اختُتمت مساء الثلاثاء في مدينة شرم الشيخ المصرية جلسات اليوم الثاني من المفاوضات بين وفد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والوسطاء الدوليين، والتي تركزت على ملفات تتعلق بخرائط الانسحاب وجدولة الإفراج عن الأسرى، وسط تأكيدات أميركية بوجود فرصة واقعية للتوصل إلى اتفاق.

مصدر قيادي في حركة حماس كشف للجزيرة أن الوفد الفلسطيني شدد خلال المباحثات على ضرورة الربط بين مراحل الإفراج عن أسرى الاحتلال الإسرائيلي ومراحل الانسحاب الكامل من قطاع غزة، مشيرًا إلى أن إطلاق سراح آخر أسير يجب أن يتزامن مع انسحاب آخر جندي من القطاع.

كما طالب وفد الحركة بضمانات دولية تضمن وقفًا نهائيًا للحرب وانسحابًا تامًا لقوات الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحاصرة.

من جانبه، صرّح القيادي في حماس فوزي برهوم بأن وفد الحركة يواصل بذل جهود مكثفة في القاهرة لتجاوز كل العراقيل التي تعترض التوصل إلى اتفاق شامل، يحقق وقفًا كاملاً لإطلاق النار، ويفتح المجال أمام دخول المساعدات الإنسانية، ويؤمن عودة النازحين إلى منازلهم.

وأكدت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، أن أسرى الاحتلال الإسرائيلي لن يُطلق سراحهم إلا ضمن صفقة تبادل تضمن إنهاء الحرب، مشددة على أن المقاومة لن تتوقف عن القتال حتى تحقيق التحرير الكامل وهزيمة العدو.

وفي واشنطن، صرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن هناك محادثات "جدية للغاية" جارية بشأن غزة، مضيفًا أنه سيناقش هذا الملف مع رئيس الوزراء الكندي مارك كارني. وأوضح ترامب أن بلاده ستبذل قصارى جهدها لضمان التزام جميع الأطراف بأي اتفاق يتم التوصل إليه، معتبرًا أن وقف إطلاق النار لن يكون قابلًا للتنصل لاحقًا.

وأكد ترامب في خطاب لعائلات أسرى الاحتلال الإسرائيلي أن هناك "فرصة حقيقية" لتحقيق إنجاز قريب، متعهدًا بإعادة جميع الأسرى وإنهاء الحرب خلال أيام. كما شدد على التزامه بـ"تدمير حماس تمامًا"، بحسب ما وصف، مؤكداً أنه سيعمل "بلا كلل" على إعادة بناء سياسة خارجية أميركية تقوم على "السلام من خلال القوة".

في سياق متصل، أعلنت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين عن تنظيم مظاهرة مساء الثلاثاء في "ميدان المخطوفين" بتل أبيب للضغط من أجل الإفراج عن أقاربهم المحتجزين في غزة.

على الجانب الدبلوماسي، أكد المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري أن جولة المفاوضات في شرم الشيخ استؤنفت بمشاركة عدة أطراف، وأن العديد من تفاصيل الخطة الأميركية لا تزال بحاجة إلى توافق، لافتًا إلى أن تسليم الأسرى مرتبط بشكل مباشر بوقف الحرب على غزة.

وأشار الأنصاري إلى أن رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني سيتوجه الأربعاء إلى شرم الشيخ، في خطوة تعكس التزام الدوحة بدعم جهود الوساطة للتوصل إلى اتفاق شامل ينهي العدوان ويضع حدًا لمعاناة المدنيين في القطاع.

وفي هذا السياق، أفادت شبكة "سي إن إن" أن الوفد الأميركي، الذي يضم ويتكوف وكوشنر، من المتوقع أن يصل اليوم إلى مصر للمشاركة في جولة حاسمة من المفاوضات، ونقلت عن مصادر أميركية وإسرائيلية أن وصولهما قد يكون مفتاح الحسم في هذه الجولة.

