كابُل تشيد.. مساعدات قطر تعيد الأمل لضحايا الزلازل بأفغانستان
تاريخ النشر: 7th, September 2025 GMT
كابُل- بين أنقاض القرى المدمرة شرق أفغانستان، حيث فقدت آلاف الأسر بيوتها ومصادر رزقها، وجدت صور الطائرات القطرية التي حطّت في مطار كابل صدى واسعا بين المواطنين ووسائل الإعلام على حد سواء.
وجاء الجسر الجوي الذي أطلقته الدوحة بعد أيام قليلة من الزلزال المدمر ليعطي جرعة أمل للمنكوبين، ويعيد إلى الواجهة النقاش حول الدور الإنساني الذي باتت تلعبه قطر في الأزمات الدولية، لا سيما في الساحة الأفغانية.
وبينما كان كثير من الأفغان يتساءلون عن سرعة الاستجابات الدولية لمأساتهم، برزت المساعدات القطرية كأول وأضخم مبادرة منظمة تصل إلى البلاد، لتتصدر العناوين الرئيسية في الصحف المحلية والقنوات الإخبارية، التي اعتبرت أن هذه الخطوة ليست مجرد إغاثة عاجلة بل تجسيدا لرؤية سياسية وإنسانية متكاملة.
اهتمام إعلامي
وأعلنت الحكومة الأفغانية، ممثلة بحاكم ولاية كونر، للجزيرة نت انتهاء عمليات البحث والإنقاذ في المناطق المتضررة من الزلزال الأخير، مؤكدة أن عدد القتلى بلغ 2204 أشخاص، ونحو 4 آلاف مصاب.
وأوضح المسؤول أن فرق الطوارئ تمكنت من الوصول إلى معظم القرى، إلا أن الدمار الكبير في البنية التحتية يعقّد جهود تقديم المساعدات للناجين، ما يجعل تدخل المساعدات الإغاثية العاجلة ضرورة قصوى.
ولم يقتصر وصول الطائرات القطرية إلى مطار كابل على الجانب الإغاثي المباشر، بل شكل مادة بارزة في وسائل الإعلام الأفغانية والدولية، حيث تصدرت صور الطائرات التسع المحمّلة بالمساعدات واجهات الصحف والمواقع الإخبارية، لتعيد للأذهان صورة قطر كلاعب إنساني نشط في أزمات المنطقة.
وكالة باجواك للأنباء ركزت في تغطيتها على أن "المساعدات القطرية هي الأكثر شمولية وتنظيما" منذ وقوع الزلزال، مؤكدة أن المبادرة جاءت تنفيذا مباشرا لتوجيهات أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وهو ما اعتُبر انعكاسا لمكانة العمل الإنساني في السياسة الخارجية للدوحة.
إعلانوتُعد باجواك إحدى أبرز وكالات الأنباء الحكومية الأفغانية، التي تقدم تغطية شاملة للأحداث المحلية والدولية، وتولي اهتماما خاصا للمبادرات الإنسانية والأزمات الطارئة في البلاد.
أما قناة آمو الإخبارية فقد ركزت على نوعية المساعدات، واعتبرتها "نموذجا حيا للتضامن في أوقات الأزمات"، مؤكدة أن سرعة الاستجابة القطرية فاقت توقعات الشارع الأفغاني، ووضعت الدوحة في صدارة الدول التي لبّت نداء الاستغاثة من كابل.
في حين أبرزت صحيفة أتا نيوز الطابع الرسمي للمبادرة، مشيرة لمشاركة وفد رفيع المستوى ضم وزيرة الدولة للتعاون الدولي ومسؤولين من وزارات ومؤسسات قطرية، معتبرة أن هذه المساعدات تعكس رغبة قطر بترسيخ حضورها الإقليمي والدولي عبر بوابة العمل الإنساني.
وبحسب البيانات الرسمية، وصل إلى كابل 9 طائرات تابعة للقوات الجوية الأميرية القطرية، في إطار جسر جوي متواصل أطلقته الدوحة استجابة لنداء الاستغاثة عقب الزلزال الذي ضرب ولايات شرق أفغانستان.
وشملت المساعدات الإنسانية القطرية: مستشفيين ميدانيين مجهزين بالكامل بأحدث المعدات الطبية وقادرين على استقبال الحالات الطارئة، إضافة لأدوية وإمدادات طبية عاجلة.
