«الزراعة» تكثف التوسع في المحاصيل الزيتية بـ«الزراعة التعاقدية»
تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT
كشفت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، عن تكثيف جهود مركز الزراعات التعاقدية، بعقد سلسلة من الورش والندوات التوعوية والزيارات الميدانية المكثفة التي شملت مؤخرا محافظات: الدقهلية، سوهاج، وأسيوط، وذلك في إطار تفعيل منظومة الزراعة التعاقدية للمحاصيل الاستراتيجية، وخاصة الزيتية منها مثل فول الصويا والسمسم ودوّار الشمس.
يأتي ذلك تنفيذاً لتوجيهات علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، وبتكليفات الدكتور أحمد عضام، رئيس قطاع الخدمات الزراعية والمتابعة، ضمن خطة مركز الزراعات التعاقدية، والتوسع في زراعة المحاصيل الزيتية بهدف تقليل فاتورة الاستيراد من الخارج.
وأشارت الدكتورة هدى رجب، رئيس مركز الزراعات التعاقدية، أن تم تشكيل فرق عمل، لعقد لقاءات وندوات توعوية مكثفة مع المزارعين ومهندسي الإرشاد الزراعي في المحافظات المستهدفة، حيث تم التأكيد على الدور الحيوي لنظام الزراعة التعاقدية كآلية لضمان حقوق المزارعين وحمايتهم من تذبذب أو تدني الأسعار.
وقالت إنه تم توزيع عدد كبير من العقود على مزارعي محافظة الدقهلية، كما شملت الجهود تفقد حقل فول الصويا في مركز أخميم لمناقشة تحديات زيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى عقد ندوة توعوية بقرية صنبوه بمركز ديروط، للتركيز على أهمية الزراعة التعاقدية لمحاصيل مثل الكانولا ودوّار الشمس وفول الصويا.
وأوضحت، أنه تم أيضا خلال هذه اللقاءات التأكيد على أن نظام التعاقد يضمن للمزارع «سعر ضمان» للمحصول، لا يقل السعر المتعاقد عليه عنه، مع إمكانية زيادته وفقاً للسعر السائد في السوق وقت الحصاد، وذلك لتشجبع المزارعين على التوسع في زراعة المحاصيل ذات العائد الاقتصادي المرتفع مثل فول الصويا والذرة الشامية الصفراء.
وأشارت إلى أن الزراعة التعاقدية هي أحد أهم آليات تحقيق أهداف التنمية الزراعية من خلال كسر حلقات الاحتكار وتصحيح المسار التسويقي، كما أنها تعد آلية رئيسية في تجميع صغار المنتجين الزراعيين، لافتة إلى أنه من خلال مركز يتم إبرام عقود ثلاثية الأطراف بين الشركات والمزارع ومركز الزراعات التعاقدية لضمان الشفافية وحماية حقوق جميع الأطراف، فضلا عن توفير التقاوي عالية الإنتاجية والمقاومة للأمراض في منافذ الإرشاد والجمعيات الزراعية، وتقديم الإرشاد الفني المستمر للمزارعين، كذلك شرح كيفية التعاقد على المحاصيل خلال المراحل المختلفة من الزراعة «قبل وأثناء وبعد الزراعة»، وتوضيح آليات استلام المحصول والدفع نقداً أو عبر إيصال التوريد.
وأكدت هدى رجب استمرار عقد الندوات الميدانية في مختلف المحافظات لدعم توجهات القيادة السياسية نحو تطوير منظومة الزراعة التعاقدية وتحسين معيشة المزارعين المصريين، وتعظيم القيمة المضافة للمنتجات الزراعية تحقيقاً للأمن الغذائي والتنمية المستدامة.
اقرأ أيضاًالزراعة تبحث مع بعثة «الإيفاد» دعم جهود التنمية الزراعية المستدامة في صعيد مصر
«الزراعة» تستضيف التدريب الوطني للبرنامج الأفريقي للصحة النباتية
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: وزير الزراعة وزارة الزراعة علاء فاروق الزراعات التعاقدية المحاصيل الزيتية مرکز الزراعات التعاقدیة الزراعة التعاقدیة
إقرأ أيضاً:
د. ثروت إمبابي يكتب: الاكتفاء الذاتي بين قوة التشريع وفاعلية السياسات الزراعية
كان أجدادنا يقولون: “من امتلك قوته امتلك حريته”، وهي حكمة عربية خالدة تختصر فلسفة الأمن الغذائي قبل أن يُولد كمصطلح سياسي أو اقتصادي. فالأرض التي تُطعم أهلها تمنحهم القرار، ومن يفقد زمام قوته الغذائية يصبح تابعًا لغيره ولو امتلك كل أدوات السلطة. ولهذا ظلت الزراعة عبر التاريخ رمزًا للسيادة وعمادًا للاستقرار السياسي والاجتماعي.
