الجزيرة:
2025-05-27@22:26:25 GMT

سدود سوريا أداة للحرب وهدف للسيطرة على الموارد

تاريخ النشر: 26th, May 2025 GMT

سدود سوريا أداة للحرب وهدف للسيطرة على الموارد

شهد محيط سد تشرين ذي الأهمية الإستراتيجية -مؤخرا- تصعيداً جديدا، واندلعت اشتباكات عنيفة ووصلت تعزيزات عسكرية إلى منطقة هذا السد من قبل الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) رغم اتفاق سابق بين الجانبين ينص على ترتيبات مشتركة لإدارة السد وإخضاعه للسيطرة الحكومية.

ودارت حول سد تشرين -الواقع شرقي محافظة حلب السورية في الأشهر الأخيرة، منذ سقوط نظام الأسد- معارك متقطعة بين قسد وفصائل مقربة من تركيا انضمت لاحقا للجيش السوري الجديد قيد التشكيل.

وأدت اتفاقيات بين الحكومة السورية وقسد إلى وقف القتال حول سد تشرين، وكان من المفترض أن يتم نقل السيطرة عليه إلى الحكومة، لكن الاتفاق تعثر مع توتر العلاقة بين الطرفين في ملفات أخرى، مما يظهر أهمية هذا السد في تأثيره على المفاوضات الحاصلة بين الأطراف.

وليس الصراع على سد تشرين -المستمر منذ أشهر لا سيما بعد سقوط نظام الأسد- الوحيد في سنوات الحرب السورية، فقد شهدت العديد من السدود في محافظات سورية مختلفة اشتباكات ونزاعا للسيطرة عليها، مما يبرز أهميتها في مسار الحرب واستخدامها أداة للتفوق العسكري، بالتوازي مع ما يشكله الإضرار بها من خطر على المدنيين والأطراف المتحاربة نفسها.

"تشرين" واحد من عدة سدود في سوريا شهدت نزاعا عسكريا في السنوات الأخيرة (غيتي) أداة للحرب

أسهمت العمليات العسكرية المتكررة حول السدود على مدار سنين الثورة السورية، والتنازع عليها بين معظم الأطراف العسكرية الفاعلة، في حدوث تغيير في مستوى أهميتها، حيث تحولت تلك المنشآت من بنى تحتية حيوية واقتصادية إلى أداة حرب تتطلع إليها القوى العسكرية المتصارعة، وتسعى لتقوية موقعها الميداني من خلال السيطرة عليها.

إعلان

وقد أشارت دراسة -نُشرت في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي- إلى أن السدود والبنى التحتية المتعلقة بها قد استخدمت أداة عسكرية وإستراتيجية خلال الحرب، مما زاد من تعقيدات المشهد.

وتقول الدراسة -التي أعدها الباحث دورسون يلديز في مركز الدراسات الإنسانية التطبيقية- أن السدود في سوريا على نهر الفرات قد شُيدت لتسخير المياه في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لكن هذه السدود قد تحولت أيضاً إلى محور للتحديات البيئية والجيوسياسية والاجتماعية في سوريا شبه المُجزأة.

وفي حين تُحقق السيطرة على السدود -وفقا للدراسة التي نشرتها جمعية السياسة الهيدروليكية وهي مركز بحثي مستقل يعنى بقضايا المياه- ميزة جيوستراتيجية للطرف المسيطر وفوائد اقتصادية ومصدراً للطاقة، فإن ذلك يضعها أمام تحديات حول إمكانية إدارة المنشأة والمتابعة الفنية والقيام بأعمال الصيانة وإصلاح الضررالناجم عن القصف.

السدود في سوريا (الجزيرة)

وقد شرحت دراسة للباحث توبياس فون لوسو كيف تم استهداف المكونات الحساسة للمنشآت التابعة للسدود، مثل الأنظمة ومحطات المعالجة بهدف الضغط على السكان والقيادات السياسية في الجانب الآخر، بحكم أن القدرة على التحكم الكامل والجذري في إمدادات المياه والكهرباء ستؤدي لكسب دعم السكان بالقوة أو الاضطرار.

وذكرت الدراسة، التي نشرها المعهد الألماني للشؤون الأمنية والدولية، أن البُعد الإستراتيجي للمياه في حالات الصراع كان أكثر اتضاحاً في حالة الأنهار، لأن السيطرة على الموارد في المجاري العليا للمياه تُمَّكن من السيطرة على مناطق أكبر وأبعد أو إلحاق الضرر بها بدون الحاجة إلى مهاجمتها أو احتلالها.

