نتنياهو يترأس اجتماعا طارئا ويأمر الجيش بتعليق هجماته بغزة
تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT
ترأس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، اجتماعا أمنيا طارئا لبحث التطورات في قطاع غزة، في حين أعلن الجيش الإسرائيلي العودة إلى تطبيق وقف إطلاق النار بناء على توجيهات القيادة السياسية، بعدما شن غارات كثيفة خلّفت أكثر من 40 شهيدا.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الاجتماع الذي عقد مساء اليوم ضم وزير الدفاع يسرائيل كاتس ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر وكبار قادة المؤسسة الأمنية.
وفي حدود الساعة 6:20 مساء بتوقيت غرينتش، أعلن الجيش الإسرائيلي العودة إلى تطبيق وقف إطلاق النار بناء على توجيهات القيادة السياسية، مهددا "بالرد بقوة على أي خرق".
في الوقت نفسه، أفادت تقارير صحفية إسرائيلية وأميركية بأن حكومة نتنياهو تراجعت عن قرار اتخذته اليوم بإغلاق جميع معابر قطاع غزة بعدما تعرضت لضغوط أميركية، لكنها قررت الإبقاء على معبر رفح مغلقا.
بزعم خرق الاتفاق .. إسرائيل تقصف غزة فما الذي يحدث؟#حرب_غزة#فيديو pic.twitter.com/mgYVthxFyH
— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 19, 2025
وقال مسؤول إسرائيلي لشبكة "إيه بي سي" الأميركية: "اتخذنا قرارا اليوم بإغلاق المعابر إلى غزة ووقف المساعدات لكن تراجعنا عنه لاحقا". وأضاف المسؤول أن معبر رفح سيظل مغلقا حتى يتم تسليم جثامين المحتجزين الإسرائيليين القتلى في غزة بوتيرة معقولة، حسب تعبيره.
وكذلك، قالت صحيفة يسرائيل هيوم إنه بعد تقييم للوضع، تقرر استئناف إدخال المساعدات إلى غزة غدا الاثنين. وقد أشارت الأنباء إلى توقف دخول المساعدات مؤقتا بسبب القصف الإسرائيلي.
رسالة أميركية لإسرائيلفي السياق نفسه، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن الولايات المتحدة وجهت رسالة إلى إسرائيل مفادها أنه "يمكنكم الرد على الخروق، لكن من دون تقويض الاتفاق".
ونقلت الهيئة عن مصادر قولها إن واشنطن تريد وقف التصعيد في قطاع غزة ومنع انهيار الاتفاق. كما أوضحت الهيئة أن الولايات المتحدة والوسطاء ضغطوا على إسرائيل لإعادة فتح المعابر، وأكدت أن إدخال المساعدات الإنسانية سيستأنف صباح الغد.
إعلانكما نقل موقع أكسيوس الأميركي عن مسؤولين إسرائيليين أنه تم التراجع عن قرار إغلاق المعابر بعد ضغوط من إدارة الرئيس دونالد ترامب.
من جانبه، استنكر وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ما وصفه "بالتراجع المخزي" لرئاسة الوزراء، وفق تعبيره.
#عاجل | بن غفير: تراجع مخز لمكتب رئيس الوزراء الذي أعلن إيقاف المساعدات حتى إشعار آخر وعاد عن قراره بعد ساعتين فقط#حرب_غزة pic.twitter.com/tp7MScLS1z
— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 19, 2025
وقال بن غفير -الذي يتزعم حزب "قوة يهودية" اليميني المتطرف- إن رئاسة الوزراء أعلنت إيقاف دخول المساعدات لغزة حتى إشعار آخر ثم تراجعت عن قرارها بعد ساعتين فقط.
وأضاف أنه "يجب وقف سياسة التراجع والعودة إلى قتال مكثف في أقرب وقت من خلال المناورات والاحتلال وتشجيع الهجرة".
