«سدايا»: الذكاء الاصطناعي يقود تحولًا غير مسبوق في عدة مجالات تعود بالخير لصالح نمو وازدهار المملكة
تاريخ النشر: 25th, July 2025 GMT
أكّدت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا" الأهمية الكبرى للتحولات الإيجابية التي تحدثها تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي في وقتنا الحاضر، مبينة أنه يُمكنها أن تقود تحولًا غير مسبوق في عدة مجالات تعود بالخير لصالح البشرية في العالم، ولصالح نمو وازدهار المملكة ابتداءً من نمو الاقتصاد الوطني، وتحفيز الابتكار، وتطوير التعليم، ورفع الكفاءة الإنتاجية، مرورًا بالتفوق الصناعي، والرعاية الصحية، والمالية، والطاقة، والزراعة، والأمن السيبراني، وصولًا إلى تبنّي الحلول التقنية الحديثة لمعالجة التحديات المعقدة التي قد تواجه أي تقدم تنموي، وذلك من أجل بناء عالم أكثر شمولًا واستدامة وسلامًا.
ومنذ إنشائها عام 2019م كرّست سدايا جهودها على تعزيز تبنّي أفضل الممارسات في التعامل مع البيانات، والاستخدام المسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي والعمل بهما وفقًا لسياسات وتشريعات ترمي لتحقيق الاستفادة من قيمة البيانات باعتبارها موردًا اقتصاديًا يساعد على الابتكار ويسهم في دعم التحولات الاقتصادية وتعزيز المقومات التنافسية للمملكة، وعليه اهتمت برفع مستوى الوعي بهذه التقنيات عبر برامج ودورات متخصصة تقدمها لمختلف الجهات والأفراد، منها مبادرة "سماي" التي أقبل على التسجيل فيها في غضون أشهر أكثر من 424 ألف مواطن ومواطنة لتعلم مفاهيم الذكاء الاصطناعي في خطوة تهدف إلى رفع مستوى معرفة مليون مواطن ومواطنة بهذه التقنيات لتعزيز بناء مجتمع المعرفة أحد محاور رؤية المملكة 2030.
وكثّفت سدايا طاقاتها المعرفية لتحقيق الاستفادة من تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي التي ألقت بظلالها على عمل المؤسسات والأفراد، واضعة نصب عينيها سلامة الإنسان بصفته محورًا رئيسًا في أي نقاش يدور حول الذكاء الاصطناعي لضمان تطوير هذه التقنيات بما يعود بالنفع على البشرية جمعاء في ظل الدعم المتواصل والمستمر من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله - ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، لجعل المملكة مركزًا تقنيًا عالميًا لأحدث التقنيات المتقدمة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.
وعملت في ذلك السياق على مجموعة أدلة تنظيمية تهدف إلى توجيه التبني والاستخدام المسؤول والفعّال للذكاء الاصطناعي في القطاعات المختلفة بالمملكة، بما يتماشى مع القيم الوطنية والمعايير التقنية والأخلاقية وتتضمن: مبادئ أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، مبادئ الذكاء الاصطناعي التوليدي للجهات الحكومية، ومبادئ الذكاء الاصطناعي التوليدي للعموم، ومبادئ التزييف العميق، والإطار الوطني للمعايير المهنية للبيانات والذكاء الاصطناعي، والإطار الأكاديمي السعودي لمؤهلات تخصصات الذكاء الاصطناعي (ذكاء التعليم)، والمؤشر الوطني للذكاء الاصطناعي، وأدوات تنظيم سوق الذكاء الاصطناعي، ومبادرة المركز الدولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي (ICAIRE).
