حكومة كامل إدريس تقرر الانتقال التدريجي إلى العاصمة الخرطوم
تاريخ النشر: 14th, June 2025 GMT
حكومة السودان بقيادة الجيش ظلت تعمل من العاصمة الإدارية المؤقتة في بورتسودان منذ اندلاع الحرب منتصف ابريل 2023م.
بورتسودان: التغيير
أعلن رئيس الوزراء السوداني المعين حديثاً د. كامل إدريس، بدء عملية الانتقال التدريجي للوزارات والمؤسسات الحكومية إلى العاصمة القومية الخرطوم وفق جدول زمني مدروس.
ويأتي قرار إدريس بعد أقل من شهر على أدائه القسم رئيساً لمجلس الوزراء بعد أن تم تعيينه بقرار من رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 19 مايو الماضي بمرسوم دستوري.
ووفقاً لوكالة السودان للأنباء، فإن عملية الانتقال التدريجي ستتم وفق جدول زمني مدروس يراعي الجوانب الإدارية والفنية والبشرية، ويضمن استمرارية تقديم الخدمات دون انقطاع، إلى جانب دعم خطط إعادة تأهيل البنية التحتية للعاصمة.
وذكرت الوكالة أن القرار يأتي في إطار تنفيذ الرؤية القومية لتعزيز الحوكمة وتحقيق التنمية المتوازنة، انسجاماً مع الخطط الاستراتيجية الرامية إلى تفعيل دور العاصمة القومية كمركز إداري متكامل، وتخفيف الضغط الإداري والخدمي عن مدينة بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة.
وظلت حكومة السودان بقيادة الجيش تعمل من العاصمة الإدارية المؤقتة في بورتسودان منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع منتصف ابريل 2023م، حيث أُجبرت العديد من الوزارات والمؤسسات على الانتقال إلى مواقع بديلة بسبب تصاعد وتيرة القتال في العاصمة الخرطوم، قبل أن ينتقل مجلس السيادة وكامل الطاقم الحكومي إلى شرق البلاد.
وفي الثالث من ابريل الماضي، استأنفت حكومة ولاية الخرطوم عملها رسمياً من داخل مقرها بالعاصمة، عقب سيطرة الجيش على محلية الخرطوم وانسحاب قوات الدعم السريع.
وقال إعلام الولاية يومها، إن مبادرة الولاية جاءت تنفيذاً لدعوتها إلى الوزارات ووحدات الحكومة الاتحادية بالعودة إلى مقارها وتفقد أحوالها، وبادرت كأول جهة حكومية بعقد اجتماع اللجنة العليا للطوارئ وإدارة الأزمة بمبادرة من رئيس اللجنة، والي الولاية أحمد عثمان حمزة في مقر أمانة الحكومة بالخرطوم.
وأعلن الجيش في 20 مايو الماضي، اكتمال سيطرته على ولاية الخرطوم بشكل كامل، مؤكداً خلو العاصمة من أي وجود لقوات الدعم السريع، بعد عمليات عسكرية متواصلة.
الوسومأحمد عثمان حمزة الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان بورتسودان حرب 15 ابريل 2023م د. كامل إدريس عبد الفتاح البرهانالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أحمد عثمان حمزة الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان بورتسودان حرب 15 ابريل 2023م د كامل إدريس عبد الفتاح البرهان الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
يا د. كامل إدريس: ليست هذه مهمتك، وما هكذا تُبنى حكومات الإنقاذ الوطني
يا د. كامل إدريس: ليست هذه مهمتك، وما هكذا تُبنى حكومات الإنقاذ الوطني
في لحظة مفصلية يمر بها السودان، وعشية تقدم القوات المسلحة والمقاومة الشعبية نحو تحرير ما تبقى من البلاد، خرج رئيس الوزراء د. كامل إدريس بخطاب متلفز مطوّل، أعلن فيه عن ملامح “حكومة الأمل المدنية”، محددًا شعارها ورسالتها ورؤيتها، ومفصلاً هيكلها الوزاري الذي يتألف من 22 وزارة، بالإضافة إلى عدد من الهيئات الجديدة التي تعكس توجهًا تنمويًا بعيد المدى.
لكن ما جاء في هذا الخطاب، وعلى الرغم من جمالية اللغة، يُعد خروجًا خطيرًا عن طبيعة المرحلة، وتجاوزًا واضحًا للتكليف الوطني الذي حاز عليه الرجل في ظل حالة استثنائية يعيشها السودان.
