بقلم : تاج السر عثمان
اشرنا سابقا أن الحرب دخلت طورا جديدا باستخدام المسيرات التي أدت للمزيد من الانهيار و تدمير البنية التحتية، والمزيد من المعاناة للمواطنين بضرب محطات الكهرباء ومستودعات الوقود والمطارات والفنادق كما حدث في بورتسودان َوكوستي وكسلا وعطبرة ومروي.الخ. و هذا الدمار سوف يزيد بمتوالية هندسية، مالم تقف الحرب، واستعادة مسار الثورة والحكم المدني الديمقراطي،واستدامة الديمقراطية والسلام، فقد جعلت الحرب الحياة جحيما لا يطاق، وتعاظمت جرائمها التي لن تمر دون حساب ، فضلا عن الجرائم السابقة ضد الانسانية والابادة الجماعية كما حدث في جرائم فض الاعتصام ، وما بعد انقلاب 25 أكتوبر ، والابادة الجماعية المستمرة حتى الآن في الخرطوم والجزيرة وكردفان ودارفور معسكر زمزم والفاشر وقبلها في الجنينة ، فضلا عن خروج المستشفيات عن العمل ونهب الأسواق والصيدليات ، وتدهور صحة البيئة ، ونزوح الملايين داخل وخارج البلاد، ومقتل وفقدان الآلاف.
٢
لقد أدت الحرب للمزيد من التدهور، وهذا امتداد للخراب الذي أحدثه انقلاب الاتقاذ في 30 يونيو 1989 لكل مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية ، بما في ذلك فصل الكفاءات من الخدمة المدنية والعسكرية ، مما أدي لتكوين مليشيات الجنجويد التى تضخمت ماليا وعسكريا ، واصبحت تهدد وجود الإسلامويين في السلطة، مما أدي لنشوب الحرب الحالية ، فبدلا من تحقيق شعار الثوار بعد ثورة ديسمبر"السلطة سلطة شعب ، والعسكر للثكنات والجنجويد ينحل"، كانت التسوية وفق الوثيقة الدستورية 2019 التي كرّست هيمنة العسكر علي السلطة والافلات من العقاب علي جرائم الإبادة الجماعية وضد الانسانية، وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية ، تم تقنين الجنجويد دستوريا ، واصبح مجرما الحرب البرهان وحميدتي في رأس مجلس السيادة ( البرهان الرئيس ، وحميدني نائبه)، مما أدي لارتباطات الجنجويد الخارجية وتزايد نشاط شركات الدعم السريع الاقتصادي وتهريب الذهب، والتسليح من الإمارات وغيرها، والتدريب بواسطة "فاغنر"، مما قاد لاستحالة وجود جيشين ، وكان الاتفاق لإطارى الذي حاول تكرار تجربة الشراكة الفاشلة بالاعتراف بالدعم السريع وتضخيم دوره ، وتكريس اتفاق جوبا، أي تعدد الجيوش ، ونشب الخلاف حول مدة دمج قوات الدعم السريع في الجيش، عشر سنوات كما رأي حميدني ، أم في عامين كما في رأي البرهان، مما أدي للحرب والصراع الدموى الراهن على السلطة والثروة التي كان الطرفان يحشدان لينقض احدهما على الآخر، والانفراد بالسلطة.
3
القضية العاجلة التي تهم الجميع هي قيام أوسع جبهة جماهيرية لوقف الحرب واستعادة مسار الثورة ، وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي، وإعادة اصلاح ما خربته الحرب، وتحقيق أهداف الثورة و مهام الفترة الانتقالية
[email protected]
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
ماذا وراء خطة نتنياهو بشأن غزة التي “لا ترضي أحدا”؟
#سواليف
نشرت شبكة “CNN”، مساء السبت، تحليلا سلط الضوء على #خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين #نتنياهو بشأن قطاع #غزة والتي “لا ترضي أحدا”.
وذكرت القناة أنه وبعد مرور ما يقرب من عامين على حرب غزة، صوّت مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي على توسع عسكري جديد للسيطرة على مدينة غزة.
وهذه الخطة التي بادر بها ودفع بها نتنياهو نفسه، تكشف بلا شك عن مناوراته السياسية الداخلية أكثر مما تكشف عن أي استراتيجية عسكرية مدروسة جيدا.
مقالات ذات صلةوأفادت الشبكة بأنه تم اعتماد الخطة رغم الاعتراض الشديد من القيادة العسكرية الإسرائيلية والتحذيرات الخطيرة من أنها قد تفاقم #الأزمة_الإنسانية وتعرض الخمسين رهينة المتبقين في غزة للخطر.
ويأتي هذا التوسع الكبير في الحرب أيضا على خلفية تراجع كبير في الدعم العالمي لإسرائيل، وتراجع في التأييد الشعبي الداخلي لاستمرار الحرب.
ومع ذلك، دفع نتنياهو بخطته قدما لما لها من فائدة واحدة على الأقل غير معلنة: إنها تمنحه وقتا للكفاح من أجل بقائه السياسي.
