المولد النبوي .. محمد بن عبد الله بين النشأة والرسالة وحتى الوفاة
تاريخ النشر: 4th, September 2025 GMT
في ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم، يحيي المسلمون حول العالم ذكرى مولد أنقى وأطهر البشر، سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم، الذي بعثه الله رحمةً للعالمين وهداية للبشر أجمعين.
وفي هذه المناسبة العطرة، التي تفوح بأنوار الإيمان وتزدان بذكر الحبيب المصطفى، يحسن بنا أن نلقي الضوء على نشأته الشريفة وسيرته العطرة، من باب التعريف والتذكير بمقامه الرفيع وسيرته الزكية التي أضاءت للبشرية دروب الهداية، لتبقى حياته صلى الله عليه وسلم مدرسةً خالدةً للأخلاق والرحمة والعدل، وعلى الرغم من أنه نشأ يتيمًا في بيئة جاهلية يغلب عليها الظلم وعبادة الأصنام، إلا أنه بعث برسالة إلهية أحدثت تحولًا جذريًا في مسار البشرية.
هذا التقرير يرصد ملامح حياته منذ ولادته ونشأته وحتى وفاته، ويكشف كيف تحولت حياته من يتيم صغير في مكة إلى قائد نشر الإسلام وأنار الكون بعلمه.
الميلاد والنشأة
ولد محمد بن عبد الله في عام الفيل، عام 570 ميلاديًا، في مكة المكرمة، المدينة التي كانت مركزًا دينيًا وتجاريًا مهمًا في الجزيرة العربية، كان مولده في بيت عريق من قريش، من بني هاشم، حيث ينتمي إلى أسرة لها مكانة رفيعة بين العرب.
توفي والده عبد الله قبل ولادته، فاستقبل الدنيا يتيم الأب، وعاش مع والدته آمنة بنت وهب التي احتضنته برعاية وحنان حتى وافتها المنية وهو في السادسة من عمره، ليصبح يتيم الأبوين.
بعد وفاة أمه، انتقل إلى رعاية جده عبد المطلب سيد قريش، الذي أولاه عناية خاصة، وكان يصطحبه إلى مجالس الكبار، مما أكسبه مهابة مبكرة واطلاعًا على شؤون قومه، لكن سرعان ما توفي جده وهو في الثامنة من عمره، لينتقل إلى كفالة عمه أبي طالب الذي تولى رعايته والدفاع عنه، وكان له دور بارز في حمايته خلال سنوات الدعوة.
طفولته وشبابه
في سنواته الأولى، عمل محمد صلى الله عليه وسلم برعي الغنم، وهي مهنة الأنبياء التي علمته الصبر والرعاية والرحمة، ومع بلوغه الشباب، اتجه إلى التجارة، وبدأ يشارك في رحلات القوافل التجارية إلى الشام واليمن، فاشتهر بين الناس بالصدق والأمانة حتى لقبوه بـ "الصادق الأمين".
ورغم ما كان يحيط به من مظاهر الجاهلية، ابتعد عن لهو الشباب وانحرافاتهم، ولم يسجد لصنم قط، وكان يرفض المشاركة في طقوس العرب الباطلة، هذا السلوك الفطري كان تمهيدًا لدوره العظيم الذي سيؤديه لاحقًا.
زواجه من السيدة خديجة
في الخامسة والعشرين من عمره، عرضت عليه السيدة خديجة بنت خويلد، وهي تاجرة ذات مكانة رفيعة في قريش، أن يعمل في تجارتها بعد أن سمعت عن أمانته.
خرج في رحلة إلى الشام مصاحبًا غلامها ميسرة، فعاد بأرباح كبيرة وسمعة أطيب ، أعجبت خديجة بصدقه وأمانته، فعرضت عليه الزواج، وتم الزواج المبارك الذي أثمر حياة مستقرة وهادئة.
كانت خديجة سندًا له في حياته، إذ وقفت بجانبه عند نزول الوحي، وأنجبت له القاسم وعبد الله وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة رضي الله عنهم.
نزول الوحي وبداية الرسالة
اعتاد النبي صلى الله عليه وسلم أن يخلو بنفسه في غار حراء للتأمل والتعبد بعيدًا عن صخب مكة وعبادة الأصنام، وفي الأربعين من عمره، جاءه الوحي بواسطة جبريل عليه السلام بقول الله تعالى: “اقرأ باسم ربك الذي خلق”، ارتجف قلبه من رهبة الموقف، وعاد إلى خديجة التي ثبتته وبشرته بأن الله لن يخزيه أبدًا لما تحلى به من مكارم الأخلاق.
بدأت الدعوة سرية، حيث آمن به في البداية خديجة وأبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وزيد بن حارثة، ثم انتشرت بين قلة من المؤمنين، لكن قريشًا قاومت دعوته بشدة، ورأت فيها تهديدًا لنفوذها، فتعرض وأصحابه للأذى والحصار.
الدعوة في مكة
قضى النبي ثلاثة عشر عامًا يدعو أهل مكة إلى التوحيد، ويواجه الصعوبات وتعرض أصحابه للتعذيب، فهاجر بعضهم إلى الحبشة طلبًا للأمان واشتد الأذى حتى فُرض على النبي وأهله حصار في شعب أبي طالب لثلاث سنوات، ورغم كل ذلك، صبر النبي وثبت على دعوته.
خلال هذه الفترة، توفي عمه أبو طالب وزوجته خديجة، فسُمي ذلك العام بـ "عام الحزن". لكنه وجد السلوى في رحلة الإسراء والمعراج التي أراه الله فيها من آياته الكبرى.
الهجرة إلى المدينة
بعد أن ضاقت به مكة، أذن الله له بالهجرة إلى المدينة المنورة عام 622 ميلاديًا، وهي الحادثة التي شكلت بداية عهد جديد في الإسلام، استقبله الأنصار بترحيب عظيم، وأسس أول مجتمع إسلامي قائم على المساواة والعدل، وكتب وثيقة المدينة التي نظمت العلاقة بين المسلمين واليهود وغيرهم، لتكون أول دستور مدني في الإسلام.
في المدينة، أسس المسجد النبوي الذي أصبح مركزًا للعبادة والتعليم والإدارة، ومنه انطلقت الدعوة لتصل إلى الجزيرة العربية كلها.
الجهاد والمعارك
خاض النبي صلى الله عليه وسلم عدة معارك دفاعا عن الإسلام و لحماية المسلمين ودعوته، منها معركة بدر التي حقق فيها المسلمون انتصارًا كبيرًا، ومعركة أحد التي كانت درسًا في الصبر، وغزوة الأحزاب التي اجتمع فيها المشركون والأحزاب ضد المسلمين.
كما صالح قريشًا في صلح الحديبية، وفتح مكة في العام الثامن للهجرة عفوًا ورحمة، معلنًا: "اذهبوا فأنتم الطلقاء".
صفاته وأخلاقه
كان النبي مثالًا في التواضع والزهد والرحمة، يجلس مع الفقراء، ويخدم أهل بيته، ويعفو عمن ظلمه، وكان خلقه القرآن ، جمع بين القيادة السياسية والحكمة التشريعية والرحمة الإنسانية، قال عنه أصحابه: "ما مسست حريرًا ولا ديباجًا ألين من كف رسول الله".
وفاته
بعد أن أدى الأمانة وبلغ الرسالة، توفي النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين 12 ربيع الأول سنة 11 هـ، عن عمر 63 عامًا ، دُفن في حجرة زوجته عائشة بجوار مسجده الشريف في المدينة المنورة، كانت وفاته صدمة عظيمة للمسلمين، لكن إرثه من القرآن والسنة وأخلاقه العطرة ظل باقياً إلى يومنا هذا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المولد النبوي ذكرى المولد النبوي من هو محمد بن عبد الله السيدة خديجة نزول الوحي الدعوة في مكة صلى الله علیه وسلم عبد الله من عمره فی مکة
إقرأ أيضاً:
كيفية صلاة العشاء خطوة خطوة كما صلاها النبي؟.. هذا ما تفعله بكل ركعة
لاشك أنه يبحث كثير من المستجدين في الصلاة عن كيفية صلاة العشاء خطوة خطوة بالتفصيل ، لما عرفوا من فضلها العظيم، حيث إنها آخر الصلوات الخمس اليومية المكتوبة ، وهي فريضة لا ينبغي لعاقل التفريط فيها، خاصة وأنها من صلوات الليل والدعاء بعدها مستجاب ، ومن ثم ينبغي علينا معرفة كيفية صلاة العشاء خطوة بخطوة لأدائها على أكمل وجه يرضي الله تعالى ويتقبلها منا، للفوز بفضلها العظيم.
