وُعدنا بالراحة فأورثتنا الإرهاق.. الوجه المظلم للأدوات الرقمية في العمل
تاريخ النشر: 17th, October 2025 GMT
كلنا نعرف ذاك الشعور جيدا، حين تبدأ يومك بذهن صافٍ وهمّة عالية لإنجاز مهمة بعينها، لتجد نفسك وقد ابتلعك دوامة الأدوات الرقمية الحديثة من الإشعارات المتلاحقة، والرسائل العاجلة. وعندما يحل المساء، لا يتبقى لك إلا شعور بالإنهاك وحصاد لا يرقى لطموحك.
هذا الموقف المتكرر بات يعرف بظاهرة "الإنهاك الرقمي". هذا الضجيج الرقمي لا يؤثر على تركيزنا فحسب، بل ينخر في صحتنا النفسية ويفتت الروابط الحقيقية بين فرق العمل.
والمفارقة أن الذكاء الاصطناعي، الذي تعقد عليه الآمال ليكون طوق النجاة، تحول في أحيانا إلى وقودٍ لهذه الفوضى. وهي الأزمة التي لخصها تقرير لمجلة فوربس بعنوان "الإنهاك الرقمي: تآكل الصحة النفسية والإنتاجية المهنية".
سراب الإنتاجيةنظريا كان وعد الإنتاجية العالية كلما استخدمنا الأدوات الرقمية، لكن على أرض الواقع، كشفت الأرقام عن حقيقة أخرى، ففي استطلاع شمل 1000 مهني في الولايات المتحدة، كانت أبرز النتائج كالتالي:
%79 من الموظفين أفادوا بأن مؤسساتهم تقف موقف المتفرج، دون أي مبادرة جادة لكبح جماح هذا الإنهاك. %60 يعيشون تحت ضغط دائم للشعور بأنهم "متاحون" للرد على الإشعارات حتى بعد انقضاء يوم العمل. موظف من كل خمسة يبدد ما يزيد على ساعتين أسبوعيا في رحلات مكوكية بين النوافذ والتطبيقات. %45 أصبحوا على قناعة بأن أدواتهم الرقمية تُعيق إنتاجيتهم بدلا من أن تطلق لها العنان.هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل هي دليل على أن كثرة التشتت تضر بعقولنا، فالتنقل المستمر بين التطبيقات يستنزف تركيزنا بشدة، ويمنعنا من الوصول إلى مرحلة التركيز الكامل التي نحتاجها لإنجاز أفضل الأعمال، وهي المرحلة التي يولد فيها الإبداع.
الذكاء الاصطناعي يفاقم الأزمةكان الأمل أن يحررنا الذكاء الاصطناعي من المهام المتكررة، لكننا طبقناه في بيئات عمل تعاني أصلا من مشكلات وفوضى. وبدلا من أن نصلح تلك الأنظمة أولا، قمنا باستخدام التقنية "لأتمتة هذه الفوضى".
إعلانوالنتيجة كما يوضح تقرير عالمي لعام 2025، أن 70% من الموظفين صاروا يعتمدون على الذكاء الاصطناعي، لكن الإرهاق الرقمي لديهم قفز إلى 84%.
سبب كبير لهذه المشكلة هو ما يعرف بـ"المخرجات الجوفاء"، وهي أعمال ينتجها الذكاء الاصطناعي تبدو رائعة، لكنها في الحقيقة ضعيفة الجودة وتحتاج للكثير من التصحيح.
هذا يعني أن المشكلة ليست في الأداة نفسها، بل في غياب الرؤية؛ فنحن نستخدمه بلا إستراتيجية واضحة أو معايير جودة إلزامية.
