نظّمت وزارة الدفاع الوطني الجزائرية ندوة دولية رفيعة المستوى حول "جيوسياسية الإرهاب في ظل التحولات العالمية الجديدة"، وذلك في إطار ما وصفته بتعزيز المقاربة الوطنية في مكافحة الإرهاب.

غير أن هذه الفعالية لم تمرّ دون انتقادات، إذ قابلها القيادي البارز في الجبهة الإسلامية للإنقاذ، الشيخ علي بلحاج، بتصريحات لاذعة عبر موقع "عربي21"، متهماً المؤسسة العسكرية بـ"تزوير التاريخ" ومحاولة "تبييض ممارسات الماضي"، في إشارة إلى فترة العشرية السوداء.



في يومي 7 و8 أيار / مايو الجاري، احتضن النادي الوطني للجيش ببني مسوس بالعاصمة الجزائرية ملتقى دولياً نظمته وزارة الدفاع الوطني تحت عنوان: "جيوسياسية الإرهاب في ظل التحولات العالمية الجديدة".

وقد أشرف على افتتاح فعاليات الملتقى الفريق أول السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، بحضور كبار قادة المؤسسة العسكرية، ومستشارين من رئاسة الجمهورية، وأعضاء من الحكومة، بالإضافة إلى باحثين وخبراء من داخل وخارج الجزائر.

وفي كلمته الافتتاحية، أكد شنقريحة أن الجزائر كانت من أوائل الدول التي أدركت خطر الإرهاب وعملت على محاربته، مشيراً إلى أن "الشعب الجزائري، بالتفافه حول مؤسساته، وعلى رأسها الجيش، تمكّن من إفشال المخططات الإرهابية التي استهدفت الدولة والمجتمع".

وأضاف أن تجربة الجزائر في مواجهة الإرهاب أصبحت "نموذجاً يحتذى به إقليمياً ودولياً، بفضل مقاربة شاملة متعددة الأبعاد، لا تقتصر على الأمن فقط، بل تشمل الجوانب الاجتماعية والفكرية والسياسية".

كما شدد على أن الجزائر "لن تقبل المزايدة على خبرتها في محاربة الإرهاب"، وأنه من الضروري "تحصين الدول والمجتمعات من هذا التهديد المتحوّل والعابر للحدود".



رد علي بلحاج

في مقابلة حصرية مع موقع "عربي21"، عبّر الشيخ علي بلحاج، نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ، عن استيائه الشديد من ما ورد في الندوة، معتبراً أن عقد هذا الملتقى يمثل "محاولة لتزييف التاريخ الوطني وتوجيه التهم ظلماً للجبهة الإسلامية التي شاركت في العملية السياسية ضمن القانون".

وقال بلحاج: "لا يمكن وصف الجبهة الإسلامية للإِنقاذ بالإرهاب، فقد خضنا الانتخابات مرتين، ضمن القوانين السارية، وحققنا فوزاً ساحقاً قبل أن يتم الانقلاب علينا".

وأضاف: "هذا الملتقى لا يمكن السكوت عنه، فهو يهدف لإثارة الجراح وإعادة كتابة التاريخ من وجهة نظر أحادية، رغم مرور أكثر من ثلاثين سنة على الأزمة. إنهم يمارسون جريمة دولة ويغسلون أيديهم من الدماء عبر مؤتمرات دولية."

وتابع بلحاج تصريحاته مشيراً إلى ما وصفه بـ"الجرائم الممنهجة": "حوالي نصف مليون اعتقال، 20 ألف مختطف، مئات الآلاف من القتلى، ومحاكم استثنائية حاكمت 500 ألف شخص".

وأضاف: "17  قيادياً من الجبهة الآن في السجون لمجرد كتابة رسالة لحل الأزمة، في وقت يُكرّم فيه من مارسوا القمع.. "شنقريحة نفسه ورد اسمه في كتاب سوليدية بأنه تورط في قتل مواطن، فأين العدالة؟"

ودعا بلحاج إلى تحريك دعوى قضائية ضد القائمين على ندوة وزارة الدفاع بموجب المادة 32 من قانون الإجراءات الجزائية، بالإضافة إلى المادتين 45 و46 من قانون السلم والمصالحة الوطنية، التي تمنع استغلال أو إعادة إثارة المأساة الوطنية، مشيراً إلى أن الندوة تعد "خرقاً صريحاً لهذا القانون".

كما لم يُخفِ الشيخ علي بلحاج قناعته بأن الرسائل الصادرة عن ندوة وزارة الدفاع تتجاوز البعد الأكاديمي المحلي، وتستبطن رسائل سياسية موجّهة للخارج، وبالأخص للولايات المتحدة. واعتبر أن السلطة الحاكمة تعيد إحياء فزاعة الإرهاب في سياق رسالة ضمنية إلى واشنطن مفادها أن البديل عن الوضع القائم هو عودة الحركة الإسلامية إلى الواجهة، في محاولة لضمان استمرار الدعم الخارجي.

