«الفدائى الباكى» – عمار العركي
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
قال تعالى: ( مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)
لا زالت مواكب الشهداء تترى فى رحلة السفر إلى الله ، بعد إجتياز كل مراحل الإصطفاء والإيفاء بالعهود ، وعندما نادى منادى الشهادة شدهم شوق اللقاء ، وكانت لحياة طويلة للشهيد “عثمان مكاوى” حتى يكمل لايف وداعه للشعب السُودانى ، وان ما تبقى من عمره القليل يريد استثماره فى تجارة ويبيعه الى الله ويشترى به الجنة ، فربحه بيعه .
وكانت لحياة طويلة للشهيد، “ياسر فضل الله ” حتى يُكمل حفر قبره وتهئيه مرقده ، ولم يُوصى بأمواله ولا على أطفاله ، بل بترقية وتقدير أجناده ، قبل أن يذهب الى ربه نحسبه راضيا مرضيا وهو يلحق بإخوانه الشهداء فى دار اللحاق، هكذا هم شهداء قواتنا المسلحة جميعهم ، صدقوا عهدهم مع الله وبروا قسم فداء الوطن، قضوا نحبهم ، نحسبهم أحياء عند ربهم يرزقون.
قبل فترة شاهدت فيديو لجندى متحمس للقتال والفداء وقد، “ملٌ الإنتظار والرباط” فرمى بنفسه امام قدميً قائده متوسلاً مترجياً أن (يفك اللجام) وإعطاء الإذن بالقتال، ليفى بعهده ويبر بقسمه ، ولم يبدل وهو ينتظر ويرابط.
بالامس جندى فدائى آخر ، يبكى وينتحب لتخلفه عن كتيبته التى تحركت للقتال ،، يبكى والغصة تقبض على حلقه فتخرج الكلمات متحشجرة ومخنوقة معبرة عن حسرة تخلفه عن إخوانه بعد طول إنتظار قائلا ( انا قاعد لي 15 يوم يا سعادتك) ، قائده العميد سيف الدولة ، يقبل عليه مُصبراً و مطيباً خاطره قائلا له ( يا فدائى انا مدخرك ،، انا مدخرك يا فدائى ،،، اصبر لى) ، ولا زال الفدائى منتظر وما بدل.
وفي مشاهد ومواقف مغايرة تتحدث عن مطاردة الشرطة العسكرية واستخبارات التمرد وملاحقتها لمنسوبيها المتمردين من دعامة ونهابين ومجرمين وإرتزاقيين وتنزعهم نزعاً من داخل بيوت المواطنين التى إختبوا وخبوا فيها ما نهبوا وسرقوا، فى انتظار سانحة الهروب والخروج النهائى ، ولن يطول إنتظارهم لأن قواتتا أقرب وأسرع ،
جيش عقيدته الله ثم الوطن يتدافع شيبه وشبابه ، ويتسابق رجاله ونساؤه لنصرته او الشهادة دونها ، بإذن الله لا يُهزم ، ومنتصر بحول الله.
المصدر: نبض السودان
إقرأ أيضاً:
الموالد الصوفية بين المحبة والبدعة
فى ليالى أكتوبر من كل عام، تتوهج القاهرة والدلتا بأنوار المقامات والمشاهد، حيث يشهد المصريون موسمًا صوفيًا استثنائيًا، تتداخل فيه أصداء المدائح مع نسمات الذكر، وترتفع فيه القلوب نحو سماء آل البيت والأولياء الصالحين، فالموالد فى الوجدان المصرى ليست مجرد تجمعات شعبية، بل هى انعكاس لذاكرة روحية ممتدة، تستحضر محبة المصريين لآل بيت النبى صلى الله عليه وسلم، وتُعيد وصل ما انقطع بين الماضى والحاضر فى لحظةٍ يتجدد فيها الوجد، وتتعانق فيها الأصالة مع الهوى، ورغم ذلك لا تخلو من جدل واسع، بين من يؤكد مشروعيتها، ومن يراها بدعة تتجاوز حدود الإسلام، ويكفر مُريديها، وهكذا، يبقى المشهد الصوفى فى مصر مرآةً لصراعٍ قديم متجدد.
موسم الموالد الصوفية
ويأتى فى مقدمة هذه الموالد مولد الإمام الحسين بن على، سبط النبى صلى الله عليه وسلم، ثم مولد القطب أحمد البدوى بمدينة طنطا، ومولد القطب إبراهيم الدسوقى فى دسوق، إضافةً إلى مولد الصحابى الجليل شبل الأسود بمحافظة الغربية، وهذه المناسبات التى يترقبها ملايين المصريين كل عام لا تُعد مجرد احتفالات شعبية، بل تمثل طقوسًا راسخة فى الوجدان الجمعى، تمتزج فيها حلقات الذكر بالإنشاد الدينى، وتلتقى فيها وفود من مختلف أنحاء مصر وخارجها، فى أجواء يفيض فيها البهاء الروحى.
وقد أوضحت المشيخة العامة للطرق الصوفية أن شهر اكتوبر يزخر بفعاليات موالد أولياء الله الصالحين التى تبدأ من مولد القطب أحمد البدوى بمدينة طنطا يوم الجمعة 10 أكتوبر وتستمر حتى الليلة الختامية يوم الخميس 16 من الشهر نفسه، متخللة مؤتمرًا صوفيًا يعقد مساء الأربعاء 15 أكتوبر بمنطقة سيجر.