وقد جاء التصعيد في غزة اليوم بعدما ادعى الجيش الإسرائيلي أن قواته وآلياته الهندسية تعرضت لهجوم من قبل مسلحين في رفح جنوبي القطاع. ونفت المقاومة الفلسطينية أي صلة لها بالهجوم، واتهمت الاحتلال بمواصلة خرق وقف إطلاق النار منذ يومه الأول واختلاق الذرائع لتخريب الاتفاق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات
إقرأ أيضاً:
لغم نزع السلاح.. كيف يخطط نتنياهو لتفجير المرحلة الثانية؟
تزامن الإعلان الإسرائيلي عن "الاستعداد للمرحلة الثانية" مع تصاعد الضغط الأميركي لإنجاح الاتفاق، غير أن محللين رأوا أن قبول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يبدو أقرب إلى مناورة محسوبة منه إلى التزام فعلي، إذ يوظّف بند "نزع السلاح" كأداة لتفجير المسار وتحميل واشنطن مسؤولية أي تعثر.
فالمرحلة الثانية، التي يفترض أن ترتكز على الانسحاب وتثبيت ترتيبات أمنية جديدة، يجري التعامل معها داخل إسرائيل كملف قابل لإعادة التأويل، إذ يسعى نتنياهو لتقديم استجابة شكلية للضغوط الغربية، مع الاحتفاظ بهوامش واسعة تسمح بتعطيل التنفيذ دون الاصطدام المباشر بالإدارة الأميركية.
وتشير خلفيات المشهد إلى أن الحكومة الإسرائيلية، المحكومة بتوازنات يمينية متشددة، ترى في الانتقال الكامل إلى المرحلة الثانية تهديدا لوحدة الائتلاف، ما يدفع نتنياهو إلى اعتماد صيغة "التقدم الرمزي"، أي إعلان خطوات إيجابية غير مكتملة، وتجميد جوهر الإجراءات المتعلقة بالانسحاب أو تخفيف القبضة العسكرية في غزة.
ويرى الدكتور عادل شديد، الباحث المتخصص في الشأن الإسرائيلي، في حديثه لبرنامج ما وراء الخبر أن نتنياهو يعتمد إستراتيجية "التحكم بالإيقاع"، حيث يقدّم إشارات إيجابية للوسطاء دون تغيير فعلي في السلوك الميداني، ويعتبر شديد أن إبقاء الاتفاق في منطقة رمادية يتيح للحكومة كسب الوقت وتثبيت واقع يسبق أي ترتيبات سياسية مستقبلية.
أما الدكتور محجوب الزويري، الخبير في قضايا الشرق الأوسط، فيرى أن التركيز الإسرائيلي على "نزع السلاح" لا يهدف إلى معالجة ملف أمني، بل إلى إعادة تعريف المرحلة الثانية، فبمجرد جعل السلاح محور التفاوض، يصبح أي خلاف مبررا لإعادة الاتفاق إلى نقطة الصفر.
ويستثمر نتنياهو هذا المنطق لتحويل النقاش من "كيفية تنفيذ الاتفاق" إلى "من يعرقل التنفيذ"، فإعادة صياغة المرحلة بهذا الأسلوب تتيح لإسرائيل الظهور كطرف ملتزم، بينما تُتهم الأطراف الأخرى بالتراجع أو المماطلة، وهو ما يخفف عن تل أبيب الضغوط الدولية ويمنحها قدرة أكبر على المناورة.
الموقف الأميركيوتزداد خطورة هذا المسار في ضوء الرؤية التي طرحها مايكل مولروي، نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق، الذي أكد أن الإدارة الأميركية تدرك بوضوح أن نتنياهو يناور ولا يقدّم التزامات صلبة، لكنها تفتقر إلى أدوات فرض التنفيذ، واعتبر مولروي أن واشنطن لا تريد مواجهة مباشرة مع تل أبيب لأنها تخشى انهيار الهدنة.
إعلانوأوضح مولروي أن الإدارة الأميركية تتعامل مع الاتفاق باعتباره "ترتيبات متبادلة" لا التزامات قابلة للإنفاذ، ما يمنح نتنياهو مساحة واسعة لتعطيل البنود التي لا يرغب بتنفيذها، ويرى أن إسرائيل تدرك حدود الضغط الأميركي في عام انتخابي، وتستغل هذا الفراغ للتمسك بشروط أمنية مشددة تؤجل الانسحاب.
