نجاح المساعيد وهزّة فنجان الغدر..
تاريخ النشر: 22nd, October 2025 GMT
صراحة نيوز-بقلم / م. مدحت الخطيب كاتب ونقابي أردني
تعرّضت الشاعرة الأردنية نجاح المساعيد لعملية سرقة غامضة لم تتضح تفاصيلها بعد وهي الآن في عهدة نشامى الأمن العام حماة الأرض والعرض والممتلكات …
ما جعلني أكتب في هذا الأمر رغم عدم معرفتي الشخصية بها، هو هذا الحجم من التنمّر والذي سيطر على الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي فتحدث البعض رغم قلتهم بما يليق ومالا يليق، وتجاهل البعض أن نجاح المساعيد حتى وإن كان الأمر لا يعنينا كثيرا كمجتمع فيه من الهموم والمشاكل أكبر من هكذا قصص، الا أنها بنت الأردن قبل أن تكون إعلامية وتعرّضت للسرقة في الأردن، ففي سجلات الأمن العام آلاف القصص من هذا النوع ولا يسلط الضوء عليها كما حدث مع نجاح ،
نعم، قد يمرّ الخبر على البعض كحادثةٍ عابرة، وقد أكون منهم ، لكن من يفتش في الأرشيف عن هذه المرأة ومسيرتها يدرك أن ما سُرق ليس مجرد مالٍ أو متاعٍ، بل محاولة غادرة للمساس بصورةٍ صنعتها بعرقها وكلمتها وصبرها لما يزيد على ثلاثين عامًا…
نجاح المساعيد، الفتاة البدوية التي وقفت ذات يوم أمام الملك الحسين رحمه الله لتُلقي أولى قصائدها…
تقول الشاعرة نجاح المساعيد في حديثها عن اللقاء الذي جمعها لأول مرة بالملك الحسين – رحمه الله – إنها لم تصدق الخبر حين اتصل بها أحد موظفي الديوان الملكي عبر مقسم جامعة مؤتة، وكانت على مقاعد الدراسة في سنتها الأولى، يدعوها للقاء جلالة الملك.
خرجت من الكرك متحمّسة، تتنقل من باص إلى آخر، لا يهمها سوى أن تصل، بخطواتٍ يملؤها الشغف، إلى المكان الذي سيجمعها بأول من منحها الثقة، وأول من سمع قصيدتها بصدرٍ رحب وقلبٍ كبير…
تقول نجاح المساعيد يومها لم تكن ترى شيئًا سوى الحلم، الطريق الطويل من الكرك إلى عمّان بدا أقصر من رمشة، وأطول من انتظار عمرها كله… كانت تحمل في يدها دفترًا صغيرًا كتبت فيه قصيدتها، وفي قلبها خوف طفلةٍ وفرح شاعرة…
تقول: وصلت إلى الديوان الملكي متعبةً من التنقل بين الباصات ، ولكن عندما وصلت إلى مدخل الديوان أصبحت أمشي بثقةٍ غريبة؛ كأن قدمي فهمت أن هذا اليوم سيغيّر مجرى حياتي. وعندما دخلت القاعة، ورأيت الملك الحسين رحمه الله، ابتسم لي بتلك الهيبة الأبوية التي تجمع بين الحزم والحنان، وقال وقبل أن اتكلم:
“سمّعينا يا بنتي …”
فارتجف صوتي أول القصيدة، ثم تماسك، قبل أن تنهمر عيوني بالبكاء لتأثّر الملك حسين بما أقول… عندها كأن كل الكلمات التي خبأتها للعمر خرجت دفعةً واحدة. وحين انتهيت، صفق الملك، وقال مبتسمًا:
“صوتك صادق وقصيدتك رائعة ، وأتمنى لكِ النجاح والتوفيق.”
يومها أدركت نجاح أن الحلم الذي خرج من المفرق متعبًا، وصل إلى عمّان واقفًا على قدميه. ومنذ ذلك اللقاء، لم تعد القصيدة مجرّد كلمات، بل صارت جواز عبورٍ لها، حيثُ تم اختيارها من قبل التلفزيون الأردني لتكون جزءًا مهمًا من البرنامج الأكثر شهرة في ذلك الوقت “يسعد صباحك”، وكان من إخراج الراحلة فكتوريا عميش
نعم، لم تكن نجاح بعد هذا اللقاء مجرّد شاعرة تبحث عن تصفيق الجمهور، بل كانت ابنة باديةٍ قررت أن تُجالس الكبار بكلمتها لا بانتمائها فقط، وأن تحفر اسمها كشاعرة في زمنٍ لا يرحم المختلفين…
منذ ذلك اليوم، شقّت طريقها بين الإعلام والشعر والنجومية بجهدٍ ذاتيّ، دون أن تمدّ يدها إلى جيب الدولة، ودون أن تكون من “أبناء الصالونات السياسية” الذين يأخذون ولا يُعطون فجلهم لم يكتب عن الوطن ولو سطر…
نجاح طوّرت نفسها، واهتمت بمظهرها ، وفهمت أن الجمال الخارجي ليس تهمةً حين يُرافقه الفكر، وأن الأناقة ليست خصمًا للانتماء، وأن تطوير الذات أمرٌ حتمي لا مفرّ منه..
ولهذا، ولأن للنجاح أعداء، كان طبيعيًا أن تتعرّض للغدر — فكل من اختار الضوء بصدقٍ يزعج العتمة ومن يعيش فيها
نعم، نجاح لم تُراكم ثروتها من نهب خيرات الوطن، بل من تعبها، من إصرارها على أن تكون امرأة تقاوم الفقر في عالمٍ لا يرحم وجوع كافر
ولأنها امرأة عربية ناجحة، لا بد أن تُحاصرها الشائعات، وتُطاردها النيات المبيّتة، ويُعاد توزيع سيرتها بين الحاسدين والطامعين
سلامات يا نجاح المساعيد
سرقوا شيئًا من يدك، لكنهم لم ولن يسرقوا طباعك البدوية، فالمجد الحقيقي لا يُشترى، بل يُكتب بالصدق… حرفًا حرفًا.
في الختام أقول: نتفق أو نختلف مع نجاح المساعيد كشاعرة ، نهتم بما حدث معها أولا يعنينا ما حدث ، ولكن تذكّروا أنها ما زالت البدوية في لهجتها ، الأردنية في محبتها، ما غيّرتها الفلوس رغم كثرتها
م. مدحت الخطيب
كاتب ونقابي أردني
Medhat_505@yahoo.com
المصدر: صراحة نيوز
كلمات دلالية: اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون نواب واعيان علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي نواب واعيان تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة توظيف وفرص عمل ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام نجاح المساعید
إقرأ أيضاً: