بدأ الجيش الأمريكي مشاورات غير مسبوقة مع كبرى شركات الاستثمار الخاصة في سوق الأسهم الأمريكية، من بينها "أبولو" و"كارلايل" و"كيه كيه آر" و"سيربيروس"، لطرح مشاريع استراتيجية ضخمة ضمن خطة لتحديث البنية التحتية العسكرية الأمريكية بتكلفة تقدر بنحو 150 مليار دولار.


وقال وزير الجيش الأمريكي دانيال دريسكول - في مقابلة مع صحيفة "فايننشال تايمز"، اليوم الثلاثاء - إنه اجتمع الأسبوع الماضي مع نحو 15 من أكبر شركات الاستثمار في الولايات المتحدة، بحضور وزير الخزانة سكوت بيسنت، لمناقشة فرص التعاون مع القطاع الخاص لتطوير أصول الجيش غير المستغلة، مضيفا "دعوناهم لنقول: لدينا العديد من الأصول في مستودعاتنا وقواعدنا لا نستفيد منها بشكل كاف.

. فما هي أنواع الصفقات التي يمكننا تنفيذها معكم؟".


أوضح دريسكول، وهو أعلى مسؤول مدني في الجيش الأمريكي، أنه طلب من المجموعات الاستثمارية إعداد "نماذج تمويل مبتكرة وغير تقليدية" للمساهمة في سد فجوة التمويل اللازمة لخطة تحديث البنية التحتية العسكرية، مؤكدا: "ما نريده فعلاً هو مشاريع كبيرة وملموسة".
ويمثل هذا التحرك أحدث خطوة في جهود إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتوسيع التعاون مع قطاع رأس المال الخاص الذي تبلغ أصوله أكثر من 13 تريليون دولار، في إطار سعيها لإشراك مؤسسات مالية كبرى في دعم الأمن القومي الأمريكي.


وأشار دريسكول إلى أن المشاريع المقترحة يمكن أن تشمل إنشاء مراكز بيانات ومنشآت لمعالجة المعادن النادرة، مضيفا أن الحكومة قد تبرم صفقات "مقايضة" تتبادل فيها الأراضي مقابل خدمات معالجة البيانات أو إنتاج المعادن الحيوية، لافتا إلى أنه: "بدلا من أن يدفعوا لنا نقدا مقابل الأرض، يمكن أن يدفعوا لنا من خلال توفير قوة حوسبة".


وأفاد أحد المشاركين في الاجتماع أن بعض المقترحات تضمنت قيام شركات الاستثمار ببناء مراكز بيانات داخل القواعد العسكرية الأمريكية وإبرام عقود إيجار طويلة الأمد مع الحكومة لتقليل تكاليف التمويل وتسريع تنفيذ المشاريع، بحسب "فاينانشال تايمز".


وتأتي هذه المباحثات بعد قرار ترامب التنفيذي في أغسطس الذي سمح بإدراج الأصول الخاصة ضمن خطط التقاعد الأمريكية، في خطوة جديدة لدعم صناعة رأس المال الاستثماري، وكانت شركة "سيربيروس"، إحدى الجهات المشاركة في الاجتماع، والتي أسسها ستيف فاينبرج، الذي يشغل حاليا منصب نائب وزير الدفاع في إدارة ترامب، وقد تعهد بالتخارج من مصالحه في الشركة بعد توليه المنصب.


ويأتي سعي دريسكول إلى جذب رأس المال الخاص في وقت يعمل فيه على خطة شاملة لتحديث المعدات العسكرية المتقادمة، وقال في تصريحاته للصحيفة إنه يمتلك ميزانية لا تتجاوز 15 مليار دولار لتطوير البنية التحتية خلال العقد المقبل، بينما يحتاج فعليا إلى 10 أضعاف هذا المبلغ، مضيفا: "نحن في حفرة عميقة لن نتمكن من الخروج منها دون حلول إبداعية من جهات خارجية".


وأكد أحد الحاضرين أن المنتدى الذي عقد في واشنطن كان "جديا وواسع النطاق"، وتناول طرق إيجاد مصادر تمويل فعالة لسلسلة إمدادات الجيش الأمريكي، قائلا: "تراوحت المناقشات بين تمويل مشاريع لإعادة تأهيل العقارات العسكرية أو حتى إصدار أدوات تمويل مضمونة بتلك العقارات، إلى بحث وسائل تمويل جديدة لاحتياجات الجيش الرأسمالية وسلسلة الإمداد"، فيما قال أحد ممثلي الشركات الأخرى: "كان واضحا أن بيسنت ودريسكول جادان في العمل مع رؤوس الأموال الخاصة".


ويتبنى دريسكول مبادرة سماها "التحول العسكري للجيش الأمريكي"، تهدف إلى تزويده بتقنيات جديدة بالتعاون مع شركات التكنولوجيا الكبرى وشركات الابتكار الدفاعي الناشئة، وكان قد صرح في كلمته أمام جمعية الجيش الأمريكي الأسبوع الماضي: "أستطيع أن أقول بثقة إن نهج وادي السيليكون هو الأنسب لتطوير الجيش الأمريكي".


