بين الذكاء والنخاسة السياسية فرق
تاريخ النشر: 20th, October 2025 GMT
شن التحالف الصهيوني الصليبي عدوانا على جمهورية إيران الإسلامية، وحينما أراد الإعلام الغربي أن يستطلع آراء كبار المعارضين السياسيين الإيرانيين الذين يعيشون في الغرب، وصل إلى أهم معارض هناك وسأله عن موقفه: هل يؤيد العدوان على بلاده الذي قد يمهد الطريق للمعارضة لتولي السلطة بعد إسقاط النظام؟ رد عليه: أرفض العدوان على بلادي وأقف مع بلادي ضده.
لكنه أعاد عليه السؤال، كيف ترفض العدوان وأنتم كمعارضة مستفيدون من تغيير النظام؟ فرد عليه: أنا من معارضي النظام ولست معارضا لوطني؛ خصومتي مع النظام لا مع الوطن؛ والعدوان الإجرامي الهمجي يستهدف الوطن؛ من قبل تحالف إجرامي لا أخلاق له ولا مبادئ ولا قيم؛ تحالف إجرامي يرتكب أبشع جرائم الإبادة والتهجير القسري والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب ضد الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، القتلة والمجرمون لا يبنون وطنا.
ما قاله المعارض الإيراني يشهد له تدمير العراق ونهب ثرواته وتدمير سوريا وليبيا وأفغانستان وغيرها.
أن تعارض النظام وتختلف معه، لا يعني بالضرورة الاختلاف مع الوطن ولا يعني تسليمه للقتلة والمجرمين نكاية بالنظام، كما يفعل ذلك بعض المعارضين العرب والمسلمين.
المعارضة اليمنية منها من يتذرع بالصمت في المواقف خاصة إذا تعلق الأمر بالاعتراف بالكيان المحتل ومنها من يصرح علنا، كما هو حال ما يسمى رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي: نحن على استعداد للاعتراف بدولة إسرائيل في حال أعلنا الاستقلال وأصبحت لنا دولة الجنوب؛ وندعم دولة الإمارات في توجهاتها السياسية، بمعنى أننا ندعم من تدعمه الإمارات.
ولا يختلف رأي نائبه السلفي هاني بن بريك الذي قال: نعادي من يعادي الإمارات ونسالم من تسالم، وكان له دور في اغتيال كثير من الشخصيات اليمنية المعارضة للاحتلال الإماراتي وللمجلس الانتقالي من أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية بالتعاون مع شركة (بلاك ووتر) التي تديرها المخابرات الأمريكية والإسرائيلية.
أحياناً يربطون الاعتراف بالاستقلال وأحياناً يربطونه بالتبعية للإمارات، مما يعني أن الاستقلال- بحسب زعمهم- يجب أن يتحقق أولا وذلك للحصول على الدعم من التحالف الصهيوني الصليبي لفصل عرى الوحدة وتكوين الجنوب استنادا إلى دعمهم.
الإمارات مع السعودية، كانتا أبرز المعارضين للوحدة اليمنية ولهما دور كبير في إشعال حرب الانفصال عام 1994م ولهما علاقات خاصة مع كيان الاحتلال وسياستهما واضحة في محاربة التوجهات الإسلامية لصالح التحالف الصهيوني الصليبي وهما أكبر الداعمين للإجرام الصهيوني في غزة وفلسطين بكل أشكال الدعم، بالإضافة إلى الأنظمة الأخرى دول الطوق والمغرب وغيرها التي ينعتها كيان الاحتلال بأعمدة الشرق الأوسط الجديد.
ولا تختلف الأجندات الصهيونية عن الأجندات للأنظمة المتصهينة، فالإمارات استغلت التحالف الإجرامي على اليمن وسيطرت على جزيرة سقطرى والجزر القريبة من باب المندب واستأجرت بعض الجزر الإريترية القريبة من المضيق خدمة لكيان العدو وتقوم بإنشاءات في تلك الجزر، بما يخدم سياسة (كيان الاحتلال) في حصار اليمن والتغلب على الحصار الذي فرضته اليمن نصرة للأشقاء على أرض فلسطين.