وبوصفها المرجع الوطني للبيانات والذكاء الاصطناعي في كل ما يتعلق بهما من تنظيم وتطوير وتعامل في المملكة ولضمان الاستخدام الأمثل لهذه التقنيات في القطاع الخاص، تمنح سدايا شهادة اعتماد لمقدمي خدمات الذكاء الاصطناعي في المملكة لرفع مستوى النضج باستخدامات الذكاء الاصطناعي وتعزيز الموثوقية بتطبيقاته المختلفة، بما يسهم في تعزيز جودة منتجات الذكاء الاصطناعي وخدماته المقدمة للمواطن والمقيم والزائر للمملكة، وتقدّم الشهادة مع حزمة من الوسوم التحفيزية للجهات بناءً على مستوى المنتج والخدمة حسب المخاطر المترتبة في 5 مستويات هي: (واعٍ، ومتبنٍ، وملتزم، وموثوق، ورائد)، لمدة عام.
وأطلقت "سدايا" أداة التقييم الذاتي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي عبر منصة حوكمة البيانات الوطنية؛ التي تهدف إلى مساعدة الجهات الحكومية والخاصة، والمطورون الأفراد في قياس مدى التزامهم بالمبادئ الأخلاقية عند تطوير وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتمكينهم من إجراء تحليل منهجي وشامل لمدى التزامها بالمعايير الأخلاقية، مع تعزيز الشفافية والموثوقية في تطوير التطبيقات، وتحقيق التوافق مع أفضل الممارسات العالمية التي تضمن تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي بما يخدم المجتمع ويُعزز مكانة المملكة في هذا المجال التقني المتقدم.
وفي السياق ذاته، أصدرت "سدايا" تقريرًا متخصصًا عن "التحيز في أنظمة الذكاء الاصطناعي"؛ بهدف تسليط الضوء على التحديات التي تواجه تطوير وتبني أنظمة الذكاء الاصطناعي في ظل توسـع كثير من الدول والمنظمات، والشركات العالمية فـي تفعيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل مضطرد في عددٍ من القطاعات الحساسة والحيوية، وما رافق ذلك من قلق متنام من تسرّب التحيز إلى أنظمة الذكاء الاصطناعـي لاسيما تلك المرتبطة باتخاذ القرار.
وعلى مستوى الأفراد، أصدرت سدايا "نظام حماية البيانات الشخصية" ويهدف النظام إلى حماية البيانات الشخصية للأفراد في المملكة وتشمل البيانات الشخصية كل بيان مهما كان شكله ومصدره ومن شأنه أن يؤدي إلى معرفة الفرد على وجه التحديد، أو يجعل التعرف عليه ممكنًا بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ومن ذلك الاسم، والهوية الوطنية، والعنوان، وأرقام التواصل الشخصية، والسجلات والممتلكات الشخصية، وأرقام الحسابات البنكية والبطاقات الائتمانية، وصور الفرد الثابتة أو المتحركة، وغير ذلك من البيانات ذات الطابع الشخصي، كما يهدف النظام إلى ضمان المحافظة على خصوصية أصحاب البيانات الشخصية وتنظيم مشاركة البيانات الشخصية وتداولها بين الجهات بطريقة نظامية، ومنع إساءة استعمال البيانات الشخصية، والحد من الممارسات الخاطئة حولها.
ومن جملة فوائد استخدام تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي ما أثمرت عنه الشراكة بين "سدايا" وهيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية، حيث حققوا أثرًا ماليًا بلغ أكثر من 5 مليارات ريال من مشروع خدمات الحوسبة السحابية (سحابة ديم) التي تقدم نحو 49 خدمة وخاصية لأكثر من 180 جهة حكومية، وذلك بعد دمج أكثر من 230 مركز بيانات؛ بهدف توفير أصول تقنية عالية الاعتمادية والمرونة والكفاءة للجهات الحكومية والاستفادة المثلى من الموارد التقنية.
ومن المقرر كذلك أن يُسهم الذكاء الاصطناعي في ظهور 69 مليون وظيفة خلال السنوات القادمة بحسب آخر تقرير عن مستقبل الوظائف الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، مبينًا أن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيُعزز الوظائف البشرية الحالية أكثر من إلغائها من خلال أتمتة بعض المهام وليس الاستحواذ على كل المهام، استنادًا إلى دراسة حديثة نشرتها منظمة العمل الدولية.
