يمانيون/ كتابات/ عبدالمؤمن جحاف

في قلب عدن، المدينة التي كانت يوماً تزهو بثقافتها وتنوعها، يئن الناس اليوم تحت وطأة أزمات متفاقمة صنعتها يد الاحتلال وأدواته المحلية. لا يكاد يمر يوم دون أن تتجدد مشاهد المعاناة، من طوابير الانتظار على أبواب محطات الوقود الخالية، إلى الظلام الذي يخيم على الأحياء مع كل انقطاع كهربائي، وانتهاءً بجنون الأسعار الذي يحوّل شراء قوت يومي إلى حلم بعيد المنال.


منذ سنوات، يرزح الجنوب اليمني تحت سيطرة قوى الاحتلال الإماراتي السعودي، عبر أدواتهم المحليين ممن يسمون بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي”، الذين فشلوا في إدارة أبسط شؤون المواطنين، ونجحوا فقط في تحويل عدن وبقية المحافظات المحتلة إلى بؤر للفوضى والانهيار. فالأمن غائب، والانفلات يعم الشوارع، والاغتيالات والاختطافات باتت مشهداً مألوفاً، والناس تعيش حالة من الخوف والقلق المستمر.
في هذه الأجواء الخانقة، لم يكن غريباً أن يخرج أبناء عدن إلى الشوارع، يهتفون ضد الفساد وضد الجوع والذل، في احتجاجات صاخبة تعكس حالة السخط الشعبي التي وصلت إلى نقطة الغليان. هذه المظاهرات لم تكن عفوية، بل جاءت بعد أن طفح الكيل، وبعد أن سقطت كل الوعود الزائفة التي أطلقها قادة ما يُسمّى بـ”الشرعية” والانتقالي، الذين تفرغوا لجمع الأموال والاستثمار في الخارج.
فبينما يتضور المواطن جوعاً في ظل ارتفاع جنوني للأسعار، يتنعم أولئك القادة في فنادق دبي و القاهرة وإسطنبول، يوسّعون استثماراتهم العقارية والتجارية بمليارات الدولارات التي تدفقت عليهم من دول العدوان. والمفارقة المؤلمة أن هذه الأموال، التي كان يفترض أن تسهم في تحسين واقع الناس، باتت أداة لإثراء مجموعة صغيرة باعت وطنها وشعبها مقابل مصالح شخصية رخيصة.
الكهرباء في عدن أصبحت ترفاً نادراً، تنقطع لساعات طويلة يومياً وسط أجواء حر لاهب تفوق فيها درجات الحرارة الأربعين مئوية. المياه كذلك، باتت سلعة نادرة، والمستشفيات تعاني من نقص حاد في الدواء والمستلزمات. المواطن هناك لم يعد يبحث عن الرفاهية، بل عن مقومات الحياة الأساسية.
ما يحدث في عدن ليس مجرد أزمة اقتصادية عابرة، بل هو انهيار شامل ومقصود، يهدف إلى تركيع أبناء الجنوب ودفعهم للقبول بأي وصاية خارجية تفرض عليهم تحت غطاء “التحرير” و”الانفصال”. لكنه أيضاً يعكس الفشل الذريع لتحالف العدوان وأدواته، الذين لم يستطيعوا أن يقدموا نموذجاً واحداً للحكم الرشيد أو حتى الحد الأدنى من الخدمات.
وفي خضم هذا الواقع الكارثي، يتأكد لكل منصف أن المشروع الاستعماري الذي تقوده دول العدوان في الجنوب لم يكن يوماً لصالح الشعب، بل لتقسيم اليمن ونهب ثرواته والسيطرة على موانئه وموقعه الاستراتيجي، عبر أدوات محلية لا همّ لها سوى السلطة والمال.
لقد آن للناس في عدن وكل المحافظات المحتلة أن يدركوا حقيقة ما يُحاك ضدهم، وأن يتحركوا بوعي ومسؤولية لإسقاط هذا المشروع التدميري، واستعادة قرارهم الوطني بعيداً عن التبعية والارتهان. فالغضب وحده لا يكفي، بل لا بد من تحوّله إلى فعل منظم يعيد لليمن وحدته وكرامته وسيادته.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

برلمانية: الدولة تكسر حلقة الاعتماد على الخارج.. وميزانية مصر تُموّل من داخلها

قالت النائبة ميرفت الكسان، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن تصريحات الدكتور مصطفى مدبولي تكشف عن مرحلة جديدة في السياسات المالية للدولة المصرية، عنوانها الاستقلال والاعتماد على الذات.