حرب بيولوجية بدون أسلحة

في الدراسة نفسها، أشار الباحث لوسو إلى أنه تم استخدام السدود سلاحا عن طريق تلويث مياهه أو تسميمها، وأن هذه الممارسة كان يمكن تصديرها بسهولة نسبية إلى مناطق أخرى، لأن هجوماً من هذا النوع يُسبب أضراراً جسيمة أثناء المعركة بأبسط الوسائل.

إعلان

وبحسب ما ورد في الدراسة، التي تناولت تسليح المياه، فإن تنظيم الدولة عمل على تسميم إمدادات المياه من حلب ودير الزور، كما أنه تعمد تلويث مياه الشرب بالنفط الخام أثناء وجوده بمحافظة صلاح الدين بالعراق.

كما أشارت دراسة قام عليها عدة باحثين في المجلة الدولية للأمراض المعدية إلى أن الصراعات على السدود في سوريا، ومختلف البنى التحتية للمياه فترة الحرب، قد أخذت في بعض مراحلها شكلاً من أشكال الحرب البيولوجية غير المباشرة مباشرة رغم عدم استخدام أسلحة بيولوجية، حيث تعرضت بنى تحتية للمياه للهجمات والتلويث كإستراتيجية حرب من قبل القوات الحكومية وأخرى غير حكومية.

وقد اتبعت الأطراف المتنازعة -حسب الدراسة- أساليب عديدة عند سيطرتها على السدود والتجمعات المائية، مثل إغلاق الأنابيب وحجز المياه ومنع تدفقها إلى المناطق السكانية التي يسيطر عليها الطرف الآخر من النزاع، للحصول على مكاسب، وزيادة القدرة في التفاوض مما أدى لاستهداف المنشآت المائية وتلويث المياه بشكل متعمد لنزع ورقة الضغط أو التخفيف من جدواها، مثلما فعلت الغارات الروسية على مصادر المياه حيث كانت حدثاً شائعاً طوال فترة الحرب.

وبحسب تقرير سابق لهيئة الإذاعة البريطانية عن تلويث متعمد بالوقود والكلور لمياه "عين الفيجة" في دمشق، تبادل نظام المخلوع بشار وفصائل المعارضة التُهم بشأن تلوث مياه المُنشأة التي تغذي العاصمة دمشق، وأشار التقرير إلى أن محققين توصلوا إلى أن النظام قام باستهداف خزانات الوقود والكلور عن قصد للضغط على الفصائل.

سد الفرات بمدينة الطبقة تعرض في أوقات سابقة للقصف وأوشك على الانهيار (الجزيرة) معارك السدود في مسار الحرب

وشهدت معظم السدود المتوزعة في أنحاء البلاد منازعات تمثلت أحياناً بمعارك ضارية وممتدة استخدمت فيها أعتى أنواع الأسلحة والطائرات، وأبرز تلك السدود:

سد تشرين إعلان

شهد هذا السد معارك عديدة على فترات زمنية متفرقة بين أطراف مختلفة، وهو يقع على نهر الفرات في ريف حلب الشرقي ويُعد من السدود الضخمة والمهمة.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2015، شنت قوات قسد المدعومة من التحالف الدولي هجوماً عنيفاً للسيطرة على سد تشرين، وكانت النتيجة هزيمة كبيرة لتنظيم الدولة خسر على إثرها السد وعدداً كبيراً من القرى المحيطة الممتدة على مئات الكيلومترات.

سد الطبقة/ الفرات

تكررت المواجهة بين القوات الكردية وتنظيم الدولة عام 2017، وهذه المرة عند سد الطبقة، وشنت الأولى بدعم من الولايات المتحدة هجوماً للسيطرة على السد وهو ما تحقق لاحقا.

وأضاف ذلك لقسد وجوداً في منطقة جنوب الفرات، وسيطرة على مدينة الطبقة وقاعدتها الجوية وعدد من القرى.

سد البعث

يقع على نهر الفرات بين سديْ الطبقة وتشرين، وكان هدفاً للعديد من القوى التي تتابعت في سيطرتها عليه.

