هكذا تنظر إيران لجولة ترامب في منطقة الخليج العربي
تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT
طهران – تتابع إيران جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في منطقة الخليج بعين لا تغفل، وقلق لا تُخطئه لغة الدبلوماسية ولا افتتاحيات الصحف الرسمية. ففي التوقيت ما يكفي لتوصيفها بـ"الحساسة"، وفي السياق ما يوحي بأن طهران لا تراها مجرد زيارة بروتوكولية، بل حلقة جديدة من إعادة الاصطفاف الإقليمي، وربما اختبارا مبكرا لموازين التفاوض الجاري.
قبيل بدء جولة ترامب، توجّه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في زيارة سريعة إلى السعودية وقطر والإمارات، في ما بدا أنه جهد استباقي لنقل الموقف الإيراني من المفاوضات النووية الجارية في مسقط.
وتتزامن الزيارة مع انطلاق جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة في سلطنة عُمان. وتتمسك إيران بشدة بمطلب رفع العقوبات مقابل التقدم في برنامجها النووي، بالمقابل تؤكد واشنطن ضرورة أن تقوم طهران بخطوات "شفافة ولا رجعة فيها" لضمان العودة إلى أي اتفاق نووي.
أهداف الزيارةفي هذا السياق، رأى الباحث المتخصص في الدراسات الأميركية علي أكبر داريني أن "الهدف الأهم من زيارات الرئيس الأميركي إلى السعودية وقطر والإمارات هو جذب استثمارات منها إلى الولايات المتحدة بهدف تعزيز الاقتصاد الأميركي والصناعات الوطنية، وتقديم ذلك بوصفه إنجازا اقتصاديا كبيرا".
إعلانوأضاف داريني للجزيرة نت أن بيع الأسلحة وإبرام اتفاقيات أمنية مع الدول الخليجية من الأهداف المحورية لتحركات ترامب.
وفيما يتعلق بالمفاوضات النووية، أشار إلى أن التصريحات "المتشددة" التي صدرت مؤخرا من المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، مثل المطالبة بإزالة برنامج التخصيب الإيراني، تهدف إلى الضغط على طهران واختبار مدى صلابتها قبيل زيارة ترامب، لكنها لم تؤثر فعليا على مسار التفاوض.
وأكد أن التهديد بالخيار العسكري ضد إيران يفتقر للجدوى لأن تكلفة الحرب باهظة للغاية على الولايات المتحدة، مما يجعل هذا الخيار غير واقعي رغم التلويح به مرارا. ووفق داريني، فإن واشنطن أمام خيارين:
إما التوصل إلى اتفاق يراعي الخطوط الحمر الإيرانية. إما المضي في سياسة الضغط الأقصى والتصعيد.احتمال ضعيف
ويذهب الباحث داريني إلى أن احتمال الوصول لاتفاق شامل وطويل الأمد ضعيف جدا نظرا لعمق الخلافات، لكن لا يُستبعد التوصل إلى اتفاق مؤقت على المدى القريب.
وختم بالقول إن الدول العربية في المنطقة "لا ترغب في وضع جميع بيضها في سلة الولايات المتحدة"، ولذلك تسعى للحفاظ على علاقة معقولة مع طهران أيضا، خاصة وأن هذه البلدان "تحاول منذ عدة سنوات تطوير علاقاتها مع الدول الشرقية بما في ذلك إيران من أجل تنويع خياراتها في السياسة الخارجية".
من زاوية أخرى، قال أستاذ الدراسات الأميركية بجامعة طهران فؤاد إيزدي إن "زيارة ترامب إلى المنطقة تركز بشكل أساسي على القضايا الاقتصادية، وفي مقدمتها جذب الاستثمارات وفتح قنوات للتفاعل الاقتصادي، وواشنطن تولي أولوية لحل مشاكلها الاقتصادية الداخلية".
وأوضح إيزدي -في حديثه للجزيرة نت- أن السياسات الأميركية المعادية لإيران ما زالت قائمة، وستبقى حاضرة في الخطاب السياسي خلال هذه الزيارة، لكنها لم تعد على رأس الأولويات كما في السابق في ظل تركيز الإدارة الأميركية الحالية على الملفات الاقتصادية.
