هانم هاشم لـ "الفجر": نعدّ معلم المستقبل بمهارات الذكاء الاصطناعي وربط وثيق بسوق العمل
تاريخ النشر: 12th, May 2025 GMT
في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها قطاع التعليم على المستويين المحلي والعالمي، تبرز أهمية إعادة النظر في أساليب إعداد وتأهيل المعلم، بما يواكب التطورات التكنولوجية الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، الذي بات يشكل محورًا رئيسيًا في صناعة المعرفة وإدارة العملية التعليمية. ومن هذا المنطلق، أجرى موقع الفجر حوارًا خاصًا مع الدكتورة هانم محمد هاشم، مدرس المناهج وطرق التدريس بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، وعضو فريق مكتب التربية العملية، وذلك على هامش الندوة العلمية التي نظمتها الكلية بعنوان: "التمكين المهني للطالب المعلم وتوظيفه في ضوء الذكاء الاصطناعي"، بحضور نخبة من قيادات الجامعة وخبراء التعليم والتدريب.
خلال الحوار، سلّطت د. هانم الضوء على محاور الندوة وأهدافها، وأوضحت الجهود التي تبذلها الكلية في تطوير برامج إعداد المعلمين بما يتماشى مع متطلبات سوق العمل المعاصر. كما ناقشت أبرز التحديات التي تواجه المعلم في العصر الرقمي، وأكدت على ضرورة دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في المناهج التربوية وأساليب التدريس الميداني.
وتطرقت أيضًا إلى آليات التدريب العملي، والتفاعل مع المدارس، والمنصات الرقمية الداعمة، مشيرة إلى تطور مستوى الطالب المعلم في ضوء هذه المستجدات.
هذا الحوار يعكس رؤية متكاملة لإعداد معلم المستقبل، ويبرز دور جامعة القاهرة الريادي في قيادة التحول التربوي في مصر.
في البداية، نود من حضرتك تعريفنا بنفسك وبمجال عملك الأكاديمي داخل الكلية.يسعدني الحديث معكم. أنا الدكتور هانم محمد هاشم، أعمل كمدرس متخصص في المناهج وطرق التدريس بكلية الدراسات العليا للتربية، وأشارك كذلك ضمن فريق مكتب التربية العملية، الذي يعنى بمتابعة وتطوير برامج التدريب الميداني للطالب المعلم.
نود تسليط الضوء على الندوة التي انعقدت اليوم، والتي تتناول التمكين المهني وتوظيف الخريجين في سوق العمل في ظل صعود تقنيات الذكاء الاصطناعي. ما هو الهدف الأساسي منها؟هذه الندوة تُعد إحدى الفعاليات السنوية التي تُقام مع نهاية برنامج التربية العملية. الغاية الأساسية منها هي تحليل ما تم تحقيقه خلال العام الأكاديمي المنصرم، واقتراح مسارات تطوير وتحسين مستقبلية. كذلك، نحرص من خلالها على الربط بين الجانب الأكاديمي والواقع العملي. فالندوة تُعقد بحضور واسع من مديري المدارس والمعلمين، باعتبارهم يمثلون الواقع الفعلي لسوق العمل. عبر استبيانات وآراء المشاركين، نُحلل التحديات والمشكلات التي تواجه خريجينا، ونرصد نقاط القوة والضعف. هذا التفاعل يُسهم في تحسين جودة الإعداد التربوي، ويعزز قدرات الطالب المعلم ليكون أكثر تأهيلًا وارتباطًا باحتياجات سوق العمل. ومن هنا، تأتي أهمية تنظيم الندوة كمنصة تفاعلية تجمع بين الأطراف المعنية.
