عربي21:
2025-08-16@07:27:28 GMT

النظام الانتخابي السوري.. أية فرص للديمقراطية؟

تاريخ النشر: 16th, August 2025 GMT

يتفق علماء السياسة على أن الانتخابات تشكل العتبة الرئيسية التي تسمح بإطلاق وصف الديمقراطية على النظام السياسي، ومن دون هذه العتبة، تبقى الانظمة السياسية مُدرجة في خانة الأنظمة الدكتاتورية.

لكن وصف النظام السياسي بالديمقراطية أصبح مبتذلا وغير كاف في اعتبار نظام سياسي ما متطورا ويحقق الحوكمة الرشيدة في الحكم، ناهيك عن ابتعاده عن الأنظمة الديمقراطية ـ الليبرالية في الغرب.



ثمة عشرات الأنظمة في إفريقيا وأمريكا الجنوبية وآسيا، تجري انتخابات دورية، لكنها أنظمة تسلطية بنكهة ديمقراطية، أي أنها تقع في المنطقة الوسطى الرمادية بين سوداوية الدكتاتورية ونصاعة الديمقراطية الليبرالية.

منذ أيام تسلم الرئيس السوري "المؤقت" أحمد الشرع النسخة النهائية من النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب الذي يتضمن رفع عدد المقاعد من 150 إلى 210 وفقا لإحصاء عام 2011، مع تخصيص نسبة منها لا تقل عن 20 % للمرأة، ويعين الرئيس ثلث أعضاء المجلس، أي 70 عضوا، وتشكيل اللجان الانتخابية الفرعية، وآليات الطعن والاعتراض على نتائج الانتخابات، وإتاحة الرقابة من المجتمع والمنظمات الدولية بالتنسيق مع اللجنة العليا للانتخابات.في هذه الأنظمة، تصبح الانتخابات تمثيلا لأوليغاركية حاكمة، وتتراجع فيها الليبرالية السياسية بشكل واضح، مع فقدان المجتمع المدني لحضور قوي وكثيف (تشكل تركيا ومصر وإيرتن حالات واضحة في منطقتنا).

ويبدو أن سورية تخطو في نفس الاتجاه، فلا الإعلان الدستوري الذي أقر قبل أشهر، ولا تعديل النظام الانتخابي يسمحان بتأسيس نظام سياسي يرنوا إلى تحقيق الديمقراطية الليبرالية القائمة على المواطنة الحقة على مستوى الفرد.

منذ أيام تسلم الرئيس السوري "المؤقت" أحمد الشرع النسخة النهائية من النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب الذي يتضمن رفع عدد المقاعد من 150 إلى 210 وفقا لإحصاء عام 2011، مع تخصيص نسبة منها لا تقل عن 20 % للمرأة، ويعين الرئيس ثلث أعضاء المجلس، أي 70 عضوا، وتشكيل اللجان الانتخابية الفرعية، وآليات الطعن والاعتراض على نتائج الانتخابات، وإتاحة الرقابة من المجتمع والمنظمات الدولية بالتنسيق مع اللجنة العليا للانتخابات.

ثمة ملاحظات جوهرية عديدة على النظام الانتخابي المقرر:

أولا، تجري الانتخابات تحت سقف الرئاسة، بمعنى لا انتخابات لمنصب الرئاسة، بل تقتصر العملية الانتخابية على مستوى البرلمان.

ثانيا، يعين الرئيس ثلث أعضاء البرلمان، ما يعني أننا أمام نظام رئاسي شبه متطرف، يُغلف بديكور برلماني، ستكون الكلمة النهائية للرئيس وليس للبرلمان بوصفهة هيئة تشريعية.

تم تبرير تعيين الرئيس لـ 70 عضوا كخطوة لتعويض الخلل في التمثيل سواء للمكونات أو للمرأة أو لذوي الإعاقة، وأيضا لإضافة شخصيات ذات كفاءة عالية قد لا يتم اختيارها عبر الهيئات الناخبة.

تذكرنا هذه الخطوة بما جرى في أوروبا نهاية القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر، حين أصرت النخبة الليبرالية على خصر الاقتراع ضمن فئة محدودة: المتعلمون والمُلاك.