إعلانوبرأيه، فإن الفرص التي كانت الولايات المتحدة تستغلها سابقا لإثارة الخلافات بين دول المنطقة باتت أقل توفرا، في إشارة إلى تحسن العلاقات بين إيران والسعودية خلال العامين الماضيين، واستمرار العلاقات الجيدة مع قطر، مما قلّص من قدرة واشنطن على استثمار الانقسامات الإقليمية.
خيار مستبعدواعتبر الأكاديمي الإيراني أن التحالفات الأميركية ضد طهران "ليست جديدة"، وأن واشنطن لا تزال تسعى لاستغلالها لتحقيق أهدافها في المنطقة، لكن إيران "تحاول عدم منحها فرصة جديدة، لا سيما أن دول المنطقة أصبحت أكثر وعيا وأقل استعدادا للانخراط في مخططات تؤدي إلى زعزعة استقرارها".
ورأى أن قلق دول الخليج لم يعد مرتبطا بالتوصل إلى اتفاق نووي، بل بالخوف من اندلاع مواجهة عسكرية بين إيران والولايات المتحدة، خصوصا في ظل وجود قواعد أميركية على أراضي هذه الدول، والتي ستكون أهدافا في حال نشوب حرب.
وأكد أن طهران لطالما دعت إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين دول المنطقة، وتؤمن بأن أمنها يمكن أن يُدار من داخلها دون الحاجة إلى وجود أجنبي، مضيفا أن "على قادة المنطقة أن ينبهوا واشنطن إلى خطورة السماح للتيار الداعم للحرب والمتحالف مع إسرائيل بفرض سياساته، لأن أي حرب جديدة ستكون مكلفة جدا لأميركا وللمنطقة على حد سواء".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
شركة تعدين كونغولية ترفض العقوبات الأميركية وتعتبر نفسها ضحية
رفضت شركة "تعاونية المعدنيين الحرفيين في الكونغو" الاتهامات التي وجهتها إليها وزارة الخزانة الأميركية بشأن تورطها في تهريب المعادن الحيوية ودعم جماعات مسلحة تنشط شرقي الكونغو الديمقراطية، مؤكدة أنها "الضحية الأولى" للصراع الدائر في المنطقة.
وقالت الشركة، في بيان تلقته وكالة رويترز، إن الجماعات المسلحة التي سيطرت على مواقعها منعتها من ممارسة أنشطتها بشكل قانوني، مضيفة "لسنا الجناة، بل نحن الضحايا الأساسيون للصراع المسلح والنهب الذي زعزع استقرار هذه المنطقة".
وكانت واشنطن قد أعلنت، الثلاثاء الماضي، فرض عقوبات على هذه الشركة ضمن إجراءات تستهدف ما سمته "البيع غير المشروع للمعادن الحيوية" المستخرجة من منطقة روابايا الغنية بالثروات المعدنية شرقي البلاد.
وشملت العقوبات أيضا جماعة "تحالف الوطنيين المقاومين الكونغوليين-قوات الضرب" التي تقول الولايات المتحدة إنها سيطرت على مواقع تعدين في روابايا بين عامي 2022 و2024، إلى جانب شركتين للتصدير مقرهما هونغ كونغ.
وأوضحت شركة تعاونية المعدنيين الحرفيين أن وجود الجماعات المسلحة حال دون فرضها سيطرة قانونية على امتيازاتها التعدينية، مشيرة إلى أن استمرار النزاع يهدد استقرار القطاع ويعيق جهود التنمية في المنطقة.
وتأتي هذه العقوبات في إطار جهود إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للحد من العنف شرق الكونغو، حيث شنت حركة "إم 23" المدعومة من رواندا هجوماً واسعا في وقت سابق من العام الجاري، مما خلّف آلاف القتلى وتسبب في موجة نزوح جماعي.
وتُعد منطقة روابايا من أبرز مصادر معدن الكولتان الذي يُستخدم في صناعة التانتالوم، وهو عنصر أساسي في الهواتف المحمولة والمعدات الطبية والتطبيقات الفضائية. وتنتج المنطقة نحو 15% من الكولتان العالمي، وفق تقديرات رسمية.
إعلان