هل يتمكن الباحثون من ابتكار أول مضاد فيروسات واسع الطيف؟
تاريخ النشر: 1st, September 2025 GMT
حدد باحثون في جامعة مدينة نيويورك مسارا واعدا لتطوير مضاد فيروسات يمكن استخدامه في مكافحة مجموعة واسعة من الفيروسات القاتلة، في خطوة تجعل البشرية على وشك تطوير أول مضاد فيروسات واسع الطيف، والذي يمكن استخدامه لمواجهة تهديدات الأوبئة المستقبلية.
وأجرى الدراسة باحثون من جامعة نيويورك في الولايات المتحدة، ونشرت نتائجها في مجلة ساينس أدفانسز (Science Advances) في 27 أغسطس/آب الجاري، وكتبت عنها مجلة نيوزويك.
صرح آدم براونشفايغ، مؤلف الدراسة وأستاذ علوم النانو، لمجلة نيوزويك: "إذا ظهر حاليا تفش فيروسي جديد من فيروس جديد (أو بعض الفيروسات القديمة مثل الحصبة أو إنفلونزا)، فغالبا لا نمتلك لقاحات أو مضادات فيروسات فعالة ضد هذه الأمراض، مما قد يؤدي إلى جائحة قاتلة".
وأضاف: "حتى لو أمكن تطوير لقاحات وأجسام مضادة جديدة، فقد يستغرق ذلك شهورا أو سنوات، وفي هذه الفترة تنتشر العواقب الوخيمة للمرض".
بخلاف العدوى البكتيرية -التي يمكن للأطباء البدء بعلاجها فورا بالمضادات الحيوية واسعة الطيف أثناء عملهم على تحديد البكتيريا المحددة- تعالج العدوى الفيروسية بمضادات الفيروسات، لكن هذه المضادات تستهدف مناطق محددة فقط، وهي فعالة ضد مجموعة صغيرة من الفيروسات ذات الصلة.
وصرح براونشفايغ: "يمكن احتواء العدوى البكتيرية الخطرة بفضل الإجراءات التي يمكن اتخاذها في مرحلة مبكرة من مسار المرض، وبالتالي منع تحول المصابين إلى مرضى".
وأضاف: "لا يوجد مثل هذا التدخل المبكر للفيروسات التي قد تسبب الجائحة القادمة، وفي الواقع، بالنسبة للعديد من الفيروسات الخطرة جدا المتوطنة في مناطق العالم -مثل حمى الضنك والحصبة وزيكا وغيرها- لا توجد مضادات فيروسات فعالة، والعلاج الوحيد هو الرعاية التلطيفية".
ويكمن التحدي العلمي في تطوير مضادات فيروسات واسعة الطيف في "ضرورة تحديد واستغلال هدف جزيئي يشارك في دورة حياة الفيروس، وتشترك فيه فيروسات مختلفة على نطاق واسع".
إعلانتتحور الفيروسات بسرعة كبيرة لدرجة أن البروتينات ذات الوظيفة المتشابهة غالبا ما تختلف اختلافا كبيرا في بنيتها، حتى داخل العائلات الفيروسية، لذا فإن معظم مضادات الفيروسات لا تعالج سوى فيروس واحد أو عدد قليل من الفيروسات داخل العائلة نفسها.
نقطة ضعف الفيروسات المشتركة
استهدف الفريق سمة مشتركة موجودة على سطح العديد من الفيروسات، وهي جليكانات الغلاف الفيروسي، هي جزيئات سكرية محفوظة هيكليا عبر عائلات فيروسية غير ذات صلة، وظلت حتى الآن هدفا غير مستغل لتطوير الأدوية المضادة للفيروسات.
أوضح براونشفايغ: "كانت الفرضية أنه من ربط إن-جليكانات (N-glycans) على أسطح الأغلفة الفيروسية، يمكننا منع الفيروسات من إصابة الخلايا، وبالتالي إيقاف تطور الأمراض الفيروسية، تعد هذه فرضية رائدة نظرا لتداعياتها على إحدى أكبر المشكلات التي لم تحل في مجال الصحة العامة، وهي الحاجة الماسة إلى مضادات فيروسية واسعة الطيف".
فحص الباحثون 57 مستقبلا للكربوهيدرات الاصطناعية، وهي جزيئات صغيرة مصممة للارتباط بالجليكانات الفيروسية.
وحددوا 4 مركبات رئيسية نجحت في منع عدوى 7 فيروسات مختلفة من خمس عائلات غير مرتبطة، بما في ذلك بعض أخطر مسببات الأمراض في العالم: إيبولا، ماربورغ، نيباه، هيندرا، سارس-كوف-1، وسارس-كوف-2 (فيروسات كورونا).
واستخدم أحد مركبات مستقبلات الكربوهيدرات الاصطناعية الرئيسية في اختبار حاسم لعلاج الفئران المصابة بفيروس سارس-كوف-2، نجا نحو 90% من الفئران التي تلقت مستقبلات الكربوهيدرات الاصطناعية، مقارنة بعدم نجاة أيّ منها في المجموعة الضابطة.
وأكد المزيد من التحليل أن المركبات تعمل عن طريق الارتباط بجليكانات الغلاف الفيروسي، وهي آلية عمل جديدة ذات تطبيقات محتملة ليس فقط للأمراض المعدية، ولكن أيضا للسرطان واضطرابات المناعة، وفقا للفريق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات من الفیروسات
إقرأ أيضاً:
إنجاز علمي.. ابتكار أول نموذج مختبري لنخاع العظم البشري
الثورة نت /..
نجح علماء من جامعة بازل في ابتكار أول نموذج مختبري لنخاع العظم مُكوّن بالكامل من خلايا بشرية، ما يتيح اختبار الأدوية بدقة ويقلّل الاعتماد على التجارب الحيوانية.
استطاع فريق من العلماء في جامعة بازل تطوير نموذج متكامل لنخاع العظم باستخدام خلايا بشرية فقط، في إنجاز يعد الأول من نوعه، إذ يعيد خلق البنية المعقدة التي تنشأ فيها خلايا الدم داخل الجسم. ويُعد هذا التطور خطوة مهمة نحو اختبار الأدوية بشكل أدق وتقليل الحاجة إلى التجارب على الحيوانات.
ويتألف نخاع العظم، المعروف بـ”مصنع الدم”، من أنسجة متخصصة تشمل خلايا عظمية وأوعية دموية والأعصاب إضافة إلى أنواع مختلفة من الخلايا المناعية. وتلعب المناطق الدقيقة الواقعة على السطح الداخلي للعظام دورا محوريا في بدء عملية تكوين الدم، وهي في الوقت ذاته منطقة قد تكتسب فيها خلايا سرطان الدم مقاومة للعلاج. وحتى وقت قريب، لم يكن هناك نظام مخبري قادر على استنساخ هذه البيئات بدقة بشرية.
لكن الباحثين نجحوا في بناء نموذجها من الصفر اعتمادا على مصفوفة عظمية اصطناعية من مادة هيدروكسي أباتيت، وهو المعدن الأساسي المكوّن للعظام. ثم أضافوا إليها خلايا بشرية معاد برمجتها لتتحول إلى أنواع متعددة من الأنسجة، ووجّهوها عبر مراحل نضج مدروسة بعناية، إلى أن تكوّن نموذج ثلاثي الأبعاد يضم خلايا عظمية ووعائية وعصبية ومناعية.
وأنتجت هذه العملية هيكلا ثلاثي الأبعاد لا يتجاوز حجمه 8 × 4 ملم، لكنه يُعد أول نموذج مختبري يحاكي بيئة نخاع العظم البشرية بصورة قريبة من الواقع، وقادر على دعم عملية تكوين الدم لأسابيع، وهو ما يُعد إنجازا مهما لنظام مخبري بهذا الحجم.
ويرى الباحثون أن هذا النموذج يمكن أن يحدّ جزئيا من استخدام الحيوانات في الدراسات التي تركز على الخلايا البشرية، كما يوفر منصة فعّالة لاختبار المركبات الدوائية. ومع ذلك، فإن تطبيقه في تجارب واسعة النطاق سيستلزم تصغير حجمه مستقبلا. كما يفتح النظام الباب أمام إنشاء نسخ مخصّصة من نخاع العظم اعتمادًا على خلايا مرضى محددين، ما يسمح بمقارنة علاجات محتملة لكل حالة على حدة.
المصدر: science.mail.ru