وانطلاقًا من هذه القاعدة، يصبح واضحًا أن السياسات الزراعية ليست مجرد إجراءات تنظيمية، بل دعامة استراتيجية تهدف إلى حماية الموارد وتعظيم الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي. ولذلك فإن التشريعات الزراعية الحديثة تُعد حجر الزاوية في أي نهضة حقيقية، لأنها تضبط العلاقة بين الأرض والمياه والفلاح والسوق، وتحول العمل الزراعي من جهد فردي إلى منظومة إنتاجية قومية.
وتأتي حماية الرقعة الزراعية في مقدمة التشريعات الضرورية، فالأرض هي الرصيد القومي الذي لا يُعوَّض إن فُقد. ومن جهة أخرى، فإن تطوير القوانين المنظمة لاستخدام المياه والري الحديث يمثل ضرورة ملحّة في ظل محدودية الموارد وتغير المناخ. ولهذا تتجه الدول المتقدمة زراعياً نحو تشريعات ملزمة بالتحول للري الذكي، وترشيد الفاقد، وتوظيف التكنولوجيا في المتابعة والتحكم.
أما على المستوى الاقتصادي، فإن الاكتفاء الذاتي لا يتحقق بالإنتاج فقط، بل باستدامته وضمان عائد عادل للمنتج. ومن هنا تأتي أهمية السياسات السعرية العادلة للمحاصيل الاستراتيجية، وتيسير الحصول على مستلزمات الإنتاج، وتفعيل أدوات الحماية من الإغراق، حتى يظل الفلاح قادرًا على الزراعة دون أن ينهكه السوق أو يهدده الخسارة.
وفي السياق ذاته، يمثل الربط بين البحث العلمي والتطبيق الحقلي نقلة نوعية في تطوير القطاع الزراعي. فحين تتحول التوصيات البحثية إلى تشريعات تنفيذية، يصبح التطوير مؤسسيًا لا عشوائيًا. ومن ثم، فإن تمكين الجامعات والمراكز البحثية من نقل المعرفة للميدان الزراعي بدعم تشريعي هو الطريق لتحسين الجودة ورفع القدرة التنافسية للمحاصيل.
كما تُعدّ التعاونيات الزراعية إحدى الأدوات الداعمة للاكتفاء الذاتي، لأنها تخفف الأعباء عن المزارع وتقلل من تحكم الوسطاء في حركة السوق. وكلما تم تحديث تشريعات التعاونيات بحيث تصبح كيانات إنتاجية وتسويقية وتمويلية حقيقية، ازدادت فرص الاستقرار والاستقلال الغذائي داخل المجتمع الزراعي المحلي.
ولا يكتمل هذا البناء دون الاهتمام بالبنية اللوجستية التي تحفظ المحصول بعد الحصاد، مثل التخزين المبرد والمناطق التسويقية والمجمعات اللوجستية القريبة من مناطق الإنتاج، وهي بدورها تتطلب تشريعات استثمارية محفزة، تكفل الحد من الفاقد وتسهم في تثبيت الأسعار على مدار العام.
وبناءً على هذا التكامل، تتبلور رؤيتي بأن تحقيق الاكتفاء الذاتي الزراعي لن يتحقق إلا عبر ثلاثية متوازنة: تشريعات صارمة لحماية الأرض والمياه، وسياسات اقتصادية داعمة للمنتج المحلي والتصنيع الزراعي، وآليات واضحة لربط البحث العلمي بالتطبيق الحقلي. فعندما تتكامل هذه المحاور في سياق واحد، تتحول الزراعة إلى مشروع وطني متين، يرسخ السيادة الغذائية، ويمنح الدولة القدرة على صياغة مستقبلها بعيدًا عن التبعية أو الضغوط الخارجية.
إن الزراعة ليست قطاعًا اقتصاديًا فحسب، بل ضمانة وجودية للدولة؛ فحين نزرع قوتنا نحصّن قرارنا، وحين نصون أرضنا نحمي مستقبل أجيالنا، لنظل كما قال الأقدمون: أمة لا تستجدي غذاءها، بل تصنع أمنها بيدها.