ما أسباب العنف الجامعي بالأردن؟ وما الإجراءات الرادعة؟
تاريخ النشر: 20th, October 2025 GMT
عمّان- تتحول بين الحين والآخر ساحات بعض الجامعات الأردنية من فضاء للعلم والمعرفة إلى ساحة للفوضى والعنف، تُرفع فيها العصي وتتعالى الهتافات.
وباتت ظاهرة "العنف الجامعي" تؤرق المجتمع الأردني، وتضع مؤسسات التعليم العالي أمام تحد حقيقي، بعدما تحول العنف في الجامعات الأردنية إلى مشهد متكرر يكشف خللا عميقا في منظومة الوعي والسلوك والانضباط الاجتماعي.
????مشاجرة واسعة في الجامعة الأردنية (فيديو)
اندلعت مشاجرة جماعية بين عدد من الطلبة داخل حرم الجامعة الأردنية، مساء الخميس، فيما تدخل الأمن الجامعي لمحاولة فض المتشاجرين. وألقى بعض المشاركين في المشاجرة عبوات غاز مسيل للدموع، فيما لم ترد أنباء عن وقوع إصابات.
⚠️أحالتِ الجامعةُ… pic.twitter.com/8xir364MnI
— فراس الماسي | Firas Almasi ???? (@FAlmasee2) October 16, 2025
وفي واقعة جديدة، شهدت الجامعة الأردنية في العاصمة عمّان قبل أيام مشاجرة واسعة بين مجموعتين من الطلبة، أسفرت عن 7 إصابات نُقلت إلى المستشفى، في حين ألقت الأجهزة الأمنية القبض على 42 شخصا أثناء خروجهم من الحرم الجامعي، وفق بيان لمديرية الأمن العام.
وبدأت مشاجرة الجامعة الأردنية بتلاسن بين طالبين، قبل أن تتسع لتشمل أصدقاءهم ومنتمين لعشائر مختلفة، ليتحول الحرم الجامعي إلى ساحة مواجهة، امتدت شظاياها إلى محيط الجامعة ومحال تجارية مجاورة.
وفي خطوة رادعة، قررت النيابة العامة في الأردن توجيه تهم جنائية من الوزن الثقيل للمتورطين في المشاجرة الجماعية التي شهدتها الجامعة الأردنية، وأسندت النيابة 4 تهم إلى 51 طالبا، و4 أحداث.
وتضمنت لائحة الاتهام أعمال العنف والشغب، والتجمهر غير المشروع، والإيذاء، والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، ويصل الحد الأقصى لعقوبتها وفق القانون إلى السجن 3 سنوات.
حادثة الجامعة الأردنية ليست استثناء، بل هي حلقة في سلسلة طويلة من المشاجرات التي تشهدها الجامعات الأردنية الرسمية والخاصة منذ سنوات، حتى باتت -كما يصفها مراقبون- "ظاهرة اجتماعية خطيرة تهدد صورة التعليم العالي في المملكة".
ويقول طلبة استطلعت الجزيرة نت آراءهم إن العقوبات الجامعية "غير رادعة"، وإن تطبيقها غالبا ما يكون انتقائيا أو خاضعا لضغوط عشائرية، مما يشجع على تكرار السلوك العنيف.
إعلانفي المقابل، يؤكد أشرف أبو كركي نائب رئيس الجامعة الأردنية لشؤون الكليات العلمية أن الجامعة تتعامل مع مثل هذه الحوادث بصرامة، وأن نظام تأديب الطلبة يُطبق وفق المخالفات، وقد تصل العقوبات إلى الفصل النهائي من الجامعة، ويضيف في تصريحات إعلامية له أن الحرم الجامعي مزود بكاميرات مراقبة تغطي معظم المناطق، مما يسهل تحديد هوية المتورطين ومساءلتهم.
ويرى أستاذ علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية، حسين الخزاعي، أن جذور العنف الجامعي تعود إلى "البيئة الاجتماعية التي تُغذي الانتماءات الضيقة على حساب الانتماء الوطني"، موضحا -في حديثه للجزيرة نت- أن بعض الأسر لا توجه أبناءها نحو قيم التسامح والحوار، بل تعزز العصبية والمباهاة بالقوة.
ودعا الخزاعي "إدارة الجامعات إلى توعية الطلبة بالأنظمة والسلوكيات المقبولة منذ اليوم الأول لقبولهم، وأن يتحمل الأساتذة دورهم التربوي إلى جانب الأكاديمي، عبر إدخال مفاهيم الحوار والتنوع في العملية التعليمية".
