لجريدة عمان:
2025-05-23@23:25:06 GMT

الجوائز الأدبية.. معيار جودة أم لعبة سوق؟!

تاريخ النشر: 23rd, May 2025 GMT

تقام في مختلف أنحاء العالم مهرجانات ثقافية ومحافل أدبية تحتفي بالإبداع وتكرم الأدباء والكتاب على مساهماتهم الفكرية والإنسانية، وتعد هذه الفعاليات منصات مرموقة لإبراز الأصوات الأدبية المتميزة وتسليط الضوء على الإصدارات الجديدة التي تثري المشهد الثقافي العالمي. وتساهم الجوائز الأدبية في تشكيل ملامح المشهد الأدبي العربي المعاصر، وباتت تشكل محورا رئيسيا في النقاشات النقدية والقرائية، لما تمثله من أهمية معنوية قادرة على توجيه الذائقة.

حيث أثار تنوع الجوائز العربية في عددها ومجالاتها، سواء الصادرة عن مؤسسات رسمية أو جهات خاصة، جدلا حول ماهية هذه الجوائز، ومدى موضوعيتها، وآليات اختيار الفائزين بها، فضلا عن دورها الحقيقي في الارتقاء بالعمل الإبداعي.

في هذا الاستطلاع تتقصى ((عمان)) آراء نخبة من الأدباء والروائيين العرب، حول عدالة الجوائز الأدبية وشفافيتها، وتأثيرها في تعزيز الحراك الثقافي العربي..

يرى الروائي الأردني جلال برجس أن الجوائز الأدبية العربية لعبت دورا ملحوظا في تحريك المشهد الثقافي العربي خلال السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن بعضها ألقى حجرا في المياه الراكدة، مياه القراءة والكتابة، مما أدى إلى اتساع رقعة القراءة وازدياد النشاط في جسد الكتابة. وأوضح أن الوسط الثقافي بات أكثر فاعلية من قبل، فحين تمنح الجائزة لكاتب، فإنها تمنح أيضا للكتّاب وللوسط الثقافي برمته، من كتاب وقراء، مؤكدا أن ذلك من شأنه أن ينهض بالفعل الثقافي مهما كثرت التساؤلات والمشاحنات والانتقادات.

وفيما يتعلق بمسألة عدالة الجوائز ومدى ذهابها إلى الأجدر بها، أشار إلى أن الجائزة غالبا هي رأي لجنة التحكيم، أما مسألة الأفضل أو الأفضلية، فهي مسألة مطلقة، يراها طيف من الناس تتوفر في كاتب، وطيف آخر يراها في كاتب مختلف. وتابع: إن بعض الجوائز ساهمت بجودة النص الأدبي مؤخرا، وجاءت هذه المساهمة من جهة التحفيز التي خلقت عند الكتاب لنيل الجائزة، مؤكدا أن الجائزة طريق للقراء وتكريم للكتاب والكاتب.

وعن تأثير الجوائز في توجيه الذائقة الأدبية، نفى وجود مسار محدد تساق إليه الأعمال الأدبية، مبينا أنه راقب ما أفرزته الجوائز من نتائج عبر مرحلة زمنية طويلة، ولم يجد ما يمكن أن يسميه توجيها نحو مسار معين، مضيفا: هناك الكثير من التكهنات التي تطلق من هنا وهناك، وليس بالضرورة أن تكون صائبة.

وعند سؤاله عن احتمالية تهميش أسماء أدبية رغم قيمتها، قال: لا أستطيع أن أجزم أن هناك أسماء وقع عليها التهميش، لكن هناك أسماء عربية مهمة لم تأخذ حقها، مبينا أن بعضهم لم يرشح للجائزة في الأصل، وبعضهم نأى بنفسه عنها، وهذا قرار شخصي، وآخرون رشحوا ولم يفوزوا. ويؤكد برجس أن الجوائز غالبا ما تكون نتيجة قرار لجنة التحكيم، وفيما يخص الاعتبارات التي يتحدث عنها البعض، فلا أستطيع الأخذ بها؛ لأن لا معلومة لدي تؤكد ما يقال.