الذكاء السياسي والنخاسة السياسية بينهما فارق كبير.. الذكاء يستفيد من التناقضات والتوازنات والمصالح المشتركة لخدمة بلاده وشعبه، قد يعارض سياسات النظام التي يراها خاطئة ويقدم الحلول البديلة؛ لكنه مع ذلك يقدم مصلحة الشعب والأمة والدين والوطن؛ أما النخاسة السياسية فإنهم يقدمون الأوطان والشعوب والدين على طبق من ذهب للأعداء والمجرمين كعربون صداقة بينهم ويتحولون إلى خونة وعملاء من أجل الحصول على الأموال والمناصب والمكاسب التي يمنحها الإجرام لهم من ثروات الأمم والشعوب التي يستولون عليها.
الكيان الصهيوني استنفر كل الإمكانيات من أجل تشويه الحقائق التي كشفتها الحرب الإجرامية على غزة، وخرج “نتن ياهو” يعلن أنه سيشن حربا من خلال الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وبارك خطوات الاستحواذ على كبريات الشركات العالمية من قبل اللوبي اليهودي وتم تشديد الرقابة على محتواها بحذف كل ما يخص جرائم الإبادة والتهجير القسري والجرائم ضد الإنسانية، لكن الدعاية لصالح الإجرام الصهيوني، فمسموح بها ولا يمكن التعرض لها.
المعارضون للإجرام الصهيوني من اليهود، يمارسون الخداع السياسي، فهم يدينون الإجرام لكيان الاحتلال ويبرئون اليهود من كل الإجرام، مع أنهم من الداعمين والممولين لكيان الاحتلال، فزعيم المعارضة بالكنيست الإسرائيلي (يائيرلابيد) أنكر وجود الإبادة الجماعية والمجاعة وقال إن ذلك نتيجة تضليل إعلامي وهو ما يناقضه تصريح ترامب ذاته الذي قال: إن استمرار الحرب على غزة كان سيشكل إبادة مستمرة ويعزي الفضل لنفسه بإيقافها.
وعلى عكس يائير لابيد، تصريح زعيم حزب الديمقراطيين (يائير جولان)، فقد اعترف بكل الجرائم، لكنه اتهم الحكومة والدولة الصهيونية بقوله: الدولة العاقلة لا تشن حربا ضد المدنيين ولا تقتل الأطفال كهواية ولا تضع لنفسها هدف طرد السكان؛ هذه الحكومة مليئة بأشخاص لا علاقة لهم باليهودية وأشخاص انتقاميين يفتقرون إلى الذكاء والأخلاق والقدرة على إدارة البلاد.
الأنظمة العربية والإسلامية المتصهينة، اختارت أسلوب المعارضة الذي يمثله لابيد، تنكر الإجرام وتدين وتحمل المقاومة المسؤولية إما الحكومة المتطرفة، فتدعمها سرا وعلانية، فباعتراف المؤرخ اليهودي آفي شلايم: “تآمروا ضد حماس كل من حركة فتح وإسرائيل والمخابرات المصرية وأمريكا؛ لم يسمحوا لحماس أن تحكم وكل وقف لإطلاق النار منذ 2010م كانت إسرائيل تخرقه.
كيان الاحتلال لم يحترم هدنة ولا وقفا لإطلاق النار منذ الاحتلال البريطاني وحتى الآن، لكن شلايم يبدأ العد لديه من ذلك التاريخ.
الحكومة الإجرامية التي تحدث عنها جولان وبكل تلك الأوصاف، هي ذاتها الحكومة التي يثق بها الغرب وأمريكا وصهاينة العرب لأنها الوحيدة القادرة على تنفيذ المهام القذرة التي يريدونها، فترامب الذي يقول إنه من أوقف الإجرام، هو ذاته الذي يغازل المجرم “النتن”: بي بي كان يتصل بي مرات عديدة اعطني هذا السلاح وذاك السلاح وبعضها لم أسمع به قط، لكننا وفرناها له وهي الأفضل وقد استخدموها جيدا.
ومع ذلك يسمي نفسه داعية السلام وهو الذي دمر أكثر من 93%من منازل غزة وأباد أكثر من سبعين ألف شهيد؛ وأكثر من مائتين وخمسين ألفا من الجرحى والمعاقين، معظمهم من الأطفال والنساء.
