لا شك أن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المنطقة حظيت باهتمام كبير، ليس فقط لأنها أول زيارة خارجية للرئيس الأمريكي الجديد، بل بسبب الزمان والمكان والسياقات التي جاءت فيها، وما حملته من إشارات، خصوصًا في ما يتعلق بالعلاقة الأمريكية الخليجية، والملفات الكبرى في الشرق الأوسط، وعلى رأسها الملف النووي الإيراني، والحرب في غزة، والموقف من سوريا.

 

‏إلا أن السؤال الذي فرض نفسه، ولو من موقع الغياب، خاصة مع لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع بالرئيس الأمريكي هو: أين اليمن من كل هذا؟

 

‏اليمن المعترف به دوليا لم يُذكر، لم يحضر، رغم كونه ساحة مشتعلة منذ قرابة عقد، وحربًا لا تزال مفتوحة على كل الاحتمالات. لم تُسجل أي مشاركة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، لا عبر مجلس القيادة الرئاسي، ولا من خلال أي شخصية تمثل الشرعية، رغم أن بعض المقربين من الحكومة كانوا يتحدثون في مجالسهم الخاصة عن الزيارة، ويراهنون على أنها قد تفتح نافذة جديدة للشرعية في المشهد الإقليمي والدولي.

 

‏بل إن المفاجأة الأكبر التي سبقت زيارة ترامب تمثلت في الاتفاق غير المعلن بين الولايات المتحدة الأمريكية وجماعة الحوثي، والذي رعته سلطنة عمان، وجرى التفاهم حول وقف الهجمات المتبادلة بين الطرفين.

 

‏هذا الاتفاق أعاد ترتيب المشهد بطريقة مختلفة تمامًا. فأن تتفاوض واشنطن مع الحوثيين، بشكل مباشر أو غير مباشر، بينما تغيب الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، فذلك يحمل دلالات على تحوّل المعادلات والنظرة إلى الأطراف الفاعلة.

 

‏ربما الموقف اللافت الوحيد هو ما حدث خلال كلمة أمير الكويت، عندما نبهه ولي العهد السعودي بشأن توصيفه لجماعة الحوثي. هذا التنبيه كان تعبيرًا عن قلق سعودي من أن تُمنح الجماعة صفة الدولة أو الطرف المعني باليمن.

 

‏الغياب اليمني، سياسياً ودبلوماسياً، عن زيارة بهذا الحجم وفي لحظة بهذا المعنى، يفتح أبواباً واسعة للتأمل والتساؤل:

أول هذه الأسئلة: لماذا تم تجاهل الملف اليمني؟ ولماذا لم يُخصص له أي حيز في اللقاءات أو في أجندة المشاورات؟ ولماذا لم يرد حتى عرض رمزي لهذا الملف الذي طالما تكرّرت الإشارة إليه في سياق محاربة النفوذ الإيراني؟

‏ أليس الحوثيون حلفاء طهران كما يتحدث الجميع؟ فلماذا يتم التفاوض معهم وتهدئة جبهتهم في الوقت الذي تُصعّد فيه أمريكا خطابها تجاه إيران في ملفات أخرى؟

 

‏السؤال الثاني: هل أصبح الملف اليمني رهينة لتطورات خارجه؟ بمعنى آخر، هل ما يحدث في اليمن مرتبط بما يجري في غزة أو أو في طهران؟ هل يُستخدم اليمن كورقة مساومة في ملفات أخرى، ويتم ضبط إيقاع الحرب والسلام فيه تبعًا لحسابات بعيدة عن مصلحة اليمنيين أنفسهم؟

 

‏السؤال الثالث: ماذا عن وعود الحسم التي تحدث عنها مسؤولو الشرعية؟

 

‏منذ أسابيع والحكومة اليمنية المقيمة في الرياض وبعض قياداتها تتحدث عن قرب الحسم، عن عمليات برية وشيكة، عن مرحلة جديدة تُعيد ترتيب المشهد العسكري. لكن شيئًا من ذلك لم يحدث، بل العكس، فقد جاء الاتفاق الأمريكي الحوثي ليعيد التساؤل حول صدقية ما يقال!