المباحثات لا تزال جارية، والآمال معلقة على تطورات الساعات القادمة، وسط ضغط شعبي متزايد داخل الاحتلال الإسرائيلي، وتوتر إقليمي واسع النطاق، مع بقاء فرص التهدئة مرهونة بحجم التنازلات التي يمكن لكل طرف تقديمها.


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

خليل اسامة

انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.

الأحدثترند تفسير رؤية أوراق الخريف في الحلم مباحثات شرم الشيخ: المقاومة تشترط وترامب يؤكد اقتراب وقف الحرب المغرب: جيل "زد 212" يعلق مظاهراته مؤقتًا حتى "خطاب الحسم" تفسير رؤية فصل الخريف في المنام انفجار جسم غريب في سماء العقبة في الأردن Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

المصدر: البوابة

كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی شرم الشیخ

إقرأ أيضاً:

قرار مجلس الأمن 2803.. حين تُشرعَن الوصاية لإنجاز ما عجز عنه الاحتلال

لم يكن المشهد داخل أروقة مجلس الأمن مساء السابع عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر، مجرد إجراء وتصويت دبلوماسي عابر، بل كان لحظة مفصلية دشّنت فصلا جديدا تناسلت من خلاله أسئلة كثيرة في مسار القضية الفلسطينية. فمع اعتماد المجلس للقرار رقم 2803 بأغلبية 13 صوتا، وسط امتناع لافت لروسيا والصين، انتقلت خطة اليوم التالي في غزة من دائرة التسريبات ومسودات الغرف المغلقة إلى واقع النص الدولي المُلزم. هذا القرار، الذي شرعن رسميا تأسيس "قوة المهمة الدولية للأمن" (ISF) لا يمكن قراءته بمعزل عن سياق الفشل العسكري الإسرائيلي المستمر منذ ما يزيد عن عامين؛ إذ يبدو في جوهره محاولة التفافية ماكرة لمحاولة تحقيق ما عجزت عنه الدبابات، بالمناورات الدبلوماسية، ومنح الاحتلال فرصة ثمينة لالتقاط الأنفاس، ولكن هذه المرة تحت مظلة أممية وبأدوات تنفيذية متعددة الجنسيات.

وبقراءة متأنية في متن القرار، يتضح أن الشيطان يكمن في تلك التفاصيل القانونية الدقيقة التي حوّلت الرغبة الأمريكية إلى وثيقة دولية؛ فالنص يتجاوز مفهوم حفظ السلام التقليدي ليؤسس لـ"قوة إنفاذ" صريحة، مُنحت تفويضا واسعا، تحت البند السابع، لاستخدام "كل التدابير اللازمة"، وهو تعبير دبلوماسي يشرعن استخدام القوة العسكرية لفرض واقع جديد. وقد أوكل القرار لهذه القوة مهام تمس عصب السيادة الفلسطينية، تبدأ بتفكيك البنى العسكرية للفصائل، وتمر عبر السيطرة المطلقة على المعابر والحدود، وصولا إلى هندسة عقيدة أمنية لشرطة محلية جديدة تعمل تحت وصاية "مجلس السلام" بقيادة واشنطن. نحن إذن أمام مشهد انتداب حديث يمتد زمنيا -بنص القرار- حتى نهاية عام 2027 على الأقل، مع قابلية للتمديد تجعل مستقبل القطاع رهينة لتقييمات خارجية لا تضع المصلحة الوطنية في حسبانها.