لكل جائزة لجنة تحكيم

أما الروائي المصري محمد سمير ندا فيقول: إن أهم ما تقدمه الجوائز الأدبية هو إلقاء الضوء على الأدب الجيد، وتعريف القارئ بأصوات روائية جديدة، وتجارب أدبية تنتمي إلى مختلف البلاد العربية، والأمر بالنسبة لي لا يختلف في السنوات الأخيرة عما قبلها. وعند سؤاله إن كانت الجوائز تذهب للأفضل، أوضح: طبعا شهادتي مجروحة بحكم فوزي مؤخرا بجائزة تعتبر الأكبر والأهم عربيا، ولكن هذا لن يحيد بي عن قول ما أعتقده وأؤمن به. فأنا لست من أتباع نظرية المؤامرة في العموم، وأرى أنها نظرية تعطلنا كثيرا كعرب، ولكن، لكل جائزة لجنة تحكيم، هذه اللجنة تقوم باختيار لأفضل الروايات حسب المعايير التي تحددها مسبقا، وفي المراحل الختامية من كل جائزة، يكون للذائقة دور رئيسي في اختيار الفائز. من هنا ينشأ الخلاف في وجهات النظر بين اللجنة وجمهور القراء. وهذا حدث معي أكثر من مرة إبان متابعتي للفائز في مسابقة أدبية ما، من موقعي كقارئ. فكثيرا ما آمنت بأحقية رواية بالفوز، ثم فازت رواية أخرى. ولكن، لا أعتقد أن هناك اعتبارات خفية. مرة أخرى، كفائز بجائزة أرى أن الجوائز كانت عادلة ونزيهة، تماما كما كنت أنا موفقا بالفوز، وربما لو تحدث غيري لقال العكس. وتقييمي للأمر بكل تأكيد لا يمكن فصله عن فوزي وما يعنيه لي.

ويبين ندا بأن الجوائز تسهم بفاعلية في الترويج للأعمال المتميزة، رغم تضمن بعض القوائم لأعمال متوسطة. ويشير إلى أن حضور الجائزة قد يدفع بعض الكتاب لتقديم نصوص أفضل، لكنه لا ينكر احتمال التأثير السلبي إذا طغت فكرة الجائزة على ذهن الكاتب أثناء الكتابة. ويؤكد في الوقت ذاته أن الجوائز لا تحتكر الذائقة، مدللا على ذلك باستمرار رواج أعمال لم تفز بجوائز، ولكنها لاقت قبولا جماهيريا واسعا. ويتابع: احتكار الذائقة أمر غير وارد، فالروايات الفائزة في الجوائز الأدبية تتباين في موضوعاتها، ولا تنتمي إلى إطار واحد يمكن من خلاله توجيه القارئ نحو قالب أدبي محدد.

وعن الأسماء التي قد تكون تعرضت للتهميش، يصرح ندا بعدم امتلاكه أي دليل واضح، مؤكدا أن مثل هذه الأمور تجري في غرف مغلقة لا يعلم تفاصيلها سوى لجان التحكيم، ويضيف: سمعت بذلك، لكنني بطبعي حسن النية، ولا أصدق بسهولة الإشاعات أو الأقوال المرسلة دون دليل. موضحا أن لدور النشر دورا محوريا، يتمثل في ترشيح الأعمال الجيدة، والاهتمام بجودتها تحريرا ولغويا وإخراجيا. ويؤكد أن هذه العوامل كثيرا ما ترجح كفة عمل على آخر، كما يشير إلى أن لجان التحكيم تعتمد على معايير فنية وأدبية، وإذا ما كانت هذه المعايير دقيقة ونزيهة، فإن الفوز يكون من نصيب النصوص المستحقة.