كما يُسهم الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل ملحوظ في خفض التكاليف التشغيلية بما يصل إلى 30% أو أكثر، وفقًا لتقديرات شركة "ديلويت"، فيما أشارت دراسة أجرتها شركة "ماكنزي" على أكثر من 1300 شركة إلى أن إدارات الموارد البشرية استفادت بشكل أكبر من تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي في خفض التكاليف، بنسبة تراوحت بين 10% و37%، بينما سجلت إدارات سلاسل الإمداد نسب نمو أعلى في الأرباح وصلت في بعض الحالات إلى أكثر من 6%.
الذكاء الاصطناعيأخبار السعوديةسداياالاقتصاد الوطنينظام حماية البيانات الشخصيةالحلول التقنية الحديثةقد يعجبك أيضاًNo stories found.المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي أخبار السعودية سدايا الاقتصاد الوطني نظام حماية البيانات الشخصية للبیانات والذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی التولیدی الذکاء الاصطناعی فی البیانات الشخصیة أکثر من
إقرأ أيضاً:
الجدل الاقتصادي في شأن الذكاء الاصطناعي 1/5
عبيدلي العبيدلي
خبير إعلامي
يُعدّ الذكاء الاصطناعي أحد أبرز الظواهر التقنية المعاصرة التي يعتقد الكثيرون أنها ستُعيد رسم ملامح الاقتصاد العالمي في القرن الحادي والعشرين. فمنذ بداية الألفية، تحوّل الذكاء الاصطناعي من مجرد كونه فرعًا نظريًا في علوم الحوسبة، إلى محرك فعلي لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، وربما العالمي، بما في ذلك تشكيل سلاسل الإنتاج، وأسواق العمل، وأنظمة اتخاذ القرار. ومع كل طفرة في هذا المجال، تتسارع التحولات الاقتصادية، وتتشكل استقطابات فكرية جديدة تتوزع بين مؤيدين يرون فيه أداة فعالة لتحفيز النمو، ومعارضين له لا يكفون عن التحذير من مغبة تداعيات انعكاساته الاقتصادية البنيوية.
يمتاز الجدل حول الذكاء الاصطناعي بطابعه الديناميكي، إذ لا يتصل فقط بفعالية التقنية، بل يتقاطع مع قضايا توزيع الثروة، ومستقبل العمل، والمساواة الرقمية، والسيادة الاقتصادية. وقد بات من الملحّ، بشكل قاطع، التفكير فيه باعتباره قضية سياسية–اقتصادية–أخلاقية بامتياز، تتطلب تجاوز التقييمات التقنية البحتة نحو تحليلات عميقة للبنى الاقتصادية والاجتماعية.
تهدف هذه المقالة إلى تفكيك هذا الجدل من خلال عرض شامل لحجج المؤيدين والمعارضين، وتحليل القضايا المحورية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في الاقتصاد، مع تقديم حالات واقعية تجسد الاتجاهين، وأخيرًا استشراف مآلات هذه التحولات على المدى القصير والمتوسط والبعيد.
مواقف المؤيدين: الذكاء الاصطناعي رافعة للتحول الاقتصادي
يرى المؤيدون أن الذكاء الاصطناعي يمثل قفزة نوعية في تاريخ التطور الإنتاجي للبشرية، مكافئة لاختراع الكهرباء أو الإنترنت. وتتركز مبرراتهم في خمسة محاور أساسية هي:
رفع الإنتاجية وتقليل التكاليفتُظهر التجارب أن الذكاء الاصطناعي قادر، وبكفاءة غير مسبوقة، على مضاعفة إنتاجية القوى العاملة البشرية من خلال الأتمتة الذكية وتحليل البيانات والتعلّم الآلي. فالشركات التي تبنت أدوات تحليل البيانات والتنبؤ باستخدام AI – كـ Amazon وAlibaba، نجحت في خفض تكاليف التشغيل، وزيادة كفاءة سلسلة الإمداد، وتسريع دورة الإنتاج. وتُشير دراسة صدرت في العام 2022 عن مؤسسة PricewaterhouseCoopers (PWC) إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يضيف 15.7 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول 2030.
