عواصم " وكالات": قال الكرملين اليوم الإثنين إن موسكو تريد مفاوضات "جدّية" للتوصّل إلى تسوية للنزاع في أوكرانيا وسلام طويل الأمد، بعد اقتراح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقد مباحثات مباشرة بين الروس والأوكرانيين الخميس في إسطنبول.

وصرّح الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف خلال إحاطته الإعلامية "نحن مستعدّون للبحث بجدّية عن سبل التسوية السلمية على المدى الطويل"، من دون الردّ على مقترح الرئيس الأوكراني الاجتماع "شخصيا" بنظيره الروسي في إسطنبول.

الى ذلك، اعتبر الكرملين اليوم أن "لغة الإنذارات غير مقبولة" بعدما حضّت كييف وحليفاتها الأوروبية موسكو على قبول وقف لإطلاق النار لمدّة ثلاثين يوما قبل محادثات مباشرة بين روسيا وأوكرانيا حول تسوية النزاع بينهما.

وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف خلال إحاطته الإعلامية إن "لغة الإنذارات غير مقبولة لموسكو وغير لائقة. ولا يجوز مخاطبة روسيا بهذه الطريقة".

ويبدو أن بوتين الذي ما زال يطالب باستسلام أوكرانيا وتخلّيها عن فكرة الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) والاعتراف بضمّ روسيا لمناطق أوكرانية يقف موقفا مختلفا مدعوما من التقدّم الذي يحرزه جيشه في الميدان.

وهو "لم يستبعد" في مؤتمره الصحافي مناقشة فكرة وقف لإطلاق النار خلال المحادثات التي ينبغي أن تركّز في نظره على "الأسباب الجذرية للنزاع".

ويطالب بوتين، بالإضافة إلى نيّته "نزع السلاح" في أوكرانيا، بإعادة هيكلة البنية الأمنية في أوروبا، باعتبار أن اقتراب الناتو من الحدود الروسية يشكّل تهديدا وجوديا لبلده.

من جهتها، دعت الصين اليوم الاثنين إلى "اتفاق ملزم للسلام" ينهي الحرب في أوكرانيا بعدما حضت كييف وحلفاؤها موسكو على بدء وقف لإطلاق النار مدته 30 يوما فيما اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الدخول في مفاوضات مباشرة.

وقال الناطق باسم الخارجية الصينية لين جيان للصحافيين "ندعم كافة الجهود المؤدية إلى السلام ونأمل بأن تواصل الأطراف المعنية حل المسألة عبر الحوار والتفاوض"، داعيا إلى "اتفاق ملزم للسلام مقبول بالنسبة لكافة الأطراف".

وفي السياق نفسه، حض وزير الخارجية التركي هاكان فيدان اليوم روسيا وأوكرانيا إلى الاجتماع "في أسرع وقت ممكن" و"إعلان وقف إطلاق النار" بعد أن دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى لقائه شخصيا في اسطنبول.

وقال الوزير للصحافيين "ندعو الطرفين إلى الاجتماع في أسرع وقت ممكن وإعلان وقف إطلاق النار. نأمل أن يتحقق ذلك، وهذا ما نعمل من أجله".

من جهة اخرى، دعا وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أن يبرهن على أنه يتعامل "بجدية" مع السلام، خلال اجتماع عقد اليوم في لندن حول الحرب في أوكرانيا، بعد توجيه إنذار لموسكو للقبول بوقف إطلاق النار.

عقد الاجتماع بينما اتهمت أوكرانيا روسيا بإطلاق أكثر من 100طائرة مسيّرة ليلة الأحد-الاثنين.

وقال ديفيد لامي "حان الوقت لفلاديمير بوتين أن يأخذ السلام في أوروبا بجدية، ووقف إطلاق النار بجدية، والمحادثات بجدية".

طالبت كييف وحلفاؤها الأوروبيون خلال نهاية الأسبوع بوقف كامل وغير مشروط لإطلاق النار لمدة 30 يوما اعتبارا من الإثنين، وهو شرط مسبق وفقا لهم لبدء محادثات مباشرة للسلام بين الروس والأوكرانيين في تركيا بعد اقتراح قدمه فلاديمير بوتين.

وأكدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كايا كالاس اليوم لاثنين أن "لإجراء محادثات السلام، يجب أن يكون هناك وقف لإطلاق النار" و"يجب أن نمارس ضغطا على روسيا لأنها تراوغ".

وأكد الوزير الفرنسي المسؤول عن الشؤون الأوروبية، بنجامين حداد، أن "الهدنة غير المشروطة" كانت شرطا لإجراء المفاوضات. المناقشات في لندن تشمل أيضا وزراء المانيا وبولندا وإسبانيا وإيطاليا للشؤون الخارجية..

وتحدث وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي في وقت سابق من هذا الاسبوع مع نظيره الأمريكي ماركو روبيو، الذي أكد له أن "أولوية واشنطن هي وقف القتال والحصول على وقف فوري لإطلاق النار"، وذلك بحسب المتحدثة باسمه، تامي بروس.

والأحد، حث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوكرانيا وروسيا على الاجتماع "فورا"، دون انتظار وقف إطلاق النار.

ومن الجانب الفرنسي، أكدت وازرة الخارجية لوكالة فرانس برس على "ضرورة الحفاظ على الضغط وزيادته (على) روسيا".

ويأتي هذا الاجتماع بعد يومين من زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتز ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى كييف، في إطار "تحالف المتطوعين".

وفي برلين، ترك وزير الخارجية الألماني الجديد يوهان فاديفول مسألة تسليم محتمل من ألمانيا لصواريخ "تاوروس" طويلة المدى لأوكرانيا مفتوحة، وذلك في حال عدم موافقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سريعا على وقف إطلاق النار في أوكرانيا.

وقال الوزير اليوم الاثنين في لندن قبل اجتماع مع نظراء بشأن الحرب في أوكرانيا ردا على سؤال أحد الصحفيين: "لا ينبغي في موسكو التقليل من شأن أن الغرب مستعد الآن لممارسة قدر كبير من الضغط".

وتطالب أوكرانيا منذ فترة طويلة ألمانيا بتزويدها بصواريخ تاوروس عالية الدقة وطويلة المدى. وخلال الحملة الانتخابية، أبدى المستشار الجديد فريدريش ميرتس - على عكس المستشار آنذاك أولاف شولتس - مرارا انفتاحه على مثل هذا التسليم ــ ولكن بالتنسيق الوثيق مع الشركاء.

وقال فاديفول: "أوضحت ألمانيا - إلى جانب فرنسا وبريطانيا وبولندا - أنه ستكون هناك عواقب إذا لم يكن بوتين مستعدا للموافقة على وقف إطلاق النار الآن... نحن في وضع يسمح لنا بفرض عقوبات إضافية. وأعلم من الولايات المتحدة الأمريكية أنه يوجد هناك استعداد لذلك"، مضيفا أنه يرى من مجلس الشيوخ الأمريكي عزما كبيرا على "استغلال الوضع الراهن، وتكثيف الضغط السياسي. وهذا ينطبق أيضا على أوروبا".

وفي سياق متصل، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو فلاديمير بوتين للقاء فولوديمير زيلينسكي الخميس في اسطنبول، بعد أن دعا الرئيس الروسي إلى بدء مفاوضات مباشرة بين كييف وموسكو.

وقال وزير الخارجية الفرنسية في مؤتمر صحافي اليوم الاثنين "شهدنا هذا الأسبوع في كييف عرضا للقوة والوحدة الأوروبية مع نداء جماعي لوقف إطلاق النار لمدة 30 يوما من دون شرط بدعم من الولايات المتحدة".

وأضاف "فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الأوكراني، تلقى الرسالة واقترح السفر شخصيا إلى اسطنبول. هذا هو ما ندعو فلاديمير بوتين الآن للموافقة عليه أيضا"، مشيرا إلى أن اجتماعا يعقد في لندن بين وزراء خارجية عدة دول أوروبية حول الحرب في أوكرانيا.

وأكد الوزير الفرنسي مجددا أن وقف إطلاق النار ضروري لمفاوضات السلام في أوكرانيا.

وقال "بوضوح، لن تكون هناك مفاوضات حول سلام عادل ودائم إلا بوقف إطلاق النار لأننا لا يمكن أن نتفاوض... تحت القنابل وتحت الهجمات بالمسيّرات".

