آخرها زيارة بن زايد للقاهرة| رسائل ثقة إماراتية تعزز الشراكة الاقتصادية وتفتح آفاق استثمارية جديدة لمصر
تاريخ النشر: 29th, August 2025 GMT
شهدت العلاقات الاقتصادية بين مصر والإمارات خلال العام المالي 2023-2024 نقلة غير مسبوقة، بعدما قفزت قيمة الاستثمارات الإماراتية في السوق المصرية إلى نحو 38.9 مليار دولار، مقارنة بـ 3 مليارات دولار فقط في العام السابق.
هذه الطفرة التاريخية لم تكن صدفة، بل جاءت مدفوعة بصفقة "رأس الحكمة" العملاقة التي أبرمت في مارس 2024، وبلغت قيمتها 35 مليار دولار، لتسجل أكبر استثمار إماراتي منفرد في تاريخ مصر.
وبالتزامن مع هذه الأرقام، جاءت زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، إلى القاهرة للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتشكل رسالة سياسية واقتصادية واضحة بأن الشراكة بين البلدين تدخل مرحلة جديدة أكثر عمقاً وتأثيراً.
صفقة رأس الحكمة.. المحرك الأكبر للنمو
ويؤكد الدكتور عبد الهادي مقبل رئيس قسم الاقتصاد بكلية الحقوق بجامعة طنطا، أن صفقة رأس الحكمة التي ضخت نحو 35 مليار دولار في مارس 2024 كانت الشرارة التي أطلقت هذه الطفرة. ويعتبرها أكبر استثمار إماراتي منفرد في تاريخ السوق المصرية، ما يعكس الرؤية الاستراتيجية المشتركة بين القاهرة وأبوظبي في دعم مشروعات نوعية، خصوصاً في القطاعات العقارية والسياحية والبنية التحتية.
ثقة إماراتية في قوة الاقتصاد المصري
ولم يكن ضخ هذا الكم من الأموال إلا انعكاساً لثقة الإمارات في قوة الاقتصاد المصري وقدرته على الصمود رغم التحديات. ويرى مقبل أن دخول استثمارات بهذا الحجم سيؤدي إلى:
تعزيز احتياطي النقد الأجنبي.
دعم استقرار سعر صرف الجنيه المصري.
توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.
تحفيز قطاعات حيوية مثل السياحة، العقارات، والخدمات اللوجستية.
ويعتبر الخبراء أن هذه الاستثمارات لا تنعكس فقط على الاقتصاد المصري، بل تمنح المستثمر الإماراتي أيضاً فرصاً فريدة في سوق يضم أكثر من 110 ملايين نسمة، إضافة إلى موقع جغرافي استراتيجي يربط إفريقيا بالشرق الأوسط وأوروبا.
ويرى مقبل أن هذه الاستثمارات الضخمة تمثل دليلاً واضحاً على ثقة الإمارات في استقرار الاقتصاد المصري وقدرته على تحقيق عوائد مستدامة. كما يشير إلى أن هذه التدفقات المالية ستسهم في تعزيز احتياطي النقد الأجنبي ودعم استقرار العملة المصرية خلال المرحلة المقبلة، بما ينعكس إيجابياً على مختلف المؤشرات الاقتصادية.
شراكة استراتيجية راسخة
العلاقات بين القاهرة وأبوظبي، بحسب مقبل، هي نموذج للشراكة العربية المتكاملة، إذ تجمعها روابط سياسية واقتصادية راسخة تقوم على التعاون وتبادل المصالح. هذه الروابط تجعل من الاستثمارات الإماراتية في مصر أكثر من مجرد أرقام مالية، بل ترجمة عملية لعمق العلاقات وتوافق الرؤى في دعم مسيرة التنمية الإقليمية.
مصر.. وجهة استثمارية واعدة
ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن مصر تتمتع بمقومات تجعلها سوقاً استثمارية جاذبة، بفضل موقعها الجغرافي المتميز، وسوقها المحلي الضخم، والمشروعات القومية العملاقة التي تنفذها الدولة. هذه العوامل مجتمعة تجعلها وجهة مفضلة للمستثمرين الباحثين عن فرص طويلة الأمد ذات عوائد عالية.
التبادل التجاري.. نمو متسارعولم تقتصر العلاقات الاقتصادية بين البلدين على الاستثمار المباشر فقط، بل شهد التبادل التجاري طفرة ملحوظة. فقد ارتفعت قيمة التجارة البينية بنسبة 31.6% لتسجل نحو 6 مليارات دولار عام 2024، مقارنة بـ 4.5 مليار دولار في 2023.