وإذا كانت هذه الخطوة لها ما يبررها في التاريخ الأوروبي آنذاك، فلا تبرير لها في حاضرنا اليوم، وخصوصا في الحالة السورية، حيث النخبة الحاكمة تمثل تيار أيديولوجياً محصوراً بها فقط، لا يعكس التوجه الشعبي عموما.

كما أن هذه الخطوة هي إعادة إنتاج لمنظومة البعث الذي خصص مقاعد في البرلمان للحزب، بما يجعل منه القوة الغالبة في البرلمان.

إن هذا الواقع السياسي الذي سيتحقق في سورية لن يُفسح المجال لنشوء تعددية سياسية حقيقية تعكس مصالح الأفراد، بل سيؤدي هذا الواقع إلى ترسيخ الجماعات الطائفية ومتخيلاتها السياسية، وسيبقى صراع الأكثرية والأقلية ما دون السياسي قائما إذا ما استمرت الحكم على هذا المنوال.ثالثا، لا أحزاب في العملية الانتخابية، وهي ظاهرة غير موجودة إلا في النظم الدينية (الفاتيكان، إيران) والأنظمة الملكية التقليدية في الخليج العربي، وهذا وضع لا يصلح للمجتمع السوري المتنوع أيديولوجيا وسياسيا، إذ يُنتج ممثلين أفراداً غير قادرين على تشكيل كتلة سياسية تمارس الحكم، وسيبدو هذا واضحا في الملاحظة التالية.

رابعا، لا منصب لرئيس الحكومة، إذ تتشكل الحكومة من وزراء فقط، وهذا يعني أن الانتخابات البرلمانية من دون أحزاب لن تسمح للبرلمان بتشكيل الحكومة، ما يعني أن السلطة التنفيذية ليست منبثقة من السلطة التشريعية.

خامسا، لن تكون هناك مشاركة شعبية كاملة في الانتخابات البرلمانية، ذلك أن اللجان الفرعية في كل محافظة ستقوم باختيار الهيئات الناخبة، على أن يكون أعضاء هذه الهيئات 7.000 شخص، تشمل كافة المحافظات، ويحق لهؤلاء الأشخاص الترشح للانتخابات، وستجري عملية انتخاب أعضاء مجلس الشعب داخل الهيئة الناخبة ذاتها، أي نحن هنا أمام انتخابات غير مباشرة لا يشارك الشعب فيها.

وعزت لجنة الانتخابات هذا الإجراء إلى الظروف اللوجستية الراهنة في سورية، كغياب الأوراق الثبوتية، وتغييرات ديمغرافية كبيرة، ووجود عدد كبير من اللاجئين، تجعل من شبه المستحيل إجراء انتخابات مباشرة بطريقة صحيحة.

قد تكون هذه الاعتبارت ذات وجهاة، لكن مشكلتها تكمن في مدة عمل مجلس الشعب التي ستكون وفق الإعلان الدستوري 30 شهرا قابلة للتجديد، وهي مدة طويلة جدا، من شأنها أن تسمح للرئاسة مع مجلس الشعب "المُختار" تأسيس نظام حكم يعكس مصالح وتوجهات أيديولوجية وسياسية لفئة معينة.

سادسا، تم استبعاد كل من أيد نظام الأسد من الترشح للانتخابات، وهذه خطوة لها تبعات غير موضوعية، إذ لا تفرق بين أولئك الذين تلطخت أيديهم بالدماء، وأولئك الذين دعموا النظام السابق، لأسباب عديدة لا علاقة لها بالتحيز الطائفي.

من نافلة القول إن المراحل الانتقالية تكون مضطربة وغير مثالية، لكن هذا الاضطراب يكون نتاجا لتفاعل قوى اجتماعية ـ سياسية ـ دينية مجتمعة معا، وهذا أمر غير موجود في سورية، حيث الفاعل السياسي واحد، وفي هذه الحالة فإن ما يقوم به لا يندرج ضمن جدلية الفعل ورد الفعل، وإنما يعكس توجهات مسبقة للنخبة الحاكمة عبر تثبيت نظام حكم قوي مع روتشات ديمقراطية، ستكون بطبيعة الحال أكثر فاعلية مقارنة بنظام الأسد، بسبب اختلاف السياقين والتجربتين، لكنها لا تعكس إرادة الكثيرين في الانتقال إلى نظام ديمقراطي ـ ليبرالي حقيقي، وإن ضمن شروط الإمكان التاريخي.