من جهة اخرى، أكد رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي اليوم الاثنين مقتل مواطن أسترالي في أوكرانيا وذكرت وسائل إعلام أن القتيل جندي سابق كان يعمل لدى مؤسسة خيرية تساعد في إزالة الألغام الأرضية.

وذكرت هيئة الإذاعة الأسترالية (إيه.بي.سي) في تقرير نقلا عن مصدر عسكري في أوكرانيا لم تسمه أن الجندي وزميل له يحمل الجنسية البريطانية قتلا الأسبوع الماضي قرب مدينة إزيوم بشرق أوكرانيا متأثران بجراحهما إثر أنفجار عبوة ناسفة داخل أحد المباني. وأضافت أنه لم يتم التحقق بعد من التفاصيل بشكل رسمي.

وقال ألبانيزي إن وزارة الخارجية تقدم الدعم لعائلة القتيل، لكنه لم يذكر مزيدا من التفاصيل.

وأضاف للصحفيين "أود أن أوكد أنه لم يكن مشاركا في الصراع.. كان متطوعا في أحد المؤسسات الإنسانية".

وذكرت هيئة الإذاعة الأسترالية أن الرجل الأسترالي كان يعمل لدى مؤسسة بريفيل توجيذر الخيرية ومقرها الولايات المتحدة.

وقالت بريفيل توجيذر، وهي مؤسسة تقدم الدعم للجهات الحكومية الأوكرانية في مجال إزالة الألغام الأرضية والرعاية الطبية من الصدمات والمساعدة الإنسانية، في بيان إن بعض أعضاء فريقها تعرضوا لإصابات خطيرة في واقعة حدثت في السادس من مايو أيار.

وأضافت "لا زلنا نجمع المعلومات ونتعاون مع مسؤولي الجيش والشرطة لكشف التفاصيل".

وأوفدت أستراليا جنودا إلى بريطانيا للمساعدة في تدريب القوات الأوكرانية هناك، وهي واحدة من أكبر الدول غير الأعضاء في حلف شمال الأطلسي المساهمة في جهود الغرب لدعم كييف، وذلك من خلال توفير المساعدات والذخيرة والعتاد الدفاعي لصد الغزو الروسي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الرئیس الروسی فلادیمیر بوتین الحرب فی أوکرانیا وقف لإطلاق النار وقف إطلاق النار وزیر الخارجیة الیوم الاثنین فی لندن

إقرأ أيضاً:

صحف إسرائيلية: هدنة ترامب تريح طهران وتنعش مفاوضات غزة

أثار إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران فجر اليوم الثلاثاء موجة من التحليلات في الصحف الإسرائيلية، ركزت على أن هذه الهدنة جاءت تتويجًا لهجوم إسرائيلي غير مسبوق حقق توازن ردع جديد، ولكنها تمنح طهران فرصة للتعافي وإعادة بناء قوتها.

كما أنها تترك أسئلة مفتوحة بشأن مستقبل البرنامج النووي الإيراني ومصير غزة، فيما اعتبر باحث مختص بالشأن الإيراني بأن موافقة إسرائيل على ذلك هو قرار غير عقلاني، ويسمح لإيران بالتعافي والخروج أقوى.

الصحفي الاستقصائي والمحلل الأمني البارز في صحيفة يديعوت أحرونوت، رونين بيرغمان افتتح مقاله المطول في الصحيفة بالقول، "وقف إطلاق النار ساري المفعول الآن. من فضلكم لا تخرقوه! بهذه الكلمات التي تحمل طابعًا ساخرًا ومقتضبًا، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عبر تغريدة، انتهاء واحدة من أكثر جولات التصعيد خطورة بين إسرائيل وإيران، وربما تدشين مرحلة جديدة تقوم على "اتفاقات مصيرية"، تشمل حسم ملف غزة والتوصل إلى صيغة تسوية للبرنامج النووي الإيراني".

