الروائي المدادحة.. يوقد جذوة الاسطورة ويرصد بابداع افول وتمرد اجيال خشم العقاب

#الروائي_المدادحة..
يوقد #جذوة #الاسطورة ويرصد بابداع افول وتمرد #اجيال #خشم_العقاب..
ا.د حسين طه محادين*
-اسم الرواية: رُعاش المدينة-خشم العقاب؛94 ص.
الروائي: د.صيدلاني عبد الهادي خليل المدادحة.
الناشر :الآن ناشرون وموزعون، عمان-الاردن.
توطئة..
ليس سهلاً -من منظور علم اجتماع الادب-ان يوظف ويستحضر الروائي راصدا ومبدعا، وبترابط بنائي، وحِرفية سردية بين خصائص اسطورة وسمات طائر العقاب الغاضب والمتحفز عبر التاريخ كما في الرواية ،وهو الذي عاد وزوجته الى جبال المدينة ليُنجبا ابنان هما “الهيثم والثاني الرباع.

.ص 8.
انها اسطورة راسخة استمع اليها من جدته وتمثلها البطل ابن المدينة والفي لطباعها المميزة منذ طفولته ؛ هذه الاسطورة في راسخة في العقل والوجدان الشعبيين لابناء واجيال مدينة خشم العقاب رغم ان جل ابناء المدينة من المسؤولين قد خذلوها؛ ولم يعتنوا بها رغم ان ابرز اسباب توليهم المراكز العليا في السلطة -كما استنتج- لانهم حسب التمثيل الجغرافي السائد هم ابناء هذه المدينة الولود بالمفكرين والشهداء والشعراء والثوار في آن .
اقول؛ لقد نجح الروائي بان يجعل من عناوين وشخوص المدينة فكرا ومغالبات لاسيما المعاصرين له، إذ جعل منهم نسغا صاعدا في الحبكة والسرد معا وبحكايات ومواقف متناوبة الضمور والإحياء؛ وبين فكرة الوعي المتسائل، والإختمار الحضاري الكامن لبُذور وجوهر التمرد المتنوع المحطات والحِقب على كل ظلم عبر حقب التاريخ وحتى الوقت الراهن. كيف لا

