بوابة الوفد:
2025-12-10@02:51:19 GMT

سَلَام صُنْع فِى مِصْر

تاريخ النشر: 17th, October 2025 GMT

فى أدبيات العلوم السياسية يتم التفرقة ما بين حفظ السلام، صنع السلام، وبناء السلام. حفظ السلام هى المرحلة أو الخطوة الأولى فى طريق التسوية النهائية الشاملة والسلام الدائم، وهو يعنى تدابير ضبط الأمن، مثل المراقبة والتنظيم والفصل بين الأطراف. وهو جهدٌ لوقف أو الحد من الأعراض الضارة للنزاع المتصاعد - العنف المباشر، أى أنه يهدف إلى تحقيق الاستقرار مؤقتًا عن طريق وقف العنف والسيطرة على الموقف.


أما صنع السلام فهو الخطوة التالية التى تشتمل على آليات الحوارَ والتشاورَ وحلَّ النزاعات مثل التفاوض والوساطة من أجل اتفاقات عادلة، وهو جهدٌ يبذله كلُّ طرفٍ لفهم ومعالجة احتياجات ورغبات الأطراف الأخرى المتنازعة معه، وإشراك هذه الأطراف فى صياغة قرارٍ مشتركٍ حول كيفية إصلاح الوضع الراهن. وبخلاف حفظ السلام، يستخدم صنع السلام الحوارَ المتبادل للتوصل إلى اتفاقٍ عادلٍ حول كيفية حلِّ المشكلة المُلحَّة، مما يُزيل دوافع الأطراف لاستخدام العنف. وهنا تختبر مفاوضات السلام صدق الأطراف واستعدادها للتعايش، وتُظهر مدى قدرتها على وضع خطة شاملة للسلام.
المرحلة الثالثة والأخيرة هى بناء السلام بما يعنى إصلاح العوامل النظامية والجذور التى كانت تُسبب النزاعات وتُفاقمها. ويعنى نظام بناء السلام إعدادًا شاملًا ومستمرًا لسلام عادل ودائم.
قد تكون هذه المقدمة وهذا التأسيس نظرياً نوعاً ما، لكن رأينا لها تطبيقا عمليا فى قمة شرم الشيخ للسلام، فالقمة وضعت اللبنة الأولى لانطلاق عملية السلام بمراحلها الثلاثة، فعلتها مصر، والبداية كانت بنجاح الجهود المصرية فى فرض المفاوضات ووقف العدوان.
الرسالة الرئيسية للقمة، والتى نفخر بها جميعا هى أن العالم أصبح على يقين تام بأن مصر هى مركز الثقل الحقيقى فى معادلة الشرق الأوسط. فما بين قمة القاهرة للسلام 21 أكتوبر 2023، إلى قمة شرم الشيخ أكتوبر 2025، وخلال عامين متواصلين من الحرب والعدوان، أدارت القاهرة سلسلة من الجهود السياسية والأمنية، والإغاثية الإنسانية الشاملة والمتكاملة توجت بقمة شرم الشيخ وهذا الاتفاق. التحركات المصرية التى جمعت ما بين الصرامة فى حماية الأمن القومى المصرى وصيانة السيادة الوطنية المصرية، صلابة المواقف، ورسوخ الثوابت تجاه القضية الفلسطينية، إلى جانب الكفاءة والمهارة فى إدارة عمليات التفاوض. كلها نجحت فى إعادة ترتيب المشهد الإقليمى وصولا إلى قمة شرم الشيخ للسلام التى يمكن اعتبارها المحطة المفصلية الثالثة فى مسار الصراع العربى الإسرائيلى بعد مؤتمر مدريد 1991، واتفاق أوسلو 1993. وإن كانت قمة شرم الشيخ مرشحة لأن تكون الأكثر مفصلية فى تاريخ هذا الصراع بعدما نجحت فى بناء إطار إقليمى دولى لعملية التسوية.
لكن رغم النجاح الكبير للقمة علينا ألا نفرط فى التفاؤل، وأن نتفاءل بحذر، والوسطاء أمام اختبار صعب بشأن المراحل المقبلة من اتفاق غزة، والنجاح لا يقاس بالتصريحات أو «الضمانات اللفظية» كما قال الرئيس الأمريكى، بل بالقدرة على تحويل بنود الاتفاق إلى واقع ملموس فى مواجهة عراقيل إسرائيلية متوقعة ومنتظرة. لذلك؛ الاتفاق الحالى يفتح نافذة لمسار سياسى أوسع، لكنه لن ينتقل إلى مراحل صنع وبناء السلام ما لم يتبع بخطوات تقنية، سياسية وقانونية، أمنية ومؤسسية ملزمة للجميع، ونقطة البداية تثبيت وقف النار وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: س ل ام ص ن ع ف ى م ص ر وليد عتلم حفظ السلام صنع السلام وبناء السلام الجهود المصرية قمة شرم الشیخ

إقرأ أيضاً:

خبراء لـ«الاتحاد»: تنظيم الإخوان يقف ضد أي مسار حقيقي للسلام في السودان

عبدالله أبوضيف (القاهرة)

