بغداد- يشكّل تعيين الرئيس الأميركي دونالد ترامب لرجل الأعمال من أصل عراقي، مارك سافايا (40 عاما)، مبعوثا خاصا إلى العراق، نقطة تحول مثيرة في العلاقة الثنائية.

أثار هذا القرار نقاشا واسعا في الأوساط السياسية والأمنية العراقية، حيث يُنظر إليه كدلالة على توجه أميركي جديد للتعامل المباشر مع الملف العراقي بعيدا عن القنوات الدبلوماسية المعتادة.

في حين يرى مراقبون أن خلفية سافايا التجارية وولاءه السياسي، وأصوله العراقية تمنحه مدخلا مرنا للمشهد العراقي المعقّد.

والمبعوث سافايا رجل أعمال مسيحي من أصل كلداني، وهو الرئيس التنفيذي لشركات تعمل في مجال القنّب الطبي، حظي بثناء ترامب لدوره في حملته الانتخابية وفهمه للعلاقات الثنائية.

وفي حين رحّب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بالخطوة، اعتبرها القيادي الكردي البارز هوشيار زيباري اعترافا أميركيا بأن الوضع في البلاد "غير طبيعي".

تعين الرئيس دونالد ترامب ممثلا خاصا له في العراق مارك ساڤايا أمريكي مسيحي كلداني ذوو أصول عراقية هو اعتراف بان الوضع في العراق غير طبيعي و يحتاج إلى اجراءات و قرارات خارج الاطر الدبلوماسية و الرسمية المعتادة لتصحيح و تقويم الوضع المضطرب و المشوش . كل تمنياتنا بنجاح مارك بمهمته

— Hoshyar Zebari (@HoshyarZebari) October 20, 2025

رسائل عديدة

يقول الباحث في الشأن السياسي، مهند الراوي، إن تعيين مارك سافايا مبعوثا للرئيس الأميركي في العراق، يمثل "سابقة" ويحمل في طياته "رسائل كبيرة".

وقال الراوي للجزيرة نت إن وجود مبعوث خاص مباشر للرئيس الأميركي، "بعيدا عن السياقات الدبلوماسية المعتادة"، يشير إلى أن "العراق يحتاج إلى قناة دبلوماسية خاصة ومباشرة بين الرئيس الأميركي والحكومة العراقية والقنوات الرسمية والفاعلين السياسيين العراقيين".

وذكّر الراوي بتصريح سابق للرئيس الأميركي دونالد ترامب في شرم الشيخ تضمن أن "العراق لديه نفط ولكنه لا يستطيع إدارة شؤون أمواله ونفطه"، معتبرا أن هذا التعيين يخدم رسائل متعددة.

إعلان

وأكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال قمة شرم الشيخ بمصر التي عُقدت في 13 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، أن "العراق، بلد يمتلك الكثير من النفط، لديهم كميات هائلة لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون به"، مضيفا "وهذا بحد ذاته مشكلة كبيرة، عندما تملك الكثير ولا تعرف كيف تتصرف به".

ويرى الراوي أن تعيين سافايا، وهو من العقليات التجارية البارزة في الولايات المتحدة، يعكس رغبة في تعزيز الجانب الاقتصادي، مشيرا إلى أن المبعوث الخاص يمتلك "صلاحيات واسعة" في مجالات التجارة والعمل السياسي والتمثيل الاقتصادي، تتجاوز صلاحيات السفير والقنوات الدبلوماسية التقليدية.

واعتبر الراوي أن سافايا، المقرب من الرئيس الأميركي، ستكون تقاريره "مؤثرة"، داعيا القيادة العراقية إلى "التعامل بمرونة ورحابة صدر" مع هذا التعيين، وضرورة "استثمار هذه الفرصة لصالح العراق واقتصاده".

