لجريدة عمان:
2025-07-06@10:36:49 GMT

خريف ظفار عالم السياحة المحلية

تاريخ النشر: 5th, July 2025 GMT

تتميَّز السياحة المحلية بالقدرة على تعزيز المرونة الاقتصادية ونمو المؤسسات الوطنية؛ إذ تعمل وفقا للمعطيات السياسية والاجتماعية والثقافية وحركة النمو الاقتصادي في الدولة، وترتكز على فكرة الاستكشاف الذي يقود المواطنين والمقيمين للتعرُّف على مكامن الوطن ومميَّزاته وقدراته، وعوامل تشكيل مسارات ذلك الاستكشاف، وإمكانات تأسيس تجارب يمكن أن تمثِّل نماذج تطويرية لصناعة السياحة.

إن تطوير السياحة المحلية يمثل أولوية وطنية باعتبارها أساسا لنمو الموارد وجذب الخدمات، وفتح فرص عمل جديدة، ولهذا فإن تهيئة البنية الأساسية المحلية، وتطوير سبل هذه السياحة وتوسعة مجالاتها، ودعم أنشطتها، وإعداد استراتيجيات وطنية داعمة للتنمية السياحية، سيشكِّل مرتكزا لتحقيق الأهداف الوطنية ليس على المستوى الاقتصادي وحسب بل أيضا على المستويات الاجتماعية والثقافية المرتبطة بأنماط الترفيه والتعلُّم.

ومع التفاؤل العالمي بأهمية القطاع السياحي وقدرته على النمو التي بلغت بحسب تقرير مستقبل السفر والسياحة لعام 2025 (احتضان النمو المستدام والشامل)، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، «(10.4%) من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و(10%) من الوظائف في جميع أنحاء العالم»، فإن هذا القطاع لا يؤثر فقط على الأسواق والتعاونات والمشاركات المحلية والدولية، وفتح فرص الوظائف، بل يمتد أثره على التبادل الثقافي والحفاظ على البيئة واستدامتها وكذلك على الرفاه الشخصي والترابط الاجتماعي بين أفراد المجتمع.

إن هذا القطاع يعد عالما سريع التطوُّر من حيث إمكاناته التحويلية وحساسية تأثره بالمعطيات والأحداث المتغيِّرة على المستوى الوطني والإقليمي وكذلك العالمي، إلَّا أنه يمثِّل فرصة لتأسيس قطاع اقتصادي وثقافي واسع، لما يتميَّز به من سعة في مجالات الاستثمار من ناحية، وإيجاد رؤى مجتمعية تقود إلى تأسيس اقتصاد مستدام معزِّز للرفاهية من ناحية أخرى، وبالتالي داعم للتنمية الوطنية القائمة على التطوير والتنامي.

لذلك فإن التنمية السياحية لا يمكن أن تنتعش إلَّا وفق معطيات أساسية قائمة على الحوافز المصممة على أحدث التطوُّرات التقنية والنماذج السياحية الأكثر قدرة على الصمود والاستدامة؛ فالتقنيات تدفع النمو الاقتصادي للقطاع السياحي، وتحفِّز سعة النماذج السياحية وتنوُّعها، وقدرتها على فتح بيئات تمكينية لتجارب الشباب ومشروعاتهم الصغيرة والمتوسطة من خلال المشاركة المجتمعية في المواسم السياحية المختلفة.

ولقد شكَّلت السياحة المحلية ضمن مفاهيم التطوير والنمو الاقتصادي أهمية كبرى من حيث قدرتها على تشجيع الابتكار في التقنيات المستخدمة لتطوير هذا القطاع، وفتح الفرص للممارسات المستدامة وإعطاء الأولوية للالتزامات البيئية والاجتماعية، إضافة إلى قدرتها على تلبية الاحتياجات الترفيهية والتعليمية في ظل الصراعات والحروب، أو تفشي الأوبئة، وحالات عدم اليقين التي تسود العالم، وتتعاظم في الفترات الأخيرة، لذا فإن السياحة المحلية تشكِّل الخيار الأمثل والآمن للعديد من المجتمعات، وبالتالي فإن تمكين هذا القطاع ودعم تطوُّره وتوسعة آفاقه وإمكاناته يشكِّل أهمية كبرى وقوة دافعة للتنمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.