كما ضمت آلاف الحصص الغذائية، وخياما لإيواء الأسر التي فقدت منازلها، ومستلزمات نظافة أساسية موجهة لمواجهة الظروف الصحية الطارئة في المخيمات.
عمليات إنقاذ ضحايا الزلزال شرقي أفغانستان تواجه تحديات كبيرة بسبب التضاريس الجبلية، وجهود قطرية في البحث عن ناجين | تقرير: حمدي البكاري#الأخبار pic.twitter.com/rOBHYyuMed
— قناة الجزيرة (@AJArabic) September 7, 2025
وقدّر صندوق قطر للتنمية عدد المستفيدين المباشرين من هذه المساعدات بأكثر من 11 ألف شخص في المناطق المنكوبة، مؤكدا أن الهدف هو تلبية الاحتياجات الفورية والتخفيف من آثار الكارثة على المدى القصير.
ولم تقتصر الاستجابة القطرية على إرسال المساعدات المادية، بل شملت كذلك نشر فرق ميدانية متخصصة، حيث شاركت مجموعة البحث والإنقاذ القطرية الدولية التابعة لقوة الأمن الداخلي "لخويا" بآلياتها ومعداتها للعمل وسط الأنقاض، إضافة إلى فريق طبي ميداني لتقديم الدعم الصحي العاجل، مما عزز قدرة السلطات المحلية على التعامل مع حجم الدمار والاحتياجات المتزايدة.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة كاردان الأهلية، الدكتور محمد شفيق رحيمي، للجزيرة نت "المساعدات لا تعكس فقط الجانب الإنساني، بل تسهم بتعزيز الاستقرار الاجتماعي والسياسي في المناطق المتضررة، ووصول الدعم السريع والمتكامل من قطر يبعث برسائل إيجابية للناجين ويشجع على تضافر المجتمع المحلي مع الجهود الدولية للتعافي من الكارثة".
وفي إطار التضامن الإقليمي، بادرت السعودية لتقديم مساعدات غذائية عاجلة للمتضررين من الزلزال في ولاية كونر، حيث سلّم السفير السعودي في كابل، فيصل البقمي، 3 آلاف سلة غذائية مقدمة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية إلى الهلال الأحمر الأفغاني.
إعلانمن جهة أخرى، واصلت دولة الإمارات جهودها الإنسانية عبر إرسال مساعدات عاجلة تشمل مواد غذائية، ومستلزمات طبية، وخيم إيواء، إضافة إلى فرق البحث والإنقاذ والفريق الطبي الميداني.
وتأتي هذه المبادرات ضمن استجابة البلدين السريعة والفعالة للكارثة، مما يعكس التزامهما بتخفيف معاناة المتضررين وتعزيز التعاون الإنساني الإقليمي.
وفي مديرية نور غل التابعة لولاية كونر، حيث دمرت الزلازل منازل عدة، عبّر نور علي صافي، أحد المتضررين، للجزيرة نت عن امتنانه العميق للمساعدات القطرية قائلا: "الوضع بعد الزلزال كان صعبا للغاية، فقد فقدنا منازلنا وكل ممتلكاتنا، لكن المساعدات القطرية أعادت لنا الأمل. المستشفيان الميدانيان، والخيام، والأدوية كانت مساعدة كبيرة لنا ولجيراننا، وأشعر بأن هناك من لا ينسى معاناتنا".
وأضاف "هذا الدعم لم يخفف فقط من الألم الجسدي، بل أعطانا شعورا بأننا لسنا وحدنا في هذه الأزمة، وأن المجتمع الدولي لا يزال يهتم بالشعب الأفغاني".
لم تكن المساعدات القطرية مجرد استجابة عاجلة للأزمة الإنسانية، بل حملت في طياتها بعدا سياسيا ودبلوماسيا واضحا، تجسّد في الوفد الرسمي المرافق للجسر الجوي.
فقد ترأست وزيرة الدولة للتعاون الدولي، الدكتورة مريم بنت علي بن ناصر المسند، الوفد الذي ضم ممثلين عن وزارة الخارجية القطرية، والقوات المسلحة، وصندوق قطر للتنمية، ما يعكس اهتمام الدوحة بتنسيق جهودها عبر المؤسسات الرسمية لضمان وصول المساعدات بشكل فعّال ودقيق.
وأكدت وسائل الإعلام الأفغانية أن هذا الحضور الرسمي يعكس أن المبادرة لم تكن عملا إغاثيا عابرا، بل تجسيدا لإستراتيجية قطرية متكاملة تقوم على وضع العمل الإنساني في صلب السياسة الخارجية.
