ساويرس.. لو كنت شجاعًا فاذهب إلى السد العالي!
تاريخ النشر: 24th, July 2025 GMT
في كل عام، ومع حلول ذكرى 23 يوليو، يخرج علينا رجل الأعمال نجيب ساويرس بتغريدة «شجاعة» من مقاعده الوثيرة، لا لتذكّرنا بوجع الحريات أو إخفاقات الحكم، بل ليصفي حسابًا قديمًا مع ثورة قامت بإعادة توزيع النفوذ والثروات، وسحبت البساط من تحت أقدام طبقة إقطاعية كانت تعتبر الوطن ضيعةً خاصة.
هذه المرة، وصف ساويرس اليوم الذي أطاح فيه الضباط الأحرار بالملك فاروق، بأنه «بداية رحلة السقوط» في مصر، وأضاف بتغريدة على منصة إكس:«اليوم ذكرى اليوم الذي بدأت فيه مصر رحلة السقوط والفشل الاقتصادي وقمع الحريات ودفن الديمقراطية وانحسار الجمال الحضاري».
لو كنتَ يا ساويرس حريصًا على هذا الجمال الحضاري الذي تندبه، فاذهب الآن إلى السد العالي، واهدمه، إن استطعت هدمته، ستنهار معك ذاكرة آلاف من فقراء الصعيد الذين أسهموا بعرقهم وسواعدهم في بناء حلم قومي، لم يكن مثاليًا لكنه كان واقعيًا، منح الأرض للفلاح، ووهب الكرامة للمواطن، وأوقف بيع الوطن لمن كانوا يتعاملون معه كحساب مصرفي مفتوح.
وإن أردت أن تُنصف الماضي، ففتش عن زينب هانم وفاطمة هانم في قرى المنصورة، واسأل قبورهن كيف كانت الأراضي ملكًا لعائلات تسيطر على آلاف الأفدنة، بينما كان الفلاحون يعملون بالسخرة مقابل حفنة قمح، ابحث في دفاتر «تفتيش الزراعة» عن أسماء الباشوات، لعلّك تجد صلة قربى أو فكرًا مشتركًا.
تتحدث عن الديمقراطية يا ساويرس؟ هل كانت موجودة قبل يوليو؟ وهل تبرّعت أنت بها بعد الثورة؟
أم أن مفهومك للحريات يمرّ من بوابة المال لا صناديق الاقتراع؟
ماذا قدمتم أنتم؟ أنتم الذين بنوا إمبراطورياتهم في ظل قوانين الخصخصة، وسط خنق الطبقة الوسطى؟
هل فتحتَ مصنعًا في النوبة؟ هل أنشأتَ جامعة مجانية في القرى؟ هل قُدت مشروعًا تنمويًا واحدًا دون أرباح؟
أم أن أقصى ما تفعله هو التغريد من عواصم غربية لتصف الماضي كله بالخراب، وتبرّئ حاضرًا أنت أحد المستفيدين منه؟
أما الرد الذي جاء من النائب والإعلامي مصطفى بكري، فقد مثّل تيارًا واسعًا لا يزال يؤمن بأن ثورة يوليو كانت لحظة تحرر وطني، ومشروعًا ـ رغم عثراته ـ أنقذ البلاد من التبعية والاحتلال والاحتكار. قد نختلف مع بكري في درجة التمجيد أو المبالغة، لكن لا يمكن إنكار أنه يمثل صوتًا يحمل رؤية واضحة وانتماء حقيقيًا للمشروع القومي.
نعم، أخطأت ثورة يوليو حين همّشت التعددية، وأغلقت المجال العام، لكنها لم تكن بداية السقوط، بل كانت محاولة شاقة لانتشال دولة من قبضة النفوذ الأجنبي والإقطاع الداخلي.
الذين أسقطوا مصر ليسوا الضباط الأحرار، بل أولئك الذين عادوا لاحتلال الاقتصاد بثوب رأسمالي جديد، وورثوا النظام دون أن يرثوا فكر الدولة.
كلمة أخيرة: ثورات الشعوب لا تُقاس بتغريدة، ولا تُدان من نوافذ الفنادق الفخمة، ومن أراد أن يحاسب عبد الناصر، فليبدأ أولًا بمحاسبة نفسه. [email protected]
اقرأ أيضاًفي ذكرى ثورة 23 يوليو.. سيولة مرورية على أغلب طرق ومحاور القاهرة والجيزة
هيئة الكتاب تحتفل بذكرى 23 يوليو بخصومات على إصداراتها في جميع المحافظات
البورصة تعلن الخميس إجازة رسمية بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو 2025
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: ساويرس نجيب ساويرس رجل الأعمال نجيب ساويرس ثورة يوليو 23 يوليو ذكرى 23 يوليو الضباط الأحرار
إقرأ أيضاً:
في ذكرى إجراءات يوليو.. احتجاجات بتونس تطالب بالإفراج عن معتقلي التآمر
تونس – خرج العشرات من السياسيين والنشطاء وأهالي المعتقلين السياسيين، مساء أمس الجمعة، في مسيرة احتجاجية وسط العاصمة تونس، بالذكرى الرابعة للتدابير الاستثنائية التي أعلنها الرئيس قيس سعيد يوم 25 يوليو/تموز 2021.
ورفع المحتجون شعارات تطالب بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين، المنتمين لمختلف التيارات السياسية والمحكوم عليهم ابتدائيا بأحكام قاسية فيما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة.