وكتب أن الضربات التي نُفذت ضد إيران الليلة الماضية لم تكن عادية، بل كانت "الأعنف منذ بداية الحرب"، مشيرا إلى أن تقارير متعددة ذكرت أن إسرائيل استهدفت رمز النظام ذاته، بما في ذلك المقر الرسمي للمرشد الأعلى علي خامنئي في طهران، في غارة شملت مؤسسات سيادية ومصرفية في قلب العاصمة.

وأضاف "لكن في ذروة هذه المواجهة، أُعلن وقفٌ لإطلاق النار بدا هشًّا، حتى مع إعلان ترامب عنه بأسلوب استعراضي لا يخلو من المفارقة"، ووصف تغريدة ترامب بأنها "أقرب إلى احتفال ختامي لمشروع تخرج ماراثوني"، بل وأضاف ساخرًا: "هكذا هم من يقبلون بتواضع ترتيبات ترامب، ينتهي بهم الأمر إلى تلقي ابتسامة، وقبعة، ومعاملة متساوية".

إعلان

وعلق المحلل العسكري على الاتفاق قائلا "ليس من المؤكد أننا سنشهد جولة أخرى أو جولة ونصف من تبادل الضربات"، مشيرا إلى أن خيبة أمل أصابت بعض الأوساط اليمينية عند سماعهم باتفاقٍ مفاجئ لم يكن متوقعًا، ولكنه استدرك بالقول، "يبدو أن كلا الجانبين كانا مستعدين لتقديم تنازلات كبيرة من أجل إغلاق مشهد المواجهات".

وقال: "الشريك الثالث، الولايات المتحدة، وبشكل أدق: ترامب، فضّل هو الآخر التهدئة بدلًا من الدخول في حرب استنزاف طويلة"، في إشارة إلى وجود تيارات أميركية داخل الحزب الجمهوري الأميركي تعارض العملية برمتها.

آثار القصف الإسرائيلي على أحد المواقع في أصفهان في وسط إيران (الفرنسية) رواية مزدوجة للنصر

وفيما عبّر بيرغمان عن التناقض الصارخ بين تغريدة ترامب التهكمية، وبين حقيقة أن هذا الرجل نفسه، قبل أقل من 48 ساعة، أطلق أكبر أسطول جوي أميركي منذ حرب الخليج لضرب أهداف إيرانية، فإنه يستنتج أن ذلك تم في إطار "مسرحية سياسية معقدة، تحاول إنهاء الحرب من دون إهانة أي طرف".

وفي تفسيره لخطوة إسرائيل، يكشف بيرغمان أن ما حصل ليس ارتجالًا، بل يُحتمل أنه جزء من "إستراتيجية خروج" تمت مناقشتها في أروقة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية. وتقوم الخطة على التالي: تُعلن واشنطن وقف إطلاق النار، مع تنسيق مسبق مع إسرائيل، وتسمح للإيرانيين بإطلاق "الطلقة الأخيرة"، ثم يدخل وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ خلال 24 ساعة.

ويتابع: "هكذا، يمكن لخامنئي أن يقول إنه دمر تل أبيب، ويمكن لنتنياهو وترامب أن يدّعيا بأنهما دمّرا المشروع النووي الإيراني".

هذه الخطة، بحسب بيرغمان، لم تكن موضع ترحيب في إسرائيل حين طُرحت لأول مرة، بل قوبلت بهجومٍ واسع من قبل محللين وسياسيين رأوا فيها "وهمًا وانهزامًا"، لكن المفارقة "أنها قد تم تبنّيها لاحقًا من قِبل الأطراف باعتبارها الخيار الوحيد لتجنّب حرب استنزاف طويلة كانت ستشعل المنطقة بأسرها".

غير أن المحلل العسكري لا يزال يطرح أسئلة كبرى بعد انتهاء الضربات وتثبيت التهدئة، يرى أنها تظل بلا إجابات، ويقول "ماذا عن المنشآت النووية؟ هل فُككت أم ضُربت؟ هل لا تزال إيران قادرة على إعادة بناء البنية التحتية للتخصيب بسرعة؟ كم تبقّى من الصواريخ الباليستية ومنصات الإطلاق؟ وهل الاتفاق المفترض سيعالج كل ذلك؟".