برأيكِ، ما أبرز التحديات التي تواجه الكلية في إعداد معلمين قادرين على مواكبة متطلبات التعليم الحديث؟التحدي الأبرز هو سرعة التغيرات في قطاع التعليم، خاصةً مع دخول الذكاء الاصطناعي كعنصر محوري. لم يعد من المقبول الاكتفاء بالأساليب التقليدية في الإعداد، بل بات لزامًا علينا دمج المهارات الرقمية، والتفكير النقدي، والذكاء الاصطناعي في برامجنا. المعلم اليوم يجب أن يمتلك أدوات متعددة؛ من مهارات التواصل والتفاعل، إلى الكفاءة التكنولوجية والتحليل الرقمي. كما يجب أن يكون قادرًا على التعامل مع الطالب الذي بات أكثر اطلاعًا من خلال مصادر رقمية متعددة. هذه المتغيرات تُحتّم على كليات التربية إعادة النظر في مناهجها، وتحديث طرق إعدادها بما يتماشى مع الواقع الجديد.
كيف تستجيب الكلية لهذه التحديات؟ وهل توجد برامج أو مسارات واضحة لتأهيل المعلمين وفق كل مرحلة تعليمية؟نعم، استجابة لهذه التغيرات، بدأنا بالفعل في تطبيق تصنيف دقيق للمسارات التعليمية. فبدلًا من إعداد المعلم بشكل عام، أصبح هناك مسارات متخصصة حسب المرحلة الدراسية. لدينا مسار لإعداد معلمي الصفوف الأولى، وآخر للمرحلة الابتدائية العليا، وثالث للمرحلتين الإعدادية والثانوية. كل مسار يركز على المهارات التربوية والتكنولوجية الملائمة لتلك المرحلة. هذا التوجه بدأ يتبلور في لوائحنا الجديدة، وسنعمل على تفعيله بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة، بما يضمن خريجًا أكثر جاهزية وملاءمة لطبيعة عمله المستقبلي.
ذكرتِ أن الذكاء الاصطناعي جزء من الإعداد التربوي حاليًا. كيف تعمل الكلية على تدريب وتأهيل المعلمين لاستخدام هذه التقنية؟بدأنا بإدماج مفاهيم الذكاء الاصطناعي بشكل تدريجي ضمن المقررات، إضافة إلى ورش عمل تطبيقية ومشروعات تربوية. لدينا منظومة تقييم داخلي عبر استبيانات دورية لقياس فاعلية المقررات وتحديثها. كما نقوم سنويًا بمراجعة شاملة لكل المحتويات التعليمية لضمان توافقها مع مستجدات التكنولوجيا التعليمية. كذلك، شهد برنامج التربية العملية هذا العام تطويرًا ملحوظًا؛ حيث يتواجد الطالب المعلم أسبوعيًا داخل المدارس ليوم كامل، إضافة إلى يوم مخصص للتدريس المصغر داخل الكلية. هذه الأيام تُستخدم لتعزيز المهارات التقنية والتربوية، ونوفر تدريبًا عمليًا مباشرًا بالتعاون مع أكثر من 50 مدرسة، إلى جانب إشراف دوري من أعضاء هيئة التدريس. هذا الربط بين التدريب الميداني والتقنيات الحديثة، كاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في الشرح والتخطيط، هو ما نركز عليه لضمان جاهزية المعلم للعمل في بيئات تعليمية متطورة.
قدمتِ عرضًا داخل القاعة خلال الندوة. ما أبرز المحاور التي تضمنها العرض، وما أهم نتائجه؟كان الهدف من العرض تقديم توصيف شامل لبرنامج التربية العملية خلال العام الأكاديمي. استعرضت فيه إحصاءات تفصيلية؛ منها عدد المدارس المشاركة، الذي بلغ نحو 50 مدرسة، وعدد الطلاب المتدربين، الذي قارب 900 طالب، إلى جانب عدد المشرفين الأكاديميين الذي وصل إلى 263 عضو هيئة تدريس. كما تم عرض نسب النجاح والرسوب، وتحليل جوانب القوة والقصور، خاصةً ما يتعلق بآليات التواصل بين الطلاب والمشرفين. ومن أجل تعزيز هذا الجانب، أنشأنا مكتبًا دائمًا للتربية العملية داخل الكلية، يتواجد به موظف متخصص، إضافة إلى إطلاق صفحة رسمية عبر فيسبوك تضم أكثر من 1900 متابع. كما نوظف أدوات متعددة مثل Google Drive وWhatsApp لتوثيق الأنشطة والتواصل السريع، مما ساهم في خلق بيئة تدريبية أكثر مرونة وتفاعلًا. أحد الجوانب المميزة التي استعرضناها أيضًا كان توثيق استخدام بعض الطلاب لأدوات الذكاء الاصطناعي فعليًا أثناء أدائهم لمهامهم التدريسية في المدارس، وهو ما نعتبره مؤشرًا واضحًا على تطور البرنامج.