ورد في كيفية صلاة العشاء أنها مثل غيرها من الصّلوات الرُّباعيّة، مع فرق واحدٍ وهو ضرورة الجهر بالقراءة في الرّكعتين الأُولَيَين، كما يجب أن يتحقّق المصلي من توفّر الشّروط اللازمة لصحّة صلاته.
يجب على المصلّي ابتداءً أن يراعي شروط صحّة الصّلاة وأركانها المطلوب توفُّرها؛ لِتُؤدّى الصّلاة أداءً صحيحًا، ومن هذه الشّروط ، أن يكون مُسلمًا بالغًا عاقلًا طاهرًا من الحَدَث، فإن فقد أحد تلك الشّروط لم تَجُز صلاته، ويأثم العاقل البالغ إن حدث خللٌ في صلاته من حيث الشّروط السابقة، ولا يُؤجَر الصّغير والمجنون عليها، ولا تُحسَب لهما.
كيفية صلاة العشاء خطوة خطوة1.يتوجّه المصلّي جهة الكعبة المُشرَّفة، بعد تحقُّقه من طهارة مكان الصّلاة والثّياب التي يرتديها.
2. ينوي المصلّي في قلبه الصّلاة إمامًا أو جماعةً؛ مُقتدِيًا أو مُنفرِدًا وحدَه، ويُجزِئ من النيّة مجرّد تحقُّقها في القلب، ولا يُشترَط التلفُّظ بها على لسانه.
3. ينتقل المصلّي بعد النيّة إلى تكبيرة الإحرام، وذلك بقوله: (اللهُ أكبَرُ)، وقد سُمِّيت تكبيرةُ الإحرام بهذا الاسم؛ لأنها تُحرِّم ما كان مُباحًا قبلها، مثل: الأكل، والشُّرب، والكلام، وتكون تكبيرة الإحرام برفع المصلي يدَيْه حذوَ منكبَيه، أو مقابل أذنَيه.
4. يضع المصلّي يده اليُمنى فوق اليد اليُسرى، ومكانهما تحت السُرّة كما يرى الحنفيّة والحنابلة، أمّا عند الشافعيّة فإنّها توضَع تحت الصّدر فوق السرّة، وذهب المالكيّة إلى أنّ الصلّاة تصحّ بالإسدال، وذلك يعني أن يرسل المصلّي يدَيه، ولا يضع أيًّا منهما فوق الأخرى.
5.يقرأ دعاء الاستفتاح، وصيغته عند الحنفيّة والحنابلة: (سُبحانَكَ اللّهُمَّ وبِحمْدِكَ، تبارَكَ اسمُكَ، وتعالى جَدُّكَ، ولا إلهَ غيرُكَ)، وعند الشافعيّة: (وجَّهْتُ وَجْهي لِلّذي فطَرَ السّماواتِ والأرضَ حَنيفًا مُسلِمًا، وما أنا من المُشركينَ، إنَّ صَلاتي ونُسُكي وَمَحيايَ وَمَماتي لله رَبِّ العالمينَ، لا شَريكَ له، وبِذلكَ أُمِرْتُ، وأنا مِنَ المُسلِمينَ).
6.يقرأ سورة الفاتحة مع البسملة، مع خلافٍ بين العلماء بلزوم الجهر بالبسملة، أو الإِسرار بها، إلّا أنّ الجميع مُتّفقون على ضرورة قراءتها.
7.يقرأ ما تيسر له من الآيات أو السُّور، ولو قرأ آيةً مُنفرِدةً جاز ذلك، ويجهر بالقراءة في الركعتين الأولَيَين.
8. يُكبّر لإعلان الانتقال إلى الرّكوع، وينحني له ببداية التّكبير للرّكوع، ويُنهي انحناءه مع انتهاء التّكبير.