 

‏السؤال الرابع: أين أصبحت الحكومة اليمنية نفسها؟ هل ما تزال طرفًا معترفًا به على مستوى الفاعلين الإقليميين والدوليين؟ أم أنها تحوّلت إلى مجرد تمثيل شكلي؟

 

‏في المقابل، هل أن جماعة الحوثي، رغم كل ما يُقال عنها، استطاعت أن تفرض نفسها كطرف لا يمكن تجاوزه، حتى من قبل واشنطن؟

 

‏زيارة ترامب، باتفاقها المسبق مع الحوثيين، وتهميش مجلس القيادة الرئاسي، وإشاراتها المركزة على ملفات أخرى وبالأخص سوريا، تشير إلى مرحلة جديدة عنوانها: “إعادة توزيع الأدوار”، أو ربما “إعادة تعريف الأولويات”. في هذه المرحلة، لا يبدو أن هناك مكانًا مضمونًا لليمن إلا من زاوية ما يريده الآخرون.

 

‏وإذا كان اليمن قد خرج فعلاً من خارطة الأولويات الدولية، أو أُعيد تموضعه في سياق مصالح تتجاوز حدوده، فإن هذا يعني أن المسار الحالي ليس مسار سلام ولا مسار حرب، بل مسار تجميد طويل، وتحييد متعمد، بانتظار ما ستؤول إليه ملفات أخرى.

 

‏لكن السؤال الأهم الذي لا يمكن تجاوزه: هل ما زالت هناك فرصة لليمنيين أن يكونوا جزءاً من المعادلة، أم أن اللعبة الكبرى قد رُسمت دونهم، وبدأ تنفيذها من خلف ظهورهم؟


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: البحر الأحمر السعودية ترامب مليشيا الحوثي اليمن ملفات أخرى

إقرأ أيضاً:

«أسبوع أبوظبي المالي».. مبادرات وشراكات عالمية ترسم مستقبل الابتكار المالي

حسام عبدالنبي (أبوظبي)

أخبار ذات صلة %76 نسبة تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في الجهات الحكومية «أبوظبي للدفاع المدني» تعزز إجراءات الوقاية والسلامة في «ليوا الدولي»

اختتمت في أبوظبي أمس فعاليات النسخة الأكبر والأكثر أهمية في تاريخ أسبوع أبوظبي المالي (ADFW) 2025، حيث حقق الحدث المالي الأبرز في المنطقة، عدداً من النجاحات غير المسبوقة أهمها الإعلان عن مجمّع التقنيات المالية والتأمين والأصول الرقمية والبديلة (FIDA) في أبوظبي، وإطلاق أول مؤشر تنافسية للمراكز المالية العالمية (FCCI) الصادر عن جامعة نيويورك، والذي يقيس أداء المراكز المالية الدولية حول العالم.
كما شهد الحدث توقيع 59 مذكرة تفاهم في أول 3 أيام من الحدث، فضلاً عن إعلان عدة شركات ومؤسسات مالية عالمية عن تأسيس عملياتها في أبوظبي العالمي، وكذلك إعلان سلطة تنظيم الخدمات المالية في أبوظبي العالمي عن تحسينات في أطرها التنظيمية سواء في الأصول الافتراضية أو الصناديق، بجانب الكشف عن تقديم ائتلاف دولي تعهّدات بقيمة 1.9 مليار دولار خلال أسبوع أبوظبي المالي، دعماً للمرحلة الأخيرة من جهود استئصال شلل الأطفال عالمياً.
وتضمّنت أجندة أسبوع أبوظبي المالي أكثر من 60 فعالية وما يزيد على 300 جلسة متخصّصة، بمشاركة أكثر من 750 متحدثاً عالمياً. وجمعت الدورة الحالية رؤساء تنفيذيين ورؤساء مجالس إدارة ورؤساء ومؤسسي شركات يديرون أصولاً تتجاوز قيمتها 62 تريليون دولار حول العالم؛ أي ما يعادل أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