ترامب ارتكز إلى عوامل عديدة في اختيار مبعوثه الجديد للعراق مارك سافايا (مواقع التواصل)أربعة عوامل

من ناحيته، يرى الخبير الأمني هيثم الهيتي، في حديث للجزيرة نت، أن اختيار سافايا كمبعوث خاص قد بُني على 4 عوامل رئيسية، مشيرا إلى أن هذا التعيين يحمل دلالات إستراتيجية تتجاوز الأطر الدبلوماسية التقليدية.

وهذه العوامل وفق الهيتي هي:

المعرفة والعلاقة الشخصية بين ترامب وسافايا، حيث شارك الأخير في حملة ترامب الانتخابية. الأصل العراقي لسافايا، وهو ما ينسجم مع تقدير الرئيس ترامب للعراقيين، بحسب اعتقاد الهيتي. النجاح في مهمة سابقة، وتحديدا فك أسر الرهينة الروسية الإسرائيلية التي كانت مختطفة في بغداد. كونه شخصية تجارية بعيدة عن العمل السياسي التقليدي، لكنها تجيد التفاوض والتفاهم، مما يجعله مفتاحا محتملا للتفاوض مع قوى غير سياسية، "بما في ذلك المليشيات".

ولفت الهيتي إلى أن اختيار شخصية بهذه الطريقة يمثل تجاوزا للخطوط الدبلوماسية والقانونية، لكونه تخطى وجود السفير والإجراءات المتبعة لمرور التعيينات عبر الكونغرس، منوها إلى أن هذا التجاوز يدل على قدرة سافايا على الجلوس والتفاوض مع أي قوى في بغداد، حتى الفصائل المسلحة المدرجة على "قوائم الإرهاب" الأميركية.

وخلص الهيتي إلى أن هذا الاختيار "الإستراتيجي" يشير إلى رغبة ترامب في التفاوض على 3 قضايا محورية:

العقود النفطية العراقية: حيث من المتوقع أن يتم التركيز على إدخال الشركات الأميركية وتعزيز العلاقة الإستراتيجية في مجال النفط والغاز. القوى "التابعة" لإيران: ومفاوضتها للتعامل معها مقابل انسحابها من "التبعية للخط الإيراني" على حد وصفه. الامتداد الصيني في العراق.

وأكد الخبير الأمني أن عملية التفاوض المتوقعة ستسير عبر مسارين:

الحكومة العراقية أو رئيس الوزراء القادم. والمجموعات المسلحة التي يمكن التفاهم معها. خبراء الاقتصاد يرون في تعيين سافايا فرصة استثمارية مهمة للعراق (الفرنسية)منحى جديد

يقول الخبير المالي والاقتصادي الدكتور صفوان قصي، إن سياسة البيت الأبيض تجاه العراق اتخذت منحى استثماريا واقتصاديا واضحا، وهو ما يمثله تعيين مبعوث خاص للولايات المتحدة يمتلك صلاحيات واسعة.

إعلان

ودعا قصي، في حديثه للجزيرة نت، إلى ضرورة وضع "خريطة استثمارية" تضع الاستثمارات الأميركية في الأولوية، للاستفادة من قدرة الولايات المتحدة على تطوير التكنولوجيا في العراق وتوجيه الإيرادات النفطية بالاتجاه الصحيح.

وشدد على أهمية الشراكة مع الولايات المتحدة لدعم نمو القطاع الخاص النظامي وتحرير الاقتصاد العراقي من التبعية، خاصة في ظل استيراد العراق ما قيمته أكثر من 60 مليار دولار سنويا من دول معينة (مثل الصين وتركيا وإيران)، مما يعيق الإنتاج المحلي.

وأشار إلى أن زيادة القدرة التنافسية العراقية ستتحقق عبر "الممازجة بين رأس المال العراقي والتكنولوجيا الأميركية"، مؤكدا أن الشركات الأميركية في قطاعات الطاقة، النفط والغاز يمكن أن تساهم في إعادة تأهيلها.