خلق نماذج أعمال جديدةلا يقتصر أثر الذكاء الاصطناعي على تحسين العمليات التقليدية، بل يفتح الباب أمام نماذج أعمال جديدة بالكامل. فالخدمات المالية مثلًا شهدت ظهور شركات FinTech تستخدم الذكاء الاصطناعي في تقييم الجدارة الائتمانية والتسعير التفاعلي. وفي الطب، بات التشخيص القائم على AI يتفوق على بعض القدرات البشرية. هذا يعني أن الذكاء الاصطناعي لا يُقصي العمل البشري، بل يُعيد تعريفه.
تمكين الدول النامية عبر القفزات التقنيةمن أبرز وعود الذكاء الاصطناعي قدرته على مساعدة الدول النامية في تجاوز مراحل التصنيع التقليدي. ففي الهند مثلًا، ساعدت أدوات الذكاء الاصطناعي المزارعين في التنبؤ بالمواسم الزراعية وتحسين الإنتاج. أما في كينيا، فتم تطبيق الذكاء الاصطناعي في إدارة شبكات الكهرباء المحدودة لتعظيم كفاءتها. هذا الاستخدام "التنموي" يخلق أملًا بإعادة التوازن العالمي عبر التكنولوجيا.
تعزيز الحوكمة واتخاذ القرار الاقتصاديتُستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي اليوم في تحليل اتجاهات الاقتصاد الكلي، وتقييم المخاطر الائتمانية، وضبط التهرب الضريبي. فالهند طوّرت نظامًا رقميًا يعتمد على AI لرصد التجارة غير الرسمية والتهرب من الضرائب، مما ساعد في رفع الإيرادات العامة بنسبة 14%. كما تلجأ بعض الحكومات إلى أدوات الذكاء الاصطناعي لمحاكاة نتائج السياسات الاقتصادية قبل تطبيقها.
تسريع البحث العلمي والابتكاربفضل قدرته على معالجة كميات هائلة من البيانات، ساهم الذكاء الاصطناعي في تسريع وتيرة البحث العلمي، خاصة في مجالات الأدوية، والطاقة، والمناخ. كما أدى إلى تخفيض تكاليف الابتكار، مما يُمكّن الشركات الناشئة من المنافسة في مجالات كانت سابقًا حكرًا على الشركات العملاقة.
مواقف المعارضين: الذكاء الاصطناعي كتهديد اقتصادي بنيوي
رغم الحماس الذي يُبديه أنصار الذكاء الاصطناعي، فإن معارضيه يُثيرون مخاوف جوهرية تتجاوز المسائل التقنية إلى بنية الاقتصاد العالمي نفسه. يرى هؤلاء أن الذكاء الاصطناعي، في صيغته الحالية، وجوهر أدائه التقني، لا يخدم التنمية الشاملة، بل يُكرّس الاحتكار، ويقضي على الوظائف، ويُعمّق الفجوة الطبقية، ويُضعف قدرة المجتمعات على السيطرة على مستقبلها الاقتصادي ويمكن تلخيص دعوات المنتقدين في النقاط التالية.
تهديد سوق العمل وتفكيك الطبقة الوسطىيشير المنتقدون إلى أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى فقدان الملايين من الوظائف، خاصة في المجالات المتوسطة المهارة التي شكلت تاريخيًا عماد الطبقة الوسطى. فعلى سبيل المثال، تعمل تقنيات الترجمة الآلية على تقليص الحاجة للمترجمين، وتقوم خوارزميات المحاسبة بتقليل الطلب على المحاسبين التقليديين، بينما بدأت السيارات ذاتية القيادة تُهدد وظائف سائقي الأجرة والنقل.
وفقًا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي (2023)، من المتوقع أن تستبدل الأتمتة نحو 85 مليون وظيفة بحلول العام 2025، رغم خلقها وظائف جديدة. إلا أن هذه الوظائف تتطلب مهارات عالية في البرمجة، وتحليل البيانات، والرياضيات، وهي مهارات لا تمتلكها الغالبية العظمى من العاملين حاليًا. هذا الخلل قد يؤدي إلى بطالة هيكلية مزمنة وتآكل الاستقرار الاجتماعي.