مذكرات تفاهم
وخلال اليوم الافتتاحي أعلنت عدة شركات عن تأسيس عملياتها في أبوظبي العالمي (ADGM) حيث أعلنت «باينانس» عن حصولها على الموافقة الرسمية من سلطة تنظيم الخدمات المالية في أبوظبي العالمي (ADGM)، لتشغيل منصتها العالمية Binance.com تحت إطار تنظيمي شامل. 
كما حصل كل من «كانتور» البنك الاستثماري العالمي البارز، ومجموعة «بلينيري» المطوّر والمستثمر العالمي في مشروعات البنية التحتية، على موافقات مبدئية من سلطة تنظيم الخدمات المالية في خطوة تعكس توسّع حضورهما في منطقة الشرق الأوسط.
كما تم الإعلان عن 12 مذكرة تفاهم خلال اليوم الأول من أسبوع أبوظبي المالي، تضمنت شراكات بين جهات محلية ودولية مثل، صندوق الإمارات للنمو، مكتب أبوظبي للاستثمار (ADIO)، هاب 71، منصة نمو، صندوق خليفة، مكتب الاتحاد للمعلومات الائتمانية، معهد الإمارات للمالية، «زيلو»، «ميرسي بين كابيتال بارتنرز» و«هانوا».
وشهد اليوم الثاني من فعاليات أسبوع أبوظبي المالي سلسلة من الإعلانات من عدد من الشركات التي افتتحت مقارّ لها في أبوظبي العالمي (ADGM) فقد عزّزت مجموعة «سيركل انترنت جروب» إحدى أبرز شركات منصّات التمويل عبر الإنترنت والمُدرجة في بورصة نيويورك، وجودها الاستراتيجي في المنطقة بعد حصولها على ترخيص تقديم الخدمات المالية من سلطة تنظيم الخدمات المالية في أبوظبي العالمي لمزاولة نشاط مزوّد خدمات الأموال.
كما حصل «بنك بي بي في آي» على موافقة مبدئية من سلطة تنظيم الخدمات المالية في أبوظبي العالمي (ADGM).
وتم خلال اليوم الثاني من أسبوع أبوظبي المالي أيضاً الإعلان عن 23 مذكرة تفاهم، شملت شراكات بين جهات محلية ودولية مثل: «فينستريت» و«فرانكلين تمبلتون» ومبادلة و«ماستركارد» و«إم بنك».
وشهد اليوم الثالث من أسبوع أبوظبي المالي سلسلة من الإعلانات البارزة، حيث كشف كل من Galaxy Digital والبنك الأوراسي للتنمية عن خططهما لافتتاح مكاتب في أبوظبي العالمي (ADGM). كما كشفت شركة ساس العقارية، رسمياً عن أحدث مشاريعها وهو مشروع «الريتز-كارلتون ريزيدنسز» في جزيرة المارية، وهو مشروع سكني فاخر يحمل علامة ريتز-كارلتون العالمية ويعزّز محفظة الشركة من الوجهات الراقية.
وتم خلال اليوم الثالث الإعلان عن توقيع 24 مذكرة تفاهم، شملت شراكات بين جهات محلية ودولية من بينها «بلاك روك»، «فينستريت»، «سويس ري»، RIQ، «كيتوبي جلوبال» ومجموعة «لولو» المالية، Crypto.com، 42 أبوظبي، «هانوا» و«كريسوس».

مجمّع التقنيات المالية
وشهد الحدث إطلاق مجمّع التقنيات المالية والتأمين والأصول الرقمية والبديلة (FIDA) في أبوظبي. 
وتهدف هذه المبادرة، التي يقودها كل من دائرة التنمية الاقتصادية – أبوظبي، ومكتب أبوظبي للاستثمار، إلى تطوير جيل جديد من الحلول المالية والاستثمارية المبتكرة. 

مؤشر تنافسية
وشهدت فعالية «أسيت أبوظبي» خلال اليوم الثاني الإعلان عن إطلاق أول مؤشر تنافسية للمراكز المالية العالمية (FCCI) الصادر عن جامعة نيويورك، والذي يقيس أداء المراكز المالية الدولية حول العالم. وصنّف المؤشر أبوظبي في المرتبة الأولى على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمرتبة الثانية عشرة عالمياً، متقدمة على دبي والرياض والدوحة.