ويقول المحلل السياسي عبدالغفور عمر خيل للجزيرة نت: "المبادرة القطرية تعكس إستراتيجية متكاملة تربط بين العمل الإغاثي والدبلوماسية الناعمة. قطر تسعى عبر هذه الجهود لتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية، وإظهار قدرتها على لعب دور عامل استقرار في لحظات الأزمات الإنسانية، خصوصا في أفغانستان".
فيما أكد مسؤول في وزارة الخارجية الأفغانية -فضّل عدم كشف هويته- للجزيرة نت أن "الاستجابة القطرية تحمل دلالة سياسية بقدر ما هي إنسانية، فهي تعكس ثقة المجتمع الدولي بقدرة قطر على لعب دور فاعل في إدارة الأزمات".
وأضاف "المساعدات لمست احتياجات عاجلة على الأرض، من المأوى إلى العلاج، وهو ما سيخفف بشكل ملموس من معاناة آلاف الأسر، ويبعث برسائل طمأنة للمجتمع المحلي حول الالتزام الدولي تجاه أفغانستان".
السعودية: 3 آلاف سلة غذائية من مركز الملك سلمان.
الإمارات: مواد غذائية، ومستلزمات طبية، وخيام، وفرق بحث وإنقاذ وفريق طبي ميداني.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات غوث المساعدات القطریة البحث والإنقاذ للجزیرة نت فی المناطق
إقرأ أيضاً:
تحقيق CNN.. نشاط داعش يتجدد بهذه الدولة والسبب وقف مساعدات أمريكا
(CNN)-- تسلل هواء مالح متعفن عند الغسق فوق الشباك والقوارب الراسية على ساحل شمال موزمبيق، بينما اقتحم سبعة رجال مسلحين يرتدون الزي العسكري مجمع الصيد الشهر الماضي، مطالبين بمفاتيح المسجد.
وبعد دخولهم، أمروا - عبر الميكروفون المستخدم للأذان - سكان مدينة موكيمبوا دا برايا الساحلية بالحضور للاستماع.
ولم يتضح هويتهم إلا عندما رفعوا راية داعش، حسبما صرح إمام المسجد، سميل عيسى، لشبكة CNN. كما كان واضحًا تنامي ثقة الجهاديين، التي برزت في الأشهر الأخيرة بعد الانهيار الفوضوي لتمويل المساعدات الأمريكية لإحدى أفقر دول أفريقيا.
وقال عيسى: "عندما نادوا على الجميع، بمجرد أن رأوا ذلك العلم، غادرتُ أنا وزميلي، قائلين إننا بحاجة إلى دورة المياه"، مضيفًا أنهم ذهبوا لإبلاغ الجيش.
كُشفت وجوه الرجال، وكشف مقطع فيديو نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وكان الخطاب الذي ألقاه أحدهم مُدروسًا - إذ ألقى بيانًا محليًا للغاية، يُظهر طموحًا واستقلالية عن فروع داعش الأخرى، كما لاحظ المحللون.
لم يفر السكان المحليون، بل صُوّروا بعناية، كما يُظهر مقطع الفيديو المنشور على مواقع التواصل الاجتماعي. لقد أوضح داعش وجهة نظره بشأن الأماكن التي يمكنهم التجول فيها دون معارضة.
عانت منطقة كابو ديلغادو الشمالية، الغنية بالغاز في موزمبيق، من ثماني سنوات من القتل والاستيلاء على الأراضي. سيطر المتمردون على هذه المدينة الساحلية من أغسطس/آب 2020 إلى أغسطس/آب 2021، مما أسفر عن نزوح ودمار كبيرين. تلت ذلك أربع سنوات، أعادت خلالها القوات الموزمبيقية والرواندية - بدعوة من مابوتو - النظام جزئيًا، وضخت الحكومات الغربية مساعدات سخية إلى المنطقة. عاد العديد ممن فروا من العنف.
مع ذلك، أدى تفكيك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) بموجب أمر تنفيذي من الرئيس دونالد ترامب في يناير/كانون الثاني إلى قطع بعض المساعدات كليًا، وتقليص برامج أخرى بشكل كبير، كان بعضها يهدف إلى تعزيز حضور الحكومة المركزية وكبح التطرف.
