24 يوليو، 2025

بغداد/المسلة: في لحظة تترنح فيها المنطقة على حافة استقطابات كبرى، أعلن العراق عن أول تطبيق فعلي لقانون “تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني”، وذلك بالحكم على مواطن بالسجن المؤبد بعد إدانته بالترويج للتطبيع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في خطوة تمثل انتقال القانون من النص التشريعي إلى الفعل القضائي.

ويدخل هذا التطور ضمن إطار ما يمكن وصفه بسياسة “التحصين القانوني للهوية السياسية”، حيث يسعى العراق إلى ترسيخ موقفه التاريخي من القضية الفلسطينية ضمن بنية القانون، لا كجزء من التعبير السياسي الآني، بل باعتباره اختياراً سيادياً دائماً يحصّن المجال العام من أي اختراق ناعم.

ويعيد هذا الحكم تسليط الضوء على طبيعة القانون العراقي الصادر عام 2022، بوصفه واحداً من أكثر القوانين تشدداً في المنطقة تجاه التطبيع، إذ لا يكتفي بتجريم العلاقات الرسمية بل يلاحق الأفراد حتى على مستوى التعبير الشخصي، مانحاً السلطة القضائية صلاحيات واسعة لا تقتصر على فرض العقوبات، بل تشمل الوقوف على خطوط الدفاع السيادية في معركة الرأي والرمز.

وتوحي لهجة القضاء في بيانه، لا سيما في الإشارة إلى “الكتب والصحف العبرية”، بأن هناك حرصاً على رصد السياق الرمزي لأي تفاعل مع رموز الكيان الإسرائيلي، باعتباره دلالة سياسية، لا مجرد تواصل ثقافي. وهذا يعكس انتقال أدوات المراقبة من الفعل إلى النية، ومن الاتصال إلى التأويل، بما يؤشر إلى رغبة الدولة في إحكام الرقابة على مفاصل الخطاب العام، حتى في مستوياته الافتراضية.

ويُقرأ هذا التطبيق للقانون ضمن شبكة أوسع من تحركات داخلية لتعزيز الجبهة السياسية العراقية ضد أي خطاب يُنظر إليه كنافذة خلفية للتطبيع، في وقت يشهد فيه الإقليم سباقاً بين التصدعات والتحالفات، حيث تُعيد بعض العواصم تموضعها على الخريطة الإسرائيلية، بينما يتمسك العراق بخطابه التقليدي بصيغة أكثر صرامة.

ولا يبدو أن هذا الملف سيتوقف عند حد العقوبة، بل يُتوقع أن يشهد تطوراً في آليات المتابعة القانونية والتقنية، ما يفتح الباب أمام معادلة جديدة في العلاقة بين الفضاء الرقمي والسيادة القانونية، في بلد لا يزال يسعى لتثبيت استقلاله الرمزي والسياسي في زمن التداخلات المتشابكة.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

لقمان الفيلي مندوباً دائماً للعراق لدى الأمم المتحدة

25 يوليو، 2025

بغداد/المسلة: قدم لقمان عبد الرحيم الفيلي أوراق اعتماده إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بصفته سفيراً مفوضاً فوق العادة ومندوباً دائماً لجمهورية العراق لدى الأمم المتحدة في نيويورك.

بحسب بيان لوزارة الخارجية العراقية صدر في وقت مبكر من صباح اليوم الجمعة (25 تموز 2025)، أشاد الفيلي، خلال مراسم تقديم أوراق الاعتماد، بـ “جهود الأمم المتحدة ودعمها المتواصل للعراق في مجالات التنمية المستدامة، والمساعدات الإنسانية، وإعادة الإعمار، وبناء القدرات المؤسسية”.

الفيلي أكد التزام العراق الثابت بـ “مبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة، واستعداده لتعزيز التعاون مع المنظمة الدولية وهيئاتها المختلفة، بما يحقق مصالح العراق ويسهم في تعزيز السلم والأمن والتنمية على الصعيدين الإقليمي والدولي”.

كما أشار إلى “الدور القيادي” الذي يضطلع به العراق حالياً من خلال رئاسته لمجموعة الـ77 والصين، مؤكداً عزمه على “تمثيل مصالح الدول الأعضاء، وتعزيز العمل المشترك ضمن إطار التعاون متعدد الأطراف”.

من جانبه، رحّب غوتيريش بالسفير الفيلي، متمنياً له التوفيق في مهامه، مؤكداً “التزام الأمم المتحدة بمواصلة دعمها للعراق في مسيرته نحو التنمية والاستقرار”.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • مؤشرات بلا ضجيج: الصين تغيّر طبيعة السوق العراقية من دون جيوش
  • دعوة تأبين.. للقانون الدولي الإنساني
  • مطالبات بوضع ضوابط أخلاقية .. دعوى قضائية ضد تطبيق تيك توك
  • ماذا سيبحث وزيرا خارجية سوريا وتركيا في العراق؟
  • كيف نظم القانون الجديد ضوابط العمل عن بُعد؟
  • دعوى قضائية لـ إلزام التيك توك بالضوابط والمعايير الأخلاقية
  • العراق وايران يبحثان “الوضع الحرج” في غزة
  • الحرائق تكشف عورة البنية التحتية وتُوقد غضب الشارع
  • لقمان الفيلي مندوباً دائماً للعراق لدى الأمم المتحدة