عواصم - الوكالات
يُعتبر "النهر المغلي" في غابات الأمازون البيروفية ظاهرة فريدة من نوعها، حيث تتدفق مياهه الحارة للغاية لمسافة تزيد على 6 كيلومترات، وتصل حرارتها إلى حوالي 100 درجة مئوية، رغم بعده عن أي نشاط بركاني أو حراري معروف.

هذا النهر، المعروف محليًا باسم "لا بومبا" أو "شاناي تيمبيشكا" (النهر المغلي بحرارة الشمس)، يحتل موقعًا مقدسًا لدى السكان الأصليين الذين يؤمنون بأنه مرتبط بروح "يوكاماما" – ثعبان مائي عملاق يمنحه قوته.

عالم الجيولوجيا أندريس روزو كان مفتونًا بهذه الظاهرة التي تبدو مستحيلة، فبعد دراسة طويلة اكتشف أن المياه تتسرب عميقًا إلى باطن الأرض حيث تُسخّن بواسطة حرارة الأرض الداخلية ثم تخرج ساخنة عبر ينابيع طبيعية، ما يفسر غليان النهر دون وجود براكين قريبة.

وتشهد مياه النهر درجات حرارة شديدة تسبب موت الحيوانات التي تقع فيه بسرعة، كما تعيش حوله كائنات دقيقة متكيفة مع الظروف القاسية، ما يفتح آفاقًا علمية لفهم الحياة في بيئات عدائية.

مع ذلك، يواجه النهر تهديدات بيئية بسبب إزالة الغابات التي يمارسها السكان المحليون وقاطعو الأشجار، مما يهدد هذا الكنز الطبيعي النادر. وتبذل شركات محلية جهودًا لحمايته، لكن مستقبل النهر يبقى غير مضمون.

رسالة الباحث روزو واضحة: النهر المغلي ليس مجرد ظاهرة طبيعية، بل إرث بيئي وثقافي يجب الحفاظ عليه قبل أن يختفي إلى الأبد.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

التيل يفيض والقري تستغيث

 

فى ليلةٍ عاصفةٍ على ضفاف النيل الأزرق، كانت المياه تتدفق بقوةٍ غير مألوفة، تُغرق الضفاف، وتغمر الطرق، وتُعيد للذاكرة مشاهد الكوارث القديمة التى ظنّ السودانيون والمصريون أنها أصبحت من الماضى. لكنّ المشهد هذه المرة مختلف؛ فالمطر ليس وحده من قرّر مصير النهر، بل بواباتٌ فُتحت على الضفة الإثيوبية دون سابق إنذار، فى خطوة أحادية أعادت إلى الواجهة سؤالًا وجوديًا: هل أصبحت فيضانات النيل محنةً طبيعية أم منحةً سياسية تُختبر بها إرادة الشعوب والدول؟

غياب الانذار
قبل أيام من الكارثة، لم تكن هناك مؤشرات إنذار مبكر على الجانب السودانى.. فجأة ارتفع منسوب النهر أكثر من المتوقع، لتجتاح السيول قرى ومزارع فى ولايات الجزيرة وسنار والنيل الأزرق.
«هدير يشبه الزلزال» فى مجرى النهر، صوت استيقظ عليه سكان المنوفية، وأكد مسئولون محليون أن الكميات المتدفقة لم تكن نتيجة المطر وحده، بل لتصريفٍ مفاجئ من بحيرة سد النهضة بعد فتح بواباته لتخفيف الضغط الناتج عن التخزين الأخير.. بدأ القلق واضحًا فى غرف المتابعة داخل وزارة الموارد المائية، حيث رُفعت حالة الطوارئ على طول مجرى النهر، وأُعيد ضبط مناسيب التصريف من السد العالى تحسبًا لأى مفاجآت.. الأمر الذى أنذر ١٥ محافظة مصرية مهددة بالغرق خاصة سكان طرح النيل، وهو ما حدث بمحافظة المنوفية.. لتثير الواقعة الحفيظة خاصة بعد مخاوف نقصان منسوب مياه نهر النيل.. الفيضان منحة أم محنة لمصر؟..
وبينما تصف إثيوبيا ما حدث بأنه «عملية تشغيل اعتيادية»، ترى القاهرة والخرطوم أن فى الخطوة "تجاوزًا خطيرًا" لكل قواعد الأمان المائى المشترك.. فالسد، الذى تحول من مشروع تنموى إلى ورقة ضغط سياسية، أصبح يتحكم فعليًا فى تدفق شريان الحياة لدول المصب، دون وجود اتفاق ملزم يحدد قواعد التشغيل والتخزين. وهو ما ترصده «الوفد» فى ذلك التحقيق.