أوكل القرار لهذه القوة مهام تمس عصب السيادة الفلسطينية، تبدأ بتفكيك البنى العسكرية للفصائل، وتمر عبر السيطرة المطلقة على المعابر والحدود، وصولا إلى هندسة عقيدة أمنية لشرطة محلية جديدة تعمل تحت وصاية "مجلس السلام" بقيادة واشنطن
وفي خضم هذا المشهد المتشابك، تطفو على السطح مفارقة سياسية صارخة تعكس عمق التصدع في البيت الفلسطيني؛ ففي الوقت الذي جاء فيه موقف فصائل المقاومة صارما وقاطعا، حيث اعتبرت حماس القرار "تكريسا لوصاية دولية مرفوضة" ويحول القوة الأممية إلى "طرف مباشر في الصراع"، وحذرت الجهاد الإسلامي من مصادرة "حق تقرير المصير"، سارعت السلطة الفلسطينية، مدفوعة بحسابات الواقعية المرة، إلى الترحيب بالقرار. إذ يبدو أن رام الله، التي أرهقها التهميش، رأت في هذه القوة الدولية طوق نجاة وعربة مناسبة للعودة -ولو بعد حين كما يعدها بذلك القرار الملغوم- إلى حكم غزة، مفضلة سياسة الهروب إلى الأمام، حتى وإن كان الثمن تحولها إلى وكيل أمني تحت إمرة مجلس دولي، متغافلة عن الوضع المهين الذي آلت إليه في الضفة الغربية، ومتجاهلة المخاطر الوجودية لمثل هذه السابقة على المشروع الوطني الجامع.

بيد أن هذا التماهي الرسمي -فلسطينيا وعربيا- مع القرار لا يمكن اختزاله في مجرد تقديرات الضرورة أو الخشية من سيناريوهات التهجير فحسب؛ بل إنه يشي برغبة دفينة لدى بعض العواصم في استثمار المظلة الدولية لتصفية حسابات أيديولوجية قديمة مع تيارات الإسلام السياسي التي تمثلها حماس. وهنا تلتقي، في مفارقة تراجيدية، الرغبة الضمنية لهذه الأنظمة في التخلص من حكم الحركة وشوكتها العسكرية، مع الهدف الإسرائيلي والأمريكي المعلن؛ ليغدو القبول بالوصاية الدولية، في عمقه، تواطؤا صامتا يهدف إلى تفكيك بنية المقاومة بأدوات أممية، ومحولا العجز الاستراتيجي العربي إلى ما يشبه الشراكة غير المباشرة في كسر الإرادة الفلسطينية.

وعلى رقعة الشطرنج ذاتها، لم تتخلف القوى الإسلامية غير العربية، كتركيا وباكستان، عن ركب هذا "الإجماع الاضطراري"، وإن بدوافع جيوسياسية مغايرة؛ فأنقرة تطمح لترجمة شعار الدولة الضامنة إلى نفوذ ميداني يمنحها موطئ قدم استراتيجي في شرق المتوسط وحصة في مشاريع الإعمار المنتظرة، بينما تجد إسلام آباد وعواصم إسلامية أخرى في المشاركة مخرجا براغماتيا يوفق بين ضرورات التبعية للتحالفات الغربية-الخليجية، وبين دغدغة مشاعر شعوبها عبر ترويج منطق "أسلمة القوة" بدلا من ترك الساحة لجيوش "الناتو". وهي مقاربة، وإن بدت في ظاهرها حماية للفلسطينيين، فإنها تصب عمليا في طاحونة الهدف الأمريكي الساعي لإلباس الوصاية الأمنية عباءة إسلامية تخفف من حدة الرفض الشعبي وتجمّل وجه المهمة.

الخلاصة الواضحة اليوم، هي أن المعركة لم تضع أوزارها بهذا القرار، بل دخلت فصلا قد يكون أخطر من خطيئة أوسلو نفسها؛ حيث تُستبدل فيه الدبابات بالقرارات الأممية لاستنساخ النموذج البائس في الضفة الغربية، حيث علّمتنا التجربة أن التخلي عن خيار المقاومة لا يورث سوى "سلطة بلا سلطة" ينحصر دورها في التنسيق الأمني
وإذا كان هذا حال المشهد الإقليمي، فإن المسرح الدولي لم يخلُ بدوره من مناورات لا تخفى خلفياتها؛ حيث أثار امتناع روسيا والصين عن استخدام حق النقض الفيتو تساؤلات مشروعة. والحقيقة أن هذا الموقف الرمادي لم يشكل تناقضا بقدر ما كان لعبة شطرنج استراتيجية؛ فموسكو وبكين تدركان أن الفيتو كان سيضعهما في صدام مباشر مع الإجماع العربي الذي وافق على القرار مخرجا للأزمة. والأهم من ذلك، أنه في عالم المصالح الكبرى، لا يمكن استبعاد فرضية الصفقات الصامتة؛ إذ قد يكون تمرير القرار في غزة جزءا من مقايضة جيوسياسية أوسع، تتضمن مرونة أمريكية مقابلة في ملفات ملتهبة كأوكرانيا لروسيا، أو تايوان للصين، ناهيك عن رغبة خفية لدى القوى الشرقية في ترك واشنطن تغرق في "وحل غزة"، مكتفية بمقعد المراقب الناقد وممارسة سياسة "غسل اليدين" من التبعات الأخلاقية والسياسية.

