مادورو يتهم الـCIA بتدبير انقلابات في أمريكا اللاتينية ويطالب بإنهاء التدخلات الأمريكية
تاريخ النشر: 16th, October 2025 GMT
استنكر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ما وصفه بـ"الانقلابات التي تدبرها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)" في دول أمريكا اللاتينية، متهماً واشنطن بالاستمرار في سياسات "التدخل والإطاحة بالحكومات المنتخبة" في المنطقة.
وقال مادورو، خلال اجتماع للمجلس الوطني للسيادة والسلام في كراكاس، مساء الأربعاء: "إلى متى ستستمر وكالة الاستخبارات المركزية في تدبير الانقلابات؟ أمريكا اللاتينية لا تريدها ولا تحتاج إليها، وشعوبنا ترفض هذه السياسات التي تهدد السلم والاستقرار".
وتأتي تصريحات مادورو بعد تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، نقلت فيه عن مسؤولين في الإدارة الأمريكية قولهم إن البيت الأبيض وافق على تنفيذ عمليات سرية داخل الأراضي الفنزويلية تستهدف حكومة مادورو، في إطار حملة أوسع لـ"احتواء النفوذ الروسي والإيراني في أمريكا اللاتينية"، وفق الصحيفة.
وكانت الولايات المتحدة قد كثّفت خلال الأشهر الماضية عمليات بحرية قرب السواحل الفنزويلية بزعم مكافحة تهريب المخدرات، حيث استهدفت قواتها عدداً من القوارب التي قالت إنها تابعة لـ"شبكات فنزويلية غير شرعية". وردّت كراكاس على تلك العمليات بوصفها انتهاكاً لسيادة فنزويلا ومحاولة لخلق ذريعة لتدخل عسكري مباشر.
وفي السياق ذاته، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء أن واشنطن "تدرس خيارات عسكرية محدودة" ضد مواقع في أمريكا الجنوبية لمكافحة تهريب المخدرات، ما أثار موجة انتقادات من حكومات يسارية في المنطقة رأت في التصريحات تمهيداً لتصعيد جديد ضد فنزويلا.
ويرى محللون أن هذه التطورات تعكس عودة أجواء الحرب الباردة إلى أمريكا اللاتينية، مع تصاعد التنافس بين واشنطن وموسكو على النفوذ الإقليمي. كما يؤكد خبراء أن كراكاس تسعى لاستثمار الموقف الدولي الرافض للتدخلات الأجنبية لتعزيز تحالفاتها مع دول مثل كوبا ونيكاراغوا وبوليفيا، بينما تستعد في الوقت ذاته لمواجهة أي تحركات أمريكية قد تمس أمنها القومي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: نيكولاس مادورو الرئيس الفنزويلي دول أمريكا اللاتينية الاستخبارات المركزية الأمريكية وكالة الاستخبارات المركزية نيويورك تايمز الإدارة الأمريكية الاستخبارات المرکزیة أمریکا اللاتینیة فی أمریکا
إقرأ أيضاً:
هل النفط هو الدافع؟ تحليل عمق الأزمة الفنزويلية بين اتهامات مادورو ومصالح واشنطن
# 303 مليار برميل من النفط: لماذا تظل احتياطيات فنزويلا "الكنز" الخامل رغم تراجع إنتاجها إلى أقل من 1% من الاستهلاك العالمي؟
#. واشنطن تصر على مكافحة المخدرات كـ "أولوية قصوى"، بينما يرى خبراء: مصالح تكرير الخام الثقيل في الخليج الأمريكي محرك صامت.
#. تحدي "العقود والمليارات": هل يستحق استثمار 10 سنوات لإعادة إحياء قطاع النفط الفنزويلي في ظل تراجع الطلب العالمي المتوقع؟
تصاعدت حدة التوترات بين الولايات المتحدة وفنزويلا هذا الأسبوع مع إقدام الجيش الأمريكي على مصادرة ناقلة نفط كانت تحمل شحنة يُزعم أنها تنتهك العقوبات، مصحوبة بتهديدات بفرض إجراءات ضد سفن أخرى.
ووسط اتهامات من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو بإرسال مخدرات وقتلة إلى الولايات المتحدة، أصر مادورو على أن الهدف الحقيقي وراء هذا التصعيد ليس سوى "الاستيلاء على احتياطيات بلاده النفطية الهائلة".
هذا التبادل المتصاعد للاتهامات يطرح سؤالاً جوهرياً: هل النفط هو الدافع الفعلي للتحركات الأمريكية العدوانية المتزايدة، وهل تستحق هذه الاحتياطيات الهائلة المخاطرة الاقتصادية والسياسية؟
الاحتياطي العالمي الأول مقابل الإنتاج الضئيلالحقيقة المؤكدة هي أن فنزويلا تمتلك أكبر احتياطي نفطي مثبت في العالم، يُقدر بـ 303 مليارات برميل. ومع ذلك، فإن الإنتاج الفعلي اليوم يتناقض بشكل صارخ مع هذا الرقم الفلكي. فقد انخفض إنتاج النفط في البلاد بشكل حاد منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بعدما أحكمت الإدارتان السابقتان، هوغو شافيز ثم نيكولاس مادورو، سيطرتهما على شركة النفط الحكومية PDVSA، مما أدى إلى نزوح الخبرات وتدهور البنية التحتية.