السودان يدفع الثمن.. ومصر تترقب
السودان كان أول من تلقى الصدمة؛ آلاف الأسر شُردت، ومزارع بأكملها غمرتها المياه، ودمّرت السيول الطرق والجسور فى مناطق واسعة.. أما فى مصر، فالحماية التى يوفرها السد العالى قللت الخسائر، لكن الخبراء يحذرون من أن استمرار الإدارة المنفردة للمياه يجعل أى خطأ فى التشغيل كارثيًا حتى مع وجود السد، ولكن العبرة ليست فى الفيضان الحالى، بل فى القادم. اليوم نجا المصريون، لكن إذا استمرت السياسة الإثيوبية دون تنسيق، فالكارثة مسألة وقت.

إدارة النيل

"النهر ليس ملكًا لأحد، ومن يقرر التصريف منفردًا إنما يعبث بمصير الملايين" — هكذا وصف خبير المياه المصرى الدكتور نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، الموقف، مضيفًا أن "الفيضان الأخير كشف ما كانت تحذّر منه القاهرة منذ سنوات: أن إدارة النيل لا يمكن أن تكون بقرار أحادي".
وأكد الدكتور «نور الدين»، أن مصر استقبلت مؤخرًا «فيضانًا غير عادي» يُعد فى حقيقته «فيضانًا من صنع البشر»، وربط نور الدين هذا الحدث بالتصرفات المائية غير المسبوقة الناتجة عن سد النهضة الإثيوبى، والتى استدعت إجراءات استباقية «غير عادية» من قبل وزارة الموارد المائية والرى المصرية.
وشدد «نور الدين» على أن هذه المياه التى ترد إلى مصر، رغم التحديات اللوجستية، تُعد مكسبًا استراتيجيًا، حيث «تحمى مصر من السنوات العجاف، وتخزن المياه لاستخدامها فى أوقات الجفاف».

تغير قواعد اللعبة الهيدروليكية
أشار الدكتور نور الدين إلى أن بحيرة السد العالى كانت ممتلئة بالأساس، وأن التحول الذى حدث فى تدفقات المياه كان «بفعل بشرى من السد الإثيوبي»، وأن المياه الخارجة من إثيوبيا تستغرق نحو ١٧ يومًا لتصل إلى مصر عبر مجرى النيل، وتغطى منطقة الدلتا خلال ١٥ يومًا، فى إشارة إلى أن مياه السد الإثيوبى التى تم الإفراج عنها لم تصل مصر حتى الآن.
وأوضح أن الفيضان، بمعدلاته العالية، بدأ منذ تاريخ ٢٦ سبتمبر، مشيرًا إلى أن التدفقات فاقت المعدلات الطبيعية التى اعتادت عليها مصر.
فالـتصرفات العادية للنيل تتراوح بين ١٧٢ مليون متر مكعب فى الشتاء وتصل إلى نحو ٢٧٠ مليون متر مكعب فى أوقات الذروة، إلا أن ما حدث مؤخرًا تجاوز هذه الأرقام بشكل كبير.

