علي جمعة: الصلاة على النبي بدء الذكر الصحيح ويوقر محبته في قلب المؤمن
تاريخ النشر: 9th, September 2025 GMT
كتب الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عبر صفحته الرسمية على فيس بوك منشورا جديدا قال فيه: إن لكل قولٍ حقيقةً في العمل، وحقيقة الصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هي التسليم له، كما قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
وتابع: فلا يكن ذكرك بالصلاة على سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم مجرد قول باللسان دون عمل. نعم، الصلاة على سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم باللسان معروفة مشهورة، نرددها في مجالسنا ليلًا ونهارًا، حتى إننا إذا جعلنا مجلس ذكرنا كله لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لكُُفينا ووقينا.
وقد ورد: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَجْعَلَ صَلَاتِي كُلَّهَا لَكَ. قَالَ: « إِذًا يَكْفِيكَ اللهُ أَمْرَ دُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ »[البيهقي].
ولفت إلى أن الصلاة على سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي بدء الذكر الصحيح الذي يوقر محبته في قلب المؤمن، ثم تنطلق تلك المحبة في حياته كلها.
والصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تجمع بين ذكر الله وبين الاعتراف بالفضل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ وهي تجمع في الحقيقة الشهادتين معًا، ولا يدخل الإنسان في الإسلام إلا بهما معًا: «أشهد أن لا إله إلا الله» و«أشهد أن محمدًا رسول الله».
فكيف تكون الصلاة في العمل؟ يقول تعالى: { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } أي أن التحاكم إلى سيدنا رسول الله ﷺ ، والإيمان بما يقول، والتسليم بما حكم، وعدم وجود حرج في القلب مما قضى، هذه هى حقيقة الصلاة العملية.
ويقول سيدنا رسول الله ﷺ : « لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ ».
واختتم منشوره بهذا الدعاء: اللهم حققنا بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، واطبع صورته وشأنه كله ومنهجه وسيرته وسنته في قلوبنا ونفوسنا وعقولنا وحياتنا؛ حتى نصير ربانيين نتبع النبي المصطفى والحبيب المجتبى في كل شأنه، وحركاته وسكناته، وحتى يملك علينا حياتنا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: النبي الرسول الصلاة على النبي الصلاة على الرسول حب النبي رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم الصلاة على سیدنا سیدنا رسول الله ا رسول الله
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: نحن في زمن فتنٍ متلاحقة.. ونحتاج لدعوةٍ صادقة
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إننا في عصرٍ قد كثرت فيه الفتنُ ظهورًا وخفاءً، فنحن في حاجةٍ ماسّة إلى دعوةٍ صادقة.
وأضاف: في ختام سورة الشعراء برنامجٌ لمن أراد أن يبدأ التربية من جديد؛ يقول ربُّنا سبحانه وتعالى وكأنه يضع لنا دستور ذلك: {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ * وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ * وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ}.
وأضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن الله سبحانه وتعالى يذكّرنا أولًا بأنَّه لابد من عنوانٍ لتربيتنا؛ فهلمّ نعلّم أبناءنا الإيمان بالله وتوحيده، ونعلّمهم أنهم مكلَّفون في هذه الحياة بأمرٍ ونهي، ونعلّمهم أن هناك توفيقًا من الله وخذلانًا، وأن هناك آخرةً فيها حساب: فيها ثوابٌ وفيها عقاب، فيها جنّةٌ وفيها نار.
هيا بنا نعلّم أبناءنا كيف يحبّون الله ورسوله، وكيف يترجمون هذا الحبّ سلوكًا في حياتهم. ولنبدأ من جديد وكأننا لم نسمع بهذا من قبل؛ لنُخرج الناس من الظلمات إلى النور، ولا نيأس من كثرة الفساد من حولنا.
ابدأ بنفسك ثم بمن تعول… ابدأ بنفسك ثم بمن يليك: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}.
وكيف تكون العلاقة؟
أهي علاقةُ هيمنةٍ وتسلّط؟
أم علاقةُ رحمةٍ كما قال ﷺ: «إنما أنا لكم مثل الوالد للولد»؟
فإن عصوك فلا تجعل رضاهم دافعًا لك ولا مانعًا، بل اصبرْ واثبُت على طريقك وأنت تربي أبناءك والجيل الذي بعدك. واعلم أن الاستعانة بالله والتعلق به سبحانه ضرورة؛ فهو الهادي وهو الموفق. فاجعل قلبك دائمًا معلقًا بالله؛ اتخذ الأسباب ولا تعتمد عليها، سر في الطريق، ضع المنهج، ثم علِّق قلبك بالله… وقبل ذلك علّق قلبك بالله… ومع ذلك علّق قلبك بالله: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ}
يراك في نشاطك وحركتك، ويراك في إخلاصك وعبادتك، ويراك في كل أحوالك.
ثم بعد ذلك يعالجُ ربُّنا البيئةَ الخارجية التي لن تدعك تسير في تربية الناس وقلوب الناس على التعلق برب الناس؛ فهناك من المفسدين مَن يشوّش عليك دينك وأمرك: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ}.
لابد أن نعلم أنه كذّاب لأنه لا يريد وجه الله، وهو آثمٌ مؤثَّمٌ عند الله؛ فجاء التعبير بصيغة المبالغة "فعيل": {أَثِيمٍ}.
فـ{يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ}. وقد يكون هذا حال كثيرين إذا انحرفوا عن شرع الله؛ يسمعون من هنا وهناك. والنبي ﷺ يقول: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» — أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه باعتباره ضابطًا للتوثيق.
لكن شاع القيل والقال، وشاع الكذب بين الناس، حتى بُنيت عقولٌ هشّةٌ تقبل كل ما يقال لها — صوابًا كان أو خطأ — {يُلْقُونَ السَّمْعَ} لا يتثبتون من شيء، ولا يزنون الأخبار بميزان الشرع والعقل، {وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ}.
كلامٌ لا يصدر إلا من العزيز الرحيم سبحانه وتعالى، وموقفٌ تربويّ باقٍ إلى يوم القيامة يرشدنا إليه ربُّنا في كتابه العزيز.
وختم : فهيّا بنا نبدأ، معلّقين قلوبنا بعرش الرحمن، سائرين إليه على بصيرة، ناظرين إلى لقائه سبحانه وتعالى.