كما لفت الخبير الاقتصادي إلى إمكانية استثمار الموقع الجغرافي للعراق لأغراض التصدير عبر إقامة مدن صناعية بمشاركة أميركية.

وفي القطاع المصرفي، شدد قصي على ضرورة دخول المصارف والجامعات الأميركية للسوق العراقية والمساهمة في التنمية البشرية، بالإضافة إلى توسيع تداول الدولار.

وأكد قصي على أن الصلاحيات الواسعة للممثل الأميركي يمكن أن تساهم في التعرف على المشاكل العراقية وتقديم المساعدة، مشيرا إلى أن العائد على الاستثمار الحالي في العراق مناسب لجذب الاستثمارات وتوفير الضمانات السيادية اللازمة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الرئیس الأمیرکی دونالد ترامب فی العراق أن هذا إلى أن

إقرأ أيضاً:

تاجر القنب وصديق تسوركوف مبعوثا خاصا إلى العراق.. من هو مارك سافايا؟

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تعيين مارك سافايا في منصب المبعوث الأمريكي الخاص إلى العراق. وقال ترامب عبر منصته "تروث سوشيال إن": فهم مارك العميق للعلاقات العراقية الأمريكية، وعلاقاته في المنطقة، سيساهم في تعزيز مصالح الشعب الأمريكي"، ولفت إلى أن مارك "كان لاعبًا رئيسيًا في حملته الانتخابية في ميشيغان، حيث ساهم هو وآخرون في تحقيق نسبة تصويت قياسية بين الأمريكيين المسلمين.



وأثار قرار الرئيس الأمريكي اهتمامًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية، وعد تعيينه لسافايا "مؤشر مهم على وضع العراق في صدارة الأجندة الأمريكية الحالية"، رغم أنه لا يمتلك رصيداً سياسياً معروفاً سوى نشاطه في حملة ترامب.

إليزابيث تسوركوف: التعيين خبر سيّئ لإيران
وفي تعليق مفاجئ، قالت الباحثة الإسرائيلية – الروسية إليزابيث تسوركوف، التي أُفرج عنها من قبضة كتائب حزب الله بعد 903 أيام من الأسر، إنها "تهنئ مارك سافايا على هذا التعيين المهم"، مشيرة إلى أنه "لعب دورًا محوريًا في تحريرها دون أي مقابل"، وأضافت تسوركوف أن "هذا التعيين خبر سيّئ للغاية لكل من يخدم مصالح إيران في العراق ويسعى لتقويض السيادة العراقية".

Congratulations to Mark Savaya for this important appointment. Mark played an instrumental role in setting me free after 903 days in captivity by Kataeb Hezbollah, an Iraqi militia serving Iran, without anything given in return.
This is terrible news for anyone serving Iran's… pic.twitter.com/AyO9Jh47y6 — Elizabeth Tsurkov (@Elizrael) October 19, 2025
يُعرف مارك سافايا بأنه رجل أعمال أمريكي بارز ورائد في صناعة القنّب بولاية ميشيجان، يبلغ من العمر 40 عامًا، والرئيس التنفيذي لشركة "ليف آند بد"، إحدى أسرع شركات القنّب نموًا في الولاية، وهو مولود لعائلة عراقية كلدانية هاجرت من العراق في تسعينيات القرن الماضي.



علاقته بترامب
بنى علاقته بالرئيس الأمريكي من خلال اشتراكه في نادي "مار-آ-لاجو" الخاص بترامب في فلوريدا، حيث بنى علاقة وثيقة ومباشرة معه، ووُصف بأنه مؤيد قوي له وداعم لحملاته الانتخابية، وتوّجت هذه العلاقة بإعلان ترامب في 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2025 تعيين مارك سافايا "مبعوثًا خاصًا لجمهورية العراق".