وأضافت الكسان في تصريح خاص لـ"صدى البلد"، أن نجاح الحكومة في تغطية الإنفاق العام بموارد محلية من العملة الصعبة لأربعة أشهر متتالية، يرسل رسالة ثقة واطمئنان لكل المواطنين، ويثبت أن الاقتصاد لم يعد هشًا أو مرهونًا بالتقلبات الخارجية أو رؤوس الأموال سريعة الخروج.

بقيمة 170مليار جنيه.. خطة النواب توافق على فتح اعتماد إضافي بموازنة 2024/2025اليوم.. خطة النواب تناقش مشروع قانون بفتح اعتماد إضافي بموازنة ٢٠٢٤/ ٢٠٢٥برلمانية توافق على الموازنة العامة للدولة 2025/2026.. وتشيد بتوصيات خطة النوابخطة النواب تكشف تفاصيل نص قانون تنظيم ملكية الدولة

وأشارت إلى أن هذا التحول ينعكس مباشرة على إعداد وتنفيذ الموازنة العامة الجديدة، حيث تتوفر مصادر تمويل مستقرة، ما يتيح توجيه الإنفاق نحو الخدمات الأساسية وتحسين حياة المواطنين دون الحاجة لتوسيع الاقتراض أو اللجوء لتمويلات طارئة.

واختتمت تصريحها بالتأكيد على أن ما يحدث الآن هو تأكيد عملي على نجاح الحكومة في إدارة موارد الدولة بكفاءة، وتحقيق نوع من الاستقلال المالي الذي كانت مصر تسعى إليه منذ سنوات.

وكان الدكتور مصطفى مدبولي، اكد أن الوضع المالي للدولة المصرية يشهد تحسنًا ملحوظًا، حيث أشار إلى أن الموارد المحلية من العملة الصعبة خلال شهر مايو، وللشهر الرابع على التوالي، كانت كافية لتغطية الاستخدامات والانفاق على احتياجات الدولة.

كما شدد على قدرة الدولة المصرية على تأمين هذه الاحتياجات بشكل مستقل، بعيدًا عن الاعتماد على الأموال الساخنة، على عكس ما يدعيه بعض الخبراء أن الدولة ما زالت تعتمد على الأموال الساخنة، وهو بالعكس تمامًا فهناك حركة طبيعية لدخول وخروج الأموال الساخنة وفقاً للمتبع في أي دولة من دول العالم، ولا يؤثر هذا الأمر على احتياطي الدولة أو إنفاقها من تلك العملة.

طباعة شارك ميرفت الكسان تصريحات الدكتور مصطفى مدبولي بمجلس النواب لجنة الخطة والموازنة

مقالات مشابهة

  • أوحيدة: البعثة انحرفت عن مهامها وتحولت إلى أداة لخدمة الخارج
  • مسند" تكشف حملات رقمية موجهة من الخارج لتغذية الانقسام السياسي في اليمن 
  • محافظ القاهرة يتفقد سكان عقار حدائق القبة الذين فقدوا منازلهم
  • وزيرة العمل: كوردستان باتت محطة عبور رئيسية للمخدرات نحو إيران وكندا
  • إنفوغراف: قتلى وجرحى الاحتلال الذين سقطوا في غزة خلال يونيو
  • برلمانية: الدولة تكسر حلقة الاعتماد على الخارج.. وميزانية مصر تُموّل من داخلها
  • أزمة قد تضرب التحويلات المالية من الخارج.. هذا ما سيحصل
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: الذين سوف يُقتلون قريباً من هم؟
  • محافظ الحديدة لـ” الثورة “:المحافظة لطالما كانت محط أطماع وحصنًا منيعًا أمام أطماع الغزاة والمرتزقة
  • إجلاء 165 هنديا من إسرائيل عبر الأردن