غرق الجزر
كشف أستاذ الموارد المائية عن أن وزارة الرى المصرية اتخذت خطوات استباقية حاسمة قبل وصول الموجة الفيضانية غير العادية، وذلك عبر «صرف مياه من السد العالي» لتوفير فراغات كافية فى بحيرة السد العالى لاستيعاب المياه القادمة.
ومع ذلك، أشار الدكتور نور الدين إلى أن كمية المياه التى تم صرفها كانت «بشكل أكبر»، ما أدى إلى نتائج غير معتادة، أبرزها «غرق بعض الأراضي» فى الدلتا، مؤكدًا أن هناك ١٤٤ جزيرة فى نهر النيل مهددة بالغرق، أبرزها جزيرة الزمالك، جزيرة الوراق، وجزيرة فيلة فى أسوان، إلى جانب جزر أخرى فى المعادى وعلى طول مجرى النهر، وأوضح أن هذه الجزر تختلف طبيعتها ما بين سكنية وزراعية وسياحية.
وفى سياق آخر، أكد الخبير أن هذا الفيضان المفاجئ، ورغم آثاره، كان له جانب إيجابى من الناحية البيئية، حيث يعمل على «غسل التلوث من الأملاح وجلب الطمي»، وهى عملية لم تحدث بمثل هذا النطاق منذ سنوات طويلة.
وأشار الدكتور نور الدين إلى أن الأجيال الحالية لم تشهد فيضانًا حقيقيًا بهذه القوة فى الدلتا منذ نحو 55 عامًا، مؤكدًا أن «تصرفنا كان غير عادى لاستيعاب مياه غير عادية»، نتيجة لإطلاق كميات فاقت التوقعات.

الكهرباء تتضاعف
رغم الضغط الهائل على المنظومة المائية، أكد الدكتور نور الدين أن «السد العالى مؤهل ويعمل بشكل جيد». وأشار إلى أن الزيادة فى تدفق المياه مكنت مصر من تحقيق مكاسب فى قطاع الطاقة، حيث خلال 10 أيام فقط، تمكنت مصر من توليد نحو 2.1 جيجاوات من الكهرباء بواسطة السد العالى، مقارنة بالمعدل العادى الذى يتراوح بين 1.5 و1.8 جيجاوات، بجانب إدارة التدفق، حيث تم «فتح بوابات أكثر من اللازم» فى السد العالى بشكل مؤقت لـ توفير فراغات فى البحيرة لاستقبال المياه الهائلة القادمة، ما يؤكد مرونة وكفاءة إدارة السد.
ويُشدد هذا التحليل على أن مصر نجحت فى تحويل تحدى الموجة الفيضانية المفاجئة، الناتجة عن التصرفات الهيدروليكية لسد النهضة، إلى فرصة لـ تعزيز المخزون الاستراتيجى للمياه ورفع كفاءة توليد الكهرباء، مع ضرورة إدارة آثار الغرق الموضعى على بعض الأراضى الزراعية فى الدلتا.
فى تحليل شامل لأثر المتغيرات الهيدروليكية والجيوسياسية الأخيرة على نهر النيل، وجه الدكتور أحمد دياب، كبير خبراء الأمم المتحدة لشئون الموارد المائية والزراعية والبيئة، تحذيرًا حول التحديات الناجمة عن انخفاض مناسيب المياه وظهور مساحات جديدة من الأراضى أملاك الدولة التى تم التعدى عليها.
وأكد الدكتور «دياب» أن الوضع الراهن يتطلب مراجعة فورية وشاملة لجميع المنشآت والتوطنات السكنية الواقعة داخل مجرى النهر من أسوان إلى البحر الأبيض المتوسط، مشددًا على أن هذه التعديات تُشكل خطرًا بيئيًا ولوجستيًا يعوق جريان المياه بشكل طبيعى، ويزيد من مخاطر الفيضانات.

