إخلاء 188 مصابا ومريضا من غزة عبر مطار رامون بتنسيق الإمارات
تاريخ النشر: 15th, May 2025 GMT
نفذت الإمارات بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، رحلة إخلاء جديدة من قطاع غزة معبر كرم أبوسالم الحدودي ومطار "رامون" الإسرائيلي، ضمت 188 شخصا و101 مريضًا و87 من مرافقيهم.
ويأتي ذلك ضمن مبادرة إماراتية بتقديم العلاج والرعاية الصحية لـ1000 طفل فلسطيني من الجرحى و 1000 من المصابين بأمراض السرطان من قطاع غزة في مستشفيات البلد الخليجي، بينما وصل العدد الإجمالي الحالي إلى 2634 مريضاً ومرافقاً، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء الإمارات.
وقال سلطان الشامسي مساعد وزير الخارجية لشؤون التنمية والمنظمات الدولية نائب رئيس وكالة الإمارات للمساعدات الدولية: "تندرج مبادرة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، في إطار الدعم التاريخي لدولة الإمارات للشعب الفلسطيني الشقيق ووقوفها مع سكان غزة في الأزمة الحالية، حيث تساهم المبادرات الإنسانية الإماراتية في التخفيف من الآثار الكارثية التي يواجهها سكان القطاع، وخاصة فئات الأطفال والنساء وكبار السن".
وأضاف الشامسي "في هذا الوقت الحرج، لن تدخر دولة الإمارات جهداً في مد يد العون للأشقاء الفلسطينيين وتقديم المبادرات لغوثهم سواء برا أو بحرا أو جوا، وستستمر في العمل الحثيث – والقيام بدور قيادي وريادي – مع الأمم المتحدة والشركاء الدوليين لمضاعفة الجهود اللازمة لدعم المساعي المبذولة لتخفيف المعاناة الإنسانية في غزة، وضمان تدفق المساعدات فورا وبأمان ودون عوائق وعلى نطاق واسع ومستدام عبر كافة الطرق الممكنة".
وأوضح أن "الإمارات تصدرت قائمة الدول الأكثر دعما لسكان قطاع غزة منذ بداية الأزمة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وبنسبة تجاوزت 40 بالمئة من مجمل المساعدات المقدمة".
وأكد أن "دولة الإمارات في عمليات الإخلاء الطبي المتواصلة تعكس حرصها على توفير الرعاية الصحية المتقدمة للمصابين الفلسطينيين، والمساهمة في تقديم الدعم الإنساني خلال هذه الأوضاع الحرجة".
وأشار إلى أن "الإمارات لن تألو جهدا في دعمها الإنساني لشعب غزة خلال هذه الأوقات الصعبة، وستواصل جهودها الإنسانية والإغاثية وإخلاء المصابين والمرضى، ما يعكس التزامها العميق بإنقاذ الأرواح".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية الإمارات غزة الإسرائيلي إسرائيل غزة الاحتلال الإمارات المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
ماذا تدعم الولايات المتحدة تحديدا عندما تُموّل مؤسسة غزة الإنسانية؟
يأتي إعلان وزارة الخارجية الأمريكية في دعم "مؤسسة غزة الإنسانية"، بتمويل بقيمة 30 مليون دولار، ليسلط الضوء على الدور الأمريكي في هذه المؤسسة المتهمة بالضلوع في عمليات قتل الفلسطينيين ضمن "مصائد توزيع المساعدات"، وليذكر في استغلال الإدارات الأمريكية للملف الإنساني من أجل تحقيق أهداف سياسية وأمنية.
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بدأت تل أبيب وواشنطن منذ 27 أيار/ مايو الماضي تنفيذ خطة لتوزيع مساعدات محدودة عبر ما تُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، حيث يجبر الفلسطينيين المجوعين على المفاضلة بين الموت جوعا أو برصاص جيش الاحتلال.
ومنذ أن بدأت آلية التوزيع الجديدة أكدت وزارة الصحة في قطاع غزة أن نحو 550 فلسطينيا استشهدوا بالقرب من مراكز التوزيع أثناء سعيهم للحصول على المساعدات التي باتت شحيحة.