محطات حياته
استقرت عائلته في منطقة ديترويت بولاية ميشيجان، التي تحتضن أكبر جالية كلدانية خارج العراق، وينتمي إلى الطائفة الكلدانية الكاثوليكية، حيث نشأ في بيئة معروفة بنجاحها في قطاعات التجارة والتجزئة، ما دفعه منذ صغره للميل نحو التجارة والأعمال الحرة التي كانت سببًا في شهرته.

وقبل دخوله صناعة القنّب، أمضى سنوات في إدارة وتملك العديد من المتاجر الصغيرة ومحطات الوقود، ثم بدأ مشواره المهني بالدخول إلى صناعة القنّب في ميشيجان، من خلال بوابة برنامج مقدّمي الرعاية الطبي الأمريكي، الذي يسمح بزراعة كميات محدودة منه للمرضى، ومع تشريع الاستخدام الترفيهي في الولاية عام 2018، أسس شركته التي سرعان ما أصبحت لاعبًا رئيسيًا في السوق.

شهرة واسعة
استثمر سافايا عشرات الملايين من الدولارات في بناء وتجهيز منشآت زراعة ومعالجة على أحدث طراز، بما في ذلك مجمّع ضخم في ديترويت وآخر في سنتر لاين، ما أدى إلى خلق مئات الوظائف والمساهمة في الإيرادات الضريبية للمدن التي تعمل فيها شركته، كما تسيطر شركته على سلسلة الإنتاج بأكملها، من زراعة البذور إلى معالجة النباتات وصولًا إلى بيع المنتج النهائي للمستهلك في جميع أنحاء الولاية، حيث يستطيع الآن إنتاج أكثر من 50 سلالة مختلفة داخل المنزل باستخدام الزراعة العضوية في التربة، لتلبية طلبات المستهلكين.


الجدل في ديترويت
لم تخلُ مسيرة سافايا من الجدل. ففي ربيع 2024، أثارت حملة لوحات إعلانات Leaf & Bud نقاشًا في مجلس مدينة ديترويت بسبب "الانتشار المفرط" لإعلانات القنّب، فيما دعت العضو أنجيلا ويتفيلد-كالواي حينها إلى تقييد الإعلانات، وذُكر اسم سافايا صراحة في جلسات المجلس، كما تابعت القنوات المحلية مثل FOX 2 Detroit وDetroit News القضية على مدار شهرين قبل أن تحيل البلدية الملف إلى الدائرة القانونية لصياغة ضوابط جديدة للإعلانات قرب المدارس ودور الحضانة.

دعاوى قانونية دون إدانات
تكشف سجلات محاكم ميشيغان عن دعاوى تجارية ومدنية ارتبطت باسم سافايا، منها:
McGregor v. Savaya, Mark et al. (Leaf & Bud LLC) في مقاطعة ماكومب عام 2024.
Savaya v. Barash Eddie في مقاطعة أوكلاند عام 2023.
ورغم هذه القضايا، لا توجد أي اتهامات جنائية تتعلق بالقنّب أو المخالفات القانونية، إذ تقتصر  الدعاوى على خلافات تجارية أو تعاقدية ضمن الصناعة.

مقالات مشابهة

  • رسائل المبعوث الأميركي بشأن نزع سلاح حزب الله
  • سوالف ليل..السوداني:وضع العراق المالي والاقتصادي في أفضل حالاته!!
  • المبعوث الأميركي يدعو لإلغاء «قيصر» وإعطاء سوريا فرصة
  • نيجيرفان بارزاني يرحب بتعيين سافايا مبعوثاً أميركياً للعراق: يعزز المصالح المشتركة
  • تاجر القنب وصديق تسوركوف مبعوثا خاصا إلى العراق.. من هو مارك سافايا؟
  • المبعوث الأميركي: السعودية على أبواب التطبيع مع إسرائيل
  • مارك سافايا من تاجر للحشيشة الى المبعوث الأمريكي للعراق
  • زيباري: تعيين سافايا خطوة جريئة لاستعادة سيادة العراق من حكم المليشيات
  • ترمب يعيّن مارك سافايا مبعوثاً خاصاً للعراق