ظهور الجزر
أشار الخبير الأممى إلى ظاهرة جديدة تزامنت مع انخفاض منسوب النيل، لا سيما فى ظل وجود سد النهضة الإثيوبى وعمليات الملء التى تمت. فقد ظهرت مساحات واسعة من الأراضى والجزر بعد انحسار المنسوب، وتم احتلالها من قبل الأهالى على الرغم من أنها تعد أملاك دولة بالكامل.
وشدد الدكتور دياب على أن: «هذه الجزر ظهرت نتيجة لانخفاض المنسوب، وقد توطن بها بعض الأهالى خلافًا للقانون». وأكد أن هذا التوطن داخل مجرى النهر يعيق حركة المياه الطبيعية. تاريخيًا، كانت الفيضانات أمرًا متوقعًا منذ أيام الفراعنة وكان المصريون يستعدون لها، لكن التعدى على المجرى يقلل من قدرة النهر على التعامل مع أى زيادات مفاجئة فى منسوب المياه.
«رصيد استراتيجي»
تناول الدكتور دياب التحديات المتعلقة بإدارة الموارد المائية، مؤكدًا أن أى كمية مياه ترد إلى مصر تُعد رصيدًا استراتيجيًا ومكسبًا للشعب المصرى، وبخصوص الإجراءات المتعلقة بإدارة السد العالى، أوضح الخبير أن ما حدث من فتح للعيون كان أمرًا طارئًا وضروريًا للحفاظ على السد العالى، كما أشار إلى أن أقصى تصرف للنهر لتلبية الاحتياج المائى اليومى كان يصل لنحو ٢٥٠ مليون متر مكعب فى اليوم من السد العالى، وهى معدلات ترتفع فى الوقت الحالى.
وأكد الدكتور دياب ضرورة وضع سيناريوهات مختلفة للتعامل مع حالات الطوارئ وزيادة منسوب المياه المفاجئة، مشيرًا إلى أن المشاكل الاقتصادية والعسكرية تكمن بشكل أساسى فى نقص المياه، ما يستوجب تعاملًا حاسمًا وفوريًا مع أى معوقات تؤثر على تدفق الموارد المائية.

دعوة لإزالة التعديات
كشف كبير خبراء الأمم المتحدة عن الحاجة الملحة لـ مراجعة شاملة للمنشآت السكنية وكافة التعديات داخل مجرى النهر من أسوان إلى البحر المتوسط. وفى إطار حفظ حقوق الدولة وضمان الأمن المائى، أكد الدكتور دياب أن جميع الأراضى التى ظهرت هى أملاك دولة بالكامل ولا يجوز التوطن بها.
وطالب بإزالة المنشآت التى أقيمت بشكل مخالف لتمكين «جريان المياه بشكل طبيعي». وأوضح أن بقاء هذه المنشآت داخل النهر لا يعوق فقط التدفق المائى، بل له تأثيرات سلبية إضافية، أبرزها ارتباطه بـ «انتشار الأمراض» نتيجة لتغير بيئة النهر وتراكم المخلفات حول هذه التوطنات.
وتُعد دعوة الدكتور دياب بمثابة جرس إنذار للسلطات المعنية، بضرورة الإسراع فى تطبيق القانون على التعديات الواقعة داخل حيز النيل، وذلك لضمان الأمن المائى المصرى وحماية شريان الحياة من أى عوائق لوجستية أو بيئية قد تنجم عن التغيرات المناخية أو الهيدروليكية المستقبلية.

من يتحكم فى النهر؟
من الناحية الفنية، لا يمكن إثبات علاقة مباشرة بين تصريف سد النهضة والفيضانات الأخيرة دون بيانات دقيقة. لكنّ غياب الشفافية الإثيوبية يفتح الباب لكل الاحتمالات، وفى المقابل، تعتبر أديس أبابا أن القاهرة والخرطوم تضخمان الأزمة «لتدويل قضية السد»، بينما تصر مصر على أن التنسيق المسبق ليس رفاهية بل «ضرورة حياة»، الواقع أن النيل، منذ آلاف السنين، كان رمزًا للوحدة لا للخلاف، لكنّه اليوم يتحول إلى أداة اختبار لمدى قدرة السياسة على احترام الجغرافيا.