دليلك إلى السكينة الرقميةالخلاص ليس في تبني أداة جديدة، بل في تبني عقلية جديدة؛ عقلية تعود إلى مبادئ بسيطة ومنضبطة لاستعادة الهدوء المفقود في يومنا. وهذه هي مبادئها الخمسة:
الأقل قوة: احذف بلا تردد كل ما هو مكرر أو غير ضروري. لا تحتفظ إلا بالأدوات التي تخدم هدفا واضحا وتُحدث أثرا يمكن قياسه، فكل أداة زائدة هي ثقب يتسرب منه تركيزك. سيادة الانتباه: تحرر من سجن الإشعارات وضع "ميثاقا للتواصل" يحدد ما هو عاجل وما يمكنه الانتظار. تذكر دائما أن وهم الاستجابة الفورية هو أكبر سارق للإنتاجية العميقة. التعلّم الذكي: اعتمد الجرعات المعرفية، لا الفيضانات المعلوماتية. استبدل بالساعات الطويلة من التدريب كبسولات مركزة (15-20 دقيقة) تعالج مشكلة حقيقية ومباشرة يواجهها فريقك. بوصلة الأثر: حوّل مقاييس نجاحك من سؤال "كم ساعة عملنا؟" إلى "ما جودة ما أنجزنا؟". النجاح الحقيقي لا يكمن في حجم النشاط، بل في قيمة الأثر الذي نتركه. قوة الهدف الواحد: ابدأ كل أسبوع بسؤال "ما النتيجة المحورية التي ستجعل هذا الأسبوع ناجحا؟". بمجرد تحديدها، اجعل كل قراراتك وأولوياتك تخدم هذا الهدف وحده، وكل ما عداه يصبح مجرد تفاصيل.إن المقياس الحقيقي للنجاح لم يعد في امتلاك المزيد من الأدوات، بل في امتلاك أنفسنا، فالتقنية التي صنعت لتخدمنا، قد تُحولنا إلى عبيد لها حين تُستخدم بلا حكمة، فتسلبنا صفاء التفكير وسكينة العيش.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات نجاح الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
غرفة دبي للاقتصاد الرقمي و”28 ديجيتال” تتعاونان لدعم الشراكات الرقمية
أبرمت غرفة دبي للاقتصاد الرقمي، إحدى الغرف الثلاث العاملة تحت مظلة غرف دبي، مذكرة تفاهم مع مؤسسة “28 ديجيتال”، المتخصصة بدعم المعرفة والابتكارات الرقمية في أوروبا، وذلك بهدف تعزيز أطر التعاون الثنائي وفتح آفاق جديدة أمام الشراكات الرقمية بين رواد الأعمال في دبي والدول الأوروبية.
وتم التوقيع على مذكرة التفاهم على هامش فعاليات معرض “إكسباند نورث ستار2025” الذي ينظمه مركز دبي التجاري العالمي وتستضيفه غرفة دبي للاقتصاد الرقمي وتختتم فعالياته اليوم في دبي هاربور، بمشاركة سعيد القرقاوي، نائب رئيس غرفة دبي للاقتصاد الرقمي؛ وفيديريكو منا، الرئيس التنفيذي لـ “28 ديجيتال”.
وقال سعيد القرقاوي، إن التعاون مع “28 ديجيتال” يشكل خطوة مهمة في جهود الغرفة لترسيخ مكانة دبي كمركز عالمي للابتكار والتقنية وريادة الأعمال، لافتا إلى أن تعزيز التعاون بين بيئة الأعمال التكنولوجية في دبي والدول الأوروبية، سيسهم في تطوير مسارات جديدة ونوعية للابتكار والاستثمار والنمو في القطاعات الرقمية كافة.
وسيتعاون الطرفان، بموجب مذكرة التفاهم، لإتاحة فرص جديدة أمام الشركات التقنية الناشئة في دبي وأوروبا، في مجالات رئيسية تتضمن استكشاف الأسواق الجديدة، وتيسير فرص الأعمال والاستثمار، وتوفير دعم متكامل للشركات الراغبة في تأسيس حضور لها في دبي وأوروبا؛ كما سيعملان على دعم المشاركة الفاعلة في منظومات الابتكار الخاصة بكل منهما، وتنظيم البعثات التجارية، وتوجيه المستثمرين نحو فرص جديدة، وتسهيل الوصول إلى الحاضنات ومسرّعات الأعمال وخدمات التمويل المحلية.وام