حكومة إسعاف أم برنامج دولة؟
د. كامل إدريس لم يُعيَّن لتدشين مشروع تنموي متكامل، بل كُلّف بمهمة محددة ومعروفة: إدارة مرحلة انتقالية حرجة نحو انتخابات وطنية جامعة بعد انتهاء الحرب، وضمان استمرارية الدولة في ظل خطر وجودي يهددها.
لكن بدلاً من ذلك، شاهدنا في خطابه ما يشبه حملة انتخابية رئاسية، بلغة شعاراتية تبدأ بـ”الرسالة” و”الرؤية” و”القيم الجوهرية”، وتغرق في تفاصيل هيكل إداري موسّع يليق بدولة مستقرة لا بوطن تحت الحصار.
من حكومة تكنوقراط إلى مسابقة توظيف مفتوحة!
الحديث عن “حكومة تكنوقراط غير حزبية تمثل الأغلبية الصامتة”، يبدو في ظاهره منسجمًا مع التطلعات الوطنية. لكن الوقائع تقول غير ذلك. فبدلًا من استخدام التفويض المتاح لتشكيل حكومة مصغرة متخصصة، أعلن رئيس الوزراء عن “فتح باب تقديم السير الذاتية”، لإنشاء “مخزون قومي من الكفاءات” لاختيار الوزراء من بينه.
أين الإجراءات المؤسسية؟ من يضع المعايير؟ من يقيّم؟ وأين عنصر الوقت الذي يُعد رأس المال الوحيد في هذه المرحلة؟
ما يجري هنا، للأسف، لا يختلف كثيرًا عن نموذج حكومات المحاصصة المغلفة بلغة “الاستحقاق الفني”، ويضعف من هيبة الدولة في لحظة تتطلب الحسم لا التجميل.
خطر إنشاء هياكل موازية بلا شرعية
في نهاية خطابه، أعلن د. إدريس نيّته مراجعة عشرات الهيئات “غير الضرورية”، ثم عاد ليقترح في المقابل تأسيس وحدات جديدة مثل: “هيئة النزاهة والشفافية” و”الجهاز القومي للاستثمار”….
لكن من فوّض هذه الحكومة المؤقتة لتأسيس مؤسسات دائمة؟ من منحها الشرعية لتغيير هيكل الدولة في لحظة انتقال سياسي لم يُحسم بعد؟
هذه الهياكل ليست من صلاحيات الحكومات الانتقالية، بل من مهام الحكومات المنتخبة التي تنال ثقة الشعب عبر صناديق الاقتراع.
التحدي الحقيقي: إنقاذ الدولة، لا بناء نموذج نظري
إنّ الغرق في لغة التنظيم الإداري الجميل، وتوزيع الوزارات كأننا بصدد مخطط خمسيني، يُعد انحرافًا خطيرًا عن بوصلة الأولويات الوطنية. السودان لا يحتاج اليوم إلى استعراض جمالي، بل إلى حكومة مقاتلة – متقشفة – مركّزة – سريعة التنفيذ – واضحة المهمة.
حكومة تتولى الآتي:
• دعم القوات المسلحة والمقاومة الشعبية في معركة التحرير
• إعادة الانتشار المؤسسي في المناطق المحررة
• إدارة الخدمات الحيوية كالصحة والتعليم والطاقة والبنية الأساسية
• التجهيز العملي للانتخابات العامة
• وقف استنزاف المال العام في الهياكل الثانوية
خاتمة: على رئيس الوزراء أن يعود إلى حدود المهمة
نقول بكل وضوح، وبعيدًا عن المجاملة: هذه ليست المهمة التي أوكلتم بها يا د. كامل إدريس. وظيفتكم اليوم ليست بناء دولة الأحلام، بل حماية ما تبقى من الدولة الواقعية، وتأمين الطريق أمام الشعب السوداني ليقرر مصيره بنفسه في انتخابات وطنية شاملة.
إن خطاب “حكومة الأمل” على جماله، أشبه ببرنامج انتخابي وليس بيان تكليف رسمي من حكومة طوارئ انتقالية. وعلى رئيس الوزراء أن يعيد تقييم خطابه ومساره، قبل أن يُعيد إنتاج الفشل السابق بقالب جديد وشعار مختلف.
فلنعد إلى الواقع، ولتُنجز المهمة.
ثم ليتحدث الشعب، لا النوايا وحدها.
د. وائل العطايا