9.الاطمئنان حال القيام والرّكوع والسّجود، وهو ركنٌ عند الشافعيّة فقط وسُنّة عند غيرهم، ويقول أثناء ركوعه: (سُبحانَ ربِّي العظيم وبِحمدِهِ) مرّةً، أو اثنتين، أو ثلاثًا، والسنّة أن يقول ذلك ثلاث مرّاتٍ.
10. يرفع رأسه من الرّكوع قائلًا: (سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَه)، ويقول المأموم خلف الإمام: (ربَّنا ولكَ الحَمد).
11. ينتقل من الرّكوع إلى السّجود، ويضع أثناء نزوله للسّجود ركبتَيه قبل يدَيه عند جمهور الفقهاء، وخالف في ذلك المالكيّة، فقالوا: (بل يضع يديه أوّلًا).
12. يقول في السّجود: (سُبحانَ ربّيَ الأعلى وَبِحَمْده) ثلاث مرّاتٍ، ويجوز ويجزِئ إذا قالها مرّةً واحدةً فقط، أو مرّتين إذا كان قد اطمأنّ في سجوده، وتحقّق له ذلك.
13. ينتقل من السّجود إلى القيام، بعد أن يُتِمّ سجودين في كلّ ركعةٍ. يجلس المصلّي بين السّجدتَين مُطمئنًّا. يأتي بالرّكعة الثانية حسب الخطوات التي ذُكِرَت سابقًا، دون أن يقرأ دُعاء الاستفتاح بعد الرّكعة الأولى.
14. يجلس بعد الرّكعة الثّانية ليقرأ التشهّد الأوسط، ويقول فيه: (التَّحِيّاتُ للهِ، والصَّلَواتُ والطَّيِّباتُ، السَّلامُ عليكَ أيُّها النبيُّ، ورحمةُ اللهِ وبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَينا وعلى عِبادِ الله الصّالِحين، أشْهدُ أن لا إله إلا الله، وأشْهدُ أنّ مُحمّدًا عبدُهُ ورَسولُهُ).
15. يأتي بالرّكعتين الثالثة والرّابعة على الهيئات نفسها التي أدّاها في الرّكعتين الأولَيَين، حتّى يصل إلى الجلوس الأخير.
16. يجلس لقراءة التشهّد الأخير، ويقول فيه كما في التشهّد الأوسط، ويزيد عليه الصّلاة الإبراهيميّة، وصفتها أن يقول: (اللّهُمّ صلِّ على مُحمَّدٍ وعلى آلِ مُحمَّدٍ، كما صلَّيْتَ على إبراهيمَ وعلى آل إبراهيمَ، إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ، اللَّهُمَّ بارِك على محمّدٍ وعلى آل محمَّدٍ، كما بارَكْتَ على إبراهيمَ وآلِ إبراهيمَ، إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ).
17. يُسَنّ الدّعاء بعد الانتهاء من الصّلاة الإبراهيميّة بما يشاء المُصلّي من الدّعاء، ممّا فيه خيرا الدّنيا والآخرة، ويُستحَبّ الدّعاء بالمأثور، ومنه ما ورد عن الرّسول صلّى الله عليه وسلّم قوله: (اللهمّ إنّي أعوذُ بكَ من عذابِ جهنّمَ، ومن عذابِ القبرِ، ومن فِتنةِ المحيا والمماتِ، ومن شرِّ فتنةِ المسيحِ الدّجّالِ).
18. يُسلّم عن اليمين مُلتفتًا يمينًا، ثمّ عن الشّمال مُلتفتًا شمالًا، ويقول في كلّ تسليمةٍ عن اليمين وعن الشّمال: (السَّلامُ عليكُم وَرَحمةُ اللهِ).
صلاة العشاءورد أنه عندما فُرِضت الصّلاة في السّماء السّابعة، جاءت فرضيّتها على أنّها خمسون صلاةً، ثمّ خفّف الله على عباده لتصبح خمسًا في العمل، وخمسين في الأجر، وقد وُزِّعت الصّلوات على أوقات النّهار والليل؛ لتشملها ابتداءً من الفجر، حتّى آخر أوقات اليوم؛ وقت صلاة العشاء، بعد غياب الشّفق الأحمر، ولأنّ صلاة العشاء من الفرائض الخمس؛ فإنّ أداءَها واجبٌ على كلّ مسلمٍ، وهي صلاةٌ رباعيّة تتكوّن من أربع ركعاتٍ.