ويؤكد في المقابل أن "الطريقة الصحيحة لمنع إيران من امتلاك مشروع نووي يُعرّض إسرائيل للخطر هي اتفاقٌ يخضع لرقابة صارمة، وبنود عقابية قاسية، وتاريخ انتهاء صلاحية أبعد بكثير من 10 سنوات".

ويقتبس عن شخصية أمنية بارزة قولها: "هذه الفترة (10 سنوات) هي الحد الأقصى الذي يمكن أن يتحمله العالم، وخصوصًا دولة مثل إيران. وكانت هذه نقطة الضعف الحقيقية في اتفاق 2015 الذي وقّعه الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما مع إيران". ويختم هذه الفقرة بالقول: "سيُظهر الاتفاق الجديد، إذا تم، حدود النجاح الحقيقي للحرب التي خاضتها إسرائيل".

آثار القصف الإيراني على موقع في تل أبيب (رويترز) اتفاقات مصيرية

ورأى بيرغمان أن التطورات في غزة لا تنفصل عن مشهد الاتفاق مع إيران. فإعلان هدنة في القطاع، وسحب القوات، وعودة "الرهائن" المحتجزين، كلها ملفات قد تم بحثها في مكالمة حاسمة جرت بين ترامب ونتنياهو في 9 يونيو/حزيران، هي نفسها المكالمة التي وافق فيها ترامب على الهجوم الإسرائيلي ضد إيران.

إعلان

وكتب: "قد تكون لهذا الاتفاق، إذا اكتمل، تداعيات هائلة على السياسة الداخلية الإسرائيلية، بدءًا من إنهاء إحدى أعقد حلقات أزمة الرهائن، إلى استقرار ائتلاف نتنياهو". بل إن توقيت الانتخابات الإسرائيلية المقبلة -كما يقول- قد يتأثر بمآلات هذه الاتفاقات، وجودًا أو غيابًا.

وفي عنوانه الرمزي "في الطريق إلى زمن الاتفاقات المصيرية"، يطرح بيرغمان قراءة شاملة لتطور يبدو أنه سيشكل نقطة تحوّل في النزاع مع إيران. فالاتفاقات الثلاثة التي تُنسج في الخفاء -وقف إطلاق النار مع إيران، وإنهاء الحرب في غزة، والعودة إلى طاولة التفاوض النووية- قد لا تكون نهائية أو مثالية، لكنها تُنهي 3 جبهات في آنٍ واحد، وتفتح صفحة جديدة من إدارة الصراع بدلاً من تصعيده.

ويختم مقاله بالتساؤل: هل ما تحقق هو انتصار أم أنه مجرد خروج مشرف من مأزق خطير؟ والأهم: هل ستقبل طهران وتل أبيب وواشنطن بتثبيت هذه التسوية أم أن جولةً جديدة تُخبئها الأيام المقبلة؟

ضربة قاسية لإيران

وفي مقاله بصحيفة هآرتس، قال المحلل العسكري الإسرائيلي البارز عاموس هرئيل إن وقف إطلاق النار شكّل تتويجًا لموجة قتال غير مسبوقة، أسفرت عن "توازن ردع جديد"، لكنه أضاف أن الطريق إلى اتفاق فعلي ومُلزم لا يزال طويلًا، وغامضًا، وربما مشروطًا بتنازلات إسرائيلية في غزة.

وافتتح هرئيل مقاله بتعليق ساخر على إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن وقف إطلاق النار، حيث غرّد قائلاً: "جاءتني إسرائيل وإيران، في آن واحد تقريبًا، وقالتا: سلام!… سيشهد كلا الشعبين الحب والسلام والازدهار الرائع في مستقبلهما"، ويعلّق المحلل السياسي على هذه الصيغة بقوله: "الحياة كبرنامج تلفزيوني الواقع، مرة أخرى. لولا هذا الواقع المحزن، لكان المرء ليضحك".

وبحسب هرئيل، فإن استمرار إيران في إطلاق الصواريخ لفترة قصيرة بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار كشف عن ضعف القدرات النارية الإيرانية، لكنه كشف أيضًا عن ثغرات في منظومة الدفاع الإسرائيلية.