"أمريكية خالصة"
تأسست مؤسسة "غزة الإنسانية" على يد مسؤولون أمريكيون بمشاركة إسرائيليين، وذلك شباط/ فبراير 2025 ومقرّها الرسمي في جنيف بسويسرا، وتهدف المؤسسة رسميًا إلى "تخفيف الجوع في قطاع غزة" عبر توزيع المساعدات الغذائية مع ضمان "عدم وصولها إلى يد حركة حماس".
وجاء التأسيس تأسّس المشروع بطلب من الإدارة الأميركية، ونقل الإعلام عن السفير الإسرائيلي في واشنطن قوله إن هذه المبادرة "أمريكية خالصة".
وكان من المقرر أن تجهز المؤسسة وتشتري المواد الغذائية، بينما تتولى شركات أمنية أمريكية خاصة نقلها وتأمين مراكز التوزيع بالتنسيق مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ووصفت منظمات حقوقية وإعلامية أنشطة المؤسسة بأنها "آلية أمنية" وليست عملًا إنسانيًا، مع الكشف أن المؤسسة تعتمد، على متعاقدين عسكريين ومسلحين لتأمين توزيع المساعدات في نقاط تحددها "إسرائيل".
وأسندت المنظمة العمل الميداني إلى شركات أمنية أمريكية خاصة كشركة "كونستيلس"، التي توصف بأنها "وريثة بلاك ووتر" وعناصرها من العسكريين الأمريكيين السابقين، مثل جيك وود، الجندي الأميركي السابق الذي شارك في الاعتداءات الأميركية على العراق وأفغانستان، الذي استقال في 28 أيار/ مايو من مسؤوليته كمدير تنفيذي للمنظمة.
وانتقدت منظمات إنسانية هذا النموذج، وحذرت من أنه يحول المساعدات إلى "أداة للسيطرة"، ويعيد توظيفها في فرض خطط أمنية وسياسية على السكان.
انتقدت منظمة «أطباء بلا حدود» المؤسسة واعتبرت توزيعها للمساعدات «مجزرة متكررة». وطالبت المنظمة بوقف نشاطها فورًا، موضحةً أن ما يزيد على 500 فلسطينيٍّ قتلوا (ورُبعوا آلاف آخرون) أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء من مراكز تعلنها المؤسسة
شهادات صادمة
أفاد المواطن المعتز بالله محمد الكفارنة (38 عامًا) بأنه لدى وصوله قرب حاجز التوزيع، أبلغتهم مكبرات الصوت الإسرائيلية بإغلاق المركز وهددتهم بإطلاق النار خلال ثلاث دقائق، مصحوبًا بسباب وصفهم بـ"الكلاب".
وأكد الكفارنة أن الجنود باشروا إطلاق النار مباشرة قبل أن يتمكنوا من الابتعاد، ما أسفر عن سقوط عشرات الإصابات وصيحات استغاثة لم يستطع أحد تلبيتها بسبب كثافة الرصاص.
وأوضح أن الشبان تمكنوا بعد هدوء نسبي من إخلاء المصابين إلى مركز للصليب الأحمر، لكنه شاهد بأم عينه جرحى يفارقون الحياة. عاد هو ومن معه مكسوري النفوس يعتصرهم الحزن والخوف، وقد أدركوا أن جوعهم دفعهم في يوم العيد للوقوف أمام عدوهم بحثًا عن "طعام مغلف بالذل والمهانة".
وسرد الكفارنة كيف قضوا الليل على تراب شاطئ بحر رفح، حتى بدأت فجرًا موجة جديدة من إطلاق النار المباشر على ارتفاع أقل من متر عن الأرض، ما اضطرهم للانبطاح أرضًا أو اتخاذ وضعية الجنين وسط أصوات الطائرات. وذكر أن شريط حياته مر أمام عينيه، إذ لم يكن يخشى الموت بقدر ما كان يخشى ألا يعود إلى أطفاله الجوعى بالطعام.
وقال "استمر إطلاق النار ساعة وربعًا. لم يكن لديهم سوى الشهادتين والدعاء "حسبنا الله ونعم الوكيل". وحين توقف الرصاص، قيل لهم إن هذا وقت الدخول".
