، سلوفاكيا، غينيا الاستوائية، إثيوبيا، وأوسيتيا الجنوبية.
وأضاف أوشاكوف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيعقد قمة ثنائية مع نظيره الصيني شي جين بينغ في موسكو يوم الخميس، ستتناول "القضايا الأكثر أهمية، وفي مقدمتها الملف الأوكراني والعلاقات الروسية الأميركية"، في ظل تصعيد متبادل بين موسكو وواشنطن على أكثر من صعيد.
كما كشف أن بوتين سيقوم بزيارة إلى الصين هذا الصيف، مرجحًا أن تتم الزيارة في أواخر أغسطس أو أوائل سبتمبر المقبل، في مؤشر على متانة العلاقات بين موسكو وبكين، وعلى تنسيق استراتيجي متصاعد في مواجهة ما تعتبره الدولتان محاولات تطويق غربية لنفوذهما.
السيسي يشارك في عيد النصر.. علاقات متينة وتوقيت حساسمن جانبه، غادر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي العاصمة اليونانية أثينا بعد زيارة رسمية، متوجهًا إلى موسكو للمشاركة في احتفالات عيد النصر، وذلك تلبية لدعوة شخصية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وفي هذا السياق، صرّح الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، بأن مشاركة الرئيس السيسي في احتفالات النصر تمثل دلالة واضحة على عمق العلاقات بين القاهرة وموسكو، كما تعكس سياسة مصر الخارجية القائمة على التوازن والانفتاح على القوى الكبرى.
وأضاف مهران، في تصريحات خاصة لموقع "صدى البلد"، أن الزيارة تأتي في وقت استراتيجي حرج، يتسم بتحولات كبيرة في النظام الدولي، تتطلب من مصر توسيع دائرة شراكاتها بما يضمن حماية مصالحها الوطنية وتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية.
وأشار الخبير الدولي إلى أن العلاقات المصرية الروسية شهدت تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة على مختلف المستويات، خصوصًا في مجالات الطاقة والتصنيع العسكري والمشروعات الكبرى، مثل محطة الضبعة النووية والمنطقة الصناعية الروسية في محور قناة السويس.
وأكد أن دعوة بوتين للسيسي للمشاركة في هذا الحدث العسكري والسياسي المهم تمثل تأكيدًا على قوة العلاقات، كما تتزامن مع انضمام مصر رسميًا إلى مجموعة "بريكس" مطلع عام 2024، ما يفتح آفاقًا أوسع للتعاون متعدد الأطراف.
وأضاف مهران أن التنسيق المصري الروسي يمتد إلى ملفات إقليمية حساسة، أبرزها قضايا غزة والسودان وليبيا وأمن البحر الأحمر، وهو تنسيق يقوم على رؤية مشتركة بضرورة إقامة نظام عالمي متعدد الأقطاب قائم على العدالة واحترام السيادة.
مصر والسياسة الدوليةوشدد مهران على أن السياسة الخارجية المصرية تتبنى موقفًا مستقلًا ومتوازنًا يحترم قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، لاسيما مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية وحل النزاعات بالطرق السلمية.
وفي ضوء التحديات المتشابكة التي يواجهها العالم حاليًا، من حروب ونزاعات وتغيرات مناخية وأزمات غذائية، شدد مهران على أن العلاقات المصرية الروسية تمثل نموذجًا للتعاون القائم على المصالح المشتركة بعيدًا عن سياسات الهيمنة أو الاستقطاب.
واعتبر أن حضور مصر في موسكو لا ينفصل عن دورها المحوري في قضايا المنطقة، ولا سيما القضية الفلسطينية التي تشهد تصعيدًا غير مسبوق، مما يعزز أهمية الشراكة المصرية الروسية كإحدى ركائز أي حل سياسي محتمل.
وفي ختام تصريحاته، أكد مهران أن مستقبل العلاقات بين مصر وروسيا يعتمد على ترجمة التفاهمات السياسية إلى مشاريع ملموسة في مجالات التكنولوجيا والطاقة والأمن، وعلى استمرار التنسيق لمواجهة التحديات الدولية المعاصرة.
بينما تتجه أنظار العالم إلى موسكو في التاسع من مايو، لا يبدو العرض العسكري مجرد مناسبة رمزية لاستحضار الماضي، بل يمثل منصة سياسية كبرى تُعيد رسم خريطة التحالفات الدولية في ظل واقع جيوسياسي متغير. وتبقى المشاركة الواسعة في الحدث، وخصوصًا من قبل الصين ومصر ودول الجنوب العالمي، رسالة صريحة بأن النظام الدولي يتجه نحو المزيد من التعددية، بعيدًا عن قطبية أحادية أو فرض الإرادة من طرف واحد.