ومع شركائه الحاليين في الائتلاف اليميني المتطرف، فإن هذا يعني إطالة أمد الحرب، علما أن حلفاء نتنياهو إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش أحبطا مرارا وتكرارا التقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار وأجهضوه مهددين بانهيار حكومته إذا انتهت الحرب.
وفي الواقع، لا ترقى خطة نتنياهو لمحاصرة مدينة غزة إلى مستوى مطالب شركائه في الائتلاف، إذ يدفع بن غفير وسموتريتش باتجاه احتلال كامل للقطاع المحاصر كخطوة أولى لإعادة بناء المستوطنات اليهودية في غزة، وفي نهاية المطاف ضمها، كما أنها أقل مما روج له نتنياهو نفسه قبل الاجتماع.
وفي مقابلة الخميس، صرح نتنياهو لقناة “فوكس نيوز” بأن إسرائيل تنوي السيطرة على غزة بأكملها، كما لو أنه حسم أمره باحتلالها بالكامل.
وبدلا من ذلك، اختار نتنياهو الترويج لخطة تدريجية تركز فقط على مدينة غزة في الوقت الحالي دون السيطرة على مخيمات أخرى قريبة، حيث يعتقد أن العديد من الرهائن الإسرائيليين العشرين المتبقين محتجزون.
كما تعمد نتنياهو تحديد موعد نهائي فضفاض نسبيا لبدء العملية (بعد شهرين) تاركا الباب مواربا أمام دفعة دبلوماسية أخرى لإعادة إطلاق صفقة تبادل الرهائن لوقف إطلاق النار وإلغاء العملية برمتها.
والآن، يبدي شركاؤه اليمينيون غضبهم من القرار، مدعين أن الخطة غير كافية وأن تصعيد الحرب وحده يكفي.
وقال مصدر مقرب من سموتريتش: “قد يبدو الاقتراح الذي قاده نتنياهو ووافق عليه مجلس الوزراء جيدا، لكنه في الواقع مجرد تكرار لما حدث.. هذا القرار دون معنى وليس أخلاقيا ولا صهيونيا”.
ولفتت الشبكة الأمريكية إلى أن خطة نتنياهو الأخيرة لم ترض شركاءه في الائتلاف ولا القيادة العسكرية الإسرائيلية.
وخلال اجتماع مجلس الوزراء الماراثوني الذي استمر 10 ساعات، قدم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، معارضة الجيش القاطعة لخطط الحكومة لإعادة احتلال القطاع.
وحذر كبير جنرالات الجيش الإسرائيلي من أن أي عملية عسكرية جديدة ستعرض كلا من الرهائن المتبقين والجنود الإسرائيليين للخطر، محذرا من أن غزة ستصبح فخا من شأنه أن يفاقم استنزاف قوات الجيش الإسرائيلي المنهكة أصلا جراء ما يقرب من عامين من القتال المتواصل، وأنه يعمق الأزمة الإنسانية الفلسطينية.
وتعكس المخاوف العسكرية مشاعر الرأي العام الإسرائيلي على نطاق واسع: فوفقا لاستطلاعات رأي متكررة، يؤيد غالبية الإسرائيليين اتفاق وقف إطلاق نار من شأنه إعادة الرهائن وإنهاء الحرب، لكن عملية صنع القرار الحالية لنتنياهو منفصلة عن كل من المشورة العسكرية والإرادة الشعبية، بل مدفوعة كما يقول المحللون والمعارضون السياسيون، بضرورة البقاء السياسي الضيقة.
كما تضع خطة الاستيلاء على غزة نتنياهو وإسرائيل في عزلة دولية غير مسبوقة، فعلى الرغم من الحرية المطلقة التي منحها له البيت الأبيض بقيادة الرئيس ترامب في حرب غزة، إلا أن المجاعة وأزمة الجوع المتزايدة قد قللت بالفعل من الشرعية العالمية لحرب إسرائيل، وكانت التداعيات الإضافية لقرار الحكومة الأخير سريعة وواضحة حيث أعلنت ألمانيا ثاني أهم حليف استراتيجي لإسرائيل بعد الولايات المتحدة، أنها ستعلق بعض صادراتها العسكرية إلى إسرائيل مما مهد الطريق أمام دول الاتحاد الأوروبي الأخرى لمزيد من تخفيض مستوى العلاقات.
ووفق “CNN” يمضي نتنياهو قدما بـ”خطة لا ترضي أحدا” فحلفاء إسرائيل في الخارج، وقيادتها العسكرية، وجمهور يريد إنهاء الحرب من جهة، ومن جهة أخرى شركاؤه المتشددون المستاؤون الذين يرون أنها لا تكفي.
والجمهور الذي تخدمه هذه الخطة هو نتنياهو نفسه بالأساس فهي تمنحه مزيدا من الوقت لتجنب الخيار الحتمي بين وقف إطلاق نار حقيقي قد ينقذ الرهائن أو تصعيد عسكري شامل يرضي ائتلافه، إنها أكثر من مجرد خطوة استراتيجية بل مناورة كلاسيكية أخرى من نتنياهو لإطالة أمد الحرب مع إدامة الأذى والمعاناة لسكان غزة والرهائن الإسرائيليين على حد سواء وكل ذلك من أجل بقائه السياسي.