وصف الكفارنة لحظة التقدم نحو المساعدات بأنها مشهد تراجيدي لم تصوره الملاحم التاريخية، مضيفا أنه "جري لمسافة تزيد على كيلومترين بين جثث القتلى والجرحى الذين يئنون على الأرض، بينما لم يستطع أحد التوقف لمساعدتهم خوفًا من أن يدهسه الجائعون أو أن يُحرم من الطعام أو يُطلق عليه النار".
وكشف أنه اضطر لرفع يديه والكيس الأبيض علامة استسلام، وكأنه "دابة تنتظر فتح المعلف"، وسط مشهد فوضوي ينزع عنهم إنسانيتهم بالكامل.
بعد اجتياز الحاجز الإسرائيلي والانعطاف يمينًا ويسارًا مسافات طويلة، وصلوا إلى حاجز تديره عناصر أمنية أمريكية خاصة مدججة بالسلاح وترتدي سترات تحمل العلم الأمريكي، يوجهون السلاح إلى صدورهم ويطلقون النار نحو الأرض لإرهابهم.
تراجع الجنود لاحقًا تاركينهم يندفعون مثل "الثيران في حلبات الروديو"، بينما كان الكفارنة يردد: "لكننا بشر".
وصل الجميع إلى تلة المساعدات ليتحولوا إلى "وحوش تتزاحم للقضم من فريسة". لم يكن ثمة تنظيم أو عدالة. حصل من تمكن على صندوق طعام ثم اضطر لتفريغه في كيسه والهرب بسرعة، خشية أن يهجم عليه من يليه ليسرقه.
أشار إلى أن كثيرين كانوا يحملون سكاكين أو مشارط للدفاع عن أنفسهم، وأن من يسقط يُدهس تحت أقدام الحشود أو يُسلب ما لديه.
بعد مغادرة "أرض الموت"، فتح كيسه ليجد 2 كيلو عدس، نصف كيلو حمص، 2 كيلو دقيق، 4 كيلو مكرونة، كيلو طحينة، لتر زيت قلي، 2 كيلو ملح، وعلبًا معدودة من البقول المعلبة. عند رؤية هذه الحصة الضئيلة، بكى بحرقة، مؤكدًا أن القهر مزق قلبه وروحه، إذ اضطر للمخاطرة بحياته عشرات الكيلومترات ليجمع هذا القدر القليل من الطعام، بينما الجرحى والقتلى يُتركون خلفه دون مساعدة.
ومن ناحية أخرى أكدت شهادات لجنود في جيش الاحتلال في غزة أن الجيش يطلق النار عمدا على الفلسطينيين بالقرب من مراكز توزيع المساعدات الإنسانية، باستخدام المدفعية والقناصة والدبابات وغيرها، من دون اكتراث بحياة الأبرياء، فيما أقصى المخاوف تتعلق بانتقادات المجتمع الدولي، وعواقب ارتكاب جرائم حرب، أما قتل الباحثين عن لقمة يسدون بها جوعهم، فهو أمر عادي.
وتبيّن محادثات أجرتها صحيفة "هآرتس" مع ضباط وجنود، أن قادة في الجيش أصدروا أوامر بإطلاق النار نحو مدنيين لتفريقهم وإبعادهم، رغم عدم تشكليهم خطراً على الجنود.
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
وفي المقابل، طالبت النيابة العسكرية وحدة التحقيق التابعة لهيئة الأركان العامة بالتحقيق في شبهات ارتكاب جرائم حرب في هذه المواقع، ليس حرصاً على حياة الفلسطينيين، ولكن خشية الملاحقات الدولية.
وبحسب ضباط وجنود خدموا في مناطق مراكز المساعدات، يطلق جيش الاحتلال النار على الأشخاص الذين يقتربون من مراكز المساعدات قبل فتحها، لمنعهم من الاقتراب، أو بعد إغلاقها، بهدف تفريقهم.
وقال أحد الجنود: "هذا ميدان قتل. في المكان الذي كنت فيه، كان يُقتل يومياً ما بين شخص إلى خمسة. يُطلق عليهم النار كما لو كانوا قوة مهاجمة. لا تُستخدم وسائل تفريق التظاهرات، ولا يُطلق غاز، بل يُطلق كل ما يمكن تخيّله، نيران رشاش ثقيل، وقنابل، وقذائف هاون. ثم، عندما تُفتح نقطة التوزيع، يتوقف إطلاق النار، وهم يعرفون أنه يمكنهم الاقتراب. نحن نتواصل معهم عبر النار".