إن هذا الواقع السياسي الذي سيتحقق في سورية لن يُفسح المجال لنشوء تعددية سياسية حقيقية تعكس مصالح الأفراد، بل سيؤدي هذا الواقع إلى ترسيخ الجماعات الطائفية ومتخيلاتها السياسية، وسيبقى صراع الأكثرية والأقلية ما دون السياسي قائما إذا ما استمرت الحكم على هذا المنوال.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الانتخابات النظام سوريا انتخابات نظام رأي قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام الانتخابی هذا الواقع فی سوریة

إقرأ أيضاً:

مجلس الوزراء يقر نظام صندوق دعم البحث العلمي والابتكار لعام 2025

صراحة نيوز – أقر مجلس الوزراء، خلال جلسته التي عقدها اليوم الأربعاء برئاسة رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، نظام صندوق دعم البحث العلمي والابتكار لعام 2025.

ويهدف هذا النظام إلى تعزيز دور البحث العلمي والابتكار، من خلال نقل تبعية صندوق دعم البحث العلمي والابتكار من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، استنادًا إلى المادة (7) من قانون إعادة هيكلة المؤسسات والدوائر الحكومية رقم (6) لسنة 2025. ويأتي هذا الإجراء في إطار خطة تحديث القطاع العام، ومع التوجه الحكومي لدمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي.

ويحدد النظام مهام وصلاحيات لجنة إدارة الصندوق، ويوضح مجالات الصرف والإنفاق من موارده بما يتوافق مع أهداف دعم البحث العلمي ويتماشى مع الغاية من تأسيسه.

كما يسعى النظام إلى توفير بيئة محفزة للبحث العلمي من خلال دعم المراكز البحثية وتنظيم الجوانب المالية والإدارية والفنية المتعلقة بالصندوق، بهدف تعزيز وتشجيع البحث العلمي والابتكار في المملكة.

ويركّز الصندوق على دعم الابتكار عبر تعديل جوهري في تشكيل لجنة إدارته لتشمل ممثلين عن قطاعي الصناعة والتجارة، بهدف تعزيز التعاون والشراكة مع هذه الجهات. كما يتضمن النظام مواد جديدة تمنح الصندوق مرونة أكبر في توسيع قاعدة الجهات الداعمة.

ويجري المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا حاليًا دراسة وطنية بمشاركة أكثر من 700 خبير لتحديد أولويات البحث العلمي للعقد المقبل.

أما الأثر المتوقع من النظام، فيتمثل في تعزيز الاهتمام بالبحث العلمي داخل المملكة، وتوسيع آفاق التعاون مع الجامعات الأردنية وقطاعات الصناعة والقطاع الخاص في مجالات الابتكار، بما يساهم في خلق بيئة داعمة للبحث العلمي، وتوجيه الإنفاق نحو المشاريع التطبيقية ذات الأولوية، بما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني ويُسهم في ربط القطاع الأكاديمي بالقطاع الصناعي، خاصة في ظل وجود مراكز وصناديق بحثية أخرى ضمن المجلس الأعلى، بما يضمن التكامل في دعم البحث العلمي والابتكار.

مقالات مشابهة

  • من المرج والهرج إلى الفرح السياسي
  • إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع لـ سانا: تستمر وزارة الدفاع في حماية جميع مكونات الشعب السوري، والحفاظ على السلم الأهلي، ونحذر فلول النظام البائد من أي محاولة لزعزعة الأمن والاستقرار في الساحل السوري، ونؤكد أننا لن نتساهل مع أي استهداف يطال قوات ال
  • تطويق حزب الله قبل الانتخابات..نحو إنهاء نفوذه السياسي
  • مسلحون يهاجمون آلية للجيش السوري في ريف اللاذقية
  • السبت الانتخابي.. 50 بلدية في وجه محاولات المنع ورياح الانقسام
  • باحثون يحددون نظام غذائي يحد من خطر السرطان
  • كيف يساعد النظام الغذائي الكيتوني في مكافحة الخرف؟
  • مجلس الوزراء يقر نظام صندوق دعم البحث العلمي والابتكار لعام 2025
  • الموسم الانتخابي..حزب الدعوة:مشاركة البعث في الانتخابات خيانة لمشروع الإمام خميني