وسلّط المحلل العسكري الإسرائيلي الضوء على ردة فعل الرئيس الأميركي على إطلاق إيران النار على قاعدة العديد في قطر التي توجد فيها قوات أميركية ردًّا على قصف الولايات المتحدة منشآت إيران النووية في فوردو ونطنز وأصفهان، حيث قال ترامب علنًا إنه "يشكر الإيرانيين على التحذير المسبق"، وهو ما يراه الكاتب تعبيرًا عن اتفاق مسبق غير معلن بين الجانبين لضبط حدود المواجهة، مع المحافظة على قواعد اللعبة.

عملية اعتراض لصاروخ إيراني في سماء قاعدة العديد القطرية (رويترز)

ورأى هرئيل أن إسرائيل وجّهت "ضربة موجعة ومباغتة لإيران"، استهدفت منشآت نووية ومستودعات صواريخ ومواقع للقيادة والسيطرة، ضمن عملية مشتركة ومنسقة مع الولايات المتحدة. ويقول: "ما حدث في الأيام الـ12 من الحرب مع إيران يبدو على النقيض تمامًا من الفشل الذي واكب إدارة الحرب في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول".

وبينما يتساءل كثيرون عن مدى استدامة هذه الضربة، أشار المحلل العسكري إلى أن "نجاح سلاح الجو الإسرائيلي في تدمير منظومات الدفاع الجوي الإيرانية ترك طهران مكشوفة للهجمات"، مضيفًا أن المشروع النووي والصاروخي الإيراني تلقّى ضربة إستراتيجية غير مسبوقة، وقد تكون لذلك تداعيات على استقرار النظام الإيراني نفسه، ولو في المدى المتوسط أو البعيد.

لكنه، في المقابل، حذّر من المبالغة في تصوير هذه الضربة على أنها نهاية الطريق. فالحديث، حتى الآن، لا يدور حول "اتفاق" فعلي، بل "تفاهمات ميدانية" أو "هدوء مقابل هدوء"، وهو ما يعني -بحسبه- أن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو غياب اتفاق رسمي، مع بقاء الوضع عرضة للاشتعال مجددًا عند أول خرق.

إعلان

وقال: "ما الذي يُعدّ انتهاكًا في غياب اتفاق مفصل؟ وهل يُسمح لإسرائيل بالهجوم مجددًا لمجرد عودة الطرد المركزي إلى الدوران؟ هل يُمكن إعادة فرض عقوبات مشددة دون غطاء قانوني دولي؟".

واعتبر أن الإيرانيين سيحاولون -كما فعلوا في الماضي حسب زعمه- كسب الوقت، والمناورة، والعودة لاحقًا إلى خرق القيود إذا لم تُفرض عليهم آليات رقابة صارمة.

ماذا طلب ترامب من نتنياهو؟

ينتقل هرئيل إلى الجانب السياسي، متسائلًا عن ثمن هذا الاتفاق غير المُعلن. فقد أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بيانًا قال فيه إن إسرائيل أزالت "التهديد المزدوج الفوري، في المجالين النووي والصاروخي"، وأعلنت وقف الحرب بعد تحقيق أهدافها. لكنه لم يوضح -حسب الكاتب- ما جرى الاتفاق عليه مع ترامب خلف الكواليس.

وهنا يطرح المحلل العسكري تساؤلات لافتة:

"هل طلب ترامب من نتنياهو دفع ثمن في غزة؟" "هل يشمل ذلك إنهاء القتال هناك، أو الانسحاب الكامل مقابل إطلاق سراح الرهائن؟" "هل هناك التزام إسرائيلي بتقديم تنازل سياسي في المسار الفلسطيني مقابل إعادة إحياء اتفاق التطبيع مع السعودية؟".

ويؤكد في هذا السياق أن ترامب لم يتخلَّ عن حلمه بتدشين تحالف إستراتيجي إقليمي جديد، يُضم إليه العرب السُّنة وإسرائيل، وربما أيضًا يُتوّج بجائزة نوبل للسلام، على حد تعبيره.

نتنياهو في أحد مواقع القصف الإيراني في إسرائيل (الفرنسية) الثمن في غزة

أشار هرئيل إلى أن نتنياهو قد يُجبر على تقديم تنازلات داخلية، فاستمرار قضية "الرهائن"، واستنزاف الجيش الإسرائيلي في غزة، يُعدّ "جرحًا وطنيًّا مفتوحًا"، ولا يمكن -كما يقول- التوجه إلى انتخابات جديدة دون معالجته.