كيف تنعكس هذه الخطوات على الطالب المعلم؟ وهل تلمسون فرقًا حقيقيًا في مخرجات التعليم؟نعم، بالتأكيد. مستوى التفاعل والتواصل بين الكلية والطلاب تحسن بشكل ملموس. وجود قنوات مباشرة لتلقي الدعم والاستشارات منح الطالب شعورًا بالأمان والانتماء. كما أن تقديم نماذج ناجحة لاستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في التدريس شجّع الطلاب على الابتكار والتجريب. ومع استمرار هذا النهج، نتوقع أن يكون خريجونا أكثر قدرة على الانخراط في بيئات تعليمية عصرية، وأن يسهموا بفعالية في تطوير العملية التربوية داخل مدارسهم مستقبلًا.
شكرًا جزيلًا دكتورة هانم على هذا الحوار القيّم والمفيد.أشكر لكم اهتمامكم، وسعدت جدًا بالمشاركة في هذا الحوار البناء. نتمنى أن تُسهم هذه الجهود في تحسين واقع التعليم في مصر، وتمكين جيل جديد من المعلمين المتميزين.
في ختام هذا الحوار الثري مع الدكتورة هانم محمد هاشم، يتضح لنا أن عملية إعداد المعلم لم تعد تقتصر على اكتساب المعارف التربوية التقليدية أو التدريب الميداني داخل الفصول الدراسية فقط، بل باتت مسؤولية مشتركة تتطلب رؤية شاملة تجمع بين الجانب الأكاديمي والجانب العملي، مع مواكبة مستمرة للتقنيات الحديثة وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي.
لقد أضاءت الدكتور هانم على العديد من الجوانب الهامة التي تشكل ملامح التحول الجاري داخل كلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، بدءًا من تطوير اللوائح، ومرورًا بإعداد مسارات متخصصة لتأهيل المعلم وفقًا لمراحل التعليم المختلفة، ووصولًا إلى اعتماد نماذج متقدمة للتدريب العملي والتواصل مع المدارس الشريكة.
ما تطرحه الكلية من مبادرات وبرامج يعكس إدراكًا عميقًا لاحتياجات الواقع التعليمي ومتغيراته، وسعيًا حثيثًا لبناء جيل جديد من المعلمين يمتلك أدوات العصر ومهارات التفكير النقدي والتقني التي تؤهله لقيادة الصفوف بثقة وكفاءة. ولعل أبرز ما يمكن استخلاصه من هذا الحوار أن التمكين المهني للمعلم يبدأ منذ اللحظة الأولى لتسجيله في الكلية، ويتواصل عبر مسيرة من التفاعل والتقييم والتطوير المستمر، بمشاركة فاعلة من جميع الأطراف ذات الصلة. ومن خلال هذا التوجه المتكامل، تواصل جامعة القاهرة دورها الريادي في رسم مستقبل أكثر جودة وكفاءة للتعليم في مصر.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي جامعة القاهرة العملية التعليمية التطورات التكنولوجية تقنيات الذكاء الاصطناعي كلية الدراسات العليا كلية الدراسات العليا للتربية الذکاء الاصطناعی فی التربیة العملیة الطالب المعلم هذا الحوار ا للتربیة تطویر ا التی ت
إقرأ أيضاً:
يوم الابتكار في عمان الأهلية بمشاركة نخبة من متخصصي الذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال
#سواليف
ضمن رؤية #جامعة_عمان_الاهلية لترسيخ مفاهيم الإبداع والابتكار التقني، وسعيها الحثيث نحو تطوير المهارات العملية لطلبتها بما يواكب التحولات المتسارعة في سوق العمل، نظّمت #كلية_تقنية_المعلومات في جامعة عمان الأهلية فعالية “يوم الابتكار”، برعاية رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور ساري حمدان، وحضور كلا من نائب رئيس الجامعة لشؤون الأكاديمية / عميد كلية طب الأسنان الأستاذ الدكتور أحمد حمدان، و عميد كلية تقنية المعلومات الأستاذ الدكتور محمد قطاونة، وعدد من عمداء الكليات في الجامعة إلى جانب عدد كبير من أعضاء الهيئتين الأكاديمية والإدارية والطلبة.