أخبار ذات صلة مفوضية حقوق الإنسان لـ«الاتحاد»: تداعيات كارثية جراء استمرار الحرب في السودان مدرب السودان يتمسك بالحظوظ في كأس العرب

تتصاعد خلال الآونة الأخيرة، التحذيرات من مراكز بحثية وصحف دولية بارزة من سطوة الميليشيات، وخصوصاً تنظيم الإخوان على مراكز الحكم، واتخاذ القرار في السودان، ما يدفع إلى منع وقف نزيف الدماء واستمرار التصعيد العسكري ورفض أي مبادرة لحل الأزمة.
وأشارت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية إلى أن القوات المسلحة السودانية، ليست سلطة حكم فعالة في السودان، إذ فشلت خلال ثلاثة عقود في إدارة النزاعات الداخلية، وتعتمد حالياً على متطرفين وميليشيات، للبقاء في السلطة.
وقال فداء الحلبي، الباحث في الشأن العربي، إن المهيمنين على «سلطة بورتسودان» يواجهون اليوم عزلة داخلية متزايدة نتيجة المقاومة الشعبية، التي تسعى لاستعادة مكتسبات ثورة ديسمبر، ما دفع هذه الأطراف إلى محاولة تحويل الأنظار إلى الخارج عبر ترويج اتهامات باطلة، في محاولة بائسة لتبرير إخفاقاتهم السياسية، وإخفاء عجزهم عن إدارة شؤون البلاد.
وأضاف الحلبي، في تصريح لـ «الاتحاد»، أن سيطرة الميليشيات والجماعات المتطرفة ظاهر على هذه الأزمة، حيث ترفض «سلطة بورتسودان» اتخاذ أي قرار بوقف التصعيد العسكري، ومنع المزيد من الأضرار للشعب السوداني الذي عانى الأمرين نتيجة تصعيد الصراع العسكري، والذي تتبناه هذه الأطراف الميلشيوية المتطرفة وفي مقدمتها جماعة الإخوان الإرهابية.
وتؤكد الباحثة في الشؤون الدولية، ميرا زايد حمزة، في تصريح لـ «الاتحاد» أن هذه الجماعات تتبع نهجاً تصعيدياً منذ بداية الأزمة، حيث ترفض أي مسعى جاد نحو التهدئة أو معالجة الأزمة الإنسانية، وتعتمد على الهجوم الإعلامي وتشويه أي مبادرة سياسية، مضيفة أن هذه الممارسات تعكس أسلوباً ثابتاً للهروب من مواجهة الواقع الفعلي على الأرض. 
 وفي ضوء ذلك، قالت الباحثة السودانية في شؤون الإرهاب، رشا عوض، إن تنظيم الإخوان في السودان كانت أحد أبرز المحركات التي دفعت نحو إشعال الحرب، في محاولة لإجهاض الثورة، ومنع انتقال السلطة إلى الحكم المدني، بما يخدم مشروعها القائم على احتكار النفوذ السياسي والاقتصادي. 
 وأضافت في تصريح لـ «لاتحاد»، أن هذا التوجه يرتبط أيضاً بحسابات إقليمية أوسع، إذ تسعى قوى متطرفة وتنظيمات مرتبطة بالإخوان إلى إيجاد موطئ قدم جديد يعوض خسائرها في المنطقة، ويعيد بناء شبكات النفوذ التي تلقت ضربات قاسية خلال السنوات الماضية.
وتوضح عوض أن تنظيم الإخوان السوداني يمتلك خبرة ممتدة في إعادة تشكيل تنظيماته عسكرياً وسياسياً، ما يجعله يرى في الحرب فرصة لإعادة إنتاج مشروعه السياسي داخل السودان.  وتؤكد أن هذا التيار يقف بقوة ضد أي مسار حقيقي للسلام، باعتباره المستفيد الأكبر من استمرار القتال، ولا يقبل وقف الحرب إلا في إطار صفقة تضمن له العودة إلى مركز السلطة واحتكار القرار الوطني من جديد.

مقالات مشابهة

  • خبراء لـ«الاتحاد»: تنظيم الإخوان يقف ضد أي مسار حقيقي للسلام في السودان
  • مسؤول أمريكي: تقدم محادثات المرحلة الثانية في غزة ونشر القوات مطلع 2026
  • المبعوث الأممي يدعو لضبط النفس في المهرة وحضرموت
  • مؤتمر لومي يفتح آفاق الوحدة الأفريقية وإصلاح المؤسسات الدولية
  • مبتورو الأطراف بغزة.. معاناة مضاعفة تحت وطأة منع العلاج والتأهيل
  • مركز الأطراف الصناعية في مأرب يُقدّم خدماته لـ(549) مستفيدًا
  • مركز الأطراف الصناعية في حضرموت يُقدم خدماته لـ 533 مستفيدًا خلال شهر نوفمبر
  • جوتيريش يجدد دعوته للأطراف السودانية للوقف الفوري للأعمال العدائية ضد المدنيين
  • مصر تؤكد استمرار سعيها للتنسيق مع الأطراف المعنية لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة
  • قطر: لا علاقة لنا بتمويل حماس.. ولا يمكن تحقيق السلام بالمنطقة دون انخراط جميع الأطراف