معايير واضحة

أشار الشاعر والروائي زهران القاسمي إلى أن الجوائز الأدبية العربية تؤدي دورا مهما في دعم الحركة الأدبية والنهوض بها، مؤكدا أنها -على غرار الجوائز العالمية- تعنى في المقام الأول بجودة المنجز الأدبي، وتعمل على دعمه وتسليط الضوء عليه. وأضاف أن هذه الجوائز تسهم في تنمية وتطوير الأدب العربي من خلال إبراز التجارب الجيدة وفتح المجال أمام الأصوات المتميزة.

وأوضح القاسمي بأن معظم الجوائز تملك معايير واضحة في تقييم العمل الأدبي، مؤكدا على أن هذا التقييم يتم في الأساس من خلال النظر إلى جودة النص ومضمونه، بعيدا عن محاولات توجيه الذائقة العامة. فالأعمال التي تصل إلى قوائم الجوائز، لا سيما في مجال الرواية، تتنوع في موضوعاتها واتجاهاتها، فمنها ما هو تاريخي، أو سياسي، أو إنساني، أو ديستوبي، مما يدل على تنوع التوجهات. ويشير القاسمي إلى أن الجوائز لا تمنح لفئة معينة من الأشخاص، ولا تقتصر على منطقة جغرافية بعينها، لافتا إلى أن المشهد الأدبي حتى الآن يثبت أن الجوائز مفتوحة أمام الجميع وفق معايير الإبداع والجدارة الأدبية.

الجوائز تمنح لمستحقيها

يبين الروائي محمود الرحبي إلى أن جوائز الأدب تظل دائما موضوعا مثيرا للنقاش، وهو أمر يتجدد عقب الإعلان عن نتائج أي جائزة أدبية. ويصف هذه الحالة بأنها طبيعية، فوسائل الإعلام، سواء الورقية أو الرقمية، عادة ما تغطي جوانب هذا النقاش من زوايا متعددة، سلبا وإيجابا. ويبين أن الجدل المرتبط بالجوائز يتركز غالبا حول الرواية، بينما لا تحظى الأجناس الأدبية الأخرى مثل القصة القصيرة والشعر بنفس القدر من الاهتمام أو التغطية. مضيفا أن جوائز الرحلة والنقد والفكر عادة ما تمنح لمستحقيها دون أن تثير جدلا يذكر، باستثناء بعض الحالات النادرة، مثل اكتشاف حالات انتحال أو شبهات سابقة، كما حدث في إحدى الجوائز التي تم فيها سحب الجائزة من الفائز، دون أن يسترد مبلغ الجائزة، وهو ما يراه مؤشرا إيجابيا يدل على أن الجائزة ليست مجرد مكافأة مالية، بل تحمل أيضا قيمة معنوية وإعلامية.

ويلفت الرحبي إلى أن عددا كبيرا من الكتاب لا يشاركون في الجوائز الأدبية ولا يتقدمون بأعمالهم إليها لأسباب متعددة، رغم أنهم يتمتعون بجودة عالية ويقدمون أعمالا لافتة. ويتابع: لا يمر وقت قصير إلا وأقرأ رواية رائعة لكاتب لا علاقة له بما نعرفه من جوائز. كما أن هناك روائيين كبارا لا تمثل لهم الجوائز إضافة حقيقية، مستشهدا بالروائي إبراهيم نصر الله الذي، رغم فوزه بجائزة البوكر، كان قد حقق حضوره الأدبي قبل ذلك بسنوات طويلة. وأحيانا يغفل القراء عن أن نصر الله فاز بالبوكر، لأنه كان متحققا فنيا وشهرة قبل الجائزة.

ويرى الرحبي أن الجوائز الأدبية كثيرا ما تتجه نحو الكتاب الشباب، نظرا لما يمكن أن تمنحه لهم من زخم إعلامي، وهو ما لا يتحقق بنفس الدرجة حين تمنح الجائزة لكاتب كبير ومحترف. فالجوائز تظل محطة مهمة، لكن قيمتها تتفاوت باختلاف المبدعين وتجاربهم.

