أعلنت وزارة الخارجية البرازيلية، اليوم، أن بلادها باتت في المراحل الأخيرة من الإجراءات القانونية اللازمة لتقديم طلب رسمي للانضمام إلى قضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، على خلفية العمليات العسكرية في قطاع غزة.

وقالت الوزارة في بيان رسمي: "لا يمكن للمجتمع الدولي أن يظل مكتوف الأيدي في مواجهة الفظائع المستمرة التي يتعرض لها المدنيون في غزة"، مشددة على التزام البرازيل بالقانون الدولي الإنساني وضرورة محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة.

وقال، رياض منصور، مندوب فلسطين في الأمم المتحدة إن إسرائيل دمرت كل شيء في غزة، مشيراً إلى أنها تتعمد استهداف الجوعى في القطاع الفلسطيني، بحسب "العربية".

وتابع في جلسة لمجلس الأمن حول الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية "غزة مدمرة بالكامل.. ولم يعد هناك فيها أي مظاهر للحياة"، مضيفا  "ندعو الآن لتشكيل تحالف من الراغبين في إنهاء مآساة غزة".

ووفقا للأمم المتحدة، فإن معظم الإصابات وقعت أثناء توجه الفلسطينيين إلى مواقع التوزيع التي تديرها مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) المثيرة للجدل، المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، والتي بدأت عملها في 27 مايو.

وقال مسؤولون وشهود عيان فلسطينيون إن الجيش الإسرائيلي مسؤول عن معظم هذه الوفيات.

طباعة شارك البرازيل البرازيل وقطاع غزة البرازيل وإسرائيل الإبادة الجماعية في قطاع غزة محكمة العدل الدولية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: البرازيل البرازيل وإسرائيل الإبادة الجماعية في قطاع غزة محكمة العدل الدولية

إقرأ أيضاً:

اللغة التي تفشل

تكتمل الكارثة بالعجز اللغوي عن وصفها. لم نعد قادرين على القول؛ لأن القول لم يعد قادرًا على ممارسة أفعاله، ولأن القول العاري من الإرادة موعود بخيانة نفسه. سولماز شريف، الشاعرة الأمريكية الإيرانية الأصل كانت قد كتبت ذات مرة:

«كل قصيدة فعل.

كل فعل عمل سياسي.

ولذا فكل القصائد سياسية». (اقرأ مقالتها «الخصائص شبه المشتركة بين السياسي والشعري: المحو» بترجمة مزنة الرحبية، على مجلة الفلق الإلكترونية).

تذكرنا شريف، فيما ننسى، بأن تسييس القصيدة ليس مسألة اختيار، بل هو شرط شعري مسبوق بشرط أول: أن تكون القصيدة فعلاً. فعل القصيدة شرط شعري لا حياد عنه. على القصيدة أن تفعل فعلها السياسي، «أن تدقَّ جدار الخزان» بتعبير غسان كنفاني كي تتحقق شعريًا. وبهذا المعنى تضع سولماز شريف شعرنا المكتوب في خضم الكارثة أمام تحدٍ وجودي يعيدنا للبحث في أزمة سابقة تتعلق بالدولة والحرية، وبالفضاء السياسي للغة عمومًا: كيف نكتب شعرًا «فاعلًا» بلغة معقَّمة معطَّلة سياسيًا من الأساس؟ فإذا كانت الخطب المنبرية الصريحة تفشل فشلها الذريع في الفعل، فكيف لإيماء الشعر أن يفعل بهذه اللغة المقهورة سياسيًا؟! يدهشني أن أقرأ عن غزيين يحاولون تعلم اللغة الإنجليزية كلغة طوارئ يترجمون بها معاناتهم للعالم. ولعل هذا الشاهد هو الأبلغ على فشل هذه اللغة، العربية، وعلى عطالتها السياسية، اللغة التي لم تعد تسعف، ولم تعد تلبي مهمة التواصل والوصول.

«قهر اللغة» هو الفصلُ الأقسى من فصول هذه الإبادة المفتوحة، حين تنتحر الكلمات على حدود السياج الخفي، الفاصل الواصل بين اللفظ ودقة المعنى. اللغة المقهورة التي ظلت عاجزة عن الفعل السياسي نكتشف اليوم، في امتحانها الأصعب، أنها مصابة بالعجز حتى أن الإيفاء بوظيفتها الأخيرة «التعبير». ولكن من منَّا الآن على استعداد ليقرَّ بعجز لغته عن التعبير، فضلاً عن الإتيان بجديد في هذا المناخ من الاستعصاء المرير، استعصاء ما بعد الصدمة؟!