وأعرب الخزاعي عن أسفه لوجود مجموعات طلابية تُعرف بانتماءاتها المناطقية أو العشائرية، تُعيد إنتاج ثقافة "الشللية" داخل الجامعات، ويرى أن الحل لا يكون إلا بتغليظ العقوبات ومنع التدخلات الاجتماعية والنيابية في تطبيقها، إضافة إلى تعزيز ثقافة الانفتاح والتنوع بين الطلبة، خاصة أن الجامعات الأردنية تحتضن أكثر من 100 جنسية، وتدر دخلا بمئات الملايين من الدنانير سنويا، "ولا يجوز أن تشوه صورتها بمثل هذه السلوكيات".
ويقول الخزاعي إن "سمعة الجامعات رأس مال لا يقل أهمية عن البنية التحتية أو المناهج"، مشددا على ضرورة إلزام أي طالب ينتقل بين الجامعات بـ"شهادة حسن سلوك" لضمان عدم تكرار المخالفات.
بدوره، حذر منسق حملة "ذبحتونا" الحقوقية، فاخر دعاس، من استمرار الظاهرة إن بقيت الحلول سطحية وردود الفعل آنية، ويقول -للجزيرة نت- إن العنف الجامعي لم يعد مجرد "خلاف بين طلاب"، بل يعكس خللا في بنية التعليم والسياسات الرسمية تجاه الشباب.
ويضيف أن تقييد حرية العمل الطلابي وتهميش اتحادات الطلبة والأندية الجامعية أفرغ الحرم الجامعي من النشاط الثقافي والسياسي الذي يُسهم عادة في بناء الشخصية الواعية والمسؤولة، ويلفت بالقول "لقد تحولت انتخابات اتحادات الطلبة إلى منافسات عشائرية ومناطقية بدلا من أن تكون تنافسا برامجيا وفكريا، مما رسّخ الهويات الفرعية داخل الحرم الجامعي".
وبيّن دعاس أن الحل يبدأ من إصلاح نظام القبول الجامعي ليكون أكثر عدلا وتوازنا، بحيث لا يُكرس المناطقية أو الواسطة، إلى جانب تمكين الطلبة من التعبير والمشاركة بحرية في قضاياهم، "لأن تكميم الأصوات يؤدي إلى الانفجار في أول احتكاك".
ويتساءل مراقبون عن كيفية دخول العشرات من غير الطلبة إلى الحرم الجامعي أثناء المشاجرة، رغم وجود بوابات إلكترونية وأمن جامعي، مما يكشف -بحسبهم- ثغرات رقابية واضحة، كما أشاروا إلى أن بعض الإدارات الجامعية تتراجع أحيانا عن قرارات الفصل أو العقوبات بعد ضغوط نيابية أو اجتماعية، مما يقوض مبدأ العدالة والردع.
إعلانويرى مختصون أن معالجة الظاهرة تتطلب خطة وطنية شاملة تشترك فيها وزارة التعليم العالي ووزارتي الداخلية والتربية، والمؤسسات الإعلامية والدينية، لترسيخ ثقافة التسامح وقبول الآخر، إلى جانب إدماج برامج إرشاد وتوجيه نفسي داخل الجامعات.
من جانبها، قالت رنا المحتسب، طالبة في الجامعة الأردنية، إن "العنف الجامعي أصبح مشكلة تؤثر علينا جميعا"، لتضيف -في حديثها للجزيرة نت- أن كثيرا من الأحيان نسمع عن مشاجرات بين طلاب بسبب خلافات شخصية أو انتماءات عشائرية، وهذا يجعل الحرم الجامعي مكانا غير آمن للدراسة والتركيز.
ورأت المحتسب أن العقوبات غالبا ما تكون غير كافية، وأن تدخل بعض الأطراف الخارجية أحيانا يقلل من جدية تطبيقها، معربة عن اعتقادها بضرورة أن يكون هناك برامج توعية، وأن تتعاون إدارة الجامعة مع الطلاب لتعزيز ثقافة الحوار والانفتاح، لأن العنف لا يضر فقط بالمشاغبين، بل يضر بكل طالب يحلم بمكان آمن للتعلم والنمو.
وتحذر أوساط أكاديمية من أن استمرار هذه الحوادث يهدد سمعة الجامعات الأردنية التي تُعد وجهة رئيسية للطلبة العرب والأجانب، خاصة أن مشاهد العنف تُتناقل سريعا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتُظهر الجامعات كأنها ساحة صراع لا بيئة علم ومعرفة.