ظاهرة بارزة

ويوضح الروائي والكاتب الدكتور محمد اليحيائي أن الجوائز الأدبية في العالم العربي أصبحت خلال العقود الثلاثة الأخيرة ظاهرة بارزة، مشيرا إلى أن مؤسسات حكومية وخاصة باتت تتنافس على إطلاق جوائز تهتم بالإنتاج الثقافي والإبداع الأدبي، وتسعى إلى دعم وتشجيع المبدعين وتعريف الجمهور بهم داخل العالم العربي وخارجه. مبينا أن هذه الجوائز تهدف إلى تحفيز النشر والقراءة، والمساهمة في ترجمة الأدب العربي إلى لغات عالمية، فمعظم الدول العربية أصبحت تمتلك على الأقل جائزة أدبية واحدة تمنح سنويا، فضلا عن وجود جوائز محلية تمنحها اتحادات الكتاب أو الجامعات. ويوضح أن هذه الجوائز، على الرغم من أهميتها، تواجه تحديات هيمنة الأسماء الأدبية المكرسة سلفا، دون السعي الجاد لاكتشاف أصوات جديدة وغير معروفة. فالجائزة العالمية للرواية العربية كانت من القلائل التي سلطت الضوء على أسماء مغمورة حينها، بينما آثرت معظم الجوائز الأخرى تكريم أسماء بارزة في محاولة لإضفاء قيمة وشرعية على الجائزة، أكثر من اعتمادها على تقييم موضوعي للعمل الأدبي.

ويؤكد اليحيائي أن بعض الجوائز استطاعت الحفاظ على معايير علمية ومهنية واضحة، غير أنها ما تزال بحاجة إلى تعزيز استقلالية قراراتها ومجالسها الإشرافية، متطرقا إلى ما وصفه بـ "عقدة المركز" التي تعاني منها بعض الجوائز، فهي تميل إلى تكريس الأسماء الكبرى بدلا من بناء مشروعها على اكتشاف الموهبة.

ليست مرآة لتقييم الأعمال

وأوضحت الشاعرة بدرية البدري أن الجوائز الأدبية ليست دائما مرآة دقيقة لتقييم الأعمال الإبداعية، فالنتائج تخضع أحيانا لمعايير فنية حقيقية وأحيانا لاعتبارات خفية. موضحة أن كلا الأمرين وارد، وكلاهما حاصل، ولكن علينا ألا نفكر بهذا الأمر كثيرا، فالأهم بالنسبة للكاتب هو التركيز على مشروعه الأدبي والعمل على تطويره ليخلد اسمه في ذاكرة الأدب، لأن الفوز في النهاية توفيق من الله، الذي يوفقك أولا لكتابة نص جيد، ثم يسخر لك لجنة تحكيم تقدر عمل.

وبينت البدري أن الجوائز تجعل الكاتب يخرج أفضل ما لديه، فيشتغل على كتاباته ليلتفت لها أعضاء لجان التحكيم، منوهة أن تأثير اللجان قد يوجه ذائقة الكاتب بطريقة غير واعية، فأغلب اللجان للأسف تقيم النصوص وفق ذائقتها، وهذا يجعلها تستثني النصوص المخالفة أو تستبعدها. مؤكدة بأن لو لم يكن للجوائز من حسنة إلا إثراء الساحة الأدبية لكفاها، فالكاتب الحقيقي هو الذي يصمد ويثبت على مستوى عال من الشعر، بغض النظر عن الجوائز.

ورفضت البدري الخوض في فكرة وجود تهميش متعمد لبعض الأسماء رغم قيمتها الأدبية، وقالت: لا أبني آرائي على معتقدات، ولا أستطيع الدخول في نفوس لجان التحكيم والقائمين على المسابقات.

