الثورة نت | تقريرـ هاشم علي

تشهد محافظة حضرموت، أكبر محافظات اليمن مساحة وأغناها بالثروات النفطية والموانئ الاستراتيجية، مرحلة حرجة وغير مسبوقة، إذ أصبحت ساحة صراع مباشر بين أدوات تحالف العدوان الإقليمي، الإمارات والسعودية، على حساب الأمن والاستقرار المحلي.

بين تعزيزات عسكرية إماراتية تتحرك نحو الساحل، وحشود قبلية واسعة تدعمها الرياض، يتشكل مشهد حرب متكاملة الأركان قد يفتح الباب أمام فوضى شاملة، تعيد رسم خريطة النفوذ في شرق اليمن وربما تمتد لتشمل محافظات مجاورة، مع تداعيات مباشرة على الاقتصاد الوطني والخدمات الأساسية.

ظلام وادي حضرموت.. المواطن يدفع الثمن

في واحدة من أسوأ تجليات الصراع، توقفت شركة بترومسيلة عن تشغيل القطاع 14 بالكامل، بعد مواجهات مسلحة بين مليشيات محلية تتبع النفوذ الإماراتي والسعودي.

أكدت الشركة أن التوقف كان إجراءً احترازيًا لحماية العاملين والمواقع النفطية والغازية بعد محاولات اقتحام وتوتر أمني غير مسبوق، ما حال دون ضخ الغاز لمحطات الكهرباء المركزية، تاركًا مدن الوادي والصحراء في ظلام دامس.

هذا التطور يوضح أن المواطن الحضرمي أصبح الضحية الأولى للصراع الإقليمي، إذ تم تحويل منابع الثروة إلى ساحة تصادم على النفوذ، بينما تتكبد المحافظة خسائر اقتصادية وخدمية ضخمة.

سيئون على خط النار.. تصاعد المواجهات

دخل وادي حضرموت مرحلة توتر غير مسبوقة، مع اندلاع مواجهات عنيفة بين مليشيات مدعومة إماراتيًا وأخرى موالية للسعودية، إثر تقدم القوات الإماراتية نحو مناطق استراتيجية في الوادي، ما شكل نقطة اشتعال أولى.. تضمنت المواجهات قصفًا بالدبابات وانتشارًا مكثفًا للقوات، ما أثار مخاوف من انتقال الاشتباكات إلى داخل مدينة سيئون نفسها، وسط حالة استنفار أمني متواصل.

تشير المصادر المحلية إلى أن هذه الاشتباكات تعكس تصدعًا واضحًا في صفوف أدوات العدوان، وتهدد بفراغ أمني كبير في وادي حضرموت إذا توسع نطاق المعارك، ما يزيد احتمالية انزلاق المحافظة نحو فوضى شاملة.

تعزيزات متسارعة وحشد قبلي.. صفيح ساخن

وصلت تعزيزات عسكرية ضخمة إلى الساحل بالتزامن مع حشد قبلي واسع، مطالبًا بالتمكين المحلي وحماية حقوق أبناء المحافظة في إدارتها وشؤونها الاقتصادية، واجهت هذه التحركات تهديدات مباشرة من أدوات الإمارات، فيما أكد الحشد القبلي على ضرورة صون سيادة المحافظة وحقوق مواطنيها في الثروات والمقدرات الطبيعية.

توضح هذه التحركات أن المحافظة أصبحت مساحة مفتوحة لتصفية الحسابات الإقليمية عبر أدوات محلية، بينما يدفع المواطن الحضرمي ثمن هذه المناورات.

تجزئة النفوذ وحرب الوكلاء

تتجسد الأزمة في حضرموت عبر أربعة محاور رئيسية:

ـ أدوات الإمارات: تسعى لفرض مشروع السيطرة على الساحل والموانئ والحقول النفطية لضمان النفوذ الكامل في شرق اليمن.

ـ الأصوات المحلية والحشد القبلي: تدافع عن حق أبناء المحافظة في إدارة ثرواتهم والسيطرة على القرار المحلي.

ـ القوات النظامية المحلية: تعيش حالة انهيار جزئي نتيجة الانقسام بين أدوات السعودية والإمارات، مع تراجع نفوذها التقليدي في مواجهة الانتشار الإماراتي.

ـ الوجود السعودي المباشر: إنشاء ألوية جديدة وإعادة تموضع عسكري لضمان السيطرة على الموارد الاستراتيجية، مع الحفاظ على توازن النفوذ الإقليمي.

يؤكد هذا التوزع أن حضرموت أصبحت ساحة لصراع أدوات العدوان على أرض الواقع، حيث تُختبر ولاءات القوى المحلية ويتم تحويلها إلى أداة في معركة أكبر بكثير.

امتداد الصراع وتأثيره على شرق اليمن

تأثير الصراع يمتد إلى كامل شرق اليمن، حيث تتزايد احتمالات الفوضى والتوتر الأمني، كل تحرك عسكري في حضرموت ليس حدثًا محليًا عابرًا، بل جزء من محاولة للتحكم بمقدرات المحافظة وتهديد أمن واستقرار المنطقة الشرقية بأكملها.

كل يوم يمر يشهد تزايد الانقسامات والصراعات بين وكلاء الأطراف الإقليمية، ما يجعل المحافظة على مفترق طرق خطير، لا يعرف إلا لغة القوة والهيمنة.

حضرموت على مفترق طرق.. سيناريوهين محكومان بالفوضى

ـ تسوية مفروضة من الخارج: تثبيت أدوات العدوان الإقليمي للهيمنة على القرار والثروات، وإضعاف قدرة أبناء المحافظة على إدارة شؤونهم بحرية واستقلال.