تحسينات جوهرية 
وخلال الدورة التاسعة من «فينتك أبوظبي» ضمن فعاليات أسبوع أبوظبي المالي، أعلنت سلطة تنظيم الخدمات المالية في أبوظبي العالمي (ADGM) عن مجموعة من التحسينات الجوهرية على إطارها التنظيمي للأصول الرقمية. 
وإلى ذلك عرضت سلطة تنظيم الخدمات المالية في أبوظبي العالمي (ِADGM) تحسينات إطارها التنظيمي للصناديق ضمن فعاليات «أسِت أبوظبي» خلال أسبوع أبوظبي المالي، حيث واصلت سلطة تنظيم الخدمات المالية تعزيز إطارها التنظيمي لتأكيد مكانة أبوظبي العالمي كمركز دولي رائد لإدارة الصناديق والأصول

شراكات استراتيجية
وقّع مكتب أبوظبي للاستثمار عدداً من اتفاقيات التعاون الاستراتيجي خلال الحدث، ومنها شراكة استراتيجية مع «برودنشال فاينانشل» في الولايات المتحدة الأميركية، إحدى أبرز الشركات العالمية في مجال الحلول المالية وإدارة الاستثمارات، بهدف تطوير مجالات الادخار التقاعدي طويل الأجل وحلول الدخل وإعادة التأمين في إمارة أبوظبي، حيث تنضم «برودنشال فاينانشال» إلى مجمع التقنيات المالية والتأمين والأصول الرقمية والبديلة (FIDA).
وأعلن مكتب أبوظبي للاستثمار و«يي باي»، الشركة الرائدة في مجال المدفوعات عبر الحدود، عن شراكة استراتيجية لدعم الخطط التوسعية العالمية للشركة، وذلك من خلال تأسيس مقرها الإقليمي ومركزها التقني في أبوظبي ضمن مجمع التقنيات المالية والتأمين والأصول الرقمية والبديلة (FIDA).
كما تم توقيع شراكة استراتيجية مع شركة «الصين الدولية لرأس المال (CICC)»، إحدى أبرز بنوك الاستثمار في آسيا، بهدف إنشاء إطار استثماري بين أبوظبي والصين. 
ووقّعت شركة «إي آند الإمارات»، مذكرة تفاهم استراتيجية مع «بنك المارية المحلي» خلال فعاليات «أسبوع أبوظبي المالي» لتمكين استخدام مدفوعات AE Coin عبر عدد من قنوات «إي آند» ومنصّاتها الرقمية، في خطوة تعزز ريادة دولة الإمارات عالمياً في مجال الابتكار في المدفوعات الرقمية.

تعهدات مالية
استضافت مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني، بالشراكة مع المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال (GPEI)، فعالية التعهّدات العالمية ضمن جلسة «الاستثمار في الإنسانية» خلال أسبوع أبوظبي المالي. 
وشارك بيل غيتس في الجلسة إلى جانب سمو الشيخة مريم بنت محمد بن زايد آل نهيان، رئيسة مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني، حيث شهدت الجلسة إعلان تعهّدات مالية من مجموعة واسعة من المانحين والدول، شملت 1.2 مليار دولار من مؤسسة بيل غيتس، و140 مليون دولار من مؤسسة محمد بن زايد للأعمال الإنسانية، و450 مليون دولار من روتاري إنترناشيونال.

مقالات مشابهة

  • الخارجية اليمنية: عيدروس الزبيدي لا يمكنه إعلان الإنفصال وما حدث شرق اليمن كان مفاجئًا
  • ترامب يهدد بـ رد شديد بعد هجوم تدمر الذي أسفر عن مقتل جنديين أميركيين ومترجم مدني
  • نهم السؤال وظمأ الذات
  • ترامب يعتزم تصنيف بيرو كحليف رئيسي لـ أمريكا من خارج الناتو
  • تصاعدت بشكل لافت...كيف تستفيد مليشيا الحوثي من قضايا الثأر في اليمن
  • 95 ألف لقطة.. ترامب يظهر في صور فاضحة ضمن ملفات قضية إبستين
  • إعلامي سعودي: السعودية ترفض استنساخ نموذج الحوثي في شرق اليمن والانتقالي يتحمل المسؤولية
  • فضل الله بعد لقائه سلام: الملف الأساسي الذي ناقشناه يرتبط بإعادة الأعمار
  • «أسبوع أبوظبي المالي».. مبادرات وشراكات عالمية ترسم مستقبل الابتكار المالي
  • تفاصيل اليوم الذي غيرت فيه القبائل اليمنية كل شيء