وقال في هذا السياق: "هذا الخطاب ليس جديداً، إنه نفس التبرير الذي قدّمه انقلابيو التسعينيات للغرب، حين روّجوا لفكرة أن احترام نتائج الانتخابات سيجلب الإسلاميين إلى الحكم، وأنه لا بد من إجهاض المسار الديمقراطي لحماية المصالح الدولية."

وأضاف أن السلطة تحاول تكرار السيناريو ذاته عبر المؤتمرات والدبلوماسية، منبهاً إلى أن "هذا الخطاب التخويفي تجاوزته الشعوب، ولم يعد يقنع أحداً في ظل التحولات الإقليمية والدولية الراهنة".

انتقادات السياسة الخارجية والموقف من فلسطين ومالي

وفي تصريحاته، وسّع بلحاج دائرة الانتقاد إلى السياسة الخارجية الجزائرية، قائلاً: "بيان الجزائر المشترك مع سلطنة عُمان ندد بما يجري في الساحل ومالي، لكنه لم يذكر شيئاً عن اليمن أو فلسطين. الجزائر لم تقدم شيئاً ملموساً لفلسطين، بل تستغل القضية لتلميع صورتها."

كما انتقد موقف الدولة الجزائرية من انقلابات الساحل: "يسمون ما يحدث في مالي انقلاباً، لكن ماذا عن انقلابهم على الشاذلي بن جديد؟ على الأقل ليكونوا منسجمين مع خطابهم."

يأتي هذا التصعيد في الخطاب من الطرفين ليعيد إلى السطح الملفات العالقة من العشرية السوداء، وسط حالة من التوتر السياسي المكتوم، ومحاولات من النظام لإعادة صياغة سرديته حول تلك المرحلة.

ندوة وزارة الدفاع، التي يفترض أن تكون أكاديمية وبحثية، فتحت الباب لتجاذب سياسي حاد يعكس استمرار الاستقطاب بين السلطة ومن بقي من قيادات الجبهة الإسلامية، رغم مرور أكثر من عقدين على قانون السلم والمصالحة.

ووفق مراقبين فإن هذا النوع من الفعاليات، بدل أن يُسهم في المصالحة، قد يعمّق الجراح ويعيد النقاش إلى نقطة الصفر ما لم يُفتح الملف بطريقة شاملة، تشارك فيها كل الأطراف، وبمنظور وطني جامع وليس أمني أحادي.


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الجزائرية فرنسا الجزائر ذكرى استعمار جدل المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجبهة الإسلامیة وزارة الدفاع الإرهاب فی

إقرأ أيضاً:

أمانة الدفاع والأمن القومي بـ «الجبهة الوطنية» توفر فرص عمل للشباب بعدد من المحافظات

أعلنت أمانة الدفاع والأمن القومي بحزب "الجبهة الوطنية" برئاسة الفريق طارق سلام، نجاحها في توفير عدد من فرص العمل المتنوعة، في إطار سعي الحزب لمساعدة الشباب على الانخراط في سوق العمل والاستفادة من طاقاتهم الإبداعية.

جاء ذلك خلال الاجتماع الذي عقدته الأمانة بمقر الحزب، بحضور كل من: اللواء عادل لبيب أمين أمانة المجالس المحلية، والنائب سليمان وهدان أمين أمانة المجالس النيابية، والدكتور محمود المتيني أمين أمانة الصحة والسكان، والنائب عادل عبد الفضيل أمين أمانة العمال. والدكتور محمد سليمان أمين أمانة الزراعة واللواء أحمد سعد أمين أمانة العضوية.

ومن جانبه، قال اللواء دكتور محمد مندور مساعد الأمين العام للأمانة، إن الأمانة نجحت في توفير أكثر من 200 فرصة عمل للشباب في مجالات متنوعة ومحافظات شتى، وذلك في إطار تنفيذ توجيهات أمين الأمانة الفريق طارق سلام، بالعمل على تنفيذ التوصيات الصادرة عن ورقة العمل التي سبق مناقشتها بالأمانة، حول أهم مشكلات الشباب، والتي جاء في مقدمتها مشكلة التوظيف.

وبدوره، قال الفريق طارق سلام أمين أمانة الدفاع والأمن القومي، إنه جاري تسليم تفاصيل فرص العمل، إلى الأمانة المركزية للحزب، تمهيدا للإعلان عنها والبدء في تنفيذها.