اختبار النوايا
التحقيقات الميدانية والبيانات الأولية تشير إلى أن ما جرى قد يتكرر فى مواسم أخرى إذا لم يتم وضع آلية مشتركة لإدارة النهر، الخبراء يقترحون إنشاء غرفة عمليات ثلاثية دائمة، لتبادل بيانات الأمطار والتصريف فى الزمن الحقيقى، ووضع اتفاق مؤقت للتشغيل إلى حين التوصل لاتفاق دائم شامل، بدعم من الاتحاد الإفريقى أو الأمم المتحدة.
وأكد الدكتور أحمد أبو الوفا، أستاذ القانون الدولى بجامعة القاهرة، المبادئ القانونية الدولية التى تحكم استخدام هذا المورد المشترك، وشدد الدكتور أبو الوفا على أن تصرفات إثيوبيا، خاصة تلك التى ثبت أنها ألحقت أضرارًا جسيمة بالسودان، تضع أديس أبابا تحت طائلة المسئولية القانونية وتلزمها بالتعويض، ويُعد هذا التأكيد القانونى نقطة محورية فى النقاش الدائر حول ضرورة الوصول إلى اتفاق قانونى ملزم يحمى حقوق دولتى المصب، مصر والسودان.

المبادئ الحاكمة
أوضح أستاذ القانون الدولى أن التعامل مع نهر النيل، كونه موردًا مائيًا مشتركًا عابرًا للحدود، يخضع لأمرين أساسيين فى القانون الدولى، ضرورة التشاور والتنسيق، حيث تلتزم جميع الدول الواقعة على مجرى النهر بضرورة التشاور والتنسيق المسبق بخصوص أى استخدامات أو إجراءات قد «تؤثر جوهريًا» على المصالح والحصص المائية للدول الأخرى. هذا المبدأ يهدف إلى ضمان الشفافية ومنع اتخاذ قرارات أحادية الجانب.
وأشار إلى أن الأمر الثانى يهدف إلى عدم إلحاق الضرر الجسيم:، فالمبدأ الأهم فى هذا السياق هو التزام أى دولة، بما فيها إثيوبيا، بـ«مراعاة عدم إلحاق ضرر جسيم» بالدول الأخرى الواقعة على مجرى النهر. أى تصرف يؤدى إلى ضرر غير مقبول للدول الأخرى يُعد انتهاكًا للقواعد القانونية الدولية.
وأشار الدكتور أبو الوفا إلى أن تقارير ودراسات عديدة أكدت أن تصرفات إثيوبيا الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بعمليات الملء والتشغيل لسد النهضة، «ألحقت أضرارًا جسيمة بالسودان»، وهى أضرار «يمكن أن تمتد لتطال مصر»، ويستدعى هذا الأمر أن تقوم الدولة المسببة للضرر باتخاذ ما هو لازم لمنع المزيد من الأضرار، وهو ما يتطلب التشاور والتنسيق المستمر مع دولتى المصب.

المسئولية الدولية
أكد الدكتور أبوالوفا على قاعدة راسخة فى القانون الدولى تتعلق
بـ«المسئولية الدولية» فى حال إثبات وقوع الضرر، إذا ثبت أن إثيوبيا قد فوضت ضرر التصرف، فإن القاعدة فى القانون الدولى هى أن الدولة محدثة الضرر تلتزم بتعويض الأضرار الواقعة، وفى هذه الحالة، إذا تم إثبات الضرر الجسيم الذى لحق بالسودان نتيجة لـ تصرفات إثيوبيا فى إدارة السد، فإن أديس أبابا تكون «ملتزمة بتعويض السودان ماديًا وضرورة إصلاح الضرر». ويتم إصلاح الضرر عادةً إما بإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل وقوع الضرر، أو بدفع تعويض مالى يغطى قيمة الخسائر المباشرة وغير المباشرة.
وذكر أن هذا البعد القانونى يعتبر ورقة ضغط دولية قوية بيد دولتى المصب، حيث يمكن استخدامها لتعزيز موقفهما فى المفاوضات واللجوء إلى الآليات الدولية للضغط على إثيوبيا للالتزام بالقواعد الدولية.