وبدأت أول النزاعات حول هذا السد عندما انتزعت فصائل الثوار المحلية السيطرة عليه عام 2013 من النظام المخلوع، ثم استولى عليه لاحقاً تنظيم الدولة، وفي مايو/أيار 2017 سيطرت عليه قسد.

سد الرستن

رغم أن هذا السد -الواقع على نهر العاصي شمال حمص- لم يشهد معارك كبرى فإنه لعب دوراً في استمرار سيطرة فصائل الثوار على منطقة الرستن رغم المحاولات المتكررة للنظام السابق للسيطرة عليه، وقيامه بحملات قصف أدت لتضرر أجزاء من السد.

ولم تدر حول سد الرستن معارك كبرى بهدف السيطرة، وهذا يعود لقربه من مناطق هيمنة النظام وقطعاته العسكرية الكبيرة مقابل فصائل الثوار المحلية على الطرف الآخر، مما أدى لحدوث معارك متقطعة وتكتيكية إلى حين حصول اتفاق مصالحة برعاية روسية بين الفصائل والنظام.

سدود أخرى متفرقة

تعرضت سدود أخرى لنزاعات أقل حدة مثل سد المنصورة الواقع في المحافظة الرقة، والذي انتهى باتفاق بين النظام المخلوع وقوات قسد لإدارة مشتركة للسد بينهما.

إعلان

كما شهد سدا أم العظام والخابية في الجنوب السوري توترات في الفترة الأخيرة عند قيام الاحتلال الإسرائيلي باعتداءات وعمليات اجتياح تصدى لها السكان المحليون.

أضرار الأخطاء العسكرية والإدارية

شهدت بعض السدود أضراراً متفاوتة وتوقفاً لعملها في فترات مختلفة نتيجة خلّوها من الكوادر الإدارية والمهندسين، وحول هذا الموضوع يرى عبد الجبار العكيدي الخبير العسكري والعقيد المنشق عن الجيش السابق أن "الأخطاء العسكرية والإدارية واردة جداً وغير مضمونة أثناء معارك السيطرة على السدود، وقد حصلت سابقاً، لكن لحسن الحظ كانت تتم السيطرة على التبعات".

ويواجه الطرف المنتصر تحديات مختلفة عند سيطرته على السد، وفي هذا الصدد يضيف العكيدي أن السيطرة على السدود تضع الجهات المسيطرة أمام تحديات مثل الحفاظ على سلامة السد والقدرة على إدارته. وعند مراجعة الأضرار التي لحقت السدود، يتبين أنه خلال فترة الحرب في سوريا لم يتم حدوث انهيارات أو أضرار جسيمة للغاية على أي من السدود، وذلك رغم المعارك الكبيرة التي دارت حولها، حسب العكيدي.

ورغم أن المعارك التي جرت حول السدود في سوريا لم تؤد للانهيار، فإنها خلَّفت أضراراً كبيرة، وكانت الاحتمالات حينها مفتوحة وغير مضمونة.

وبحسب العكيدي، فإنه "لو تصاعد استهداف السدود وأدى لانهيار أحدها لكانت النتيجة خسارة الطرفين للموقع". وضرب مثالا على ذلك بالمعارك الأخيرة الدائرة حول سد تشرين، حيث يتفادى الطرفان هناك الإضرار بالسد، ورغم ذلك عند المعارك الكبرى لا يمكن ضمان شيء".

ويعتقد خبراء عسكريون بوجود متابعات دولية لمنع تفاقم استهداف السدود عند حدوث النزاعات، وأن تلك الرقابة كان لها دور في درء حدوث عواقب وخيمة مثل الانهيار، ويؤيد العكيدي ذلك بالقول "أعتقد أنه كانت هناك خطوط حمراء دولية منعت إلحاق الضرر الجسيم بالسدود، وكذلك آبار البترول، لما قد ينتج عن دمارها من عواقب لا يمكن السيطرة عليها".

إعلان

وقد تحدثت تقارير سابقة عن اضطرار تنظيم الدولة، لدى سيطرته على سد الفرات، للتنسيق مع النظام المخلوع بشأن جلب كوادر ومهندسين لتقييم السد وإصلاح الأضرار، في حين عملت السلطات التركية على التنسيق لإغلاق بوابات السدود الواقعة أعلى النهر لمنع فيضان المياه وتقليص احتمال الانهيار. وأمر التنظيم حينها سكان مدينة الطبقة القريبة بإخلاء المنازل محذرا من انهيار متوقع للسد نتيجة الضربات الأميركية وارتفاع منسوب المياه.