وأكد اللواء عادل لبيب - أمين أمانة المجالس المحلية، أن من أكثر المهام التي يضطلع بهذا حزب الجبهة الوطنية هو توفير فرص عمل للشباب، فالشباب هم طليعة الأمة التي يبنى على سواعدهم مستقبل وطننا العزيز، ولا بد أن يكون لهم أيضا الدور الريادي في كافة القطاعات بما يحملونه من فكر تنويري وطاقة خلاقة مستمدة من حبهم لوطنهم الأكبر.

وناقش أعضاء الأمانة خلال الاجتماع عدد من الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال، وكذلك أوراق العمل المقدمة من عدد من الأعضاء، ومن بينها ورقة عمل مقدمة من اللواء محمد صلاح دهب عضو الأمانة بعنوان: (المهاجرون العرب والأفارقة وتأثيرهم على الأمن القومي المصري)، تناولت أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية في البلاد، وأماكن تمركزاتهم وكل ما يتعلق بهم، وتوصلت إلى عدد من التوصيات المهمة، في مقدمتها ضرورة إنشاء مجلس قومي لشئون اللاجئين، يتولى بحث العقبات التي تواجههم، وتعزيز الموارد المخصصة لهم، بالتنسيق مع المنظمات الدولية والشركاء المعنيين، بالإضافة إلى التعاون مع المنظمات الدولية لإعادة توطين المهاجرين والمقيمين الأجانب في مصر.

وثمن أعضاء أمانة الدفاع والأمن القومي، نهج الدولة المصرية في التعامل مع الأعداد الكبيرة من الأجانب المقيمين في البلاد، سواء المسجلين لدى مفوضية شئون اللاجئين، أو المقيمين بصورة غير قانونية، واعتبارهم ضيوفا في وطنهم الثاني، داعمين في الوقت نفسه جهود الدولة لحصر مناطق تمركزهم و ظروفهم المعيشية لمساعدتهم على تقنين أوضاع إقاماتهم في البلاد.

كما ناقش الأعضاء ورقة عمل حول هجرة العقول المصرية، بصفة خاصة الأطباء و المهندسين، و التي كانت قد تقدم بها للامانه الدكتوره ندا رضا و تناول الموضوع الدكتور محمود المتيني أمين أمانة الصحة والسكان، وحذر خلالها من خطورة هجرة العقول المصرية للخارج، مؤكدا أن ذلك الأمر يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري.

وأوصت ورقة العمل بضرورة تنفيذ الدولة ل(سياسة الاستبقاء)، لتشجيع العقول المبتكرة والإبداعية على العمل في البلاد، وكذلك فتح قنوات اتصال مع كبار العلماء المصريين في الخارج من شتى التخصصات، للعودة إلى مصر مرة أخرى، والاستفادة بقدراتهم الإبداعية في تعليم الأجيال الجديدة من العلماء.

تجدر الاشارة إلى أن الاجتماع عقد برئاسة أمين أمانة الدفاع والأمن القومي بحزب الجبهة الوطنية الفريق طارق سلام، وبحضور كل من اللواء دكتور محمد مندور، واللواء أيمن شاكر، واللواء محمد الألفي، واللواء دكتور مهندس صلاح جنبلاط، واللواء جمال عبد العال، واللواء فهمي هيكل مساعدي الأمين، وكل من اللواء هاني عبد اللطيف، واللواء حاتم باشات، والدكتورة ندى رضا، واللواء محمد أبوالنصر، والدكتورة حنان منيب، واللواء سليمان شتا، واللواء محمد صلاح، والسيدة شيماء أبوالوفا، والسيدة مروة حلمي و اللواء حمزه درويش، والصحفي أحمد عبد الله اعضاء الامانة.

مقالات مشابهة

  • قضية ميرا تثير جدلاً واسعاً بين السوريين وتشعل مواقع التواصل
  • ضحكة نانسي عجرم في عزاء زوج كارول سماحة تثير جدلاً واسعاً.. فيديو
  • الجبهة الوطنية يعلن عن توفر فرص عمل للشباب بعدد من المحافظات - (تفاصيل)
  • أمانة الدفاع والأمن القومي بـ «الجبهة الوطنية» توفر فرص عمل للشباب بعدد من المحافظات
  • رئيس أركان الجيش الجزائري: بلادنا أول من اكتوت بالإرهاب ولا تقبل المزايدة على خبرتها في مكافحته
  • الفريق أول شنقريحة:الجزائر لا تقبل أن يزايد عليها أحد في خبرتها في مواجهة الإرهاب
  • قرارات حكم مباراة إنتر ميلان وبرشلونة تثير جدلا بين الخبراء وفينغر ينتقد
  • جامعة المنصورة تستضيف ندوة تثقيفية عن القمار الإلكتروني بمشاركة البحوث الإسلامية
  • "القمار الإلكتروني وخطره على الفرد والمجتمع" ندوة لـ لأمين العام المساعد للبحوث الإسلامية بجامعة المنصورة