ولهذا فإن ما شهده القطاع السياحي عموما من تنمية وتطوُّرات خلال السنوات الأخيرة يشكِّل أساسا في تطوير السياحة المحلية، خاصة بما تتمتع به المحافظات من إدارة محلية قادرة على فتح فرص جديدة لهذا القطاع وفقا لما تتميَّز به كل محافظة من مقومات طبيعية ومعمارية وموارد بشرية قادرة على إدارة القطاع وتنميته بما يتوافق مع إمكاناتها الإبداعية والابتكارية، ومدى فاعليتها في توسعة نطاقه وجذب الزوار وتحفيز الجماهير على المشاركة.

ولعل ما تشهده محافظة ظفار منذ بدء الموسم السياحي السنوي (موسم خريف 2025)، الذي بدأ فلكيا في21 يونيو الماضي، يمثِّل إمكانا واسعا من حيث المشاركة والدعم والتمكين، الذي يفتح أمام الزوار عالما من التجارب والاستكشاف والتعلُّم والترفيه؛ حيث يتيح لهم فرص للتعرُّف على التراث الثقافي الأصيل من خلال فعاليات (عودة الماضي) من ناحية، والاستمتاع بالفعاليات والعروض الترفيهية، والأنشطة الرياضية والثقافية المختلفة من ناحية أخرى، إضافة إلى تلك التجارب المهمة القائمة على السياحة البيئية والثقافية المميَّزة في مختلف ولايات المحافظة.

إن الموسم السنوي لخريف ظفار مجال واسع للسياحة المحلية ليس باعتبار فرادته على مستوى المنطقة وحسب، بل لأنه يشكِّل مجتمعا سياحيا وثقافيا قائما على الشراكة والتعاون بين مختلف محافظات عُمان، وأفراد المجتمع ومؤسساته الحكومية والخاصة والمدنية. إنه حالة متفرِّدة من الوعي المجتمعي بأهمية هذا الموسم بشكل خاص، ولذلك سنجد أنه بيئة جاذبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ومتنفَّس ترفيهي للأسر والشباب، وللمثقفين والكُتَّاب والرياضيين والفنانين والمبتكرين وغيرهم ممن يبحث عن الهدوء والإبداع والترفيه والتعلُّم وممارسة الهوايات.

ولقد أسهم الاهتمام بالبنية الأساسية والخدمات وتيسير الوصول إلى المواقع الطبيعية والمعمارية المختلفة في محافظة ظفار، في زيادة الحركة السياحية بكافة أشكالها، إذ تم توفير تسهيلات تلبي حاجة الزوُّار ومتطلباتهم، بما يخدم أهداف كل زائر ويوفِّر له ما ينشده من مجالات الترفيه والتعلُّم والفائدة، الأمر الذي جعل تجربة السياحة في محافظة ظفار تتعدى موسم الخريف إلى مواسم بعدها كثيرة كموسم الصرب وموسم الشتاء، وهي مواسم جاذبة للزوُّار والمؤسسات والمستفيدين.

تُعد السياحة المحلية إحدى أهم أنماط السياحة التي توُّفر للمجتمعات مجالا واسعا من النمو الاقتصادي والثقافي والاجتماعي، خاصة في ظل الظروف التي تحيط بالعالم، إضافة إلى الظروف الاقتصادية التي قد تحول دون القدرة على تجربة السياحة الخارجية، لذا فإن الدول اليوم تعمد إلى زيادة تمكين السياحة المحلية وتعزيز نجاحها من خلال دعمها بالمعطيات اللوجستية، وتعزيزها بإمكانات التجارب الدولية التي قد يخوضها الزائر وهو في وطنه، من خلال الفعاليات والمعارض واستحضار التجارب العالمية الجاذبة.