آليات تسوية النزاعات
شدد أستاذ القانون الدولى على أن أى نزاع دولى يجب أن يتم حلّه عبر الطرق السلمية. وفى حالة تعثر المفاوضات واستمرار التهديد، فإن الأمر قد يتصعد إلى هيئات دولية أعلى، ولفت إلى دور مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة كأحد الملاذات الأخيرة لتسوية النزاعات التى تهدد الأمن والسلم الدوليين، خاصة أن قضية المياه العابرة للحدود تكتسب أهمية متزايدة فى الأجندة الدولية.
ويؤكد الدكتور أبو الوفا أن القانون الدولى للمياه يقف إلى جانب دول المصب وحقها فى الحماية من الأضرار الجسيمة، ويضع آلية واضحة للتعويض عن الخسائر، ما يرفع من سقف المطالب المصرية والسودانية فى المفاوضات الجارية حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.
وحذرت الحكومة المصرية سكان طرح النيل بـ١٥ محافظة مصرية بإخلاء المنازل وتوخى الحذر، بعدما جددت أزمة فيضان النيل معاناة أهالى قرية دلهمو التابعة لمركز أشمون بالمنوفية، حيث شهدت القرية، غرق عدد من المنازل ومساحات واسعة من الأراضى الزراعية الواقعة على «أراضى طرح النهر» إثر الارتفاع الملحوظ فى منسوب مياه فرع رشيد.
وأصدرت رئاسة مركز ومدينة أشمون بيانًا عاجلًا ناشدت فيه المواطنين والمزارعين سرعة إخلاء المنازل والمزارع المقامة على أراضى طرح النهر، واتخاذ التدابير الوقائية لحماية الأرواح والممتلكات، مؤكدة أن هذه الإجراءات مؤقتة لحين استقرار منسوب المياه.
لعنة الماء وبركة الاتفاق
الفيضانات قد تكون كارثة، لكنها أيضًا فرصة لإعادة التفكير فى إدارة النهر بعقل جماعى، فإذا وُضع العلم قبل السياسة، والتعاون قبل التحدى، فإن السدود يمكن أن تتحول إلى ضمان للأمن المائى لا إلى قنابل معلقة فوق رؤوس الشعوب، أما إذا ظل القرار أحاديًا، فإن السؤال سيبقى مفتوحًا كل موسم مطر، هل سيهب النيل بالخير... أم يغضب من جديد؟
 

مقالات مشابهة

  • ظاهرة فلكية نادرة.. القمر العملاق يسطع الليلة على العالم العربي
  • كيف حدث فيضان النيل الأخير في مصر؟
  • خيسوس يواصل تألق البدايات.. من الهلال إلى النصر دون خسارة وبأداء هجومي مذهل
  • التيل يفيض والقري تستغيث
  • طرح النهر.. وطرح الحكومة
  • تبدأ اليوم| سماء الأرض على موعد مع ظاهرة فلكية نادرة.. ماذا سيحدث؟
  • الصليب الأحمر: وقف إطلاق النار في غزة أمرٌ حاسمٌ لإنقاذ الأرواح
  • من سيري إلى ديب فيك.. تطور مذهل في تقليد أصوات البشر
  • ما هو سر عيد الهالوين؟
  • الأرض على موعد مع القمر العملاق الإثنين.. ظاهرة فلكية نادرة تُضيء السماء