في وقت تتزايد فيه الضغوط الاقتصادية وتراجع الإيرادات العامة، تكثف الحكومة اليمنية تحركاتها لزرع الثقة أمام المجتمع الدولي والداعمين الإقليميين والدوليين، في محاولة للحصول على تمويلات عاجلة تُمكّنها من الخروج من الأزمة المالية الراهنة، وترسيخ نتائج الإصلاحات الاقتصادية والمصرفية التي شرعت في تنفيذها خلال الفترة الماضية.

ويرى مراقبون اقتصاديون أن الحكومة، برئاسة الدكتور سالم بن بريك، تقف اليوم أمام نقطة فاصلة في مسار التعافي الاقتصادي، وسط تحديات مالية وإدارية معقدة تتطلب تماسك مؤسسات الدولة واستمرار الدعم الدولي لضمان نجاح خطة التعافي واستقرار العملة الوطنية.

وأكد رئيس مجلس الوزراء سالم صالح بن بريك، أن معركة الاستقرار الاقتصادي والإداري لا تقل جسامة عن معركة استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي، مشددًا على أن الحكومة تتعامل مع التحديات الراهنة بعقل الدولة لا بردة الفعل، رغم ضيق الموارد وتداعيات الحرب الممتدة منذ أكثر من عشر سنوات.

جاء ذلك خلال اجتماع عقده رئيس الوزراء، الخميس، مع سفراء عدد من الدول الخمس الراعية للعملية السياسية في اليمن، بينهم سفراء السعودية محمد آل جابر، والإمارات محمد الزعابي، والولايات المتحدة ستيفن فاجن، والمملكة المتحدة عبدة شريف، ونائب السفير الفرنسي إيمريك بوفيلان.

وناقش اللقاء بحسب وكالة سبأ الرسمية جهود الحكومة لتنفيذ الإصلاحات الشاملة وخطة التعافي الاقتصادي، والتطورات على مختلف الأصعدة، إلى جانب بحث الدعم الدولي اللازم لتعزيز حضور الدولة ومؤسساتها المالية والإدارية.

واستعرض بن بريك أمام السفراء صورة دقيقة للوضعين الاقتصادي والإنساني، مشيرًا إلى أن الإصلاحات التي شرعت الحكومة في تنفيذها، خصوصًا في الجانبين المالي والنقدي، بدأت تؤتي ثمارها في تقوية العملة الوطنية وتحسين مؤشرات الأداء المالي العام.

وأكد رئيس الوزراء أن برنامج الحكومة يستند إلى ثلاث ركائز رئيسية تتمثل في تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي، وتحسين الخدمات، وبناء مؤسسات الدولة على أسس مهنية وشفافة، لافتًا إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تنسيقًا أوسع مع مجلس القيادة الرئاسي لتنفيذ حزمة إجراءات إضافية، أبرزها توحيد القرار الاقتصادي والإداري وتفعيل الحضور الحكومي في العاصمة المؤقتة عدن.

من جهتهم، عبّر سفراء الدول الخمس عن دعمهم لجهود الحكومة اليمنية في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والإداري، مشيدين بالتقدم المحرز في مسار الإصلاحات رغم الأوضاع الصعبة، ومؤكدين استمرار بلدانهم في دعم خطة التعافي وتعزيز عمل المؤسسات الحكومية، بما يسهم في إعادة الثقة واستعادة فاعلية الاقتصاد الوطني.

يرى محللون اقتصاديون أن مستقبل الاستقرار المالي في اليمن بات مرهونًا بقدرة الحكومة على تحويل التعهدات الدولية إلى دعم فعلي يعزز موارد الموازنة العامة، إلى جانب استمرار تنفيذ الإصلاحات الهيكلية في البنك المركزي والجهاز المالي والإداري.

ويشير المحللون إلى أن أي تعثر في مسار الإصلاح أو ضعف في التنسيق بين الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي قد يهدد بانهيار جديد للعملة وعودة موجات التضخم، خصوصًا في ظل استمرار تراجع الصادرات النفطية وانقطاع الإيرادات السيادية منذ عامين.

في المقابل، يُنظر إلى تحركات رئيس الوزراء بن بريك مع المانحين على أنها فرصة حاسمة لإعادة بناء الثقة الدولية بالاقتصاد اليمني، وتأكيد التزام الحكومة بمبدأ الشفافية والمساءلة، باعتبارهما مدخلين رئيسيين لجذب الاستثمارات والمساعدات وتمويلات التعافي الاقتصادي الشامل.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: بن بریک

إقرأ أيضاً:

فرنسا : حكومة سيباستيان ليكورنو تنجو من حجب الثقة في الجمعية الوطنية

نجا رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو من تصويتين لحجب الثقة في البرلمان، اليوم (الخميس)، بعدما تلقى دعماً حاسماً من الحزب الاشتراكي بفضل تعهده بتعليق تعديل نظام التقاعد المثير للجدل الذي يتبناه الرئيس إيمانويل ماكرون.

وحصل الاقتراح الذي قدمه حزب فرنسا الأبية اليساري المتشدد على 271 صوتاً والاقتراح المقدم من حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف على 144 صوتاً، أي أقل بكثير من العتبة المطلوبة وهي 289 صوتاً لإسقاط حكومة لوكورنو، وفق ما نقلته وكالة رويترز للأنباء.

وأسهم عرض لوكورنو بتجميد تعديلات نظام المعاشات لما بعد الانتخابات الرئاسية لعام 2027 في التأثير على موقف الحزب الاشتراكي، مانحاً الحكومة طوق نجاة في البرلمان المنقسم بشدة.

ورغم هذا التأجيل، كشفت اقتراحات حجب الثقة عن هشاشة إدارة ماكرون في منتصف ولايته الرئاسية الأخيرة.

مقالات مشابهة

  • الفنيش: الوضع المالي في ليبيا تجاوز حدود الأزمة الاقتصادية وأصبح تهديداً مباشراً لاستقرار الدولة
  • بن بريك لسفراء الدول الخمس: المعركة الاقتصادية لا تقل جسامة عن معركة استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب
  • بعد فشل محاولة حجب الثقة.. الحكومة الفرنسية تتجاوز أول اختبار سياسي
  • “السنوسي إسماعيل” يؤكد أن البعثة الأممية تربط توحيد الحكومة بتجنّب الانهيار المالي واستعادة الثقة الدولية
  • فرنسا : حكومة سيباستيان ليكورنو تنجو من حجب الثقة في الجمعية الوطنية
  • وزير المالية: خطة جديدة لإدارة الدين واستمرار الإصلاحات الاقتصادية
  • توسيع الاستثمارات الدولية.. توجه حكومي لتعزيز التعافي الاقتصادي
  • الاشتراكيون الفرنسيون يرفضون سحب الثقة عن حكومة ليكورنو الجديدة
  • وزير الاستثمار يعرض في واشنطن الإصلاحات الاقتصادية وفرص مصر الواعدة أمام كبرى الشركات العالمية