إن الخطورة الحقيقية لهذا المنعطف تكمن أساسا في كونه يقدّم حلا مريحا للمعضلة الإسرائيلية؛ فتل أبيب التي غرقت في رمال القطاع وفشلت في القضاء على المقاومة بالحديد والنار، تجد اليوم من ينوب عنها في المهمة تحت يافطة الاستقرار. فبدلا من انسحاب ناتج عن تفاوض أو انكسار، أصبح الانسحاب مشروطا بنجاح القوة الدولية في نزع سلاح المقاومة؛ محولا الاحتلال المباشر والمكلف إلى وصاية دولية تضمن لإسرائيل أمن النتائج، وتعفيها من كلفة الإدارة اليومية.

إن الخلاصة الواضحة اليوم، هي أن المعركة لم تضع أوزارها بهذا القرار، بل دخلت فصلا قد يكون أخطر من خطيئة أوسلو نفسها؛ حيث تُستبدل فيه الدبابات بالقرارات الأممية لاستنساخ النموذج البائس في الضفة الغربية، حيث علّمتنا التجربة أن التخلي عن خيار المقاومة لا يورث سوى "سلطة بلا سلطة" ينحصر دورها في التنسيق الأمني. بيد أن هذا المشهد لا يمكن أن يحجب حقيقة ساطعة تؤكدها سنن التاريخ التي لا تتخلف؛ وهي أن المناورات، مهما بلغ مكرها، تتحطم دائما على صخرة الشعوب المتمسكة بحقها.

ففي ظل التآكل الداخلي الذي ينخر جسد الاحتلال، لا سيما بعد طوفان الأقصى، تبقى الحقيقة الراسخة، وتزداد القناعة يوم بعد آخر، أنه كيان عابر على أرض اغتصبها، لا محالة ستلفظه، وأن الشعب الفلسطيني، المبدع في اجتراح معجزات الصمود، سيظل قادرا على ابتكار صيغ جديدة للمقاومة تنتزع حقوقه كاملة غير منقوصة، طال الزمان أم قصر. لذا، فالمسؤولية اليوم، أمام النخب والضمائر اليقظة والشعوب الحرة، تكمن في رفض الانخداع ببريق المصطلحات، ومواصلة التصدي لهذه المؤامرة وفضحها، مع التسلح باليقين بأن ليل الاحتلال، مهما تحصن بالقرارات الدولية، ورغم قسوة اللحظة، زائل لا محالة.

مقالات مشابهة

  • هل انتهى دور «إسرائيل» الوظيفيّ؟
  • نزوح عشرات العائلات من شرق غزة مع توغل الجيش الإسرائيلي
  • قائد الجيش اللبناني يؤكد أن بلاده تمر بمرحلة مصيرية وصعبة
  • كامل إدريس يؤكد استعداد الحكومة للانخراط في أي مسار يوقف الحرب
  • قطر تدين بشدة اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي الوحشية في غزة
  • قيس الشيخ نجيب يصبح أول سفير لليونيسيف في سوريا
  • قرار مجلس الأمن 2803.. حين تُشرعَن الوصاية لإنجاز ما عجز عنه الاحتلال
  • فيديو: شجار بين جنود الجيش الإسرائيلي
  • الولايات المتحدة والسعودية: اتفاق نووي يلوح في الأفق
  • محمد بن سلمان يعلن استثمار التريليون وترامب يؤكد صفقة F35