أشعلت غارة الاحتلال الإسرائيلي التي استهدفت فيلا بالدوحة كان يجتمع فيها قادة من حركة حماس، موجة غضب في الخليج، واعتبرت تجاوزًا لخطوط حمراء قد توسّع رقعة حرب غزة وتربك علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة ودول المنطقة.

علقت مجلة "إيكونوميست" في افتتاحيتها على محاولة الاحتلال الإسرائيلي استهداف قيادة حماس السياسية في قطر بأنها مقامرة إسرائيل وسعت مسار الحرب في غزة وصدمت دول الخليج.



وقالت المجلة إن إسرائيل ومنذ السابع تشرين الأول/أكتوبر استهدفت قيادات حماس في منطقة الشرق الأوسط، حيث اغتالت عناصرها في لبنان وغزة والضفة الغربية وسوريا وإيران، ولكنها امتنعت عن استهداف القيادة في قطر، وهي الدولة الصغيرة الحليفة للولايات المتحدة والتي تلعب دورا مهما في محادثات وقف إطلاق النار بين الحركة وإسرائيل، وظل ضربها فعلا مفرطا ومتجاوزا.

وقام الطيران الإسرائيلي في 9 أيلول/ سبتمبر بضرب فيلا بالدوحة كان قادة الحركة يجتمعون بها، وقالت المجلة إن التفاصيل حول الهجوم ليست واضحة، لكن إسرائيل تجاوزت في عملها خطا.
وأضاف المجلة أن الهجوم سيكون له تداعيات ليس فقط على حرب غزة، التي تقترب من عامها الثالث، بل على العلاقة بين أمريكا وإسرائيل ودول الخليج. وتشير المجلة إلى تأكيدات حماس أن قيادتها نجت من الهجوم، حيث كان في الاجتماع، خليل الحية وخالد مشعل، أحد أعضاء المكتب السياسي في حماس والذي حاول نتنياهو اغتياله في عام 1997، لكن لم يصدر عن إسرائيل معلومات تؤكد نجاح العملية.


وتابعت أنه من الواضح أنهم اجتمعوا لمناقشة اقتراح جديد لوقف إطلاق النار طرحته إدارة ترامب في الأيام الأخيرة، ومن شأن الاتفاق أن يكون مفيدا لإسرائيل، فقد دعا حماس إلى الإفراج الفوري عن الأسرى الإسرائيليين الـ 48 المتبقين (الأحياء والأموات) الذين تحتجزهم في غزة. لكنه لم يكن بالضرورة لينهي الحرب: فقد عرض وقفا مؤقتا لإطلاق النار ووعدا بأن دونالد ترامب سيضغط على إسرائيل للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.

وأردفت المجلة أنه وعد مماثل في وقت سابق من هذا العام، قد تبخر عندما وافقت إسرائيل على وقف إطلاق النار في كانون الثاني/يناير، ثم تخلت عنه في آذار/مارس، ويعتقد بعض الدبلوماسيين أن حماس كانت سترفض هذا العرض الجديد لكونه متذبذبا للغاية. كانت معضلة قيادتها، هي كيفية رفضه بطريقة لا تغضب ترامب.

وقالت المجلة إن مثل هذا النقاش لا جدوى له، ومن شبه المؤكد أن المحادثات انتهت، على الأقل في قطر، التي قد تتخلى عن دورها كوسيط. وإذا استؤنفت، فسيكون ذلك على الأرجح في مصر. إذا قتل قادة حماس في الخارج أو أصيبوا بالعجز، فسيكون الرجل الذي يتخذ القرارات هو عز الدين الحداد، قائد الجناح العسكري لحماس في غزة، وهو مقاتل مخضرم ذو خبرة سياسية أو دبلوماسية محدودة.

وأضاف المجلة أن الضربة ولو نجحت، لعززت من مكانة بنيامين نتنياهو في الداخل، لكنها ستفاقم أيضا الجدل المرير حول الحرب في غزة، التي يريد معظم الإسرائيليين إنهاؤها. وقد قاوم رئيس الوزراء هذه الدعوات بناء على طلب حلفائه من اليمين المتطرف، الذين يريدون إعادة احتلال غزة وتشريد سكانها.

أضافت أن مجموعة من عائلات الأسرى أصدرت بيانا أعربت فيه عن "خوفها العميق" من "الثمن الذي قد يدفعه الأسرى" بسبب الضربة في قطر. وكتبت والدة أحد الرهائن معبرة عن قلقها من أن نتنياهو، بمحاولته اغتيال قادة حماس، ربما يكون قد اغتال ابنها أيضا.