وتسببت اضطرابات عمل السدود وتضررها نتيجة الصراع بالكثير من الأزمات المائية والأضرار البيئية، حيث جاء في دراسة نشرها مركز عمران للدراسات الإستراتيجية أن تضرر البنى التحتية للمياه قد أضاع أو أتلف ما يُقدر بنصف إجمالي الطاقة الإنتاجية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات السیطرة علیه السیطرة على على السدود هذا السد سد تشرین على السد من السد على نهر إلى أن حول سد

إقرأ أيضاً:

تحالف “البديل”.. ولادة سياسية جديدة من رحم احتجاجات تشرين

مايو 26, 2025آخر تحديث: مايو 26, 2025

المستقلة/- في خطوة سياسية بارزة تعكس تصاعد الحراك المدني والإصلاحي في العراق، أعلنت قوى سياسية مدنية ومستقلة،من العاصمة بغداد، عن تشكيل تحالف انتخابي جديد تحت اسم “البديل”، يضم شخصيات بارزة من التيار الاحتجاجي، إضافة إلى أحزاب يسارية وقومية تستعد للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

ويضم التحالف كلاً من حركة الوفاء برئاسة عدنان الزرفي، وحزب الاستقلال برئاسة النائب سجاد سالم، وحزب البيت الوطني برئاسة حسين الغرابي، والحزب الشيوعي العراقي برئاسة رائد فهمي، إلى جانب شخصيات وكيانات مدنية أخرى، تمثل امتدادًا لحراك تشرين الاحتجاجي الذي انطلق في عام 2019.

وفي بيان الإعلان عن التحالف، أكد القائمون عليه أن هذه الخطوة تمثل “ولادة خط سياسي جديد طال انتظاره، يعبر عن أمل المجتمع العراقي، ويجسد حلم الأجيال بوطن يحتضن الجميع دون تمييز”. وشدد البيان على أن التحالف ينبذ الطائفية والمحاصصة المكوناتية، ويرفع شعار المواطنة والعدالة والكرامة، مؤكداً سعيه إلى قيادة مشروع إصلاحي جذري يؤسس لمرحلة جديدة من العمل السياسي النزيه والكفوء.

وأوضح قادة التحالف أن “البديل” يسعى إلى تقديم مرشحين يعبرون عن تطلعات الشباب والشرائح المهمشة، بعيدًا عن الأطر التقليدية التي حكمت المشهد السياسي منذ عام 2003، مؤكدين أن التحالف ليس واجهة لأي حزب أو جهة نافذة، بل هو خيار وطني خالص ينبع من وجدان العراقيين الأحرار.

ويُنظر إلى تحالف “البديل” بوصفه محاولة جدية لإعادة الاعتبار لقوى تشرين والتيار المدني، بعد سنوات من الإقصاء والتهميش، في وقت تزداد فيه الدعوات لتجديد الطبقة السياسية وإنهاء نظام المحاصصة الذي عرقل بناء الدولة وأفقد مؤسساتها الفاعلية.

وتعكس هذه الخطوة توجهًا متناميًا في الشارع العراقي نحو بدائل سياسية تمثل المواطن لا الطائفة أو الحزب، وهو ما قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من المنافسة السياسية في البلاد، قائمة على البرامج والإصلاحات لا الولاءات والاصطفافات التقليدية.

مقالات مشابهة

  • سوريا تؤكد إغلاق المقرات التي كان يشغلها انفصاليو البوليساريو
  • المصافحة التي لم تتم.. خلافات عميقة تعوق التوصل لاتفاق في غزة برعاية أمريكية
  • بلغت 55.6 مليار.. بيجيدي يتصدر قائمة الأحزاب السياسية التي لم تبرر بالوثائق مصادر التمويل
  • كبسولات في عين العاصفة : رسالة رقم [190]
  • وزارة الزراعة:إيران وتركيا وراء شحة المياه وقلة الزراعة في العراق
  • ذياب: على دول المنبع التعاون مع العراق في تزويده بحصته العادلة من المياه
  • روسيا تعلن السيطرة على بلدتين في سومي الأوكرانية
  • تحالف “البديل”.. ولادة سياسية جديدة من رحم احتجاجات تشرين
  • آلية الاحتلال للمساعدات في غزة .. أداة لتهجير السكان وترسيخ السيطرة العسكرية