«لقد كان الموت دائمًا على مسافة قريبة جدًا، وفي اللحظات الصعبة تغلبت على الخوف، فقط اخترت الصحافة كي أكون قريبة من الإنسان، فليس سهلاً أن أغير الواقع، لكني على الأقل كنت قادرة على إيصال ذلك الصوت إلى العالم»، بقلمها الذي حير العقول وسجل الحقيقة دون خوف أو مهابة، وبعقلها الواعي الذي ينم عن كثرة ما شهدته من حروب وصراعات ودمار، دائمًا ما كانت تدافع عن بلادها ضد الاستعمار الغادر، لا تهاب الموت وكانت غالبًا ما تُكرر، وبالفعل ظل هذا هو الهدف الذي سعت من أجله، والذي حققته من خلال الكثير من تغطياتها الإخبارية، ولم تكتفِ بذلك فحتى قصة وفاتها جاءت لتتوج الهدف الذي عاشت عليه، فاستطاعت أن توصل ذلك الصوت إلى العالم أجمع، لتصبح حديث الساعة، وستظل قصة استشهادها دائمًا وأبدًا دليل على وجودها، فهي غائبة بجسدها وحاضرة بروحها وأعمالها وتاريخها الذي سيلهم الكثير من الأجيال القادمة للنضال ضد الاستعمار، إنها الصحفية الشهيدة شيرين أبو عاقلة، شهيدة الواجب الوطني والإنساني.

شهيدة الكلمة.. حياة شيرين أبو عاقلة

ولدت شيرين أبو عاقلة في 3 يناير عام 1971 في القدس لأسرة مسيحيّة تعود جذورها إلى مدينة بيت لحم، وتخرّجت من مدرسة راهبات الوردية في بيت حنينا في القدس، حيث درست في البداية الهندسة المعمارية في جامعة العلوم والتكنولوجيا في الأردن، ثم انتقلت إلى تخصص الصحافة والإعلام - فرعي العلوم السياسية، وحصلت على درجة البكالوريوس من جامعة اليرموك في الأردن عام 1991، وعادت بعد التخرج إلى فلسطين وعملت في عدة مواقع مثل: وكالة الأونروا، وإذاعة صوت فلسطين، وقناة عمان الفضائية، ثم مؤسسة مفتاح وإذاعة مونت كارلو، انتقلت للعمل في عام 1997 مع قناة الجزيرة الفضائية، حيث عملت أبو عاقلة على تغطية أحداث الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كافة حتى وفاتها.

شيرين أبو عاقلة التغطية لم تعد مستمرة

وغطّت «شيرين» أحداث الانتفاضة الفلسطينيّة عام 2000 والاجتياح الإسرائيلي لمخيم جنين وطولكرم عام 2002، والغارات والعمليّات العسكريّة الإسرائيليّة المختلفة التي تعرّض لها قطاع غزة، وكانت أول صحفيّة عربيّة يسمح لها بالدخول إلى سجن عسقلان في عام 2005، حيث أجرت مقابلات مع الأسرى الفلسطينيين الذين صدرت بحقهم أحكام طويلة بالسجن، وكانت شيرين أبو عاقلة من أبرز الصحفيين في العالم العربي، وهي مراسلة مخضرمة، حيثُ وُصفت بعد وفاتها بأنها من «أبرز الشخصيات في وسائل الإعلام العربية»، وتضمنت حياتها المهنية تغطية الأحداث الفلسطينية الكبرى، وكانت تقاريرها الحية على التلفزيون والإشارات المميزة معروفة جيدًا، وقد ألهمت العديد من الفلسطينيين والعرب الآخرين لمتابعة حياتهم المهنية في الصحافة.

ووسط سماع أصوات إطلاق النيران من قِبل جنود قوات الاحتلال الإسرائيلي، ظهرت شيرين أبو عاقلة ملقاة على الأرض، حتى فاضت روحها إلى بارئها برصاصات الاحتلال، ليصبح صباح الحادي عشر من مايو 2022 شاهدًا على أعظم قصص النضال الوطني والإنساني، حيث أصابتها رصاصة بالرأس مباشرة أثناء تغطيتها لاقتحام مخيم جنين، لتقع مغشيا عليها على مقربةٍ من زميلتها الصحفيّة شذا حنايشة، والتي أكَّدت لاحقًا أنَّ جيش الاحتلال تعمَّد قتلَ طاقم الجزيرة، وذلك بعدما انتظر وصول الطاقم الإعلامي لمنطقة مفتوحة وبدأ إطلاق النيران بشكل كثيف، رغم أنَّ المنطقة التي كان فيها الطاقمُ الصحفيّ لم تشهد إطلاق نار من فلسطينيين هناك، وأكَّدت شذا أيضًا أن قوات الاحتلال منعت وصول سيارات الإسعاف لإنقاذ شيرين أبو عاقلة، كما أُصيب خلال عمليّة الاغتيال الصحفي بمكتب الجزيرة علي سمودي الذي رافقَ شيرين لحظة اغتيالها، فقد تلقَّى هو الآخرُ رصاصةً في ظهره من قِبل جنود قوات الاحتلال، والذي أكَّد على أن « شيرين قُتلت بدم بارد وأن قوات الاحتلال استمرت بإطلاق النار بعد إصابتها»، ونُقِلَت شيرين إلى مستشفى ابن سينا التخصّصي حيث أُعلن عن وفاتها، لتُنهي مسيرة حياتها بما عاشت من أجل تحقيقه، وتصبح نقطة أخرى سوداء في تاريخ الاحتلال، ولتسطر قصة يظل التاريخ يحكي ويتحاكى بها.