سؤال الإبداع في الإبادة هو أيضًا سؤال إشكالي من ناحية أخلاقية وفلسفية في الآن نفسه: كيف لنا، قبل أي شيء، أن نبحث في الإبادة عن معنى؟ معنى جديد؟ كيف نطالب بإبداع من وحي الإبادة دون أن نجد في هذا المطلب تناقضًا فلسفيًا من قبل أن يكون أخلاقًيا؟ أوليس في هذا التسول البائس تواطؤًا يجعل من الكتابة «الجمالية» عن الإبادة تطبيعًا لها، أو توكيدًا ضمنيًا لما تسعى لاستنكاره؟ ربما تصبح مقولة أدورنو الشهيرة عن استحالة كتابة الشعر بعد «أوشفيتز» ضرورية في هذا السياق، حتى وإن بدت لنا مكابرة الكتابة في هذا الظرف، رغم قهر اللغة، مكابرةً أخلاقيةً مشروعة، بذريعة أن بديلها المطروح ليس سوى الصمت، الصمت عن الجريمة.

ما الذي يمكن فعله بهذه اللغة التي تفشل؟ على مدى عامين تقريبًا وأنا أراقب لغتي بخوف وحذر. الإبادة المستمرة هناك تمتحن لغتي هنا كما لم أعرف من قبل امتحانًا في اللغة. كيف يكتب اليوم من لم يهيئ نفسه وأدواته من قبل لاستقبال العالم بهذه الصورة؟ ثمة وحشية فاجرة، أكبر من طاقة اللغة على الاستيعاب. عنف يحشرني في زاوية ضيقة من المعجم، وهو ما يجبرني على تعلم أساليب جديدة في المراوغة والتملص للنجاة من هذا الحصار، حصار السكوت الذي لا يقترح إلا الكلام الجاهز.

أستطيع أن أحدد يوم السابع من أكتوبر 2023 تاريخًا لبداية مرحلة جديدة من لغتي. صرتُ كثير التَّفكر في اللغة باعتبارها موضوعًا موازيًا للعالم. بات عليَّ أن أُعقلن لغتي أكثر، أن أرشِّدها، وأن أتحداها في الوقت نفسه. يظهر هذا في تلعثمي وتعثري بالألفاظ كلما حاولتُ الكتابة أو الحديث عن الإبادة التي لم أعد أستطيع التعبير عنها بأي شكل من الأشكال دون الدخول في صراع مع اللغة وإمكانياتها. حتى وأنا أكتب كلمة «إبادة» الآن أصطدم بفراغ عدمي بعد الكلمة، وأدخل في متاه مفتوح لا يؤدي إلى أي شيء، عدم يحيل هذه الكلمة إلى مجرد لفظة إجرائية فقدت حوافها وحدودها من فرط الاستهلاك اليومي.

تختبر الحرب قدرة الشعر والفكر على امتصاص الصدمة واستقبال الفجيعة. حدث هذا جليًا في عقب الصدمة التي ولَّدتها النكسة سنة 1967، سنة الانقلابات الشخصية والتحولات الكبرى في صفوف الشعراء والمثقفين العرب. وهو ما يحدث اليوم وعلى مدى أشهر في صورة أكثر بطئًا وتماديًا. والحرب تأتي لتفحص جهوزية اللغة ولتعيد تشكيلها في نهاية المطاف. إنها تعبثُ بالعلاقة بين الدال والمدلول، وتبعثر الاستعارات القديمة لتأتي باستعاراتها الجديدة، وتفرض مع الوقت معجمها الموحَّد الذي توزعه على الجميع. كما تفتحُ الحرب الباب للشعراء الهواة لتقديم استقالاتهم والانصراف البيوت (لا شاعر للمهمات الصعبة اليوم)، وإن كانت في الوقت نفسه توفر مناخًا انتهازيًا لهذه الفئة من الشعراء المتسلقين على المراثي وأحصنة الحماسة.

سالم الرحبي شاعر وكاتب عُماني

مقالات مشابهة

  • اللغة التي تفشل
  • خطوة متأخرة للغاية.. ستارمر يعلق بعد قرار إسرائيل السماح بإسقاط مساعدات على غزة
  • نائب بولندي ينتقد موقف بلاده من جريمة الابادة التي ترتكبها “إسرائيل” في غزة
  • توافد رسمي وشعبي لتقديم العزاء بعبدالله بو حبيب في كنيسة مار عبدا
  • كندا: منع إسرائيل وصول المساعدات الإنسانية لغزة انتهاك للقانون الدولي
  • ساو باولو يواصل الزحف إلى المنطقة الدافئة في البرازيل
  • فرنسا تعترف بدولة فلسطين: ماكرون يعلن رسمياً... إسرائيل ترد بعنف... والمجتمع الدولي منقسم
  • دعم للإرهاب.. هكذا ردت إسرائيل على اعتراف فرنسا بدولة فلسطين
  • البرازيل تعلن عزمها الانضمام لشكوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بتهمة الإبادة في غزة
  • رايتس ووتش تدعو إلى موقف أممي حازم ومعاقبة إسرائيل عاجلا لوقف الإبادة في غزة