إن هذا النمط من السياحة يوفِّر عالما من الإمكانات الترفيهية خاصة أثناء الإجازات الصيفية، التي تنشد خلالها الأُسر الترفيه بُغية الاستمتاع وتقديم فرص جديدة لأبنائها للتعلُّم والإفادة أو ممارسة الرياضات والهوايات المفيدة، ولهذا فإن ما يقدمه موسم خريف ظفار من حركة سياحية ترفيهية عالية الجودة، إضافة إلى المعطيات البيئية المحفِّزة، تفتح آفاق السياحة المحلية وتوفِّر تجربة سياحية قادرة على النمو والاستدامة.

عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: السیاحة المحلیة النمو الاقتصادی هذا القطاع إضافة إلى من ناحیة من خلال

إقرأ أيضاً:

قريبًا.. دول الخليج تطلق التأشيرة السياحية الموحدة لتسهيل التنقل للسياح

صراحة نيوز- تستعد دول الخليج قريبًا لإطلاق التأشيرة السياحية الموحدة التي تتيح للسياح التنقل بحرية بين الدول الست عبر تأشيرة واحدة، تُلغي الحاجة لتقديم طلبات متعددة. ومن المتوقع أن تكون صلاحية التأشيرة بين شهر وثلاثة أشهر.

وأكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم البديوي، أن إدارات الجوازات بوزارات الداخلية في دول المجلس تعمل على إنهاء التجهيزات اللازمة لإطلاق المشروع عبر اجتماعات فنية مستمرة.

تُسهل التأشيرة الموحدة إجراءات التنقل للسياح، وتختصر الوقت والتكاليف، حيث يمكن التقديم عبر الإنترنت بطلب واحد فقط خلال دقائق، مما يوفر عناء الحصول على تأشيرات منفصلة لكل دولة.

ويشترط للحصول على التأشيرة تقديم جواز السفر، استمارة الطلب، حجوزات الفنادق، خطة سفر تفصيلية بين دول الخليج، بالإضافة إلى حجوزات الرحلات أو وسائل النقل. كما يتطلب توفير تأمين سفر ساري يغطي النفقات الطبية والطوارئ، وكشف حساب مصرفي يثبت قدرة المسافر على تغطية نفقاته أثناء الإقامة.

كما يجب تقديم إثبات حجز تذكرة العودة أو السفر إلى وجهة أخرى خارج دول الخليج، إلى جانب إثبات مكان الإقامة خلال الزيارة.

مقالات مشابهة

  • قريبًا.. دول الخليج تطلق التأشيرة السياحية الموحدة لتسهيل التنقل للسياح
  • بنك عُمان العربي يُطلق حملة "خريف ظفار" بمزايا حصرية
  • الانبعاثات الكربونية العالمية عند أعلى مستوى رغم النمو الكبير في الطاقة النظيفة
  • لافروف: انطلاق الرحلات الجوية المباشرة بين روسيا والسعودية سيعزز السياحة والتعاون الاقتصادي
  • التنمية المحلية: برنامج «مشروعك» من أنجح المبادرات التنموية التي أطلقتها الدولة
  • لافروف: انطلاق الرحلات الجوية المباشرة بين روسيا والسعودية يعزز السياحة والتعاون الاقتصادي
  • استمرار نمو النشاط الاقتصادي الخاص غير النفطي في قطر خلال يونيو 2025
  • الحكومة: الإصلاحات رفعت نسبة النمو والأسر زادت الإنفاق
  • وزير السياحة والآثار يبحث مع أحد الشركات الصينية الرائدة في مجال البواخر السياحية سبل تطوير منتج السياحة النيلية في مصر