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
وأضاف الجندي: "تُطلق النار في الصباح الباكر إذا حاول أحدهم حجز دور من مسافة مئات الأمتار، وأحياناً يتم الهجوم عليهم من مسافة قريبة، رغم عدم وجود خطر على القوات".
وأضاف: "لا أعرف أي حالة إطلاق نار من الطرف الآخر. لا يوجد عدو ولا أسلحة". كما أشار إلى أن النشاط العسكري في منطقته يُطلق عليه اسم "عملية سمك مملّح".
وقال ضباط آخر للصحيفة إن الجيش لا ينشر للجمهور في "إسرائيل" أو في الخارج توثيقاً لما يحدث حول مواقع توزيع الغذاء. وبحسب أقوالهم، فإن "الجيش راضٍ عن أن نشاط منظمة مؤسسة غزة الإنسانية الأميركية حال دون انهيار كامل للشرعية الدولية"، لمواصلة حرب الإبادة على القطاع، كما يعتقدون أن الجيش نجح في تحويل قطاع غزة إلى "ساحة خلفية"، خاصة في أعقاب الحرب مع إيران.
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
وقال أحد جنود الاحتياط، الذي أنهى هذا الأسبوع جولة أخرى في شمال القطاع: "غزة لم تعد تهم أحداً. لقد أصبحت مكاناً بقوانين خاصة به. فقدان الأرواح لم يعد يعني شيئاً".
انتقادات وتحقيقات
واجهت "غزة الإنسانية" تحقيقات رسمية دولية منذ إطلاقها، ففي سويسرا مثلاً طالبت منظمة حقوقية باسم "ترايال إنترناشيونال" السلطات الفدرالية بفتح تحقيق رسمي في نشاطات المؤسسة، وعللت ذلك بشكوك حول مدى التزامها بالقانون السويسري والقانون الإنساني الدولي.
. وقد تقدمت المنظمة بطلبين في أيار/ مايو 2025 إلى هيئات سويسرية مختصة للتحقّق من قانونية استخدام المؤسسة لشركات أمن خاصة في عملها الميداني.
وأصدرت محكمة في جنيف في حزيران/ يونيو 2025 أمراً إلى فرع المؤسسة في سويسرا بالامتثال لشروط التسجيل القانونية، وإلا واجهت "إجراءات قضائية محتملة".
وبينما طالبت الولايات المتحدة دول العالم بدعم المؤسسة بمليارات الدولارات رغم رفض الهيئات الإغاثية الدولية، أصدرت دول وحكومات دعوات لوقف هذا النموذج؛ وعبّرت الأمم المتحدة واللجان الدولية عن خشيتها أن يعزز التوزيع عبرها سياسات العسكرة وتهميش دور وكالات الإغاثة الدولية.
وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن رفضه الصريح لآلية توزيع المساعدات التي تتولاها "مؤسسة غزة" بالتنسيق مع جيش الاحتلال، مؤكدا أنها لا تحقق الحد الأدنى من معايير الحياد والاستقلالية المنصوص عليها في القانون الإنساني الدولي.
وأكد غوتيريش، في تصريحات صدرت خلال شهري أيار/ مايو وحزيران/ يونيو 2025، أن إلزام المدنيين بالتوجه إلى "مراكز مسيّجة" لتسلّم المساعدات يرقى إلى تهجير قسري مغلّف بغلاف إنساني، وشدد على رفض الأمم المتحدة لأي نموذج يربط الإغاثة بالمصالح العسكرية لطرف النزاع.
وفي السياق ذاته، أعلن كل من برنامج الغذاء العالمي (WFP) ووكالة الأونروا رفضهما الرسمي الانخراط في خطة التوزيع الجديدة. وذكر بيان مشترك صدر في نيسان/ إبريل 2025 أن هذا النموذج ينطوي على مخاطرة جسيمة بحدوث تجويع جماعي إذا جرى توظيفه لأغراض سياسية، لافتين إلى أن وجود شركات أمنية خاصة على الأرض يقوض مصداقية العمليات الإغاثية ويعرض المدنيين للخطر.