الذكاء السياسي- وفقا للمعايير المتبعة للنظام الحالي- تحاربه، لكنها تشجع النخاسة السياسية، فقد حصلت المعارضة للنظام الفنزويلي (ماريا ما تشادو) على جائزة نوبل للسلام، لأنها من أكبر الداعمين للإجرام الصهيوني ولكي يستخدمونها ضد سياسة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الداعم للقضية الفلسطينية: أفظع إبادة عرفتها البشرية منذ (ادولف هتلر) ما يحدث في غزة؛ والشعب الفلسطيني سيصل إلى النصر عاجلا أم آجلا.
النخاسة السياسية لها سوق رائج لأنها تضحي بالمصلحة العليا وتقدم الأوطان أضحية على مذابح السياسات القذرة التي تعمل على خرابها من أجل إرضاء الآخرين واستدرار الدعم وتحصيل الامتيازات، لكن الذكاء السياسي يحمي الأوطان ولا يفرط بها، حتى لو اختلف مع النظام، وأذكر مرة سئل زعيم المعارضة التركي المرحوم نجم الدين اربكان عن الصهيونية فقال: الصهيونية تمساح فكه العلوي أمريكا والسفلي أوروبا وعقله إسرائيل وجسده العملاء والخونة.
اربكان قاد المعارضة وفاز في الانتخابات ووصل إلى رئاسة الوزراء وطرح فكرة إقامة السوق العربية والإسلامية المشتركة لتجمع كل القوى الاقتصادية والسياسية (تركيا واندونيسيا وإيران وباكستان ومصر والسعودية والجزائر) وكل أقطار الأمة أسوه بالسوق الأوروبية المشتركة، وهو ما أدى إلى الانقلاب العسكري عليه وإيداعه السجن وحل الحزب الذي فاز في الانتخابات.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
استطلاع: 53% من الفرنسيين يشعرون بـ«العار» من الأوضاع السياسية
كشف استطلاع حديث أجرته شركة “فيريان” لصالح صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية، أن أكثر من نصف سكان فرنسا (53%) يعبرون عن شعورهم بالخزي والعار بسبب الأوضاع السياسية الراهنة في بلادهم، وهي المرة الأولى التي تتفوق فيها هذه المشاعر على مشاعر الغضب التي عبر عنها 49% من المشاركين.
وأظهرت نتائج الاستطلاع أن 39% من الفرنسيين يشعرون باليأس، و35% بالإرهاق، و21% بالحزن، بينما عبر 18% عن شعورهم بالخوف من المستقبل.
في المقابل، لا تظهر المشاعر الإيجابية إلا بنسبة ضئيلة، حيث أعرب 5% فقط عن الأمل، و2% عن الفخر، فيما ذكرت نسب منخفضة جدًا مشاعر مثل الفرح والدهشة والحماس.
وبحسب الدراسة، فإن 34% من المشاركين يطالبون باستقالة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بينما يرغب 12% في تنظيم انتخابات برلمانية مبكرة، وسط خشية 20% منهم من أن يتدهور الوضع السياسي بعد الانتخابات المقبلة.
ولم ينجُ المشهد السياسي الفرنسي من أزمة ثقة واسعة، حيث تصدرت أحزاب المعارضة اليسارية قائمة الأحزاب ذات التقييمات السلبية، مع 75% من المستطلعين الذين عبروا عن استيائهم من حزب “فرنسا الأبية”، تلاه حزب الرئيس ماكرون “النهضة” بنسبة استياء 72%، في المقابل، سجل حزب “التجمع الوطني” اليميني أقل نسبة استياء (51%)، وترأس كتلته البرلمانية مارين لوبان.
وجاء هذا الاستطلاع في ظل تجديد الثقة لرئيس الوزراء سيباستيان ليكورنو، الذي أعيد تعيينه في 10 أكتوبر الجاري، بعد استقالته في السادس من نفس الشهر، حيث تعهد بتشكيل حكومة “أكثر حرية” ومستقلة عن الأحزاب السياسية، لتدارك الأزمة التي تشهدها البلاد.
وشملت الدراسة، التي أُجريت عبر الإنترنت خلال الفترة من 14 إلى 16 أكتوبر، عينة من 1000 فرنسي بالغ، ولم يُعلن عن هامش الخطأ.