رِعشات المدينة..دلالات استلهامها..
انطلاقا من عنوان الرواية كمظلة جامعة وضابطة لخيوط السرد من قبل الراوي يمكن ان استنتج ان فكرة الرُعاش اي عدم الحسم بشيء والابقاء على كل الاحتمالات، هذا الاختيار الموفق لعنوان الرواية انما يتواز ضمنا مع عدم الثبات لواقع المدينة ،فالرعاش الاسم الحركي لاحداث الرواية ؛ فهو الذي يفيض بالحركة بمعنى ضمني هو ،السعي للوصول لشيء او فكرة/ثورة، انتفاضة او هدف ما ، حيث وظف هذا العنوان بعناية لتشابه حال المدينة عبر التاريخ مع شخوص الرواية الناطقة بالتساؤلات والسجالات الفكرية المتنوعة بين كمداميك اساسية في السرد داخل المدينة وأزمان الرواية المترابطة في الفضاء الروائي شواهد ودلالات مدعمة للنجاح في انجاز ووصف خشم العقاب ومن هذه الرِعشات :-
اـ راشد الشغوف بالفلسفة والمعارف، وهو المريض والمصاب بالرعاش”الباركنسون”ص
44,60.
ب-شعور البطل بقوله اشعر ان المدينة ترتعش مثلي ص 81.
ج- رعشة الناس في المدينة/الوطن كلما جاء وفد صندوق النقد الدولي لمراجعة هيكلة اقتصاد الاردن بعيد هبة نيسان 1989,الذي نتج عنه رفع اسعار الخبز والوقود، وبالتالي كانه يشير حكما الى تبني نهج الخصخصة الذي افقر الشرائح الدنيا تحديدا ص 81. الشخوص ..وجدلية التجاذب الفكري وغنى المعاني للأمكنة المُستلهمة..
انطلقت الرواية من بؤرة جغرافية غنية التاريخ وبهية الحضور عبر الاجيال وهي الكرك حيث ربطت احداثها مع كل من مدينة بيروت ال المتنوعة بتاريخها وحروبها الداخلية والخارجية وهي المنفتحة على الوعي والحوار بيروت التي درس فيها شخوص الرواية وهم اصدقاء الدراسة قبل سفرهم الى بيروت كل حسب رغبته، فتوزعوا على دراسة الفلسفة -راشد اليساري،التاريخ ،نايف الذي ادمن قراءة وتوظيف التاريخ، ادارة اعمال، صفوان صاحب النزوع الراسمالي والذي اصبح تاجر اثار وتحف يبيع هياكل العقاب المصنوعة من خشب الزيتون على السياح والذي عايّره كصاحب فكرة العقاب التي تمثلها دون ان ياخذ عائدا ماديا كونه صاحب الفكرة وكان ذلك العتاب هو “فائض القيمة” في الفكر الماركسي.
الا ان اللافت هنا هو ان الثلاثة شخوص لم ينهوا دراستهم نتيجة الحرب الاهلية اللبنانية فعادوا الى خشم العقاب وترابطا مع القدس/تاج فلسطين كونها بوصلة الوجد والتضحيات اذ بقيت حاضرة رمزيا من خلال توجه راس عُقاب المدينة الشرس من على برج القلعة المؤابية الغربي للمدينة نحو القدس بفلسطين المحتلة ص 35 . سليم المسيحي القومي السوري الذي استضاف البطل مع زوجته الجميلة “روزا” في بيته وقام بتضيفه العرق البيتي الذي صنعه سليم، وتلذي تعلم منه ضمنا ان العالم والامكنة اممية الحضور واوسع من خشم العقاب التي ادمنها. النساء حُسن المغالبة ،ليلي الجميلة صديقة رووا التي تزوجها صفوان غالبا وهما اللتان تعرفا اليهما البطلان، ويُسر التي زارت حُسن في سجها بعد ان اتهمت في قتل عشيقها في مجتمع محافظ. العقل الكركي المُتسائل..
تجري احداث الرواية في مدينة خشم العقاب التاريخية وغير المتزامتة وذات الصدر الذهني الواسع الذي يقبل ويحاور الاخر لاسيما الجرأة في طرح تساؤلات واخزة في الموضوعات الدينية مثل:-
ا- لماذا اقام الناس طريقا واحدة فقط تصل العباد بالخالق وسموّها دينا، ثم اصبحت طائفة،ثم حزبا سياسيا، يحتكر الله لأنصاره ، الله للجميع وبكل طرق السوّية الحسنة، ص73. لو كان الرب يعاقب مخلوقاته في الحياة الدنيا، لما استمرت الحياة حتى يومنا هذا، ص 60. حدثت الحرب واجتمع اعداء الامس، ارسلوا ابن العقاب/الكرك ليفاوض الاعداء،ويعيد حق الامة..في خشم العقاب وهنا المفارقة فهذه المدينة هي التي هزمت جيوس الاعداء، وطبخوا المنسف وهو الطعام الاشهر كركيا واردنيا, نكاية بالعبرانيين باستنتاجي ص 81. شخصية حية للآن لن اذكرها، آمنت بان ابراهيم هو النبي “الاساس” وان من ظهر بعده من اديان ليست سوى نسخ من دينه ص 37. وهو الذي اشهر فكره مؤكدا في احد اصدراته ان التقويم الارضي ادق من التقويمات الاخرى. الامر الذي دفع بصفوان معلقا بان اطلق عليه لقب”الابراهيمي”. الشاعر الذي اصبح شاعرا غزليا نتيجة لحلم امه بان يكون كذلك كما افاد ، وهو الذي اشتهر بحب خشم العقاب وهو الذي رصد بشعره وقائع احتراق مجمع الدوائر”السرايا”. مراكز الاصلاح ووصف بيئتها على السنة السجناء الذين دخلوخا لاسباب جرمية /اتهامية مثل حُسن، او لاسباب سياسية لثوار انتفاضة الخبز. القلعة المؤابية بابراجها الشامخة التي تحاكي صفات العقاب..معنى ومبنى والتي كانت وما زالت عبر اجيال شاهدة على عودة العقاب ، وبموقف اهالي المدينة عندما هبوا مع رجال الامن ضد الدواعش المحتلين رفضا للفكر الواحدي واعوانه.
اخيرا…هذه القراءة المكثفة لن تغني عن القراءة العميقة التي تنصف وتُشهر هذه الرواية المسامية الرصد والتحليل، مثلما هي الولودة بالمعاني والدلالات الغنية فكرا وتساؤلات عن واقع وآفاق خشم العقاب كجزء متقدم من تاريخية الوطن وبهاء شهدائه داخل الوطن وفي غلسطين وغيرهما…فهل نحن فاعلون..؟.
قسم علم الاجتماع -جامعة مؤتة -الأردن.

المصدر: سواليف