وجاء هذا النمو مدفوعاً بزيادة الصادرات المصرية إلى الإمارات بنسبة 46.9%، لتبلغ 3.3 مليار دولار، بينما ارتفعت الواردات بنسبة 16.8% لتصل إلى 2.7 مليار دولار.
اللؤلؤ والأحجار الكريمة والحلي: 2.1 مليار دولار.
الآلات والأجهزة الكهربائية: 293 مليون دولار.
الخضار والفواكه: 206 ملايين دولار.
الوقود والزيوت المعدنية: 106 ملايين دولار.
الملابس الجاهزة: 68 مليون دولار.
أبرز الواردات المصرية من الإمارات:النحاس ومصنوعاته: 750 مليون دولار.
اللدائن: 486 مليون دولار.
الوقود والزيوت المعدنية: 473 مليون دولار.
الورق ومصنوعات عجائن الورق: 125 مليون دولار.
الأسماك والقشريات والرخويات: 102 مليون دولار.
زيارة محمد بن زايد.. رسالة ثقة وتوسعجاءت زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى القاهرة في هذا التوقيت لتؤكد أن العلاقات بين البلدين لا تتوقف عند حدود الاستثمارات أو الأرقام الاقتصادية، بل تعكس شراكة استراتيجية راسخة.
الزيارة حملت رسائل واضحة:
دعم الإمارات الكامل لمصر في مسارها التنموي.
فتح آفاق جديدة لمزيد من الاستثمارات الخليجية في السوق المصرية.
تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بما يخدم استقرار المنطقة.
ولفت مقبل إلى أن زيارة الشيخ محمد بن زايد الأخيرة إلى القاهرة تمثل رسالة سياسية واقتصادية قوية، تؤكد حرص القيادة الإماراتية على تعزيز شراكاتها مع مصر، وفتح الباب أمام مزيد من الاستثمارات الخليجية، بما يدعم النمو الاقتصادي ويوفر آلاف فرص العمل.
ويمثل المشهد الحالي دليلاً على أن مصر باتت وجهة مفضلة لرؤوس الأموال الخليجية والأجنبية، بفضل:
موقعها الجغرافي الذي يربط ثلاث قارات.
سوقها الداخلية الضخمة التي تضم أكثر من 110 ملايين مستهلك.
المشروعات القومية العملاقة مثل العاصمة الإدارية الجديدة وشبكات الطرق.
السياسات الحكومية التي تستهدف تحسين مناخ الاستثمار.
هذه المقومات تجعل من مصر بيئة مثالية للاستثمارات طويلة الأمد، وهو ما أدركته الإمارات سريعاً وسعت لترسيخ وجودها بقوة.
شراكة تتجاوز الأرقامالعلاقات المصرية الإماراتية لا يمكن اختزالها في أرقام استثمارات أو حجم تجارة. فهي شراكة ممتدة تقوم على الثقة والتكامل والتعاون. ويرى الخبراء أن ما يجري اليوم هو امتداد لمسيرة طويلة من الدعم المتبادل، حيث لطالما لعبت الإمارات دوراً محورياً في دعم الاقتصاد المصري، في حين تمثل مصر أحد أهم الأسواق والشركاء الاستراتيجيين للإمارات في المنطقة.
ما بين صفقة "رأس الحكمة" العملاقة، والارتفاع القياسي في حجم التبادل التجاري، وزيارة الشيخ محمد بن زايد للقاهرة، يمكن القول إن العلاقات الاقتصادية بين مصر والإمارات تدخل مرحلة جديدة تحمل الكثير من الفرص والوعود.
هذه الشراكة، التي تجمع بين عمق العلاقات السياسية والثقة الاقتصادية المتبادلة، ليست فقط رافعة للتنمية في البلدين، بل أيضاً نموذج للعلاقات العربية الناجحة القادرة على إحداث فارق في مستقبل المنطقة.
وبينما يترقب المستثمرون والخبراء الخطوات المقبلة، يبقى المؤكد أن مصر اليوم أكثر من أي وقت مضى وجهة استثمارية واعدة، وأن الإمارات شريك استراتيجي ثابت في رحلة التنمية المصرية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مصر الإمارات السوق رأس الحكمة دولار زیارة الشیخ محمد بن زاید الاقتصاد المصری ملیار دولار ملیون دولار رأس الحکمة أکثر من
إقرأ أيضاً:
المشاط: السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية تعزز جهود تمكين المرأة
ألقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، الكلمة الافتتاحية للمؤتمر السنوي الثالث للشبكة الإقليمية في مجال الطاقة من أجل المرأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا(RENEW MENA) الذي نظمه البنك الدولي، ستيفان جيمبيرت، المدير الإقليمي للبنك الدولي لمصر واليمن وجيبوتي، وآنا بيردي، نائب رئيس البنك الدولي لشئون العمليات، التي شاركت عبر الفيديو، وممثلي الحكومات من العديد من الدول.