مضيفة أنها لاحظت في النسخة الأخيرة من الجائزة العالمية للرواية العربية وجود ثلاث روايات صادرة عن دار مسكلياني في القائمة القصيرة. وقالت: هذا أمر يدعو للتساؤل، فهل لاهتمام الدار بتحرير الأعمال دور في توافقها مع سياسات المسابقات، أم أن جودة الأعمال وحدها كافية لإيصالها إلى هذه المرحلة؟ وتابعت: "هذا التساؤل يقودني إلى تساؤل آخر: إن كانت الكتب المتأهلة محررة من لجان تابعة لدور النشر، هل يمكن اعتبار الفوز مستحقا لكتابها. وأكدت بدرية البدري أن الساحة الأدبية لا يخلد فيها إلا من يمتلك صوتا حقيقيا وتجربة فنية أصيلة، أما الجوائز فهي مؤقتة، وتبقى التجربة الأدبية للكاتب.

تنويع المشهد الثقافي

يشير الكاتب والباحث الدكتور سعيد السيابي أن العصر الحالي يمكن وصفه بـ"عصر السرد"، في ظل الاهتمام الواسع الذي باتت تحظى به الأجناس الأدبية، وخصوصا الرواية، مبينا إلى أن هذا الاهتمام مدفوع بقوة الجوائز الأدبية التي ساهمت بدورها في ترقية مكانة بعض الأنواع الأدبية على حساب أخرى، فقيمة الأدب أصبحت في كثير من الأحيان مرتبطة بقيمة الجائزة التي تدعمه، سواء على الصعيد المحلي أو العربي أو الدولي، كما أن الحضور الثقافي الذي تحققه الأعمال الأدبية الفائزة بجوائز مرموقة يعكس هذا الواقع.

ويضيف: هذه الجوائز غالبا ما تصدر عن مؤسسات رسمية أو خاصة تتمتع برصانة معرفية ومكانة مؤسسية معتبرة، وتعتمد في تقييمها على معايير فنية دقيقة. وفي المقابل، هناك مؤسسات حديثة النشأة تسعى من خلال الجوائز إلى الانتشار وبناء علاقات عامة، وتكون جوائزها محدودة القيمة، فتهدف إلى جذب الانتباه وتسويق اسمها في الأوساط الثقافية. مضيفا بأن الجوائز تستخدم أحيانا كأداة من أدوات "القوة الناعمة" لتلميع صورة الدول واستقطاب الكتاب، ما يمنحها حضورا ثقافيا على المستوى العالمي.

وتطرق السيابي إلى دور الجوائز في تنويع المشهد الثقافي وتوسيع نطاق التمثيل الأدبي دوليا، موضحا أن الساحة العربية شهدت بروز عدد من الكتاب والمبدعين بفضل هذه الجوائز، ما أتاح لهم فرصا أوسع للوصول إلى العالمية. ولكن في الوقت ذاته قد يتأثر المحكمون بخلفياتهم الثقافية وتفضيلاتهم الجمالية، ما يفتح المجال لتفاوت المعايير. ورغم ذلك، فإن حصول الأديب على جائزة معترف بها يعد شهادة معتبرة تدفعه للاستمرار وتسهم في رفع جودة الإنتاج الأدبي. فالجوائز توفر موردا ماليا مهما في ظل محدودية العائد من النشر، مما يساعد الكاتب على مواصلة مشروعه الإبداعي. ويقترح السيابي أن تتولى دور النشر والمؤسسات الثقافية ترشيح من يستحقون الجوائز، لضمان شمول المشهد الثقافي لأسماء قد تغيب عن قوائم التقديم. كما يشدد على أهمية دور النشر في رفع جودة الأعمال الأدبية من خلال عرضها على محكمين متخصصين، ما يضمن صدور نصوص ذات قيمة عالية. مؤكدا إلى حاجة المشهد الثقافي المحلي إلى جوائز وطنية رسمية تشكل تقديرا داخليا يمهد للاعتراف الإقليمي والدولي، ويدعو لإنشاء جائزة سنوية تشجيعية وتقديرية تمثل مظلة للمبدعين.