وتابعت أنه في ديسمبر/كانون الأول 2023، سأل مراسل المجلة رئيس وزراء قطر عما إذا كان قلقا بشأن اغتيال إسرائيل لقادة حماس على الأراضي القطرية. فقال: "ارتكاب أي جريمة على أراضينا أمر غير مقبول. لقد نقلنا ذلك بوضوح تام إلى الأمريكيين والإسرائيليين"، وكان الاعتقاد السائد في الدوحة أن أمريكا ستكبح جماح إسرائيل. فقطر، في نهاية المطاف، تستضيف المقر الإقليمي للقيادة المركزية الأمريكية، وهي مصنفة "حليفا رئيسيا من خارج حلف الناتو".

وتابعت المجلة أن نتنياهو أكد أن العملية كانت "مستقلة تماما" وأن "إسرائيل هي من بادرت بها، ونفذتها، وإسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة"، على حد قوله. بدا اختياره للكلمات وكأنه محاولة لمنح إنكار ترامب مصداقية، وجاء الهجوم بعد يومين من توجيه السيد ترامب "إنذارا أخيرا" لحماس لقبول الاتفاق وتوعدها "بعواقب" إن لم تقبل.

وأضافت أن السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، كارولين ليفيت، قالت في مؤتمر صحفي بأن الهجوم "لا يخدم أهداف إسرائيل أو أمريكا"، كما قالت إن ترامب "أُبلغ من قِبل الجيش الأمريكي بأن إسرائيل تهاجم حماس"، مشيرةً إلى أنه لم يعلم بذلك إلا أثناء تنفيذ المهمة. ثم طلب من ستيف ويتكوف، مبعوثه إلى الشرق الأوسط، تنبيه القطريين.

تابع المجلة أنه وسواء كان ترامب يعلم أو لا يعلم، فإما أنه لم يكن قادرا على منع الهجوم أو اختار عدم منعه على دولة، اعتقدت مثل بقية الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، ومنذ وقت أنها تتمتع بضمانة أمنية أمريكية، وبدت هذه الضمانات غير حقيقية، عندما هاجمت إيران حقول النفط السعودية عام 2019. وقتلت ميليشيا مدعومة من إيران ثلاثة أشخاص عام 2022 في هجوم بطائرة مسيرة على أبوظبي، عاصمة الإمارات العربية المتحدة.

وأردفت أنه في حزيران/يونيو أطلقت إيران صواريخ على القاعدة الجوية الأمريكية في قطر، ردا على الضربات الجوية التي أمر بها السيد ترامب على المنشآت النووية الإيرانية (الضربات التي عارضها حكام الخليج)، ومن المرجح أن يقلل الهجوم الإسرائيلي من قيمة وعود أمريكا أكثر.

وأضافت أن جيران قطر سارعوا لإدانة إسرائيل، فقد تصل محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، بأمير قطر ووصف الضربة بأنها "عمل إجرامي". وأدان أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، الهجوم "الغادر".


وتعد انتقادات الإمارات جديرة بالملاحظة بشكل خاص. فقد كانت أول دولة خليجية تطبع العلاقات مع إسرائيل، في عام 2020، وهي أقرب حليف لإسرائيل في المنطقة. ولشهور، ساورت المخاوف المسؤولين في مجلس التعاون الخليجي من إسرائيل الجامحة التي أصبحت قوة إقليمية مهيمنة، وأن الحرب الإقليمية الآخذة في الاتساع ستمتد إلى بلدانهم. وستؤكد الضربة الإسرائيلية في قطر كليهما.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية الاحتلال حماس قطر حماس قطر الاحتلال الوفد المفاوض صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجلة أن فی قطر فی غزة

إقرأ أيضاً:

ظاهرة الأرامل السود في روسيا تعكس استفحال الفساد في ظل اقتصاد الحرب

نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرًا يسلط الضوء على ظاهرة "الأرامل السود" في روسيا، وهن النساء اللاتي يتزوجن جنودًا قبل إرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بهدف الحصول على التعويضات الضخمة التي تقدّمها الدولة، والتي تمثل ثروات هائلة في المناطق الفقيرة.
 