وأشادت المشاط، بجهود البنك الدولي المستمرة، ليس فقط في تمويل المشروعات المختلفة، ولكن أيضًا على ما يقدمه من خبرات فنية، وبناء قدرات، وأفكار نسعى إلى تطبيقها على المستويين الوطني والإقليمي، بل والدولي أيضًا، مؤكدة أنه لا يمكن أن تتحقق التنمية من دون كوادر ماهرة.
ونوهت إلى أن الشبكة الإقليمية تضم قيادات نسائية، وصنّاع سياسات، وباحثات، ورائدات أعمال في قطاع الطاقة وهو قطاع يهيمن عليه الرجال تقليديًا ولذلك فإن حضورهن ومساهماتهن قيمة للغاية، موضحة أن مثل هذه المبادرات توفر منصة إقليمية مهمة لتمكين النساء من التعاون والمشاركة في دفع التنمية المستدامة، ووضع المرأة في قلب مسار التنمية.
وأوضحت وزيرة التخطيط أن مشروعات الربط الكهربائي بين مصر والأردن، وبين مصر والسعودية، تُعد مشروعات ضخمة، وبالنظر إلى فرق العمل التي تدير هذه المشروعات، نجد عددًا ملحوظًا من النساء المشاركات فيها، وهذا الربط الإقليمي لا يعزز فقط أمن الطاقة، بل يخلق أيضًا فرص عمل جديدة ونرى المزيد من النساء يشغلن هذه الفرص.
وأفادت أن جميع الدول المتقدمة والنامية على حد سواء تبحث عن خلق فرص عمل، وأحد القطاعات التي يركز عليها البنك الدولي هو قطاع الطاقة، فالدول بحاجة إلى التقدم، مؤكدة أهمية إنتاج طاقة بأعلى كفاءة وأقل تكلفة، وهذا يتحقق من خلال الطاقة المتجددة سواء من الرياح أو الشمس، والتي تفتح أيضًا آفاقًا جديدة لفرص عمل تتطلب مهارات خضراء.
وسلّطت المشاط الضوء على تجربة مصر، حيث تم إطلاق «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»، التي تعمل على تحقيق التكامل بين السياسات وتعزيز كفاءة ومرونة سوق العمل، وتعزيز جهود تمكين المرأة، كما يتضمن قانون العمل الجديد، عناصر محددة تهدف إلى معالجة العقبات التي تعيق مشاركة المرأة، سواء من خلال تنظيم بيئة العمل أو من خلال ضمان حقوقها المهنية.
وأكدت أن تنفيذ هذه السياسات يحتاج إلى إصلاحات مستمرة ومتواصلة في قطاعات عديدة. ففي الجانب المالي يُعد الإنفاق المستجيب للنوع الاجتماعي أمرًا في غاية الأهمية. وإذا نظرنا إلى أدوات مثل السندات الخضراء أو سندات أهداف التنمية المستدامة، فسنجد أنها توفر أيضًا وسيلة لتعزيز مشاركة المرأة ودعم الأنشطة التي ترفع من وجودها في الاقتصاد.
وأشارت إلى أهمية قطاع التعدين في مصر، حيث تشهد البلاد اليوم توسعًا كبيرًا في هذا القطاع المهم، منوهة أن أكبر منجم في مصر تُديره امرأة، وهو ما يعكس الحقيقة التي نشهدها يوميًا: المرأة قادرة، ومؤهلة، وفاعلة في كل قطاع.
جدير بالذكر أن الشبكة الإقليمية للطاقة من أجل المرأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (RENEW MENA)، تعمل بدعم من البنك الدولي وبرنامج مساعدة إدارة قطاع الطاقة (ESMAP)، كمنصة إقليمية تعمل على تعزيز مشاركة المرأة وقيادتها وريادة أعمالها، مع أكثر من 60 شريكًا نشطًا من المؤسسات العامة والشركات الخاصة والأوساط الأكاديمية، تعزز الشبكة التعاون وتبادل المعرفة والابتكار لتسريع المساواة بين الجنسين في مجال الطاقة.
اقرأ أيضاًتراجع شهية إقبال البنوك على الوديعة الثابتة لدى البنك المركزي المصري
سعر الجنيه الذهب اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2025
صادرات الصناعات الغذائية المصرية تستهدف 12 مليار دولار بحلول 2026