وفقاً لتقرير سوق النفط الأخير الصادر عن وكالة الطاقة الدولية، أنتجت فنزويلا في نوفمبر الماضي ما يقدر بـ 860 ألف برميل يومياً فقط. هذا الرقم لا يمثل سوى ثلث ما كانت تنتجه قبل عقد من الزمان ويشكل أقل من 1% من الاستهلاك العالمي للنفط.
ويقول كالوم ماكفيرسون، رئيس قسم السلع في إنفستيك: "التحدي الحقيقي الذي يواجهونه هو بنيتهم التحتية." فقد تسببت العقوبات الأمريكية، التي بدأت في عام 2015 في عهد إدارة أوباما بسبب انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان وتوسعت في عهد ترامب، في عزل البلاد عن الاستثمارات وقطع الغيار اللازمة لصيانة وتشغيل حقول النفط.
تباين الدوافع بين الإعلان والواقعرغم أن البيت الأبيض يركز في تصريحاته الرسمية على مكافحة تدفق المخدرات غير المشروعة كـ "أولوية رقم واحد" لوقف تدفقها إلى الولايات المتحدة، فإن بعض الأصوات في واشنطن لا تخفي إغراء الفرص النفطية.
فقد أشارت النائبة الجمهورية عن فلوريدا، ماريا إلفيرا سالازار، صراحة إلى أن فنزويلا ستكون "يوماً سعيداً" لشركات النفط الأمريكية لإصلاح البنية التحتية المتدهورة.
إلا أن كلايتون سيغل، الزميل الأقدم لأمن الطاقة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، يرى أن تركيز الإدارة الأمريكية على المخدرات و"عدم شرعية" مادورو يجب أن يؤخذ "بقيمته الظاهرة إلى حد كبير"، مشيراً إلى أن اهتمامات شخصيات رئيسية مثل وزير الخارجية ماركو روبيو كانت دائماً أوسع من مجرد النفط.
ومع ذلك، لا يمكن إغفال وجود مصلحة اقتصادية قوية لدى الشركات الأمريكية. شركة شيفرون هي المنتج الأمريكي الوحيد الذي لا يزال يعمل في فنزويلا بترخيص خاص من واشنطن، وهي تستحوذ على حوالي خمس إنتاج البلاد الحالي.
كما أن مصافي التكرير في الولايات المتحدة، خاصة على ساحل الخليج، متعطشة للخام "الثقيل" الذي تنتجه فنزويلا.
يوضح مات سميث، محلل النفط في Kpler: "حتى لو لم تشارك [الشركات الأمريكية] في جانب الإنتاج، فستكون مشترياً متحمساً له".
التكلفة والشكوك حول العودة إلى المجدعلى الرغم من الإغراءات، يحذر المحللون من أن استعادة صناعة النفط الفنزويلية إلى مجدها السابق تتطلب جهداً هائلاً واستثماراً ضخماً.
يشير تقرير حديث صادر عن وود ماكنزي إلى أن تحسين الإدارة واستثمارات متواضعة يمكن أن ترفع الإنتاج إلى حوالي مليوني برميل يومياً على مدى العامين المقبلين. لكن لرفع الإنتاج بشكل أكثر أهمية، سيتطلب الأمر عشرات المليارات من الدولارات وربما عقد من الزمن.
ويضيف ديفيد أوكسلي، كبير الاقتصاديين لشؤون المناخ والسلع في "كابيتال إيكونوميكس"، أن أي مستثمر يجب أن يأخذ في الحسبان التوقعات العالمية لطلب النفط.
ففي حين أن الطلب لن "يسقط من منحدر"، فإنه من المتوقع أن يبدأ في الانخفاض في أواخر ثلاثينيات القرن الحالي. ويتساءل أوكسلي: "هل يستحق الأمر؟... الشركات الخاصة لن تأتي وتستثمر إلا إذا كان ذلك مربحاً".
لذا، بينما يمتلك مادورو أضخم احتياطي نفطي في العالم يمكن أن يكون هدفاً نظرياً، فإن العقبات اللوجستية والمالية الكبيرة لإعادة إحياء هذا القطاع تجعل الدوافع الأمريكية المعلنة بشأن المخدرات وعدم الشرعية تبدو أكثر واقعية على المدى القصير، مع بقاء إمكانية الوصول إلى الخام الثقيل الفنزويلي هدفاً استراتيجياً كامناً على المدى الطويل.