واعتبرت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، أن هذه الظاهرة تكشف عن أزمة أخلاقية صنعتها الدولة عبر إفقار عدة مناطق في روسيا وتحويل الموت إلى تجارة مربحة، فالنساء يتزوجن الجنود للحصول على التعويضات في غياب أي موارد أخرى، فيما تستغل الشبكات الإجرامية وفيات الحرب لأن النظام جعل الموت أكثر ربحًا من العمل.

تعويضات كبيرة
في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تزوّج سيرغي خاندوزكو (40 عاما)، وهو من سكان قرية صغيرة في مقاطعة بريانسك، من إلينا سوكولوفا، وهي موظفة في مكتب التجنيد العسكري بقرية مجاورة. وفي اليوم التالي مباشرة، سجّل نفسه للقتال في أوكرانيا رغم عدم امتلاكه أي خبرة عسكرية، وقُتل على الجبهة بعد أربعة أشهر.

بعد أيام قليلة من جنازته، طالبت سوكولوفا بمزايا الأرملة التي بلغت ما لا يقل عن 3 ملايين روبل (حوالي 37 ألف دولار)، رغم أنها لم تعش يومًا مع زوجها الراحل، ولم تغيّر حالتها الاجتماعية في جواز سفرها وقد نجح شقيق خاندوزكو، ألكسندر، في الطعن بالزواج أمام المحكمة، والتي قضت بأن سوكولوفا دخلت في زواج صوري "للحصول على منافع مالية محتملة في حال إصابة الزوج أو وفاته".

كما ادّعى ألكسندر أن سوكولوفا استغلت سلطتها في مكتب التجنيد لتسريع عملية إدخال سيرغي إلى الخدمة العسكرية، ولم تزره عندما كان مصابًا في المستشفى، وكانت تعيش مع رجل آخر.

تعدّ سوكولوفا -وفقا للمجلة- نموذجا لظاهرة "الأرملة السوداء"، وهو مصطلح انتشر مؤخرا في روسيا، ويُطلق على النساء اللواتي يتقربن من الجنود غير المتزوجين، خصوصًا أولئك العائدين من الجبهة في إجازة قصيرة.

وتضيف المجلة أنه بعد أن يتم الزواج من الجنود في ظرف وجيز، تقوم الأرامل السود بتوديعهم قبل عودتهم إلى الحرب، حيث يُرجَّح جدًا أن يُقتلوا في المعارك بسبب تكتيكات روسيا القائمة على إرسال موجات بشرية إلى جبهات القتال الأمامية.


وعندما يُقتل الجندي تحصل الأرملة السوداء على ما يُعرف بـ"مال التابوت"، وهو التعبير الشائع عن التعويضات الحكومية لعائلات الجنود القتلى، ويمكن أن تصل تلك التعويضات إلى 13 مليون روبل (حوالي 160 ألف دولار)، وهو مبلغ ضخم بالمقارنة بالرواتب المتدنية في المناطق الفقيرة.

ويُعد الجنود الذين يعيشون بمفردهم أهدافًا مثالية للأرامل السود، لأنهن لن يضطررن إلى مشاركة التعويضات الحكومية مع أفراد آخرين.

قضايا في المحاكم
تؤكد المجلة أن حجم هذه الظاهرة غير معروف على وجه الدقة، لكن حالة خاندوزكو ليست معزولة،  فهناك عشرات التقارير عن حالات مشابهة، تشمل أحيانًا قضايا في المحاكم، من مناطق مختلفة مثل أوليانوفسك وريازان وسمارا وساراتوف والساحل الروسي المطل على المحيط الهادئ.

وفي تومسك، حُكم على وكيل عقارات بالخدمة المجتمعية لأنه نصح عميلاته بالزواج من جنود مشاركين في العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا لتأمين دفعة أولى لشراء عقار.

وحسب الصحيفة، فإن هذه الرغبة يمكن أن تتحول إلى أفعال على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تسهّل مجموعات مثل "لن نتخلى عن رجالنا! واعدي جنديًا" على منصة فكونتاكتي، والتي تضم عشرات الآلاف من المشتركين، عملية الارتباط بين الجنود والنساء.

عقلية انتهازية
ترى المجلة أن هذه الظاهرة تعكس انتشار العقلية الانتهازية في ظل الحرب، فالأرامل السود لا يتصرفن بمفردهن - بل هو قطاع ناشئ يضم العديد من الأطراف على مستويات مختلفة.