ـ انفجار شامل: مواجهة محتملة بين وكلاء الأطراف الخارجية قد تتحول إلى فوضى ممتدة من الساحل إلى الوادي والصحراء، تستنزف الأرض والإنسان على حد سواء.

في كل الاحتمالات، يبقى المواطن الحضرمي هو الضحية الكبرى، بينما تحوّل أدوات العدوان حضرموت إلى ساحة تصادم، بهدف تمزيق سيادتها واستنزاف ثرواتها.

حضرموت.. صمود الوطن في وجه العدوان

حضرموت لم تعد مجرد محافظة، بل أصبحت معقل صمود اليمنيين في وجه أطماع العدوان الإقليمي وأدواته المحلية.. بين مطرقة الإمارات وسندان السعودية، تُستنزف ثروات المحافظة وأمنها الاجتماعي، لكن إرادة أبناء حضرموت وعزمهم على حماية أرضهم يظل الدرع الحامي للوطن.

الأرض الحضرميّة لن تكون ملعبًا لمشاريع الهيمنة الخارجية، بل رمزًا للثبات الوطني، وصوتًا يصدّ أي محاولة لتفكيك اليمن وتدمير مقدراته، صمود حضرموت هو رسالة لكل اليمنيين أن الأرض والشعب خط أحمر، وأن إرادة الشعب ستظل سداً منيعًا أمام أطماع العدوان ووكلائه.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: أدوات العدوان شرق الیمن

إقرأ أيضاً:

حضرموت على شفير الانفجار: النفط يشعل اشتباكات عسكرية تهدد استقرار اليمن

تفاقم التوتر العسكري في محافظة حضرموت جنوب شرق اليمن عقب الاشتباكات التي اندلعت، أمس الأحد، بين قوات حلف قبائل حضرموت ووحدات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي قرب منشأة نفطية إستراتيجية، في تطور يهدد بتعميق الانقسام الداخلي ودفع البلاد نحو مرحلة جديدة من الصراع الأهلي المستمر منذ عقد.

وتتنافس ثلاثة أطراف رئيسية على النفوذ في المحافظة الغنية بالنفط: الحكومة الشرعية في عدن التي تتمسك بوحدة اليمن، والمجلس الانتقالي الساعي للانفصال ضمن مشروع "الجنوب العربي"، وحلف قبائل حضرموت الذي يطرح رؤية للحكم الذاتي وإدارة محلية بعيدة عن تدخلات الحكومة والمجلس الانتقالي على حد سواء.

ودفع المجلس الانتقالي بقوات "الدعم الأمني" بقيادة العميد صالح علي بن الشيخ أبو بكر، المعروف بـ"أبو علي الحضرمي"، في ما يراه حلف القبائل محاولة للسيطرة على المحافظة ومواردها النفطية. وجاء هذا التحرك بعد إعلان قوات "حماية حضرموت" المدعومة من الحلف سيطرتها على منشآت حقول نفط المسيلة تحسباً لأي محاولة للسيطرة عليها من جانب قوات الانتقالي.

ويقول حلف القبائل إن هناك مشروعاً يستهدف السيطرة على كامل المنظومة النفطية في حضرموت، من الحقول إلى خطوط النقل وصولاً إلى موانئ التصدير، بما في ذلك ميناء الضبة وشركة بترومسيلة.

وأكد الحلف في بيان عقب اجتماع موسع أن أي انتشار لما وصفه بـ"قوات خارجية" داخل حضرموت يعد "احتلالاً" وسيتم التعامل معه بالقوة، متعهداً باتخاذ خطوات "حاسمة" لمواجهة ما يعتبرها تحركات خطيرة لقوى قادمة من خارج المحافظة.

وفي المقابل، أعلن المركز الإعلامي للمنطقة العسكرية الثانية التابعة للمجلس الانتقالي أن الأخير دفع مساء الأحد بعدد من الألوية العسكرية لتعزيز القوات الموجودة في المنشآت النفطية بقطاع المسيلة.


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

خليل اسامة

انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.

الأحدثترند حضرموت على شفير الانفجار: النفط يشعل اشتباكات عسكرية تهدد استقرار اليمن بعد معركة بيت جن..ترامب ينحاز للشرع ضد نتنياهو ويحذر الاحتلال أعجب طلب في تاريخ الحروب: ضغوط أمريكية لاستعادة صاروخ لم ينفجر في لبنان واشنطن تطلب قنبلة من بيروت.. ما علاقتها بـ"الطبطبائي"؟ ترامب يعقد اجتماعا مع مسؤولين بشأن الخطوة التالية في فنزويلا Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • نفط اليمن من حضرموت وشبوة إلى مأرب.. صراع على ثروة تحتضر
  • صراع النفوذ السعودي الإماراتي يطفئ مدن حضرموت
  • تحضيرات إماراتية لاستهداف مارب وإرباك النفوذ السعودي
  • حضرموت على شفير الانفجار: النفط يشعل اشتباكات عسكرية تهدد استقرار اليمن
  • حزام الأسد: ما يجري في حضرموت صراع نفوذ بين أدوات العدوان لخدمة الأطماع الأجنبية
  • صراع النفوذ والنفط يهدد استقرار حضرموت اليمنية
  • حضرموت.. تتحول إلى ساحة صراع سعودي–إماراتي
  • أنصار الله: حضرموت ساحة صراع نفوذ بين أدوات العدوان
  • استعدادات عسكرية إماراتية لاسقاط المحافظة رقم (2) بعد حضرموت