تأثير الأعمال الفائزة

في حين يرى الروائي محمد الجزمي أن تقييم الجوائز الأدبية العربية خلال السنوات الأخيرة يبقى أمرا معقدا في ظل غياب الشفافية عن كواليس عمل اللجان. فأغلب هذه المسابقات تدار بصفة خاصة وسرية، دون إعلان واضح للمقاييس التي تعتمد في مراجعة الأعمال، مؤكدا أن لكل جائزة معايير تختلف عن الأخرى. وحول ما إذا كانت الجوائز تمنح بالفعل للأفضل، لا يستبعد الجزمي وجود "اعتبارات خفية" تتعلق بمصالح القائمين على المسابقات، وإن كان ذلك لا ينطبق بالضرورة على جميع الجوائز. ويوضح أن هذه المصالح قد تلعب دورا في اختيار الفائزين، لكن مع ذلك يتم غالبا فرز الأعمال الأفضل ضمن الأطر المحددة. فتقييم أفضل الأعمال لا يقوم فقط على المعايير الفنية، بل يخضع بشكل كبير لذائقة لجنة التحكيم، وهذه الذائقة قد ترفض عملا يجمع النقاد والقراء على روعته، فقط لأنه لا ينسجم مع تفضيلات اللجنة. مبينا أن الجوائز الأدبية لا تساهم في رفع مستوى الأدب، بل تساهم في توجيه الذائقة واحتكار الاهتمام، سواء لدى القراء أو الكتاب. وبعض القراء يتأثرون بالأعمال الفائزة ذات الإطار المتشابه، فينحصر تذوقهم ضمن نمط واحد، ويظنون أنه النموذج الأمثل، كما أن بعض الكتاب الذين يعدلون أساليبهم فقط ليتماشوا مع الأنماط السائدة في الجوائز، هو ما يشوه صوتهم الأدبي الحقيقي. ويعترف الجزمي بالتهميش في المشهد الأدبي، لكنه يرى بأنه لا يكون دائما متعمدا، لأن بعض الكتاب يتم تهميشهم عندما تتعارض توجهاتهم مع الجهات المنظمة للجوائز، أو حين يكون بينهم خلافات شخصية مع أفراد ذوي نفوذ.

وعن تأثير دور النشر واللجان والسياسة الثقافية، يقول الجزمي بأن هذه العناصر تشكل أساس التأثير الأكبر في نتائج الجوائز. فهناك دور نشر تحظى بمكانة مقدسة، وأخرى تتعرض للتهميش والعرقلة، وهو ما ينعكس على طبيعة النتائج التي تصدرها الجوائز. ويضيف: لا توجد مقاييس مطلقة لتحديد أفضل الأعمال، فهناك أعمال قد تحصل على تقييم متدن من لجنة تحكيم، لكنها تحظى بإعجاب شخصي كبير منه كقارئ، فقط لأنها تخرج عن المألوف وتبتكر أساليب غير سائدة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المشهد الثقافی لجان التحکیم هذه الجوائز جوائز الأدب دور النشر مؤکدا أن مبینا أن من خلال أن بعض إلى أن أن هذه

إقرأ أيضاً:

الثقافة تصدر قراءات في النقد الأدبي للدكتور جابر عصفور

كتب- محمد شاكر:

أصدرت وزارة الثقافة المصرية، ممثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، كتابًا جديدًا بعنوان "قراءات في النقد الأدبي" للمفكر والناقد الراحل الدكتور جابر عصفور، أحد أبرز رموز الثقافة والفكر العربي في العقود الأخيرة.

يتناول الكتاب علاقة الأدب بالنقد، ويؤسس لرؤية معمقة لدور اللغة في كلٍ من العمل الإبداعي والممارسة النقدية، منطلقًا من أن الأدب "كلام مخصوص" يتميز بتشكيله التخييلي، في مقابل النقد الذي هو "كلام عن الكلام"، أي خطاب لغوي يتناول الأدب تحليلاً وتفسيرًا وتقويمًا.