وفي يوليو الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أنها ستستثمر 400 مليون دولار لتصبح أكبر مساهم في شركة "إم بي ماتيريالز"، وهي المنتج الأكبر للمعادن النادرة في الولايات المتحدة، وقال دريسكول إن الجيش يمكن أن يشتري حصصا في شركات أخرى بالطريقة نفسها، مشيرا إلى أن الوزارة تخطط أيضا لتكوين مخزون استراتيجي من المعادن الحيوية في ظل القيود الصينية على تصدير المعادن النادرة، متسائلا: "هل ينبغي أن نحتفظ بها ثم نبيعها لموردينا لاستخدامها في الإنتاج قبل أن نشتري المنتج النهائي؟ كل هذه الخيارات مطروحة على الطاولة".


وأوضح الوزير أن الجيش يتوقع تلقي مقترحات استثمارية تفصيلية خلال الأسابيع المقبلة، وسيجري عمليات التحقق اللازمة قبل عقد جولة جديدة من الاجتماعات مع المستثمرين في نيويورك، مؤكداً أنه يسعى إلى إتمام عدة صفقات قبل نهاية العام.


وتدير شركة "سيربيروس" أكثر من 65 مليار دولار من الأصول، وتُعد من أكبر المستثمرين في قطاع الدفاع الأمريكي، حيث خصصت مليارات الدولارات عبر صندوق "سلسلة الإمداد الاستراتيجي" لدعم الشركات التي تعتبرها حيوية للمصالح القومية، كما تُعد شركة "كارلايل"، التي تدير أصولا بقيمة 465 مليار دولار، أحد أبرز المستثمرين في الشركات الدفاعية، وحققت مكاسب كبيرة خلال تسعينيات القرن الماضي وبداية الألفية من تعاقداتها مع وزارة الدفاع.


وشارك في اجتماع دريسكول أيضا ممثلون عن شركات "أبولو" و"أدفنت إنترناشونال" و"بي دي تي آند إم إس دي"، إلى جانب عدد من المكاتب العائلية الكبرى، بحسب مصادر مطلعة على الاجتماع، بينما امتنعت الشركات المشاركة عن التعليق.
 

طباعة شارك الجيش الأمريكي شركات الاستثمار الخاصة في سوق الأسهم الأمريكية مشاريع استراتيجية ضخمة تحديث البنية التحتية العسكرية الأمريكية وزير الجيش الأمريكي دانيال دريسكول

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الجيش الأمريكي شرکات الاستثمار الجیش الأمریکی البنیة التحتیة ملیار دولار

إقرأ أيضاً:

استحواذ تاريخي.. كيف ستغيّر صفقة نتفليكس ووارنر براذرز بقيمة 82.7 مليار دولار مستقبل البث والترفيه؟

أعلنت نتفليكس رسميًا استحواذها على وارنر براذرز وشبكتي HBO وHBO Max مقابل نحو 82.7 مليار دولار، في صفقة ضخمة من المتوقع أن تهزّ أركان سوق الإعلام العالمي وتعيد ترتيبه بالكامل.

 الإعلان جاء بعد أسابيع من الشائعات والتسريبات حول مفاوضات بين الطرفين، لتكشف نتفليكس أخيرًا عن تحالف غير مسبوق يجمع المنصة الأكثر انتشارًا عالميًا بأحد أعرق استوديوهات السينما والتلفزيون.
من المقرر أن تُستكمل الصفقة عقب انتهاء عملية انفصال وارنر براذرز عن Discovery والتخلص من أصولها القديمة المرتبطة بقنوات الكابل، وهي خطوة أعلنت عنها الشركة سابقًا ضمن خطتها لإعادة الهيكلة. وفي حال حصول الاستحواذ على الموافقات التنظيمية، فمن المتوقع أن تكتمل العملية خلال الربع الثالث من عام 2026، ليبدأ بعدها تشكّل كيان جديد قد يسيطر على جزء ضخم من سوق البث.

نتفليكس، التي لطالما اعتمدت على إنتاجاتها الأصلية وشراء الحقوق، ستضيف إلى مكتبتها محتوى عالميًا من أضخم الأعمال السينمائية والتلفزيونية، بما في ذلك تراث HBO الأسطوري وعوالم DC وأفلام وارنر براذرز التاريخية، إلى جانب مكتبة Cartoon Network واستوديوهات الألعاب التابعة للشركة مثل Warner Bros Games.


في بيانها الرسمي، أكدت نتفليكس أنها "ستحافظ" على هيكل وارنر براذرز الحالي وسياساتها الخاصة بعرض الأفلام في دور السينما، وهي نقطة حساسة نظرًا لأن نتفليكس لا تمنح عادةً أفلامها فترات عرض طويلة قبل بثها عبر المنصة. ورغم هذا الوعد، يبقى التساؤل قائمًا حول مستقبل HBO Max، الذي قد يفقد هويته المستقلة تدريجيًا تحت مظلة نتفليكس، خصوصًا في ظل تصريح الأخيرة بأنها ستدمج مكتبات HBO وHBO Max داخل منصتها لتوفير "اختيارات أوسع بجودة أعلى".