كما طالب المحتجون بإطلاق سراح المحامي وعضو هيئة الدفاع عن المساجين السياسيين والقاضي السابق بالمحكمة الإدارية أحمد صواب المعتقل منذ أشهر بموجب قانون الإرهاب، بتهمة تعتبرها المعارضة كيدية.
المسيرة جاءت بدعوة من تنسيقية أهالي المعتقلين السياسيين وتنسيقية الدفاع عن المحامي صواب، بعد فشل جهود مكونات المعارضة في تنظيم تحرك مشترك بسبب الخلافات الأيديولوجية العميقة بين الإسلاميين والعلمانيين، ورفض مكونات يسارية المشاركة في تحرك يضم حركة النهضة.
وقد رفع المشاركون في المسيرة شعارات مناوئة للرئيس سعيد، من أبرزها "جاك الدور جاك الدور يا قيس يا دكتاتور"، كما نددوا بما اعتبروه توظيفا للقضاء لتصفية الخصوم السياسيين مثل "عبي عبي (املأ) الحبوسات (السجون) يا قضاء التعلميات". وطالبوا بوقف محاكمات الرأي وإطلاق سراح كل من تم سجنهم على خلفية مواقفهم السياسية.
العودة للاستبدادوقال المنسق العام لائتلاف صمود حسام الحامي -أحد المشاركين في التحرك الاحتجاجي- إن تونس تعيش أسوأ مراحلها الديمقراطية، معتبرا أن السلطة الحاكمة تسعى إلى غلق كل أبواب التعبير السلمي والمعارضة المشروعة. وأضاف للجزيرة نت أن "الزج بالمعارضين في السجون أعاد البلاد إلى مربع الاستبداد".
من جهتها، قالت منية إبراهيم زوجة القيادي السابق بحركة النهضة عبد الحميد الجلاصي المحكوم في قضية التآمر إن هذه المسيرة جاءت لتُسمع صوت العائلات التي تعاني.
إعلانوأكدت للجزيرة نت أن "ما نعيشه ليس عدالة بل انتقام، وأن استمرار اعتقال الأستاذ أحمد صواب دليل على أن السلطة لا تتسامح مع من يتمسكون باستقلال القضاء".
ويُعد أحمد صواب من أبرز الشخصيات القضائية التي عبّرت عن رفضها لتوجهات الرئيس بعد 25 يوليو/تموز 2021، وكان من المدافعين البارزين عن استقلالية القضاء، وشارك ضمن هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين، قبل أن يتم إيقافه في سياقٍ وصفه حقوقيون بأنه "استهداف ممنهج للمحامين والقضاة المستقلين".
وتأتي هذه المسيرة وسط تواصل الأزمة السياسية في البلاد، التي بدأت منذ إعلان سعيد عن جملة من التدابير الاستثنائية، شملت تجميد البرلمان ثم حله، وعزل رئيس الحكومة هشام المشيشي، ثم لاحقا حل المجلس الأعلى للقضاء وعدد من المؤسسات الرقابية، على غرار الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
وفي تلك الفترة، كانت البلاد تعاني من أزمة صحية حادة بسبب تفشي جائحة كورونا، وسط عجز حكومي واضح، وأوضاع اقتصادية واجتماعية خانقة، إضافة إلى انسداد سياسي حاد بين مكونات الحكم والمعارضة.
وكان البرلمان يعيش على وقع صراعات حادة، بينما كان الرئيس يلمّح إلى التدخل بقوة، وهو ما تم بالفعل حين أعلن عن الإجراءات التي أنهت تجربة التوافق التي حكمت البلاد منذ الثورة.
وفي الأشهر اللاحقة، أصدر سعيّد المرسوم 117 الذي منحه صلاحيات رئاسية مطلقة، وأدار بموجبه البلاد دون رقابة مؤسسية، كما قام بصياغة مشروع دستور جديد بنفسه، عرضه على استفتاء شعبي يوم 25 يوليو/تموز 2022، شارك فيه أقل من 30% من الناخبين.
هذا الدستور أرسى نظاما رئاسيا يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات شبه مطلقة ويضعف دور البرلمان وبقية المؤسسات.
وفي نهاية 2022، نظّمت انتخابات تشريعية قاطعتها أبرز أحزاب المعارضة، وأسفرت عن مجلس نيابي جديد وصفه منتقدون بأنه مجرد "غرفة تمرير"، بسبب ضعف صلاحياته وغياب التوازن بين السلطات.
كما شهدت البلاد، منذ فبراير/شباط 2023، حملة اعتقالات شملت عشرات السياسيين والمعارضين، وُجّهت إليهم تهم تتعلق بالتآمر على أمن الدولة، وحُوكم عدد منهم بأحكام ابتدائية قاسية.
من بين المعتقلين راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان السابق، الذي لا يزال موقوفا منذ أكثر من 800 يوم. كما تم إيقاف عدد من القضاة والنقابيين والصحفيين والمحامين، فيما اعتبرته منظمات حقوقية محلية ودولية تراجعا خطيرا في وضع الحريات.
وتتهم المعارضة الرئيس بتعطيل الحياة السياسية وتهميش الأحزاب وتحويل المؤسسات إلى أدوات شكلية، معتبرة أن فشله في إدارة الملفات الاقتصادية والاجتماعية يدفعه إلى تعليق المسؤولية على الآخرين، رغم أن كل مفاتيح الحكم بيده.
في المقابل، تقول السلطة إن ما تم منذ 25 يوليو/تموز 2021 هو "تصحيح لمسار الثورة"، وتتهم الأحزاب المعارضة بأنها مسؤولة عن تردي الأوضاع في البلاد قبل هذا التاريخ.