ويبرز عصفور في فصول الكتاب الفارق الجوهري بين اللغة الإبداعية التي تتسم بالذاتية والمجاز، واللغة النقدية التي تسعى للحياد والتصور المفاهيمي، مشيرًا إلى أن النقد لا يقتصر على التطبيق على النصوص، بل يتضمن بُعدًا تنظيريًا يحاول تأصيل مبادئ عامة لماهية الأدب ووظيفته وأداته التعبيرية.

ويتناول الكتاب كذلك ما يسميه الكاتب بـ"نقد النقد"، وهو مستوى ثالث من الخطاب النقدي، يتجاوز تحليل الأعمال الأدبية إلى تحليل الخطابات النقدية نفسها، مراجِعًا مناهجها ومصطلحاتها وفعاليتها. ويستعرض عصفور في هذا السياق مفهومي "النقد الشارح" و"نقد النقد"، مرجحًا استخدام المصطلح الثاني لما يحمله من دلالة واضحة على المساءلة والتقييم.

ويعود الكتاب بجذور هذا التوجه إلى فلسفة اللغة الشارحة كما طوّرها الفيلسوف رودلف كارناب، موضحًا أن النقد الشارح ينشأ من الحاجة إلى تأطير الخطاب النقدي ذاته ضمن لغة شارحة، قادرة على ضبطه منهجيًا، وتقييم أثره المعرفي والوجودي.

ويؤكد الدكتور جابر عصفور أن فعل "نقد النقد" ضرورة معرفية وممارسة فلسفية تسعى لتطوير أدوات النقد وتوسيع أفقه، خاصة في مواجهة المتغيرات الإبداعية التي قد تعجز بعض الخطابات التقليدية عن ملاحقتها.

يُعد هذا الكتاب إضافة نوعية إلى المكتبة النقدية العربية، ويُظهر حرص الهيئة المصرية العامة للكتاب على إحياء فكر رموز التنوير وتجديد الحوار حول قضايا الأدب والنقد، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى مراجعات فكرية عميقة تواكب تحولات الواقع الثقافي.

اقرأ أيضاً:

القاهرة 36 درجة.. الأرصاد تحذر من موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد غدًا

غرامة تصل لـ100 ألف ريال.. تحذير عاجل من السعودية قبل موسم حج 2025

الصحة: عيادات البعثة الطبية تستقبل 2785 زيارة من الحجاج المصريين

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

قراءات في النقد الأدبي الدكتور أحمد بهي الدين وزارة الثقافة المصرية

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان

أخبار

"الثقافة" تصدر "قراءات في النقد الأدبي" للدكتور جابر عصفور

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

مجلس أوروبا: ما يحدث في غزة يرقى إلى مستوى تطهير عرقي وإبادة جماعية 27

القاهرة - مصر

27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • الثقافة تصدر قراءات في النقد الأدبي للدكتور جابر عصفور
  • عبدالرحمن النقبي: تكريم هاروكي موراكامي يضيف بُعداً عالمياً لجائزة الشيخ زايد
  • خبير دولي: المملكة تضع معيارًا جديدًا في تقويم التعليم المدرسي.. فيديو
  • أول مجموعة قصصية تفوز بالبوكر.. تحوّل في مزاج الجوائز الأدبية العالمية
  • محمد سمير ندا: القلق هو الصلاة السادسة التي يصليها العرب جماعة منذ عام 1948
  • بدء تقييم الأعمال القصصية لـ«جائزة غانم غباش»
  • تكريم الفائزين بجائزة الشارقة الدولية للتراث الثقافي في دورتها الخامسة
  • كاتبة هندية تفوز بجائزة البوكر الأدبية الدولية
  • الهندية بانو مشتاق تفوز بجائزة البوكر الأدبية الدولية