ويتقاطع حديث مولروي مع تقديرات دولية ترى أن نتنياهو يدفع بهدوء نحو صيغة "الانسحاب القابل للعكس"؛ أي انسحاب معلن سياسيا لكنه مرتبط بشروط أمنية تتيح عودة القوات عند أي توتر. وتُظهر تقارير غربية أن إسرائيل تحاول استثناء الحدود والأنفاق ومحيط المعابر من أي التزامات زمنية، كي تظل السيطرة الفعلية بيدها.
هذا التعطيل البنيوي يجعل المرحلة الثانية عرضة للتجميد رغم التقدم الشكلي الذي تحاول واشنطن إبرازه. ويخشى مراقبون أن يستغل نتنياهو عامل الوقت لتثبيت واقع أمني جديد، بحيث تصبح العودة إلى الوضع السابق شبه مستحيلة، وتتحول "المرحلة الانتقالية" إلى حالة دائمة لا تنتهي.
وتستفيد إسرائيل من هذا التردد الأميركي عبر تعزيز حضورها الميداني في المناطق الحدودية، وفرض شبكات مراقبة جديدة، واستغلال كل تأخير لتوسيع مناطق النفوذ الأمني، ويرى متابعون أن هذا المسار يحوّل الوقت إلى أداة سياسية، إذ تمنح كل ساعة إضافية الجيش فرصة لخلق واقع يصعب التراجع عنه.
ويربط شديد هذه التطورات بنمط سبق لنتنياهو اعتماده خلال أزمات سابقة، حيث يوافق على مبادئ عامة ثم يعيد تفسيرها بشروط فرعية تعيق التنفيذ، ويشير إلى أن هذا التكتيك استخدمه في المفاوضات مع إدارة أوباما، وعاد ليطبّقه اليوم بهدف حماية موقعه الداخلي وتفادي أي كلفة سياسية مباشرة.
ذريعة إسرائيليةومن زاوية أخرى، يلفت الزويري إلى أن إبقاء ملف "نزع السلاح" مفتوحا يتيح لإسرائيل مواصلة العمليات المحدودة داخل غزة، تحت ذريعة "ضبط التهديدات"، ويرى أن ذلك يخلق حالة تجمع بين الهدنة والحرب، بحيث لا يتحقق الاستقرار فعليا، ولا تنهار التفاهمات بالكامل، ما يخدم مصالح تل أبيب.
كما تسمح هذه المقاربة لنتنياهو بتوظيف خطاب "الأمن القومي" لتعزيز موقفه الداخلي، فطرح قضية السلاح كشرط مسبق يجعل أي تنازل يبدو مستحيلا أمام الجمهور اليميني، ويعطي حكومته مبررا دائما للاستمرار في السيطرة الميدانية، حتى لو تطلب الأمر تأجيل المرحلة الثانية إلى أجل غير محدد.
وتشير تقديرات دولية إلى أن الحكومة الإسرائيلية قد تسعى لربط كل عنصر من عناصر المرحلة الثانية بتقييمات أمنية خاصة بها، مما يعني أن الانسحاب أو تغيير شكل الانتشار العسكري لن يتم دون موافقة مؤسستها الأمنية، وهو ما يعمّق شبح أن يتحول الاتفاق إلى مجرد إطار نظري بلا تطبيق فعلي.
في المقابل، يحاول الوسطاء العرب والدوليون الدفع باتجاه ترتيبات عملية تضمن عدم انهيار الاتفاق، لكن غياب ضمانات ملزمة يضع جهودهم في دائرة الشك. ويخشى هؤلاء أن يؤدي استمرار تأجيل المرحلة الثانية إلى فقدان المسار السياسي لزخمه، وتراجع الاهتمام الدولي لصالح أولويات عالمية أخرى.
ويرى مراقبون أن استمرار تفخيخ المرحلة الثانية قد يؤدي إلى خلق "هدنة دائمة بلا تسوية"، حيث تستمر المعابر مقيدة، والمناطق العازلة قائمة، والوجود العسكري الإسرائيلي بشكل غير مباشر، مما يجعل غزة في حالة انتقالية طويلة، رغم الإعلان عن انتهاء المرحلة الأولى رسميا.
إعلان