الموالد فى الشرع
وحول الجدال المستمر بين حرمة ومشروعية الاحتفال بموالد الصالحين وآل البيت، أكد الدكتور على جمعة، مفتى الديار المصرية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن الاحتفال بموالد آل البيت والأولياء الصالحين أمر مشروع، بل يعد من أفضل القربات وأعظم الأعمال، لأنه يعبر عن الفرح والحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أصل من أصول الإيمان. وأضاف أن النبى صلى الله عليه وسلم سنَّ جنس الشكر على ميلاده الشريف بصيام يوم الاثنين، قائلًا: «ذلك يوم وُلدت فيه».
وأوضح جمعة أن إحياء موالد آل البيت والأولياء فيه تأسٍ بهم وسير على طريقهم، مشيرًا إلى أن الشرع الحنيف حث على تذكر الصالحين والاقتداء بسيرتهم، مستشهدًا بقوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ مَرْيَمَ}، وقوله سبحانه: {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ}. وبيّن أن ذكر أيام الميلاد يدخل فى ذلك، لأنها أيام عظيمة أنعم الله فيها بالإيجاد، وهو باب لشكر النعم وتجديد العهد مع الله تعالى.
وختم بالقول: «هذه المناسبات الشريفة تُقام مع إنكار ما قد يشوبها من مخالفات شرعية، وتبقى فى أصلها سُنة حسنة ووسيلة مباركة لشكر نعم الله تعالى».
بين البدعة والمحبة
ومن جانبه أكد الدكتور عبدالهادى القصبى، شيخ مشايخ الطرق الصوفية، أن الاحتفال بموالد آل البيت والأولياء الصالحين ليس بدعة كما يروج البعض، وإنما هو تعبير صادق عن المحبة التى أوجبها القرآن الكريم والسنة المطهرة. وقال إن محبة آل البيت والأولياء راسخة فى وجدان المصريين منذ العهد النبوى، وتجسدت فى إحياء ذكراهم عبر الموالد التى تمثل مناسبة روحية واجتماعية لإظهار الفرح بآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والتذكير بسيرتهم العطرة.
وأضاف القصبى أن «الاحتفاء بموالد آل البيت والأولياء هو امتداد للاحتفال بالمولد النبوى الشريف الذى أجمع العلماء على مشروعيته»، مشددًا على أن هذه المناسبات تربى القلوب على المودة والرحمة، وتجمع الناس على الخير، وتذكرهم بالقيم التى دعا إليها النبى صلى الله عليه وسلم وأهل بيته الكرام.
كما أوضح أن ما يردده المتشددون من أن هذه المظاهر شرك أو بدعة «قول مرذول ومردود عليه»، مؤكدًا أن الأمة عبر تاريخها عرفت الاحتفالات الدينية كجزء من التعبير عن الفرح بنور الرسالة، وأنها باقية ما بقيت محبة آل البيت فى قلوب المسلمين.
كما أكد الدكتور سيد عويس، عميد علماء الاجتماع المصريين فى الوطن العربى، فى دراسة له بعنوان (الطرق الصوفية فى المجتمع المصرى) أن للطرق الصوفية فى مصر شأنًا عظيمًا، إذ تضم ما يزيد على ستة ملايين مريد، وتشرف على نحو 2850 مولدًا يقام سنويًا فى مختلف المحافظات، ويشير إلى أن هذه الموالد تجتذب أكثر من نصف سكان مصر، الأمر الذى يعكس مكانتها الاجتماعية والروحية فى حياة الناس.
ويرى عويس أن محبة المصريين لآل البيت لا ترتبط بدعوة مذهبية محددة، بقدر ما هى تعبير عن هوى شعبى وثقافة متجذرة، تضرب بجذورها فى أعماق التاريخ المصرى.
فالموروث الشعبى الممزوج بالتصوف جعل من آل البيت رموزًا للقدوة الحسنة والصفاء الروحى، حتى صارت سيرتهم تضاهى قصص الشهداء والرموز الدينية التى عرفها المصرى القديم مثل «أوزيريس».
كما يرى أن هذه الاحتفالات الصوفية لم تقتصر على كونها مواسم دينية فقط، بل تحولت إلى ساحات للقاء الاجتماعى والثقافى، حيث تتجمع الأسر، وتقام الأسواق الشعبية، وتنتشر حلقات الذكر والإنشاد التى تمنح الموالد طابعها المميز.
وعن بعض الممارسات الخاطئة التى تحدث خلال الاحتفال بموالد آل البيت والصالحين كونها موروث ثقافى يضم الكثير من العادات التى ليست بالضرورة أن تكون شرعية أو معتبرة دينيًا، قال الشيخ هشام ربيع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن التصوف فى جوهره يمثل منهجًا أخلاقيًا وسلوكيًا يهدف إلى تزكية النفس والارتقاء الروحى للوصول إلى مقام الإحسان.
وأضاف أمين الفتوى أن هناك ما يمكن تسميته بـ«الفلكلور الشعبى الصوفى»، وهو ممارسات وعادات اجتماعية ارتبطت بالتصوف لكنها لا تمثل حقيقته، بل قد تتضمن بعض السلبيات الناتجة عن ظروف ثقافية واجتماعية معينة.
وأشار إلى أن كثيرًا من هؤلاء الذين ينخرطون فى هذه الممارسات هم بسطاء قادهم حسن الظن وحبهم الفطرى للصالحين، لكنهم أخطأوا فى التعبير، موضحًا أن الإصلاح لا يكون بالتشهير ولا بفضح السقطات، وإنما بالتوجيه بالحكمة والموعظة الحسنة.
جهاد السويفى