وفي 7 سبتمبر/أيلول، شنّ تنظيم داعش هجومًا عنيفًا مجددًا، مستهدفًا معقله السابق في موسيمبوا دا برايا، وقطع رؤوس العشرات من الرجال، معظمهم مسيحيون، على مدار عدة أسابيع، مما أدى إلى فرار عشرات الآلاف من السكان.
يتصاعد عنف داعش في أفريقيا، حيث وقع 79% من نشاط الجماعة الإسلامية المسلحة عالميًا بين يناير وأكتوبر من هذا العام، وفقًا لتحليل أجراه مشروع بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة (ACLED). وبلغ نشاط داعش في موزمبيق ذروته في أكتوبر، وهو الآن مسؤول عن 11% من أعماله العنيفة عالميًا، وفقًا للمشروع.
وعلى مدار شهرين، أجرت CNNمقابلات مع ما لا يقل عن اثني عشر مسؤولًا سابقًا في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أو متعاقدين تابعين لها، أو عمال إغاثة، وفحصت وثائق داخلية شاملة لعمل الوكالة في موزمبيق، لتقييم الأثر الكامل لإغلاق الوكالة على إحدى أكثر دول أفريقيا ضعفًا.
تمردٌ يُغذّيه "الفقر المدقع"
كانت موزمبيق، حيث يعيش أكثر من نصف سكانها تحت خط الفقر، ويبلغ متوسط أعمارهم 17 عامًا، تعتمد بشكل كبير على الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. وقد بلغ مبلغ 586 مليون دولار أمريكي الذي قدّمته الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في عام 2024 حوالي 3% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
هذا التمويل، الذي احتفظ، وفقًا لوثائق اطلعت عليها CNN، بما يزيد قليلاً عن 2.4 مليار دولار أمريكي في مشاريع جارية أو مستقبلية عند إغلاقه، وفّر مساعدات غذائية طارئة، وإمدادات مياه، وتعليمًا، ودعمًا للحكومة المحلية. كما مُوِّلت أدوية فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، ولا تزال تُموَّل جزئيًا، ليصل إجمالي المبلغ المُقدَّر إلى 160 مليون دولار أمريكي.
كما موّلت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مشاريع تهدف إلى الحد من قدرة داعش على تجنيد عناصر. ففي موسيمبوا دا برايا، دعمت منحتان مشاريع تستهدف سائقي سيارات الأجرة والصيادين، وهما منطقتان يعمل فيهما الفقر وقلة الفرص، مما يجعل الشباب فريسة سهلة للتمرد، وفقًا لتحليل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
وصرح مسؤول كبير سابق في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لشبكة CNN إنّ "الوقف المفاجئ لبرامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية... فتح الباب أمام المتمردين للتصرف بحرية أكبر وإفلات من العقاب". وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، متحدثًا عن جوانب حساسة في السياسة الأمريكية، أن الدراسات التي أجرتها الوكالة أظهرت أن تمرد موزمبيق كان مدفوعًا في نهاية المطاف بـ"الفقر المدقع والتهميش، بما في ذلك النقص المطلق في الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم".
وقال المسؤول السابق إن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية "تعمل بشكل مباشر لمعالجة هذه الأسباب الجذرية" - إطعام النازحين، ومساعدة المسؤولين المحليين في المدارس والعيادات الصحية، ومساعدة الشباب في إيجاد فرص عمل.
وأضاف: "عندما توقفت هذه الجهود فجأة... خلقت فراغًا، وزادت من الضعف واليأس. وقد منح هذا الفراغ المتمردين مساحة أكبر للعمل، سواء من خلال العنف أو من خلال محاولة كسب ود المجتمعات المحلية".
صرح متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في بيانٍ له بأن الحكومة الأمريكية واصلت تقديم المساعدات هذا العام في موزمبيق، "وكانت غالبيتها مساعدات غذائية وتغذوية لإنقاذ الأرواح". وأضاف المتحدث أن المساعدات الخارجية "قيد المراجعة المستمرة لضمان تلبيتها لاحتياجات الدولة المتلقية وأولويات الولايات المتحدة".
ولم تُجب وزارة الخارجية على أسئلة CNN حول عودة داعش إلى الظهور بعد سحب المساعدات الأمريكية. وأضاف بيانها: "لا تزال الولايات المتحدة الدولة الأكثر سخاءً في العالم. تُعزز هذه الإدارة بشكل كبير كفاءة برامج المساعدات الخارجية وتأثيرها الاستراتيجي حول العالم. ندعو الدول الأخرى إلى زيادة تقاسم الأعباء عالميًا".