تعميق الاحتكار وتركيز الثروةيرى كثيرون، ممن يقفون في وجه توسيع نطاق استخدامات الذكاء الاصطناعي، أنه بوعي أو بدون وعي، يُعزز من هيمنة الشركات الكبرى، خاصة تلك التي تمتلك البيانات الضخمة والبنى التحتية السحابية. فشركات مثل Google وMeta وAmazon تملك من المعلومات والقدرات الحسابية ما يُمكّنها من احتكار الابتكار وتوجيه السوق وفق مصالحها. وهذا الوضع يخلق ما يسميه بعض الاقتصاديين "الرأسمالية الخوارزمية"، حيث يتحول السوق إلى مساحة مغلقة تديرها خوارزميات بلا شفافية.
هذا التركّز لا يُضعف فقط المنافسة، بل يخلق فجوة عميقة بين الشركات العملاقة وبقية الفاعلين الاقتصاديين، ويمنع الشركات الناشئة في الدول النامية من الدخول الجدي إلى السوق.
إخفاقات أخلاقية وتمييز منهجيالعديد من حالات سوء استخدام الذكاء الاصطناعي كشفت عن ميل هذه التكنولوجيا إلى إنتاج نتائج متحيزة وغير عادلة. تعود هذه المشكلة إلى أن نماذج الذكاء الاصطناعي تُدرَّب على بيانات تاريخية تعكس أوجه التمييز الطبقي أو العرقي أو الجندري في المجتمع. على سبيل المثال، في عام 2018 اضطرت شركة Amazon إلى سحب نظام توظيف آلي تبين أنه يقلل تلقائيًا من تقييم السير الذاتية للنساء.
تنعكس هذه التحيزات في القرارات الاقتصادية: من يُمنح قرضًا؟ من يتم قبوله في الوظيفة؟ من يُصنف كزبون مميز؟ الذكاء الاصطناعي هنا لا يُعيد إنتاج التمييز فقط، بل يُخفيه تحت قناع "الحياد الرقمي".
تقويض السيادة الاقتصادية الوطنيةيرى النقاد أن الذكاء الاصطناعي، وخاصة في مجال صنع القرار الاقتصادي، يُضعف قدرة الدول على التحكم في سياساتها. فمع ازدياد الاعتماد على خوارزميات خارجية في القطاعات الحيوية، تفقد الحكومات، وعلى وجه الخصوص حكومات الدول الصغيرة أو النامية، السيطرة على أدوات الرقابة والتنظيم. في حالات عديدة، باتت قرارات تتعلق بالإقراض أو التوظيف أو الاستثمار تُتخذ بناء على أنظمة خوارزمية مملوكة لشركات خاصة لا تخضع للرقابة العامة.
الأمر لا يقتصر على الدول النامية، بل يمتد إلى الاقتصادات المتقدمة، حيث بدأت البنوك والشركات الكبرى تعتمد على نماذج ذكاء اصطناعي من تطوير شركات خارجية، ما يخلق تهديدًا حقيقيًا لـ "السيادة الاقتصادية الرقمية".
نشوء أزمات اقتصادية خوارزميةأحد المخاوف الكبرى يتعلق بالقدرة المحدودة للبشر على توقع وتفسير سلوك أنظمة الذكاء الاصطناعي المعقدة. فقد نشهد في المستقبل أزمات مالية أو تجارية أو استهلاكية ناتجة عن قرارات آلية غير مفهومة أو تفاعل تلقائي بين أنظمة متنافسة. مثال على ذلك ما حدث في "الانهيار الخاطف" (Flash Crash) في بورصة نيويورك عام 2010، حيث أدت معاملات آلية إلى انهيار الأسواق خلال دقائق دون تدخل بشري.
لذا يحذر المعارضون من أخطار تنامي استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي أنه إذا استمر الاعتماد المفرط على أنظمة لا يمكن تفسيرها أو مساءلتها، فقد نصل إلى نقطة تفقد فيها المؤسسات الاقتصادية سيطرتها على أدواتها نفسها.
رابط مختصر