واتفق المختصون على أن أسباب العنف الجامعي تتركز في 3 محاور رئيسية، من أبرزها:
الفراغ الطلابي الناتج عن نقص النشاطات الثقافية والرياضية. وجود فجوة في العلاقة بين الأساتذة وطلابهم. تفاقم الخلافات بين التجمعات الحزبية والعشائرية بشكل خاص خلال فترات الانتخابات الطلابية، مما يؤدي إلى تصاعد حدة النزاعات داخل الحرم الجامعي.ويرى محللون أن ما يحدث في الجامعات ليس معزولا عن المناخ الاجتماعي العام في البلاد، بل هو انعكاس لثقافة العنف المنتشرة في بعض الأوساط المجتمعية، من الخطاب الإعلامي والسياسي إلى الحياة اليومية، فكما أن الجامعة مرآة للمجتمع، فإن المجتمع أيضا يغذي ما يجري داخلها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الجامعات الأردنیة الجامعة الأردنیة العنف الجامعی الحرم الجامعی
إقرأ أيضاً:
الأردن: توقيف51 طالبا على خلفية مشاجرة واسعة في جامعة
عمّان، الأردن (CNN) -- أوقف النائب العام في العاصمة الأردنية، عمّان، الجمعة، 51 طالبا و4 من الأحداث لمدة أسبوع في مراكز الإصلاح والتأهيل، أسندت لهم النيابة العامة 4 تهم، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء "بترا"، وذلك على خلفية وقوع مشاجرة طلابية تخللها أعمال عنف، داخل حرم الجامعة الأردنية، الخميس.
وتناولت منصات تواصل اجتماعي مقاطع مصوّرة من المشاجرة، ظهر فيها أعمال عنف واعتداء على مرافق جامعية وشغب، بين أعداد كبيرة من الطلبة.
وأسندت النيابة العامة 4 تُهم إلى 51 طالبًا و4 أحداثٍ (دون سن 18 عاما)، بتهمة ارتكاب أعمال شغب وعنف في حرم الجامعة الأردنية.
ونقلت الوكالة، عن نائب عام عمّان حسن العبداللات، إن التحقيقات مازالت جارية في القضية، وأن التهم المسندة للموقوفين هي "التجمهر غير المشروع، والاعتداء على الممتلكات العامة، وإحداث الضرر بأموال الغير، والإيذاء والمشاجرة".
وأثارت المشاجرة تفاعلا كبيرا على منصات التواصل الاجتماعي، ونشر رئيس الجامعة الأردنية السابق وليد المعاني، على صفحته في فيسبوك، قائلا إن "العنف الجامعي ينتج عن مجموعة من الأسباب بحسب دراسة أُجريت سابقا في الجامعة الأردنية، من أبرزها ضعف التواصل بين الطلبة والأساتذة، والفراغ الطلابي الناتج عن ضعف الأنشطة، إضافة إلى الخلافات بين التجمعات الحزبية والعشائرية التي تطفو على السطح بين الحين و الآخر، خاصة عند الانتخابات الطلابية".
ودعا المعاني الذي شغل أيضا سابقا، حقيبة وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، إلى "ضرورة تقديم حلول جذرية للعنف الجامعي في الجامعات".
ومن المتوقع أن تصدر لجنة القضايا الطلابية في الجامعة الأردنية التي تأسست في 1962، وتعد أول وأكبر جامعة في البلاد، قرارات إدارية بحق الطلبة المتورطين في المشاجرة، قد يصل بعضها إلى حد الفصل النهائي.
من جانبه، قال الناشط فاخر دعاس منسق ما يعرف بـ"الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة"، إن "عدم وضع حلول جذرية لمشكلة العنف الجامعي من الجهات الرسمية والجامعات الحكومية ومؤسسات المجتمع، أحد أسباب عودتها للواجهة مجددا".
وأضاف دعاس، في حديث لموقع CNN بالعربية، أن "أسس القبول الجامعية وغياب الحركة الطلابية شكلا أرضية خصبة للعنف الجامعي".
ودعا إلى ضرورة اتخاذ إدارة الجامعة إجراءات "رادعة" بحق المتسببين بالمشاجرة والمعتدين على مرافقها، وفق "أسس تضمن العدالة"، متسائلا عن سبب دخول أشخاص من غير الطلبة إلى حرم الجامعة أثناء وقوع المشاجرة مع وجود بوابات إلكترونية وأمن جامعي، وشدد على ضرورة أن يكون التحقيق موسعا.
واعتبرت الحملة، في بيان،أن المشاجرات التي تتخذ "أبعادا عشائرية ومناطقية ستبقى مستمرة في ظل تقييد حرية العمل الطلابي و وتهميش اتحادات الطلبة والأندية"، وفي ظل تطبيق أسس قبول جامعي "تعزز المناطقية".
وكانت سلطات الأمن أصدرت بيانا في وقت سابق قالت فيه، إن المشاجرة نتج عنها وقوع 7 إصابات، واعتقال 42 شخصا، ممن شاركوا فيها عند خروجهم من الجامعة.
ونوه البيان، إلى أن "الأدخنة التي ظهرت في فيديوهات المشاجرة"، كانت صادرة من مسحوق أسطوانات إطفاء الحريق، وأن عناصر جهاز الأمن العام "لم تدخل إلى حرم الجامعة".
الأردنالأمن الأردنيالشرطة الأردنيةجرائمنشر السبت، 18 أكتوبر / تشرين الأول 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.