إلى جانب النساء، ومن بينهن ممرضات في المستشفيات العسكرية، وموظفات في مكاتب التجنيد، هناك موظفو السجل المدني الذين يسرّعون إجراءات الزواج الصوري، وضباط شرطة فاسدون يسرّبون معلومات عن رجال يعيشون بمفردهم بلا ورثة محتملين.
 
وبما أن متوسط العمر الافتراضي لجندي المشاة الروسي بعد وصوله إلى الجبهة، هو 12 يوما وفقًا لمراسلي الحرب الموالين للنظام، فإن الضحية التالية تكون دائمًا على الأبواب.

وفي إحدى القضايا الشهيرة، تزوجت أرملة سوداء من نيجنفارتوفسك أربعة رجال على التوالي، وجميعهم قُتلوا في المعارك. وقبل أن تُكشف وتُتهم بالاحتيال مع ثلاثة شركاء لها (من بينهم رجل شرطة)، كانت قد جمعت 15 مليون روبل (حوالي 185 ألف دولار).


اقتصاد الموت
تتابع المجلة أنه لا يمكن فهم ظاهرة "الأرامل السود" بمعزل عن التحولات الاقتصادية التي أحدثتها الحرب في روسيا، حيث أدت إلى إعادة توزيع الموارد لفائدة الجيش، مع تقليص الإنفاق الاجتماعي.

وحسب المجلة، فإن الفجوة بين المناطق التي تحتضن الصناعات العسكرية مثل كورغان والمناطق الأشد فقرًا مثل إنغوشيا كبيرة حتى قبل الحرب، لكنها اتسعت مع توفر وظائف أفضل في مصانع الأسلحة والذخيرة.
 
وفي المناطق الأكثر فقرًا، تدفع الظروف الصعبة كثيرًا من الرجال إلى الاندفاع نحو الجبهة كوسيلة لإعالة أسرهم، أما بالنسبة للنساء في هذه المناطق، فإن الزواج من الجنود واحتمال الحصول على تعويضات الوفاة ليس مجرد فرصة، بل غالبًا ما يكون الطريق الوحيد للخروج من الفقر، وفقا للمجلة.

وقالت المجلة إن "الأرامل السود" ليست سوى الوجه الأكثر قسوة ووضوحًا لاقتصاد الموت في روسيا، إذ نشأت طبقة وسطى جديدة تعتمد بالكامل على استمرار الحرب: الجنود وعائلاتهم الذين يتلقون مكافآت ورواتب وتعويضات ضخمة، والشركات التي تستفيد من هذه الأموال، والشبكات الإجرامية التي تستهدف هذه الثروات الطارئة.

وتعتبر المجلة أن ظهور هذه الطبقة الجديدة عبارة عن "صفقة مع الشيطان" عقدها الرئيس فلاديمير بوتين مع الأطراف المهمشة في روسيا، حيث يخفي الإنفاق العسكري عقودًا من الإهمال ويوفر حراكًا اجتماعيًا عبر الدماء. لكن السؤال يبقى: ماذا سيحدث عند انتهاء الحرب؟

وحسب المجلة، فإن الدولة التي خلقت هذه الأزمة تبدو اليوم عاجزة عن إيجاد حلول لها، إذ باتت قضية "الأرامل السود" تُناقش علنًا على شاشات التلفزيون، فيما يكافح البرلمان الروسي لمواجهتها عبر تشريعات جديدة.

مقالات مشابهة

  • إعلام عبري: ترامب لا يتوقع انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها جنوب سوريا
  • في غارة سابقة.. إسرائيل تعلن قتل 13 عنصرا من حماس جنوب لبنان
  • جوزيف عون: الجيش اللبناني جاهز لتسلم النقاط الخمس التي تحلتها إسرائيل
  • إسرائيل: مقتل 13 من حماس في غارة عين الحلوة
  • ظاهرة الأرامل السود في روسيا تعكس استفحال الفساد في ظل اقتصاد الحرب
  • FP: الاتفاق الأمني السعودي الأمريكي أكبر مقامرة بالشرق الأوسط.. كيف؟
  • إيكونوميست: الصين تنظر إلى أوروبا كقوة من الماضي
  • "حماس" تعلّق على إعلان إسرائيل استهداف معسكر لها في لبنان
  • إسرائيل تنشر فيديو لاستهداف موقع في مخيم عين الحلوة بلبنان
  • نتنياهو: مصممون على استكمال الحرب في كل الجبهات وتجريد حماس من السلاح