اقرأ أيضاًفيلم وثائقي أمريكي يكشف هوية جندي الاحتلال قاتل شيرين أبو عاقلة

لم يفلت من العقاب.. عبوة ناسفة تمزق جسد الجندي الإسرائيلي قاتل «شيرين أبو عاقلة»

ريهام حجاج: شيرين أبو عاقلة رمزًا بطوليًا لا تختزل في مشهد وتحتاج لمسلسل كامل.. فيديو

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: استشهاد شيرين أبو عاقلة شيرين أبو عاقلة شیرین أبو عاقلة قوات الاحتلال

إقرأ أيضاً:

ماذا قال الإمام الشعراوي عن الشيخ محمد رفعت؟ كلمات مؤثرة في ذكرى قيثارة السماء

قدم مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، تعريفًا بقيثارة السَّماء الشيخ محمد رفعت في ذكرى مولده التي توافق 9 مايو، وذلك في إطار مشروعه التثقيفي «قدوة».

الحجاب مش بسبب الشيخ الشعراوي.. سهير رمزي تكشف سرا لأول مرة4 وصايا من الشيخ الشعراوى تخلصك من الهم والمكر وتوسع رزقك

وولد الشيخ محمد رفعت بحي المغربلين بالقاهرة، في 9 مايو من عام 1882م، وفَقَدَ بصره في الثانية من عمره، وتوفي أبوه في سن التاسعة، وبدأ إحياء ليالي القرآن الكريم وهو في سن الرابعة عشرة.

ذاع صيت الشيخ رغم حداثة سِنِّه حتى إنه وقع الاختيار عليه ليكون قارئًا للسورة بمسجد فاضل باشا بحي السيدة زينب بالقاهرة وهو في الخامسة عشرة من عمره، وهناك بلغ من الشهرة ما بلغ، واتسعت شهرته حتى سمع به القاصي والداني، الأمر الذي أسهم في اختياره لافتتاح الإذاعة المصرية عام 1934م، وقد افتتحها بقول الحق سبحانه: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}. [الفتح: 1]

وعندما طلبت منه الإذاعات أن يسجل لها بعض التلاوات مقابل المال توقَّف في قبوله؛ خوفًا من حرمة أخذ المال كأجر على تلاوة القرآن؛ ولكنه استفتى حينها شيخَ الأزهر الإمام المراغي، وأفتاه بالجواز.

وقد لقب الشيخ رفعت بـ«قيثارة السماء»، وهو لقب أطلقه عليه المحبون والمستمعون لوصف صوته العجيب، الروحاني، الملائكي.

ويعتبر الشيخ محمد رفعت رائد مدرسة التلاوة في العصر الحديث؛ حيث تأثر كثيرٌ من القراء بأدائه القوي، وصوته العذب الشَّجي، وسار كثيرون بعده على درب مدرسته العظيمة في تلاوة القرآن الكريم.

وبعد حياة عاشها الشيخ في جوار القرآن وخدمته رحل عن عالمنا في 9 مايو من عام 1950م، الموافق 22 رجب 1369هـ، ودفن جوار مسجد السيدة نفيسة كما كان يرجو.

وقال عنه الشيخ محمد متولي الشعراوي: «إن أردنا أحكام التلاوة فالحصريّ، وإن أردنا حلاوة الصوت فعبد الباسط عبد الصمد، وإن أردنا الخشوع فهو المنشاوي، وإن أردنا النفَس الطويل مع العذوبة فمصطفى إسماعيل، وإن أردنا هؤلاء جميعًا فهو الشيخ محمد رفعت».

ووصفه القارئ الشيخ أبو العينين شعيشع بـ: «الصوت الباكي، كان يقرأ القرآن وهو يبكي، ودموعه على خديه».

وقال القارئ الشيخ محمد الصيفي: «رفعت لم يكن كبقية الأصوات تجري عليه أحكام الناس ... لقد كان هِبة من السماء».

وقال عنه شيخ الأزهر الأسبق الإمام محمد مصطفى المراغي: «هو منحة من الأقدار حين تهادن وتجود، بل وتكريم منها للإنسانية».

طباعة شارك الشيخ محمد رفعت الأزهر قدوة الشيخ محمد متولي الشعراوي التلاوة

مقالات مشابهة

  • ما هو يوم الحج الذي أوجب الله عليه الناس؟ تعرف عليه
  • في الذكرى الثالثة لاغتيالها.. شيرين أبو عاقلة أيقونة لا تنسى
  • حاجة مش مفهومة| ماذا قال يحيي الموجي عن مقـ.تل ذكرى
  • في ذكرى غرق سفينة أوكورينراكو.. تعرف على الكارثة التي هزّت اليابان 1955
  • في ذكرى 22 مايو: ماذا عن الاستقلال، الجمهورية، الوحدة، الديمقراطية؟
  • في ذكرى ميلاده.. الراحل صلاح أبو سيف موظف غزل المحلة الذي أصبح رائد الواقعية بالسينما المصرية
  • في ذكرى ميلاده.. غريب محمود نجم الكوميديا الذي أضحك الأجيال ورحل على خشبة المسرح
  • ماذا قال الإمام الشعراوي عن الشيخ محمد رفعت؟ كلمات مؤثرة في ذكرى قيثارة السماء
  • السعودية تعرب عن رفضها القاطع للتوغل الإسرائيلي والسيطرة على غزة والأراضي الفلسطينية