وكتب: "خلافًا للرسالة التي يُحاول أنصار نتنياهو ترويجها، فإن نجاح 13 يونيو/حزيران (في ضرب إيران) لا يُمحي وصمة 7 أكتوبر/تشرين الأول"، في إشارة إلى يوم هجوم حماس، الذي يُعد في إسرائيل يوم الفشل الأمني الأكبر منذ تأسيس الدولة.

وختم المحلل العسكري بالقول: "إنجازات إسرائيل ضد إيران مُبهرة، وقد لا تكون تحققت لولا إصرار نتنياهو… لكن لا يمكن لهذه الإنجازات أن تُخفي التاريخ الحديث، ما دام رئيس الوزراء يرفض الاعتراف بأي مسؤولية عن الكارثة في غزة، ويستعدّ لشن حملة جديدة ضد أسس النظام الديمقراطي الإسرائيلي".

من ناحية أخرى، نشرت صحيفة معاريف تقريرا تناول موقف الباحث الإسرائيلي المختص في الشأن الإيراني بيني تسيفتي، عبّر فيه عن استيائه من قرار وقف إطلاق النار.

ونقلت الصحيفة عن تغريدة للباحث على شبكة التواصل الاجتماعي "إكس" (تويتر سابقا)، جاء فيها "وقف إطلاق النار وسط إطلاق الصواريخ على إسرائيل وكذلك القتلى، قرار غير عقلاني انقلب ضد أنفسنا".

وأضاف أن "إيران ستخرج من هذا بقوة لأن أرواح المدنيين والدمار ليسا مهمين بالنسبة لها" حسب زعمه. وذكر أنه "ذات مرة، خلال حرب يوم الغفران (حرب أكتوبر 1973)، قطعنا الهاتف عن الأميركيين، والآن لن يتم حل المسألة إلا من قبلهم".

ويبدو أن الباحث تجاهل أن الجسر الجوي الذي قدمته الولايات المتحدة آنذاك أنقذها من هزيمة منكرة بعد أن تمكنت الجيوش العربية من استرجاع الجولان وسيناء.

كما قال في تغريدة ثانية "أسمع أصوات وقف إطلاق النار مع إيران وأقول: يجب ألا نتوقف! تتدحرج كرة الثلج وأي شخص يحاول إيقافها سيؤذي نفسه. لا ينبغي السماح لإيران بالتعافي والخروج أقوى. لا تترك مريضا في منتصف العملية! وإلا فلن يكون اليوم الذي سيتم فيه افتتاح المنشآت النووية وإعادة تأهيل حزب الله بعيدا. وسترفض حماس أيضا إعادة الرهائن. لذا فكر مرة أخرى!".

مقالات مشابهة

  • ترامب يدعو بوتين لإنهاء الحرب ويتحدث عن تزويد أوكرانيا بمنظومات باتريوت
  • ترامب: أتوقع إجراء محادثات مع بوتين قريبًا لمناقشة قضية أوكرانيا
  • ماكرون: يجب وقف إطلاق النار في أوكرانيا والعمل على تحقيق سلام دائم
  • باحث سياسي: واشنطن لا تريد حربًا طويلة.. ووقف إطلاق النار رسالة تهدئة وليست نهاية المواجهة
  • صحف إسرائيلية: هدنة ترامب تريح طهران وتنعش مفاوضات غزة
  • الكرملين يعلّق على إعلان وقف إطلاق النار بين طهران وتل أبيب
  • بوتين وملك البحرين يؤكدان أهمية قمة موسكو ويبحثان استقرار الشرق الأوسط
  • الكرملين: توصل إسرائيل وإيران لاتفاق وقف إطلاق النار مرحب به ونأمل أن يكون مستداما
  • وزارة الخارجية: المملكة ترحب بإعلان الرئيس الأمريكي التوصل لصيغة اتفاق لوقف إطلاق النار بين طرفي التصعيد في المنطقة
  • رماة بوتين السود في أتون حرب أوكرانيا