وقد افتُتحت الفعالية بكلمة ترحيبية ألقاها عميد الكلية، أكد فيها على أهمية تعزيز روح الابتكار والريادة لدى الطلبة، مشيداً بالدور الحيوي الذي تؤديه الكلية في تنمية المهارات الرقمية والمهنية بما يتماشى مع احتياجات سوق العمل.
وجرى خلال الفعالية تكريم مجموعة من الطلبة الذين أنهوا بنجاح دورات تدريبية متقدمة في مجالي CTF و SOC، وذلك تقديراً لجهودهم وتفوقهم في هذه المجالات التقنية المتقدمة. وتم تسليم الدروع الى المتحدثين في الفعالية.
وتضمنت الفعالية جلسة حوارية متميزة بعنوان”: الذكاء الاصطناعي ومستقبل الوظائف: تطوير المهارات الأساسية في سوق العمل.”
وأدار الجلسة الدكتور أحمد الشمايلة، وشارك فيها نخبة من المتحدثين البارزين، وهم:
المهندس عامر حمدان، المهندس حسام الحوراني، المهندسة ليان مصالحي، المهندسة روان مصالحة، المهندس عبد الله أبو عليان، والمهندس عيسى محاسنة.
وشهدت الجلسة نقاشاً غنياً وتفاعلاً لافتاً من الحضور، حيث تم تناول أحدث التطورات في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وسبل توظيفها في تعزيز مهارات الطلبة وتمكينهم من مواكبة متطلبات سوق العمل الحديث.
وتأتي هذه الفعالية لتؤكد التزام جامعة عمان الأهلية بتوفير بيئة أكاديمية محفزة على الابتكار والإبداع، ودعم الطلبة في رحلتهم نحو التميز والريادة.
ويذكر أن برنامج “يوم الابتكار” شمل عددًا من الفعاليات والأنشطة النوعية – أبرزها – تنظيم فعالية متميزة شملت ورشة تعريفية بعنوان SKIL GAIN التي سلطت الضوء على المهارات التقنية الأساسية المطلوبة في مجالات تكنولوجيا المعلومات، وتناولت آليات تعزيز هذه المهارات من خلال التدريب العملي.
وتلا ذلك مسابقة علمية متخصصة في علوم البيانات والذكاء الاصطناعي، شهدت مشاركة واسعة من طلبة الكلية، مما أتاح لهم فرصة لعرض مهاراتهم في هذه المجالات المتقدمة.
وفي سياق تعزيز الروح الجماعية، تم تنظيم مباراة ودية في كرة القدم على ملعب الجامعة، جمعت بين طلبة البرامج الأكاديمية المختلفة، مما ساهم في دعم العمل الجماعي والأنشطة اللامنهجية.
بالإضافة إلى ذلك، أقيم معرض تقني متكامل شاركت فيه مجموعة من الشركات والمؤسسات التقنية المحلية، إلى جانب أندية طلابية قدمت عروضًا مبتكرة لمشاريع إبداعية ناشئة، مما وفر بيئة مثالية للتفاعل بين مختلف الأطراف والمساهمة في تطوير المجتمع الأكاديمي.