الصفقة ستجعل نتفليكس واحدة من أكبر شركات الإعلام في العالم، ليس فقط بفضل عدد المشتركين، بل أيضًا بفضل سيطرتها على بعض أقوى العلامات التجارية في صناعة الترفيه. هذا التوسع الهائل دفع شركات منافسة إلى الاعتراض، حيث اعتبرت Paramount — حسب ما نقلته تقارير عبر The Hollywood Reporter — أن عملية البيع "غير عادلة"، مؤكدة أن الظروف التي تمت فيها المفاوضات قد تمنح نتفليكس ميزة احتكارية تهدد التوازن داخل السوق.

وتشير مصادر داخل الصناعة إلى أن الروابط السياسية بين ملاك Paramount الجدد وإدارة الحكومة الأمريكية قد تدفع نحو تحقيقات مفصلة وتدقيق مكثف قبل إقرار الصفقة، إلى جانب المخاوف التقليدية المتعلقة بحجم الكيان الجديد وتأثيره على المستهلكين.
الأسئلة حول الموافقات التنظيمية تظل الأكثر حضورًا، خصوصًا مع تحذيرات متكررة من أعضاء في الكونغرس الأمريكي بشأن مخاطر الاحتكار. فاندماج كيانين بهذا الحجم قد يؤثر على خيارات الجمهور، ويضغط على المنافسين الأصغر، ويؤدي إلى ارتفاع أسعار الاشتراكات، وهو ما يجعل الصفقة محط أنظار لجان حماية المستهلك ومؤسسات مكافحة الاحتكار.


الاستحواذ لا يقتصر على البث فقط، بل يطال قطاع السينما أيضًا. وارنر براذرز كانت دائمًا أحد أكبر داعمي العرض السينمائي التقليدي، بينما تنهض نتفليكس على نموذج يقوم على الإطلاق المباشر على منصتها. ورغم تأكيدات نتفليكس بعدم المساس بهذا النموذج، إلا أن دمج الرؤى بين الجانبين قد يؤدي إلى تغييرات تدريجية في سوق دور العرض.

كما يثير محللون قلقًا حول مستقبل الوسائط المادية مثل Blu-ray وDVD، خصوصًا أن نتفليكس تخلّت بالكامل عن خدمات الأقراص في السنوات الماضية، بينما تستند وارنر براذرز إلى قاعدة جماهيرية ضخمة من هواة اقتناء الإصدارات المميزة.


منذ إعلان الصفقة، أجرى صحفيون ومنظمات داخل هوليوود سلسلة نقاشات ودراسات لتقييم تأثير هذا الاندماج العملاق. وقد أشار تقرير موسع نشره إنجادجيت تحت عنوان "قد تكون صفقة نتفليكس ووارنر براذرز رائعة للمساهمين، ولكنها ليست كذلك لأي شخص آخر" إلى أن المكاسب المالية للمستثمرين قد تأتي على حساب خيارات المشاهدين وتنوع الإنتاج الفني.
صفقة استحواذ نتفليكس على وارنر براذرز هي لحظة مفصلية في تاريخ صناعة الترفيه، وقد تفتح الباب أمام عصر جديد من سيطرة عمالقة البث الرقمي. وبينما قد يستفيد المشاهد من مكتبة أضخم ومحتوى نوعي، تظل المخاوف قائمة حول الاحتكار، أسعار الاشتراكات، مستقبل HBO، وتأثير الصفقة على دور السينما والإنتاج المستقل.

مقالات مشابهة

  • صناديق الاستثمار الخليجية تتجه نحو الهند وشرق إفريقيا (1- 2)
  • بحضور حمدان بن محمد بن زايد.. أبوظبي تشهد الإعلان عن مبادرة عالمية لمحاربة شلل الأطفال بقيمة 1.9 مليار دولار
  • آي بي إم تشتري كونفلونت بصفقة بقيمة 11 مليار دولار لتعزيز عروض الذكاء الاصطناعي
  • إدارة ترامب تعتزم إطلاق برنامج مساعدات زراعية بقيمة 12 مليار دولار
  • البنك الأوروبي لإعادة الإعمار يوقع اتفاقية تمويل بقيمة 100 مليون دولار مع البنك الأهلي المصري
  • تحالف مصرفي من 5 بنوك ينجح في تدبير تمويل بـ4.261 مليار جنيه لدعم مشروعات تطوير عقاري بالساحل الشمالي
  • البنك الدولي يدخل في شراكة مع التحالف العالمي للقاحات لتمويل بقيمة 2 مليار دولار
  • «الأوربي لإعادة الإعمار» يوافق على تمويل لـ البنك الأهلي المصري بقيمة 200 مليون دولار
  • استحواذ تاريخي.. كيف ستغيّر صفقة نتفليكس ووارنر براذرز بقيمة 82.7 مليار دولار مستقبل البث والترفيه؟
  • اندماج Netflix وWarner Bros بقيمة 82.7 مليار دولار يشعل الجدل