من جهته، وصف مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة (OCHA)، خلال إحاطات قدمها إلى مجلس الأمن في ربيع 2025، الآلية بأنها "تحايل على القانون الإنساني"، موضحاً أنها تعتمد على نقاط توزيع بعيدة عن تجمعات كبيرة من النازحين وتجبر العائلات على السير لمسافات طويلة وسط مناطق قصف. وأشار المكتب إلى أن تلك الممارسات أسفرت بالفعل عن وقوع خسائر بشرية أثناء محاولة المدنيين الوصول إلى المراكز.
كما انتقدت المفوضية السامية لحقوق الإنسان الطريقة المعتمدة في توزيع المساعدات، معتبرة أنها تشكل انتهاكاً واضحاً للحق في الحياة والسلامة الجسدية. وأكدت المفوضية أن تحويل الإغاثة إلى أداة ضغط سياسي أو أمني يمثل جريمة محتملة بموجب القانون الدولي.
وفي تصريحات مستقلة، وصفت خبيرة الأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، فرانسيسكا ألبانيز، أسلوب توزيع الغذاء بأنه "أمر فاضح أخلاقياً"، ورأت أنه يمثل شكلاً حديثاً من العقاب الجماعي. وأكدت ألبانيز ضرورة إعادة إدارة المساعدات بشكل مستقل عبر الوكالات الأممية والمنظمات الإغاثية التقليدية.
استغلال المساعدات
لطالما استغلت الولايات المتحدة الأمريكية ملف المساعدات الإنسانية بهدف تحقيق مكاسب وأهداف استراتيجية مختلفة، وهو أمر تكرر في أفغانستان وباكستان والعراق وحتى في السودان والكونغو، وسط تصاعد الدور الأمريكي حاليًا في قطاع غزة، إن كان حاليا فقط عبر "مؤسسة غزة".
وفي أفغانستان، قدمت إدارة الرئيس جورج بوش الابن بعد 11 أيلول/ سبتمبر الحرب على أنها جزء من "حملة إنسانية" لتحرير المرأة، وهو ما عُرف لاحقًا بمفهوم "النسوية المضمّنة - Embedded Feminism"، ومع ذلك، كان الهدف الفعلي القضاء على تنظيم القاعدة وتعزيز النفوذ الأمريكي في منطقة آسيا الوسطى.
وأشارت واشنطن بوست إلى أن نحو 40 بالمئة من المساعدات الأمريكية انتهت في أيدي الفاسدين والجماعات المسلحة، رغم إسقاط ملايين الحصص الغذائية لتلميع صورة التدخل العسكري.
أما في باكستان، فقد وظفت واشنطن المساعدات لتعزيز نفوذها بعد 2001، لكنها ساهمت في تقوية الجيش على حساب المؤسسات المدنية وزيادة الفساد، كما وثقت CBS News ومجلة Global Policy.
وبرزت فضيحة برنامج تطعيم ضد شلل الأطفال الذي استُخدم غطاءً لجمع معلومات عن أسامة بن لادن، ما قوض الثقة في جهود التطعيم، وفق صحيفة "الغارديان".
وفي العراق بعد 2003، ارتبطت المساعدات بإعادة الإعمار التي استفادت منها شركات أمريكية مقربة من دوائر الحكم مثل "بكتل" و"هاليبرتون"، إذ حصلت "بكتل" على عقود بقيمة 1.8 مليار دولار لكنها أخفقت في إنجاز نصف المشاريع، بحسب "نيوز لاين".
كما كشف تقرير المفتش العام الأمريكي SIGIR عن هدر ما لا يقل عن 8 مليارات دولار من أصل 60 مليارًا بسبب الفساد وسوء الإدارة، مع تضخيم أسعار العقود وعمليات رشوة واسعة.
أما في السودان، فقد استُخدمت المساعدات لدعم أطراف محددة وإطالة أمد النزاع، كما حدث في التسعينيات عندما قدمت واشنطن دعما عسكريًا للحركة الشعبية لتحرير السودان.